34 - عن الغرق : أحبّك تُبحِر

484 61 92
                                    

مع أنه الفصل السابق ما وصل خمسين فوت ، عيدكم مبارك

-

أدنَى انشرَاح أديم النّهار ، ونفخات نسيمَه . داعبت أناملها السّكين المتأرجح رقبتهَا ، وتابعت سرد أخبارها

" لست أتذكر كيف نمت حتى ، كنت أشاهد التلفاز ليلاً ثمّ أفاقني طرق الباب صباحًا ، بعد حوالي تسع ساعات "

همهمَت كأنما التّفكِير يلتقم منها ، ثمّ مالت في قعدتها واستغرقت في التّهدل يمنة يسرة.

أدرجت الرقاد في مرّته الأولى للصدفة ، ثمّ عنونتهُ إعياءً لن يُستنسخ ، أمّا تواتُره أبكاهَا فقد طالت بعضٌ من أحلامها.

" لقد تركت العمل في دار بايمي منذ وقت ، لم أستقل فعليا توقت عن الذهاب ولما اتصلت بي السكرتيرة تشاجرت معها ، سأبحث عن وظيفة في مكان آخر بما أنّ صحتي الجسدية تتحسّن شيئا فشيئا ... لن أجد صعوبة في العمل "

رطّبت شفتيهَا خاوية الملمح ، فاستصعبَ الغيمُ اختزال شعور أقوالها.

" حفيدك العاق اختفى تماما بالمناسبة ، لاشكّ أن ألمانيا سلبت وعيه كي ينسى كلّ شيءّ يخصه ، لست أعرف إن كان حيّا أم دهسته سيارة ما هناك "

بشّت خفيةً لأنّ ذكره ما عادَ يوجِعُ ولا صورةٌ لإشراقِ حسنِه قد طرقت مخيّلتها ، أنّها تتمرّس نسج النّسيان .

" التقيت فلورا في محل للملابس قبل أسبوع ، حاولت التقرب مني لكنّي تجاهلتهَا ، كان شعورًا لا ينسى . لقد قطعت علاقتي بها كليا الآن ، صرت لا أتسكَّع إلا مع سوك جين ، أحيانا يتّصل بي إلياس إنه شخص لطيف رغم أنّني لا أطيق النّاس "

أعلت كتفيهما وأهبطتهمَا في اختمام ، فقد حلقت فراشاتُ طويّتهَا وحاكهَا الصّندوق بوحشته .

قطفَ ساقها بعدئذٍ رنين شاب بحيّزها ، قابلتهُ نصفَ إلتفاتة وتمادت بتبصّر اهتزاز بدنه حيالَ قبر فقيد فتستثبتُ في قرارة نفسهَا أنّ قيد الوجعِ يجيدُ اكتنافَ توهُّنه .

" أتساءلُ إن كان والداي يعتقدان أنّني ميتة أيضا "

لامسها استعلامٌ زبرجَه حنينٌ لوقتٍ ما وُجد يوما ، نزِعت لفارط أيّامٍ لم تُخطّ بصفحات كتابِها ، لكنّها ألزمت ذاتهَا تقليب الصّفحات لربّما تلملمُ ملاحظةً أو دمعةً من حبر تكون خارطَتها للدّيار .

يا لغفلتها ، أنّ الخرائط والأغاني تؤدّي إليه ، دوما . هنا أم هناك ، حيثُ ترقُد وتكبُره ، أين فُقدَ ظلّ الحفيد الصّغير .

ريميدي : مدينة البومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن