الجزء 17

19 1 0
                                    

#الجزء_17

توقفَت عن الكلام، وجرّت حسرة طويلة ثم قالت :
🔹لا فائدة من التأسّف والندم الآن، فقد انتهى التكليف، وهيهات العودة إلى الدنيا مرّة أخرى .

تأثرت كثيراً من كلامها، وأحسست بالخجل العظيم أمام الملائكة الذين كانوا برفقتها، لِذا حاولت أبراز جانب الإيجاب مني معها إذ قلت لها :
🔸لا أنكر خدماتك لي في المنزل ولك الحقّ في كل ما قلتيه، كان يجب عليّ حسن العشرة والخلق معكم، وكان الأجدر بي أن أجمع بين نفقاتي عليكم وسعيي من أجل تحصيل معاشكم، وبين حسن العشرة و الخلق معكم، وكان الأجدر بي أن أشكرك بدلاً من إظهار عدم الرضا عليكِ.

كان الجميع ينصت لكلامي ويترقّب نتيجة الحوار بيننا، ولم أجد من يقاطعني فاستأنفت الحديث بقولي:
🔸لقد رفع الله درجتي ونوري بين أهل المحشر بسبب إخلاصي له تعالى في كدّي عليكم، ولولا ذلك لما كان نوري بالدرجة التي ترينها. (1)
وأسفي أن لم أكُن حَسنَ الخلُق معكِ كما أوصى نبينا به، وقد عُذّبتُ عظيم العذاب في البرزخ لأجله، وخوفي الآن أعظم من آثاره في عالم القيامة الكبرى .

نَوَيتُ أن أطلب منها أن تهبني ظُلمي لها، ولكنّي قبل أن أعرض عليها ذلك قلت لها:
🔸إن من واجبات الزوجة في العشرة مع زوجها أن تُطيعه، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه، وأيُّما أمرأة باتَت وزوجها ساخطٌ عليها في حقّ، لم تُقبل منها صلاة حتى يرضى عنها.
فهل عملتِ بما فرضه الله عليكِ، أم كنتِ غافلة عنه؟
ولقد ذكرتُ لها موارد كانت مقصرّة فيها والتي كان يجب عليها طاعتي فيها .

التزمَت الصمت الذي يدّل على اعترافها بأخطائها..
حينَها رأيت الوقت المناسب لعرض طلبي منها، فقلت لها :
🔸أطلب منك يا آمنة أن تهبي لي ظلمي لك، وأنا أهب لكِ تقصيركِ معي(2)، عسى الله أن يعفُ عنا، ويتجاوز علينا، وهو أرحم الراحمين.

لم تُمانِع طلبي منها، بل استقبلته بلهفة وترحيب طمعاً برحمة العزيز الغفّار، ولعلّ عفوِي عنها يخفف عنها شيئاً من أهوال المحشر وما بعده..

ثم حان الوداع، وآن الفراق، ليشقّ كلّ منا طريقه المجهول ومضيتُ مرّة أخرى في صحراء المحشر، ولشدّة حرارة الموقف أحسستُ بجفاف بدني ويبوسته، وضعف في جوارحي .
أصبحتُ أقوم وأقع، وأمشي وأتعثر، ولم تعُد لي طاقة على الحركة والإنتقال...

---------------------
(1): عن رسول الله (ص) : "الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله" .
(2): في بحار الأنوار ، عن سيد العابدين(عليه السلام): حدّثني أبي أنه سمع أباه علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحدّث الناس، فقال: إذا كان يوم القيامة... ولايجوز هذه العقبة عندي ظالِم ولأحد عنده مظلمة إلا مظلمة يهبها لصاحبها وأثيبه عليها ، وآخذ له بها عند الحساب...".

#يتبع
#في_أمواج_القيامة

#في_أمواج_القيامةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن