29 - مشاعر كاتب في لوحة

756 74 232
                                    

-

كانت ليلةً كما سبقها ، الليل ذاتُه والسماء كذلِك لكن الاختلاف قد تربّع جوفَها ، أتراه تبدل الموقِع أم أنّ الضياء تكاثر حينَها ؟

لربّما سكينة أغانٍ أفرطت في سماعهَا قد اكتنفها شبحُها ، ولاحت معاني الكلمَات تريح موجهَا الهائج .

جعل جونغ كوك أنامله تلتف حول السوار بيده ، تعمّد التعامي عنه كي يصطاد ردة فعل منها أو سؤالاً لكنها نسيت الأمر . لو رغبت بمعرفة رأيه به لما انتهزت غياب وعيه كي تهديهِ إيّاه .
استرسل في التنهد قبل دسّه تحت كم المعطف ورشق حدقتيه للهادئة بجانِبه .

تتمشّى شاردةً ، أحيانًا تبعد خصلاتِها عن عينيهَا فيما تحفرُ أقدامها عميقًا بالثلج ، كأنها تُجاهد لاثبات وجودهَا وترك أثرها . ربّما دبج تلك المرة كأوّلها لرؤية ريميدي تعتنق السّكوت مديدًا وتجهضُ التّعليق أو التّذمر . فعجّل بنسب خمولها لكثرة نشاطِها في خضم الإعياء .

قد قرّر إخلاء جدولِه للغد ، فلا ضرَر إن تمادى بفطنتِه معهَا ، تجرع لهفةً للتنقيب عن شعور أهالي مدينة البُوم وعزم مجاراة أحد الهاربِين .

هو آمن بالقصة الخيالية وقد أعلن انتماءه إليها .

" ريمو ، بماذا تفكّرين ؟ "

اشتهى استنطاقها فتقابلُه همهمةً ، ثمّ هوت إليه ولازالت تسير بهوادةٍ فترسي رأسها لذراعِه ولطالمَا أتقن إمساكَها .

" بكلّ شيء " أجملت الرد تخفض صوتها رغم خلو الشّارع ، تحرم الريح من لملمة حسها للنوافذ المشرّعة وأعين اليقظين المترقبة .

" كو ، هل يختلف شعور المرء باختلاف المكان ؟ "

حبك حاجبيه لوهلة ، فقد استعرضت الغير متوقع وأحسنت معافصته ، كما أن حنية حسّها لا تنفسح إلاّ أوقات قليلة ترحل بها عن قوقعتِها وتجول عاريةً لتنقب عن ذاتٍ تلبسُها وملمحٍ تستعيرُه .

" هذا يعتمد على تحليلك للأمر ، سواء كنت تعتقدين أن مونكتون تجلب لكِ الحياة كما لم تفعل إيتوبيكوك أم فسرته كتقلب مزاج لا أكثر ، القرار دوما يعود لك ريمو "

" ماذا تعتقد أنت ؟ " لازمت أحرفها حركتها لما أكمحت رأسها إليه ومالت عنقه نحوها ، بشوشَ الطينة . مط يده لقمّتها يلاعب خصلاتها ، فأفرطت في رفرفة أهدابها بعدما تكهنت أن أنامله ستصيب عينيها .

" بالنسبة لي ... رغم قلة سفري إلا أنّ الأماكن والناس دوما ما يعطون شعورا مختلفًا ، مميّزا ربما ؟ كأن أستعير من المدينَة دفء بيوتِها ، سكينة شوارِعها وجمال مناطقهَا يحيي كلّ ما مات بداخلي "

ريميدي : مدينة البومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن