الجزء 13

17 1 0
                                    

#الجزء_13

تمعّن به قليلاً ثم قال:
🔸لا يشرب عبدٌ خمراً في دنياه إلا وحشره الله بهذه الهيئة التي تراها، وقد أقسمَ ربّي جلَّ جلاله أنه لا يشرب عبدٌ خمراً إلا وسقاه يوم القيامة مثل ما شرب منه من الحميم.(1)

وصل بنا الملك المأمور إلى رجلٍ كان بدنه عارياً متعفناً ، تخرج منه رائحة جيفة الأموات، وهو يقطّعُ لحم بدنه المتعفِّن ويأكل منه، كان يتلوى ألماَ حينما يمضغ لحمه بأسنانه الصفراء !
أمرٌ عجيبٌ ! لماذا يأكل هذا الشخص بهذه الصورة.. تحيرت أكثر عندما أخبرني الملك أن لي مظلَمة عنده، فتمعنت فيه أكثر ولكني ما عرفته .
فسألت الملك عن أي حق لي عند هذا الشخص ؟!
قال الملك:
🔸إنه كان يجلس مجالِس الغيبة والبُهتان عليك، ويشارك فيها ولا يدافع عنك، ولا يقوم من مجلسه عندما تُذكر فيه بسوء، أو تُفترى عليك الأقاويل.
إنه أحد رفاق جمال الذين لم تتعرف عليهم في دنياك.

سأله الملك عن سبب مشاركته في مجالس الغيبة والبهتان، فأنكر ذلك، وقال :
🔹متى كان ذلك ؟ إنني لم أنطق أو أسمع أيّ غيبة عن هذا الشخص، لم أسمع أيّ شيء عنه ...
أراد أن يبكي بدموع التماسيح، ولكن فضحه سمعه بشهادته عليه إذ نطق وقال:
👂🏻نعم إنه كان يستعملني كثيراً لسماع الغيبة، بل لسماع إفتراءاتٍ كاذبة على سعيد، وكان لا يرد على أهل تلك المجالس، بل يتلذذ بسماعها، ويضحك معهم، وأنا شاهدٌ على ذلك..
إنه كان غافلاً عن الآية الكريمة: (( حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))
😭نكَّس الرجل رأسه للأرض وبكى بكاءً شديداً، وتمسك بأطراف ثيابي متوسلاً أن أهبَه حقّي الذي عنده، فأبَيْت ذلك.
لم يتركني على حالي، بل راح يتوسل، ويقّبل يدي مرّة وقدمي أخرى، وفي كل ذلك كنتُ أعرض عنه ولا أقبل منه.

إلتفتُ إلى عملي الصالح، فقلت له :
🔺 إنني كلما راجعت نفسي، ما وجدت في قلبي ذرّة تحنّن ورأفة عليه أو رِقّة على حاله، أيكون ذلك بسبب انحطاط درجته وتدنّي مقامه ؟
قال العمل الصالح :
✔️صحيحٌ ما تقوله ، وصورته وحاله يدلك على ذلك، ولو كان من المتقين لألقى الله في قلبك حباً له، و لوهبته مظلَمتك التي عنده، والله يعطيك مثلها من الأجر.

◀️أخذت حقّي منه، وانطلقنا نبحث عن مظالِم أخرى، ولكن خلال مسيرتنا أقبل علينا شخص مُسودّ الوجه، يصرخ بصوت عالٍ: أين فلان؟ أين فلان؟
أصغيت جيداً لِمَا يقول، عجيبٌ أمره إنه ينادي بإسمي ويطلبني! تُرى ماذا يريد مني ؟
استوحشتُ منه أكثر عندما رأيتُ معه ملك مأمور وجمع من ملائكة أخذ المظالم .
إقترب مني وأراد أن يمسكني من عنقي، فمنعه الملائكة الذين برفقته، وكلما حاول ذلك مُنع منه.
تمعنتُ في صورته وملامحه أكثر وأكثر حتى تذكرته، لقد كان صاحب محلٍ صغير بالقرب من محل سكني أيام دراستي في الجامعة، ولكن ترى ماذا يريد مني الآن ؟!
------------------------
(1) ورد هذا الوصف في بحار الأنوار، في حديث عن النبي (ص)

#يتبع
#في_أمواج_القيامة

#في_أمواج_القيامةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن