الجزء 18

15 1 0
                                    

#الجزء_18

😰ومضَت آلافٌ من سنين المحشر، وفي عرصته التي لا ظلّ فيها ولا ظليل، ومررتُ فيها بمواقفٍ عسيرةٍ غير يسيرة، وفتراتٍ مريرة طويلة جداً لقيتُ فيها ما لقيت من مرارةٍ وآلامٍ، وفي بعضها ذلّة وانكسار، ولِماء وجهي خزيٌّ واندثار.

😭كنت أخجل كثيراً، وتحرقني العبرة والحسرة عندما أرى أفراداً من أقربائي في الدنيا، وقد نالوا درجاتٍ عُليا ونور عظيم، وهم الآن في مقاماتٍ عالية.
والعجيب أنني كنت ُأحسبهم أناس بسطاء، إذ لم يكن ظاهراً للناس قربهم من الله في دار الدنيا، ولا تحسّ لأعمالهم الصالحة ضجيجاً، ولا لخيراتهم إلى الناس حسيساً

🔹سألت أحدهم وقد كنتُ أنا الذي حثثتُه على التوبة في الدنيا، وتعاهدنا سوياً على أن تكون توبتنا خالصة لله تعالى، سألته عن أي شيء أوصله إلى هذا المقام ؟
فأجاب :
🔸لا تظن أنني نِلت هذا المقام من غير عملٍ وجهاد مع النفس و....
قاطعته ، وقلت له :
🔹هل تذكر أنا الذي فاتحتك بالتوبة إلى الله، وقد تعاهدنا عليها، وبدأنا بها في وقتٍ واحد، فبماذا افترقنا؟

🔸صحيح ما تقول، لكنك لم تجاهد نفسك كما ينبغي، ولم تمنعها من الرياء الذي كان يُخالط الكثير من أعمالك..
كنتَ تعمل قُربةً إلى الله، لكنك لم تكن تراجع باطِن قلبك، وتتفحص حقيقة نيّتك، ولو فعلتَ ذلك وحاسبتها في وقتها، لوجدت أن عملك مَشوب، ونيتك غير خالصة، ولرأيت هدفاً آخر قد لصق به، واخترق صِدق خلوصه..

🔹شكَوت إليه طول الفترة التي مضَت في المحشر،
فتعجب من كلامي ، وقال:
🔸لقد كانت مُدّة قصيرة ولم أحس بطولها كما تقول، فعن أيّ شيءٍ تتحدث؟
إستغربتُ من جوابه، وقلت له:
🔹أتحدث عن الفترة من أول الحشر حتى ساعتنا هذه.
أطرق قليلاً، ثم قال:
🔸أنت صادق في ما تقول يا سعيد.
إن طول مواقف القيامة تختلف من شخصٍ لآخر، وكلٌّ حسب درجته ومقامه، فبعضٌ يحس به الآلاف بل ملايين السنين، وبعضهم لا يحس به كذلك، بل يمُّر عليه وكأنه نهر يقطعه، أو جسر يعبر فوقه، والخلق بين هذا و ذاك في تبايُنٍ كبير...

#يتبع
#في_أمواج_القيامة

#في_أمواج_القيامةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن