الفصل الثالث عشر.

6.9K 247 3
                                    

الفصل الثالث عشر.

في صباح يوم جديد بداخل قصر عزمي مازال الحال كما هو البحث مستمر خلف روح و طفلها تقدمت نعمه بخطوات بطيئه و وقفت أمام إلهام قائله بصوت خافت:
-احضر الفطار يا ست الهام
تطلعت فيها باستهزاء قائله الهام بغيظ:
-ومين ياختى ليه نفس ياكل ثم اكملت بتهديد قائله :
-عارفه يا نعمه لو عرفت انك تعرفى مكان روح ومخبيه علينا هعمل فيكى ايه
هزت رأسها بياس فهي كلما تراها تسألها عن هروب روح ولم تصدقها لتقول:
- والله ما اعرف انتي ليه مش مصدقاني انا لو كنت اعرف كنت همنعها علي طول
ضاقت عينيها بقسوه شديده وقالت الهام بتحذير :
-انا قلت وانتى حره بس مش هقطع عيشك وبس لا و ولادك اللى بشتغلوا عند ابنى هيتقطع عيشهم هم كمان
تنهدت نعمه وقالت بزعل:
- طب ليه قطع الارزاق ده بس
ابتسمت ساخره وقالت بحده:
- ما هو مش يبقي لحم كتافك من خيرنا انتى وعيالك وتدارى علينا
هتفت نعمه بنبره يائسه منها:
- طب اعمل ايه علشان تصدقى انى معرفش مكانها ولا قالت لي حاجه
قالت الهام بصوت حازم وملامح صارمه بحزم:
- انا حزرتك وانتى حره ويالا روحى اعملى الفطار علشان عزمى يلحق يفطر قبل ما يروح الشغل
صمتت نعمه قليلا بحزن قبل أن تهتم بالخروج متمتمه :
-حاضر
لتذهب نعمه وتدلف إلي المطبخ لتحضر الفطار و بعد دقائق يرن هاتفها برقم غريب لتجيب قائله :
الو ، مين معايا
-الو يا داده لو فى حد جنبك اتكلمى بعيد انا روح
هتفت نعمه بفرحه:
- روح انتي فين يا بنتي
اجابتها روح بصوت منخفض:
- ايوه أنا يا داده نعمه فى حد جنبك الاول أبعدت نعمه الهاتف عن اذنها لتنظر للخارج وتذهب بعيد مره ثانيه وتقول:
- لا مفيش انتى فين يا روح وعامله ايه يا بنتي
ابتسمت روح باطمئنان قائله :
-انا كويسه ماتقلقيش عليا
لتقول نعمه بصوت بعتاب :
-طب كده تمشى و تسيبنى قلبى وجعنى عليكى
قالت روح بحزن :
-غصب عنى يا داده مكنش قدامى اختيار تاني
هتفت نعمه بصوت منخفض:
- هو انتى صحيح ختى الواد من الدار
أخذت نفس عميق وقالت روح بابتسامة:
-اسمه ابنى ياداده و محدش هيخده منى من النهارده
اردفت نعمه بقلق:
- انتى كده بتلعبى بنار يا روح
قالت روح بجديه :
-ابنى ورجع لحضنى مش ناويه اسيبه مهما حصل
صمتت لبرهه باضطراب نعمه قائله بقلق:
-ايوه بس ده إبن
قاطعتها روح بقولها بحده :
-اوعي تقولها يا داده انتى كمان ده ابنى انا
وبس
قالت نعمه سريعه بتبرير :
-يابنتى انا خايفه عليكي
تنهدت بضيق شديد وقالت:
- ماتقلقيش عليا هو ايه الاوضاع عندك
اردفت بصوت خافت بحذر:
- ده قلبينى الدنيا عليكى انت و الواد ولو لاقي مش هيعدوها المره دى علي خير وناويين ليكي على شر
قالت روح بعدم اهتمام وبصوت قوي:
-مابقيش يهمنى غير نور وبس ولا حتى بقيت اخاف منهم يعملو اللي هم عاوزينه
هتفت متسائله بترقب ويأس :
-طب هتفضلى هربانة كده يعنى
ابتسمت روح بابتسامة امل مردده:
- انا طول المشوار سيبها على ربنا ومفكرتش فى حاجه وهسبها كده على طول هو عالم بحالى
هزت رأسها بيأس وقالت :
-ونعمه باالله طب انتى رحتي فين يعنى
إجابتها روح بجديه:
- بلاش يا داده علشان مسببلكيش مشاكل كده احسن
هزت رأسها بالايجاب نعمه وبتنهيد قائله:
-طب براحتك خلى بالك من نفسك 
ابتسمت بهدوء وقالت:
- حاضر هحاول اكلمك تانى سلام ،داده صحيح اوعى تسجلى الرقم باسمى على تليفونك
هتفت نعمه بتفهم :
-حاضر سلام خلي بالك من نفسك
أغلقت روح الهاتف مع رقيه بينما لا تعلم لما ساقتها قدماها إلى هنا وماذا ينتظرها هنا مضى أكثر من أسبوع منذ رحلت وتركت القصر لا تنكر حزنها علي أخيها وأهلها بسبب شعورها بأنّها آلمتهم وهربت  تكتسحها رغبات تتذبذب بين الحنين إليهم وبين رفضها ترفض عودتها وان تفترق عن طفلها فهي ليست قادره بَعدُ عنه أو الغفران لكن ليس بيد حيله.
ليتها تملك زمام الحل لتلك القصه وتنتهي من الهروب والخوف من المستقبل لكنّها سرعان ما تُهدّيها لتستكين في أعمق نقطه في تفكيرها وتُولي الذكريات الجميله الأولويه وهي ان نــــور رجع إلى أحضانها.
لتنتبه إلى تجاوزها الشرفه إلاّ حينما وصلت إلى الغرفه الذي تمكث بداخلها هي وطفلها نور وتذهب تجلس أعلي الفراش جانب نور وتطبع قبله عميقه اعلي وجنتيه بحنان وهي نائم وتقول بهمس:
- داده بتقول ان الدنيا مقلوبه عليا وعليك بس تعرف مش مهم كل د المهم انك معايا وفحضنى اوى يا نور تسيبنى انت كمان انا من غيرك اموت علشان انتى النور اللى بينور ليا طريقي انت نـور روح
لتستدير متأففه من شرودها الذي أصبح رفيقا لها في هذه الأيّام عندما سمعت الجرس يرنّ معلنا على دخول زائر وبعدها سمعت حديث صوت رقيه قائله من الخارج:
-شوفى مين اللى على الباب يا روح ايدي مش فاضيه
لتجيب عليها روح بصوت عالي :
-حاضر
ثم تنهض و ترتدي حجابها وتذهب لتفتح الباب لتقابل بوجهها مصطفى لتستقبلها عيناه مبتسمتان لها قائلا :
-ازيك يا روح
تبادله الإبتسامه لتجيبه بهدوء:
- الحمد الله كويسه اتفضل
يومئ برأسه مصطفى ويدلف ليبحث بعيونه عن رقيه وصمت عندما سمع صوتها تهتف وهي من الداخل:
- مين إللي جي يا روح
كاد أن يتحدث مصطفى لكنه صمت ثواني وهو يتذكر ان روح لم تنطق اسمه مطلقاً فيصمت لأجل تجيب هي عليها وتقول إسمه لكنها صمتت لبرهه ولم تتحدث كانت تنتظر الإجابه منه هو.
لتقول رقيه بتسال مره ثانيه:
- مين يا روح
حمحمت روح بصوت منخفض قائله :
-ما ترد عليها
هز كتفه بخفه مصطفى ليهتف ببراءه زائفة:
- هى سالتني انا و لا انتى
عقدت حاجبيها باستغراب وقالت روح بتلعثم :
-ايوه بس رد انت علشان تعرف مين
ليقول مصطفى بلوم :
-ايه نسيتى أسمي ولا ايه
هتفت روح بعفويه :
-لا فاكره
ابتسم بخبث تحت ناظر الأخيره المشدوهه والصامته ليباغتها فجأه :
-طب ماتقولى اسمي و ردي عليها
لترفع حاجبيها إستغرابا وتقول بصوت مسموع بتوتر:
- لا مش هقول قول انت
لينظر إليها بنظرات لوم يصطنع البراءه ليجيبها مصطفى بلهجه كسوله بابتسامة :
-تو مش هقول انا كمان
صدي صوت رقيه من الداخل مره ثالثه:
- يا روح انتى رحتى فين
لم تنتبه إلى التوتّر الذى طغى على الواقف بجانبها ولا على ضغطه على كفّه لتقول روح بغيظ وخجل :
-ما ترد عليها مش هينفع تفضل تنده وانت ساكت
ليقول بنبره صارمه مصطنع ووجه عابس:
-تو ردي انتي وعيب كده ست كبير ومترديش عليها
قالت رقيه بصوت عالي:
- يا بنتى انتى فين
لتزفر بغضب و ملل من الذي يرفض تركها بسلام و تحاول تتشجع وتقول بصوت مبحوح:
- ده يا خالتى ده مـ مـ مصطفى
يستنكر ما قالته مصطفى بهمس ليقول :
-علي صوتك هي ما سمعتش على فكره
تنظر إليه بإندهاش لتجيبه موضحه بتوتر:
- لا هى سمعت
كانت عيناه لازالتا جذابتين وتلمع بقوه ترى حاجبيه ينعقدان ليقترب قائلاً:
- تو مسمعتش
ليراقب توترها الشديد تتحاشى النظر إليه تتنفّس بصعوبه وتوتر وقالت بصعوبه و بصوت متحشرج :
-مصطفى
ليتمعّن في مخاطبته وهمسها بهدوء باسمه ليخرج إبتسامه عفويه ليجيبها وهو ينظر فى عينيها بشده قائلا :
-شوفتى سهله ازاى
رجعت خطوتين إلي للخلف مباشره تبعد بارتباك متمتمة:
- اااه
لينظر إليها مباشره لا تعلم كم مضى من الوقت وهما صامتين ينظر كلّ منهما إلى الأخر ليقطع مصطفى صمتهما بهدوئه المعتاد ويقترب ومازال ينظر فى عينيها مغيب قائلا :
-طب ما تقولى تانى
قالت روح بتوتر واضح :
-ليه
ليهزّ كتفيه بلا مبالاه ويردف بكسل:
- اصل شكلها مسمعتش
زفرت روح بعبوس وقالت:
- لااا سمعت
تبسم لها حينما تقع عيناه السوداء على عينيها  ليردف منهيه الحديث وهو يقترب اكثر هامس:
- لاا
روح ترفع عينيها الخضراء الجميله وتتبادل معه النظرات مشدوها للحظه قبل أن يبتعدوا بذعر عن بعض حينما؟.
لتبتعد قليلا لتتوقف فجأه حينما سمعت رقيه خلفهم تسألهم بقلق وتقول:
- فى ايه عماله انده مش بتردى ليه يا روح ،و انت كمان جئت امتى
تشيح روح بعينيها بعيد وتحاول تخرج صوتها:
- اانا هنا اهو
ليحدجها مصطفى بنظرات غيظ من خروج رقيه ليقول بهمس و بلوم:
- شوفتى اهى مسمعتش قولى بقى
تكزّ روح على أسنانها بتلعثم ثم تتحرك قائله :
-نعم انا هروح اشوف نور صحي ولا لسه عن اذنكم
ليحدّق مصطفى إليها غير قادر على إبعاد عينيه عنها وهي ترتبك حينما تنظر إليه بعد رحليها تخرج ضحكه صغيره منه و خلفه رقيه تقف بعدم فهم بينما اقتربت تخبط علي ظهره قائله:
- فى ايه يا واد يا مصطفي
التفت مصطفى نحوها بألم وصدمه بينما هي تسأله مستغربه :
-مالكم و ده جريت جوه ليه
نظر لها مصطفى وعيناه تشعّان غضبا وحنقا وقال:
- خالتى
أجابته رقيه باهتمام :
-نعم
قال مصطفى بجديه:
- متندهنيش عليا تانى ولو سمحت 
تصمت قليلا لتنظر إليه ببلاهه بعدم فهم لتسال رقيه قائله:
- ليه يا اخويا
هتف مصطفى بضيق:
- اهو كده وخلاص
جزت علي أسنانها بغيظ وقالت:
- امشى ياض من قدامى يلا علي بيتك أحسن
ليقول مصطفى وليردف بإستمتاع:
- لما اكل الاول              
***
بعد فتره قصيره بداخل منزل رقيه كانوا على السفره يجلسون الجميع رقيه، مصطفى ، روح
كان مصطفى كل حين وآخري ينظر إلي روح بينما هي كانت شارده لتنهض رقيه وهى تقول:
- الحمد الله هروح اعلق على الشاى انا عقبال ما تاكلوا
انتبهت إليها روح واستفاقت من شرودها لتقول بسرعه:
- خليكى انتى يا خالتى انا هقوم اعمله
هتفت رقيه بحنان :
-لا خليكى انتي كملى اكلك يا حبيبتي
هزت رأسها برفض وهى تنهض قائله :
-لا انا شبعت الحمد الله
رحلت روح بالفعل إلي المطبخ بينما تنهد مصطفى وهو ينهض  مرددا:
- طب انا كمان شبعت هروح اشرب سيجاره فى البلكونه
               
جلست رقيه أعلي الأريكه بتعب وإرهاق في حين تقدمت روح منها بعد الانتهاء من عمل الشاي وقدمته لها قائله بهدوء:
- خدي يا خالتى الشاى
ابتسمت رقيه بحنان وهى تاخد منها تردد:
-شكرا يا بنتى
تطلعت حولها روح تبحث عن مصطفى حتي تعطي له كوب الشاى لكن لم تراه موجود لتسال رقيه بخجل :
- هو فين؟.
نظرت إليها رقيه بضحك وقالت:
- هو ايه اللى فين هو فار ولا ايه
روح بتلعثم :
-قصدى علي مصطفى
هزت رأسها بالايجاب بابتسامة وقالت:
- طب ما انا عارفه جوه فى البلكونه ادخلى اديلو الشاى
صمتت لبرهه ثم تحركت بتردد قائله:
- طـ طيب عند اذنك يا خالتي
ثم تقدمت خطوات بسيطه نحو الداخل الشرفه لترى مصطفى يقف بيشرب سيجاره و يراقب الشارع بهدوء تقدمت روح وهي تتنحنح :
-احم احم
نظر مصطفى بانتباه خلفه ثم تبتسم الي روح الواقفه على عتبه باب الشرفه ليسأل بنبره تحمل حنانا كبيرا :
-ايوه يا روح عاوزه حاجه
قالت روح بصوت خافت وهي تقدم له الكوب الشاي :
-لا
ترك مصطفى السيجاره وياخد الشاى وهو يقول بابتسامة ناعِمه:
- شكرا
ظلت روح مكانها بصمت ولم ترحل لتنظر أرضا بارتباك لينظر مصطفى لها بمزح :
-هو انتى هتفضلى لحد ما اخلصها ولا ايه
تصمت الأخرى قليلا  تشعر بتردد لتقول بتوجّسٍ:
- هااا لا مش كده
قال مصطفى مطمئنه إيّاها:
- بهزر تعالى اقعدي هتفضلى واقفه كده عندك
لتخرج ضحكه مرتبكه لتجيبه روح بتوتر:
-هو انا ممكن اطلب منك طلب
ليخرج ضحكه يرغب بها إبعاد التوتّر الذي تشعر به  يراها ترفع رأسها لتنظر إليه مرتبكه ليقول بابتسامة:
- طبعا ومن غير أستاذان ،عيوني
لترفع رأسها حينما يخطر ببالها قرارا لتهتف قائله :
-شكرا كنت عيزاك تلاقى شغل ليا
كشر مصطفى وهو يهتف قائلا :
-نعم يا اختى
لتنظر له روح باستغراب لتجيبه بتمتمه:
- ايه فى ايه انا قلت حاجه غلطه عايزه اشتغل فيها ايه
هتف مصطفى بضيق شديد:
- وتشتغلى ليه
تنكمش عيناها وهي ترتجف يديها وقالت بتوتر:
- هى الناس بتشتغل ليه
ليردف مصطفى بغيظ وحاد:
- ايوه يعنى عايزه فلوس ممكن اديها لك عايزه كام
عقدت روح حاجبيها باستنكار ودهشه من رفضه وقالت :
-هو اللى عايزه كام بقول عايزه اشتغل وخلاص
ليبتسم لها باعثا بعض الغيظ إليها ليقول مصطفى بحده :
-وانا قلت لا
نظرت إليها بسخريه وعدم استيعاب رفضه وقالت روح بضيق:
- ليه ان شاء االله
أجابها مصطفى بعناد وقرار :
-هو كده مافيش شغل
تصمت قليلا تُهدِّئ من أنفاسها المتسارعه لترد عليه:
- انت مش ولي امري انا هنزل اشتغل ومش هتقدر تمنعني
نظر لها بعصبيه والشرر في عينيه ويقول بإصرار وهو يجز على اسنانه:
- كده طب ورينى هتنزلى ازاى
هتفت بصوت غاضب بشده :
-نعم هو انت هتمنعنى ولا ايه
يجيب بهدوء غير عابئ بعصبيتها :
-ايوه وقولت لك لو عايزه حاجه قولى
ليسمعها تقول بحدّه :
-وانا كل ما اعوزه حاجه هاخد منك ولا ايه لا طبعا مينفعش انت مش ملزوم تعمل كده
ليقول مصطفى بعصبية معتاده بانفعال :
-هو انا كنت اشتكتلك

 نور روح (كامله) لــ خديجه السيد  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن