#الجزء_19
سكنَت الأصوات، وساد الصمت بين العِباد حينما سمعوا نداءً كان معناه :
📢يا معشر الخلائق إن العزيز الجبّار يقول:
يا بَنِي آدم إن صِراطي مستقيماً منذ خلقتكم وقد أمرتكم به، وقلت لكم أكثِروا من الزاد إلى طريقٍ بعيد، وخفِّفوا الحِمل فالصراط دقيق (1)
فمن سار عليه في دنياه نجى عندي، ومن أعرض عنه، ووضع فيه العقبات فعليه اليوم أن يتجاوزها!🙏🏻كان لكل واحد من أهل المحشر أمل بتجاوز عقبات الوصول إلى جنّة الخلد، والذي زاد من ذلك أن الجنّة بدَت للجميع فرأوها، واشتاقوا لها.
ولولا خلود عالَم القيامة لمات الجميع شوقاً لها!✨ إنطلق الجميع أملاً باقتحام عقبات الجنّة وتجاوزها، وانطلقتُ أنا معهم...
يا له من أمرٍ عجيب ! ومنظرٍ غريب ! جلَب أنظار الخلق أجمعين، دُهِشتُ أنا أيضاً ممّا شاهدته وسألت عملي الصالح عن أولئك الأشخاص ذوي الأنوار العظيمة الذين اقتحموا العقبات، ثم قطعوا الصراط كالبرق الخاطف في سرعتهم، ليقفوا على أبواب الجِنان، ثم يتعالون ويستقرون فوق أعرافها فقال:
🔸أول تلك الأنوار هو الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله) وتبِعه أوصيائه بعده، ثم الأنبياء أولوا العزم وسائر الأنبياء ثم أوصيائهم، وتلك سيدة نساء العالمين عليها السلام يُحاذي نورها نور خاتَم الأنبياء.
وتلك مريم العذراء (عليها السلام) مع مجموعة من النساء اللواتي كُنَّ من أفضل نساء عالَم الدنيا في المرتبة بعد الزهراء البتول (عليها السلام)
لقد أزالوا كل العقبات في دنياهم، ولم يتركوا واحدة تُعيقهم الآن من الوصول إلى الهدف والغاية من خلقهم، إلى رضوان الله وجنّة لقائه...✨ إشتقتُ كثيراً للقاء تلك الأنوار، ولكن أين مقامي من مقامهم، وأنا لا زلت في أول الطريق.
عدت ثانيةً إلى عملي الصالح متسائلاً:
🔹ما هذا المكان المرتفع الذي وقفوا فوقه؟
🔸إنه مكان مرتفع من الجِنان، يُشرِف على الجنّة والنار، ويُقال له الأعراف...
قاطعته مستغرباً:
🔹 الأعراف؟! وماذا يفعلون في مكان كهذا؟
🔸 إنّه مقام وهبه الله لهم، وقد أوكل إذن ورود الجنّة لهم، فهم الشهداء على أفعال الخلق، ويعرفون ظواهرهم وبواطنهم..
أطرقت قليلاً، ثم سألته:
🔹أيكون هم من قال الله تعالى عنهم :{ٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ }؟
🔸نعم، فهم الرجال الذين يعرفون أهل النار بسيماهم، و أهل الجنة بسيماهم، وهذه المعرفة إنما هي بحقائقهم وصورهم الباطنية ودرجات استحقاقهم للجنّة أو النار.
🔹وهل لهم حقّ الشفاعة في هذا الموضع ؟
🔸 نعم، في هذا الموضع تكون شفاعتهم، ولكن لا ينالها منهم إلا من ارتبط بهم في دنياه، وعرفهم وعرفوه، واتبع سبيلهم، وخطى بخطاهم.كنت أرى بعد الوجبة الأولى أناس يقتحمون عقباتهم بسهولة بالغة ثم يعبرون الصراط (2) فُراداً فُراداً، ويصِلون إلى الجنان، ولكن ليسوا بمرتبة رجال الأعراف.
نظرت إلى نفسي وقايَستها مع أولئك، فرأيتها تعتصر ألماً، وتحترق حسرةً على ما فرطت في دنياها، تتطلع للجنان تارةً ولعقبات طريقها تارةً أخرى،
أرى المسير وعِراً جداً ولا أعلم متى تكون نهايته، وإلى أين؟ أيطول عشرات أم مئات أم آلاف من السنين؟
والأسوَءُ من ذلك أني لا أعلم أن الوصول في نهاية الطريق سيكون للجنة أم للنار ؟على كل حال، لا بد من البدء بالرحيل...
----------------
(1) الجواهر السنية في الأحاديث القدسية للحر العاملي ص 80: "...يا بن آدم أكثر من الزاد إلى طريقٍ بعيدٍ، وخفِّف الحِمل فالصراط دقيق، وأخلص العمل فإن الناقد بصير، وأخِّر نومك إلى القبور، وفخرك إلى الميزان، ولذاتّك إلى الجنّة، وكُن لي أكُن لك..."
(2) الآمالي للشيخ الصدوق، ص 242، عن الصادق عليه السلام: "الناس يمُرّون على الصراط طبقات، والصراط أدق من الشعر وأحدّ من السيف، ومنهم من يمر مثل البُراق، ومنهم من يمر مثل عَدْو الفرس، ومنهم من يمر حَبواً، ومنهم من يمر مشياً، ومنهم من يمر متعلقاً، قد تأخذ النار منه شيئاً وتترك شيئاً.."#يتبع
#في_أمواج_القيامة
أنت تقرأ
#في_أمواج_القيامة
Spiritualانتهت قصة #تحت_أجنحة_البرزخ ماذا بعد البرزخ ؟ ماذا سيحصل و ما هو مصير الأموات ؟! تابعونا في قصة #في_أمواج_القيامة التي تتحدث عن علامات الساعة و أحداثها وما يجري يوم القيامة الكبرى... انتظرونا مع أحداث شيقة !