لعلّ البداية تتربّع منتصفَ الكتاب وما أنا أفّاك ، لربّما تستهلّ آخر الصّفحات الحكايةَ ولازلتُ في بعدٍ عن الاختلاق .
بصفحةٍ مجهولة الرّقم ، هجعَت خصلات ورديّة بعدما تغمّست بالقهوَة ... في دار نشرٍ تقمّص مؤسسهَا دور متسوّل بأحد مؤلّفاتِه ، أدنَى جناح سماء إيتوبيكوُك بكندا .
حكاية فتاةٍ بلا كنية طالبت سطرًا فتتجذّر الذاكرةَ ، رجلٍ رزين وكاتب أتاه الويحُ في غفوتِه.
-
"إلَى متى ؟ إلى مَتى ستستمرّ عقارب السّاعة بالتحرك ! فلينزعها أحد ما من أعلى الجدار قبل أن أفعل ذلك بنفسي ، وما خطب هذه الشّقراء التي تمضغ علكتها بجانِبي ، لما عليها أن تصدر هذه الأصوات ... "
جال التضايقُ فكرها وما جاسرت الإفصاحَ عنه لوهنهَا فاكتفت بتبصّر الفراغ ، قد ثوى حنقٌ خلقتها منذ حين.
انصرمت ساعات الانتظَار متمهّلة حتى أوشك الهبلُ مسّها ، ارتقت ببصيرتها للساعة الجدارية مرّة رابعة كانت أم خامسةً تحصِي مدّة مكوثها بصالة الانتظار للإقبال على طلب الوظيفة.
مزّق شبكة سرحانهَا وقع أقدام السّكرتيرة ، نالت من النّمش قليلاً رغم سواد شعرهَا وسمرة بشرتها.
" آنسة ريم .. ريميد ؟ " بُتر حسّ السكرتيرة مَايسون حين لاقت استصعابًا بلفظ اسمهَا.
" ريميدي ! هذه أنا "
ارتحلت الأعين وحطّت على ذات الشعر الورديّ الفاتح ، قد أعلت قامتهَا وجعلت تهدّل خصلاتها القصيرة يمنةً يسرة في تباهٍ كما رجّح البعض .
لكنّها في قرارة نفسهَا انتحبت وأنّبت فطنتها لوهلةٍ كادت تودع بها اتّزانها وينهمرُ الطنز* حينًا يحتوي اسمها حُكما بالسّوء.
" تفضلي معي آنسة " حبكت حاجبيهَا لتصرّفها المغلق ، وأولتها ظهرها لفورها تخطو صوب مكتب المدير .
همهمت ريميدي ، تطبقُ جفنيها فتحتجبُ كحليّتيهَا ، استلت نفسًا وأعتقتهُ ثمّ أبصرت وراحت تقتفي أثرهَا وعلى طينتهَا خُلقت بشاشةٌ لطّخها الخُبث.
انكبّ رأسها في إعياءٍ بالكاد سحبتهُ حيز معمعةٍ انتهزت فرص ربحهَا ، وطالعت حذاءيهَا مقفرة البال ، ثمّ بعثت يديها بقعة نظرهَا وجعلت تلاعبُ بنان أصابعها النّحيلة مزرقة المفاصل .
ولجت مكتبَه بهيئتها الساكنة ، ألفت لمحهُ يمتطي نسيم الصّباح ومرّات تفاقمَت رأتهُ منخرطا بنوبة تدخينٍ مساءً وقت جولتها. لكنّها قطعا لم تتصوّره بركنِ عمله يكتسي بدلةً رسمية بلّلها أزرقُ البحر.
أنت تقرأ
ريميدي : مدينة البوم
De Todo- مكتملة - - أتعرفون حكاية مَدينة البوم ؟ الناس الذين لا ينامون والمُتسوّل ؟ هناك نسخة واحدة من الكتاب في العالم ، والنهاية ... قيد الكتابة ، الكاتب ؟ مات منذ زمن . جون جونغ كوك ريميدي