9 - العاقلُ بركنه جامحة

1.6K 181 274
                                    

سحبَ خطواته بهوادةٍ نحو المطبخ يصبُّ لنفسه كأس ماء يسقِيه . مُكبّل الفكر والفِعل في آن إتخذ من كرسيّ المائدة مجلسًا ، أدنى رأسهُ يحطّ كفه خلفَ عنقه . ليلتَها ، دخّن بدل السّيجارةِ ثلاثًا ملأ دخانها شقّته الباردةَ يباركُها قيظًا.

بعدَ رميه لآخر سيجارة تفقّد السّاعة بهاتفِه ، نصفُ ساعةٍ و يُبدل اليوم البارحَة . عاد لغُرفته يتفقّد النائمة ، وجدها مثلما تركَها لم تتزحزح ولو خصلة . إزدرد ريقَه قُبيل فركه لصدغه ، سحبَ وسادةً و لحافًا يُخطط للنوم بصالة الجُلوس فيما تنعم هي بالراحة وسطَ سريره الدّافئ المُفعم برائحته ، تفوحُ الملاءات عطر ياسمين.

" حتى و أنتِ نائمة تنتهكين خصوصياتي بكلّ جرأة "

لَمّا أوشك على الإنصِراف ، إطلع عليها من موقعه جنبَ الباب ثمّ أطفأ النّور تاركًا إياها للعتمة يهمس " ليلةً طيّبة ريميدي "

-

ليلةٌ تبعتها مثيلتُها تجرّ الثالثةً متسابقةً تنهب من عمر النّائمة ثلاثة ليالٍ متتابعة ، صوب محجريهِ لمحياها بينما يميلُ ناحيتها يسترق السّمع لنبضِها يُبدّد مخاوِفه كعادةٍ منه .

" يبدو أنك تشحنين نفسك للأيام المُقبلة " نطق كلماتٍ بزغ سطحَها مزحةٌ غير أن باطنها دُفن قلقهُ يطمسه خلف قناع بسمةٍ بانت فيما يُعدل وضعيّتها. ثمّ إحتلّ بُقعة جنبهَا ليجلس .

تحمحمَ يهيّئ ذاته لإلقاء خطابِه المُعتاد ، أسمى أنامله يدفعُ خصلاته للوراء مُفرجا عن جبهتِه المُتعرقة.

" اليوم كان شاقّا للغاية ، كدتُ أفقد الوعي خلال ساعات العمل ، الضّغط يزداد مع تكاثُر الطلبات كان علي التريّث قبل فتح أبواب إستقبال الكتب ، بالإضافة لبدء عملية فرز الكتب المشاركة في الدفعة الشتوية "

مطّ شفتيه لحظةَ توسّعت مقلتيهِ يُفكر بالأعمالِ المتراكمة ، ثمّ حط راحتي يديهِ يستند لسريرهِ فيَميل رافعًا رأسه بغية التّحديق بالسّقف .

" كما أن الدار بحاجة ماسة لموظفين جدد قد أطلُب دايزي أو أيا كان اسمها ، بما أن ' إحداهن ' ترفض العمل لدي " ترقّبها بشفير جفنه يُعلي حاجبه الأيمن يشرحُ قصدَه .

" حياتي مملّة أليس كذلك ؟ " ملأت ضحكتهُ فراغ تقاسيمه ، جعل يخطُو جهة النافذَة ليُسدل الستائر مُكملا " رجلٌ مقيّد ، من المكتب للبيت و من البيت للمكتب . لا أكادُ أغادر إيتوبيكوك أبدا "

راح ينفث أنفاسه بين الفينة و الأخرى ، إزدرد ريقهُ فيهمس " ثقل جفني ، سأنام الآن ، آمل أن تردي عليّ غدًا "

ريميدي : مدينة البومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن