الفصل العاشر

7.6K 302 4
                                    

الفصل العاشر.


شعرت روح بالصدمه وهي تهتف بعدم تصديق :
-القاهره يااه ده انا بعدت اوى طب هروح فين مفيش غير خالتى هى فى القاهره لازم اشوف تاكس
وقفت تبحث بعيونها عن وسيله نقل لتجد شاب يقف جانب سياره اجره اتجهت نحوه لتجده بالفعل سائق يقف بهمه ونشاط لكنه يتحدث بالهاتف مع أحد لتقول:
- لو سمحت ممكن توصلني
ليلتفت لها مصطفى بدهشه قبل أن يغلق الهاتف ويعود يتحدث معها :
-انتى طب مع السلامه انتي يا روقا
هتفت روح بجديه تامه :
-ممكن توصلنا لو سمحت لى مكان
هز رأسه موافقا متسائلا باستفهام :
-انتى مش فكرانى ولا ايه انا اللى اديدك الباقى لما كنتى بتشترى ازازه المياه
هي بالفعل تتذكر إياه لكن ذلك الحادث المرير أصابها بالخوف من الاقتراب إلي أي جنس رجل ردت عليه بلهجه حادّه مكررة حديثها قائله :
-مش واخده بالي ممكن توصلنا

اصابه الاحراج والدهشه من طريقه حديثها ليتنحنح مصطفى باحراج قائلاً :
-حاضر اتفضلى اركبي
بالطريق العام كانت السيارت تسير بالمكان وتلك الوسيله الرديئه تحت مسمى تاكسي تسير بمحاذاه السيارت وكان مصطفى يسوق وسط حشاد الناس و تلك الفتاه الذي تدعي روح تركبها وعيونها مغرورقه بالعبرات وهى تنظر لهؤلاء الناس البسطاء وهي شارده الذهن بحالها وحال نور ابنها وكان مصطفى يسرق النظرات لها كل حين وآخري بمرأه السياره ثم رفعت كفها تمسح عينيها من الدموع بمنديل ورقي أبيض تتمنى لو تهرب وتتركهم إلي ابعد مكان لكي تنعم بحياه هادئه تعلم أنها أخطأت عندما هربت وتركت أهلها لكنها مجبوره على ذلك ولا تجد مفر من إلهام وعزمي ، بعد فتره قصيره أفاقت علي صوت مصطفى متسائلا:
-احم ما قلتيش هتروحى فين
ليقول الجمله والاستفهام وظهرت ابتسامته:
-ما قلتيش يا مدام عاوزه تروحى فين
نظرت إليه روح بانتباه:
- هااه بتقول حاجه
مصطفى بتساؤل :
-العنوان فين
تنهدت بعمق وزفرت بضيق شديد كادت أن تتحدث لكن قاطعها صوت بكاء طفلها الرضيع لتضم إياه إلي أحضانها بحنان قائله:
-هشش بس يا حبيبي
لكنه لم يكف عن البكاء ليقول مصطفى بلهجه يمزح :
-انت خطفاه ولا ايه
رفعت روح عينيها بالنظرات بين حاقده غاضبه وبين اخري قلقه واخري مستمتعه وللغايه قائله بغضب:
- نعم
هتف مصطفى بتوجس :
-مش قصدي أنا بهزر اصلى عمال بيعيط ومش ساكت
هزت رأسها بإرتباك خفيف وقالت بضيق:
-أصله جعان وعايز ياكل
حينها مط شفتيه قائلا بتلقائيه:
- طب ما تاكليه
تشابه تلك النظرات الزائغه المطله من عينيها بغيظ من حديثه وقالت بحده :
-افندم
عقد مصطفى حاجبيه بتعجب:
- ايه مش انتي اللى قلت انه جعان
جزت علي أسنانها بغيظ واحراج:
- ده اللى هو ازاى يعني وحضرتك موجود
شعر مصطفى بالحيره من حديثها فقط بضع ثواني حتي بدأ يفهم معني حديثها ثم هدأ قليلاً ماسحاً وجهه بيده وقد شعر بالغباء ليقول معتذر :
-اه انتي فهمتى ايه انا مش قصدى حاجه انا اسف جدا مش قصدى كده اكيد
لترفع نظرها إلى مصطفى هاتفه بنبره ساخره محمله ببعض الاشمئزاز :
-طيب بس أبقي خذ بالك بعد كده من كلامك
هز رأسه عده مرات باعتذار قبل أن يلاحظ بكاء الطفل لم يتوقف ليقول :
-طب هو هيفضل يعيط كده كتير
هتفت روح بقله حيله ويأس :
-معلش استحمل شويه
بتر الحديث وأشار لها بهدوء مفرقعًا بإصبعه مكملا بنبره عمليه :
-لا انا مش مدايق بس صعبان عليا
هتفت روح مسرعًا وهي تستقيم من مكانها معتدله بملامح يظهر عليها التعب والإنهاك بنبره مهزوزه قلقه خائفه نبره توحي بقله حيله صاحبها نبره تحمل بين طياتها بالضعف و قلبها مبتور في فقد ابنها همست:
-مش هيسكت طول ما هو جعان
فقط يهز رأسه يهتم بالتفكير ألقى بنظره اشفاق على الطفل قبل أن يهتف بنبره هادئه بتفهم :
-طب انا هاقول لك علي حل
هو فقط أوقف تلك السياره بهدوء بارد خالي من أي انفعالات والتفت إليها كـي يتحدث معها ولكن كان أثرها على روح يشبه الخوف الناجم من سكين حاد مغروز بالقلب مسنون أن تتعرض لتلك اللحظه مره ثانيه ذلك الخوف المطل من نظراته, تلك اللمعه القلقه المشبعه بالرهبه التي تثير به نشوه غير عاديه تناسب تلك النار الحاقده المشتعله بداخله هاتفه روح بفزع :
-انت وقفت العربيه ليه
نظر مصطفى إليها باستغراب:
- هقولك طيب
لمعت عيناها نظراتها حاده يمنحها لحظات صمت توازى ذعرها على نفسها وعلي ابنها الصغير لتهتف :
-ايوه يعنى وقفت ليه
كانت عيناه جاحظه وكأنه ما زال في طور الاستيعاب لتلك الكلمه البسيطه في نطقها:
-طب ادينى فرصه اتكلم
صمت قليلا فيدب الخوف في قلب الآخري والذي انحنى كتفها تعب من بكاء طفلها وهي من داخلها تدعي أن تمر تلك اللحظه على خير مترقبه لمعرفه معنى حديثه:
- طب اتكلم وانت سايق هو انت لازم تقف في الحته المقطوعه دي عشان تتكلم
تنهد مصطفى بدهشه منها وهو يقول :
-بصى انا هنزل من العربيه علشان ترضعى براحتك ولما تخلصى اندهى عليا
هتفت روح بعدها بلهجه جزعه مرتعبه مما وصلت لها عندما شعرت بما يريده:
- يعنى هتسيبى هنا لوحدى المكان ضلمه أوي
لاحت على شفتيه إبتسامه طفيفه :
-ما ده احسن علشان ترضع براحتك بدل ما يفضل يعيط كده
التفتت سريعاً إلى مصطفى هاتفه بصدمه متسائله :
-طططب افرض حد جالى وانا لوحدي
قال مصطفى بحيره مرددا :
-حد زي مين
تراجعت بإرتباك للخلف بثقل اعلى المقعد ال هامسه بوهن:
- اى حد وخلاص
شعر مصطفى بخوفها ليقول بتنهيده:
- طب خدى المفتاح خليه معاكى واقفلى على نفسك كمان
انطلق صوت روح الصاخب هاتفه بخوف و تردد :
-طب حاضر
وبعدها ترجل مصطفى من السياره للخارج يقف على جانب الطريق عن بعد يراقب المكان حوله وهي بداخل السياره أغلقت الباب جيدا عليها و هديت قليلاً وبدأت في إرضاع ابنها الجائع وبعد فتره قصيره اشارت إليه بالقدوم اقترب منها بهدوء وقال بابتسامة ناعِمه:
-خلاص خلصتي
هزت رأسها بالإيجاب بخجل شديد:
- اااه شكراً
فتح باب سيارته ودلف متحدث بابتسامة:
-العفو انت صحيح مقلتيش العنوان فين
نظرت إليها روح بتذكر :
-اه صح العنوان هو
نظر إليها بعبوس وهي يسوق طريقه و ملامحه التي لا تخفي الدهشه فهب صائحاً بجديه :
-نعم انتي بجد عايزه تروحي العنوان ده دلوقت
هزت روح كتفها ببساطه قائله:
- وفيها ايه
رفع عيناه جاحظه ينظر لها في مرآه السياره ويقول بحزم :
-انت عايزه تروحى المكان ده دلوقتى وبتقولي هو اللى فيها ايه مستحيل طبعا المكان ده محدش بيروح بالليل كده يبقى صعب دلوقت
نار تنشب بروحها وقلبها أصابه الإحباط قائله يعنى:
- ايه مش هروح هناك خالص
صمتت قليلا وكأنها تفكر بشيء ما, ثم تابع مصطفى بنبره بتفهم :
-انا مقلتش كده بس استنى الصبح و روحى انما دلوقتى لا طبعا
عندما لاحظ صمتها والحزن واضح عليها هتف مصطفى متسائلا باستفسار:
- هااا تحبى تروح فين دلوقتى
كانت شارده روح بتفكيرها وأجابت بتنهيده حاره :
-طلعنى على اول الطريق وخلاص

 نور روح (كامله) لــ خديجه السيد  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن