=مش هتخرجي غير بإذني.
_آه.
=هتعرفيني باسورد الفون، الفيس والانستجرام.
_آه، ده وسامتك مقوية قلبك بقا.
=بتقولي حاجة؟
_لا لا اتفضل كمل.
كنت حاسه إني برد بالعافية، ده مش عريس ده هم.
=اممم، وهتخلعي الخمار.
_وماله.
"أنا كنت مترددة في خطوة النقاب، بس حاليًا أخدت قراري"
=سمعت إنك حابه تكملي بعد علم النفس، وتاخدي دكتوراة وكده، ده حقيقي؟
_ما شاء الله ده أنت سائل وعارف كل حاجة، أيوة حقيقي.
=مبدأيًا أنا معنديش ستات تشتغل.
_آه، هو يوم باين من أوله.
=يا أستاذة!
_معاك معاك.
=أنا كده خلصت كلامي، حابه تسألي حاجة؟
"كان بيتكلم بابتسامة كبيرة أوي، ولا كأني موافقة، اومال لو عرف إني مش طايقاه هيعمل أي!
_لا خلاص.
=بس أنتِ متكلمتيش خالص، كل اللي عليكِ، آه آه.
_وده ملفتش نظر حضرتك لحاجة!
=أي؟
_لا لا أنا معنديش أسأله.
=تمام عن أذنك.
_اتفضل.
...
=يا حور!
_نعم يا ماما؟
=هو أنتِ مش قولتيلي إنك مش هتوافقي على العريس؟
_أيوة ولسه عند كلامي.
=اومال طالع مبسوط وبيقول "هنبقى عائلة لطيفة أوي" لي.
_والله أنا كنت حاسه.
=حاسه أي.
_العريس ده أهبل.
=عيب متقوليش كده.
_ده بيقولي تخلعي الخمار!
=مش أنا قولتلك ياحبيبتي، قولتلك بلاش الخمار، لبسك واسع وطويل ومحترم خلاص، أو البسيه لما تتخطبي وخلاص.
_يا ماما تاني! ما خلاص لبسته..طيب سيبك من الخمار، بيقولي معنديش ستات تشتغل! يعني تعبي السنين دي كلها وحلمي وكل حاجة تروح على الفاضي!
=ياحبيبتي مش كل الناس زي بعض، ومعظم الرجالة مش حابين زوجاتهم تشتغل، لأن شغلنا الأساسي وحياتنا وكل حاجة هو البيت والأولاد.
_أنا عارفة كل ده، وكمان مقتنعة، حتى إني بفكر مشتغلش، بس كل الحكاية إني عايزة حد يعيش معايا حلمي، ولو أنا هقع هو يسندني، يقولي كملي أنا في ظهرك، كملي هتنجحي، يبقى أنا اللي أقوله مش هشتغل عشان أشوف بيتنا وأولادنا من نفسي لما الاقيه معايا ومآمن بيا.
"بصتلي وحطت إيدها على قلبها.
=يبقى أنتِ هتقعدي معايا هنا.
_وماله ده حتى انتوا قمر وأنا بحبكوا.
"سابتني وخرجت وأنا عارفة إنها دلوقتي بتقول "أنا عملت أي في حياتي عشان تطلعي كده" بس ولو مستحيل أتخلى عن أحلامي، أنا واثقة إن فيه كتير زي ما أنا متوقعه، وواثقة إن اللي خلق الأحلام دي جوايا خلق الشخص اللي هيآمن بيها"
...
=مش تحاسبي يا آنسة!
_أنا اللي احاسب، ما تفتح أنت يا أخ.
=أفتح! وأخ!
"ده لو عرف إني كنت ههزقة هيجيلوا سكته قلبية، على كده..
_بص عن إذنك عشان متأخرة.
=من غير آسف!
"سبته ومشيت من غير ما أتكلم، أنا أصلا اتأخرت على معاد المقابلة، ربنا يستر بقا دي فرصتي الوحيدة إني اتدرب مع دكتور قبل ما اتخرج، أو أخد أي شهادة، روحت قعدت وعرفت إنه لسه مجاش، الحمدلل.. لسه بقعد وبحمد ربنا لقيته في وشي! خبيت وشي عشان مياخدش باله بس بعد أي، ملامحه كأنها بتقولي "جتيلي برجليكِ"، أنا قولت برضو إن ده شكل مريض نفسي مش شخص عادي، حسيت إن لساني هيتشل واللي شغالة في العيادة بتقولوا "اتفضل يا دكتور مالك" يعني ده هيدربني! قعدت وأنا بندب حظي على الفرصة الوحيدة اللي كانت في أيدي.
=أستاذة حور!
_أيوة.
=اتفضلي.
_لي بقا ما أنا كده كده مش مقبولة.
=افندم؟
_لا لا ولا حاجة.
"دخلت اهو أجرب حظي تاني، هو مش جايبني ورا غيره أصلا..خبطت الباب واستنيت يقولي ادخلي.
=اتفضلي.
دخلت وقعدت على الكرسي ولسه متكلمتش لقيته بيقول.
=بقا أنا أعمى!
_لا حضرتك مين قال كده، حضرتك بتشوف اهو وزي الفل.
=حد كده خبط فيا وبزعيق بيقولي: مش تفتح يا أخ.
_أكيد مكنش قصده، أو كان مستعجل مثلاً.
ضحك وهو بيقول.
=تفتكري؟
_افتكر جدًا.
فجأة اتحول مرة واحدة، وكأنه إنسان آلي، مش اللي كان بيضحك ويهزر دلوقتي.
=دلوقتي حضرتك حابه تتدربي معانا لي؟
_عشان أنا حابه المهنة دي جدًا، وبحب أساعد الناس واخفف عنهم، وأكون سبب إن شخص يتخلص من ضيق في حياته.
=لي وأنتِ لسه بتدرسي؟ دي سنة التخرج، كان ممكن تستني وتاخدي شهادات معتمدة تشتغلي بيهم.
_لأني حابه يكون عندي خبرة، وأعرف أكتر قبل ما اتخرج.
=معنديش تقصير هنا!
_وأنا واثقة إني هكون عند حسن ظن حضرتك، ومش هقصر بإذن الله.
=تمام اتفضلي، سيبي أيامك الفاضية برا عشان نقدر نحدد هتيجي امتى.
_طيب ده حلو أوي، شكرًا لحضرتك.
...
كنت بروح تلت أيام في الأسبوع، كنت بتعب جدًا عشان أقدر أوفق بين الشغل والكلية، باعتبار إن دي آخر سنة ليا، بس كنت فرحانة جدًا، إنك تعمل حاجة وأنت بتحبها وعندك شغف كبير ليها بيخليك لو بتتعب اليوم كله متحسس بأي حاجة، وخاصةً لما يكون أهلك واقفين جنبك، كمان دكتور مالك كان بيساعدني كتير، كان بيعلمني أكبر وأبسط التفاصيل، عشان عارف إني مهتمة جدًا بالشغل ده، بس كل حاجة اتغيرت لما تعبت! مكنتش عارفة فيا أي، كنت متوقعة إنه تعب عادي زي أي تعب، لما روحت للدكتور وقالي إنه عندي ورم اتصدمت، أيوة واثقة في حكمة ربنا، وراضية بابتلائه وصابرة، بس مكنتش متصوره كده، حسيت بغيمة سودا، اكتئاب حاوطني من كل ناحية، قعدت من الشغل من غير ما أقول أي السبب، مبقتش عايزة أعمل حاجة خالص، بقالي شهر يعتبر على الحكاية دي...اتفاجأت برقم دكتور مالك، بيتصل عليا، أول مرة يعملها من وقت ما عرفنا بعض.
_ألو!
=مش تحاسبي يا آنسة!
ضحكت، يمكن دي أول مرة أضحك من قلبي من وقت تعبي..
=طيب بما إنك ضحكتي اطلعي اقعدي معايا شوية قبل ما ماما تجهز الأكل.
_نعم!
=أي ده أنتِ متعرفيش! مش أنا عندكم برا.
"قفلت الفون وقلبي بيدق جامد أوي، أهلي هيقولوا أي! ولا هو قالهم أي، خرجت وأنا بحاول أصدق إنه فعلاً برا.. أول ما بصيت في وشه ضحكلي، الضحكه اللي دائمًا بحسها بتخطف قلبي..
=عاملة أي؟
_زي ما أنت شايف كده.
=بس أنا مش شايف إلا قمر.
_يا نهار أسود!
قولت كده بصدمه، اللي هو أنت بتقول أي، ماما وبابا قاعدين جنبنا وأنا مكسوفة ابص في وشهم حتى.
=لا ماما وبابا مننا وعلينا، حتى حكتلهم قصة عايزة احكيها ليكِ.
_أي؟
سرحت في كلامه وفي عيونه، نسيت إن في حد معانا، نسيت أنا مين والزمن ده أي.
=مرة كنت متأخر على الشغل، وخبطت فيا بنت..
ضحكت تاني وهو مصمم إنه يضحكني بعد شهر كآبة ونكد.
=اسكتي عشان أعرف أكمل كلامي.
_حاضر.
=خبطت فيا، وشدت معايا في الكلام، كانت بتقولي تفتح، وأخ، لسانها كان أطول منها، بس قدرت تاخد قلبي وهي ماشية.
سكت وأنا مش عارفة أقول أي، كنت مبسوطة بس برضو أنا تعبانة قدامي رحلة علاج كبيرة.
_بس دي تعبانة، قدامها مشوار كبير أوي، ويا عالم هتقوم منه ولا أي.
=مستعد امشي معاها لآخر الدنيا، هبذل كل ما بأيدي عشان تقوم وتبقى أقوى.
كنت بضحك وبعيط، مش عارفة أقول أي، ربنا ابتلاني بلاء صغير وعوضني عوض كبير أوي.
=موافقة تكملي معايا الباقي من عمري يا حور!
بصيت لماما وبابا وأنا مكسوفة، مش عارفة أقول أي.
=لا بابا وماما موافقين باقي رأيك أنتِ بس.
_موافق أفضل بالخمار!
=واتمنى إنك تنتقبي كمان.
_وشغلي وأحلامي؟
=أحلامك أحلامي، وهكون في ظهرك وهسندك.
كنت ببص لماما وبضحك، وهي فهمت قصدي، قولت وأنا ضحكتي بتزيد..
_موافقة.
=آه! مش تحاسبي يا آنسة.
ضحكت وأنا بتكلم
_أي خبطت فيك تاني!
=خطفتي قصدك، خطفتي قلبي.