35 - عن محاولة التّجديف : الحياة تطفو

454 40 42
                                    


هذي غيبة ❤

-

تابعَت ركلهَا الهواء ، وقضمهَا شفتها ، تمثِّل السرحان بعدما اصطادَت حدقتيه المطالعَة إيّاها .

تمرّست ألحان صندُوق الموسيقى ملاحقة ظلّها ، لربّما اعتنقت التّرجي كي ترجع وتكتنفَها لكنّها خلّفت هديّته مطرحَ قضمةٍ منها ، روحٌ أو قليل من روح ، قعدت جوار الصّندوق تُنصِت ، تخيط التّسامح .

ثمّ اخترَق أيمنَ سياجها ، وتهوّر في سعيهِ جهتها ، يلملمُ كلماتٍ دلو ذريعة أنّه مارٌ وقد صادفت سبيلَه فتجذِّره مكانهُ ، كان دلوًا وقتذاك وانسكبَت آماله وأعذارهُ لمّا صاحت به ريميدي

" ماذا تعتقد ؟ أنّني سأغيّر رأيي بك لمجرد أنك كتبت رسالة ؟ إنها مجرد ورقة ، ليست دواءً يُنسيني ولا ضمادًا "

كان دلوًا ، مقفرًا وصدئًا ، قطعةٌ ذات أعينٍ قطفَت الاشمئزاز بمحياهَا ، فينكبُّ رأسه حينًا وتُطوى الصّفحَة كأنّما القارِئ التهِى بدُنياه فما عادَ الكتاب يعنِيه. 

-

ليلٌ شقيّ ، قايضَ حسنهُ للأبيضِ المتوسّط فحلَّ مديدًا ، بركَ وموجهُ يعلِي الأفكَار وينحرهَا في هبوطهَا ، قناديلهُ تخيّرت سباتًا لمشقّة الرحلة فما غمزَ ضياءٌ ولا سنَا القمر صرّح بعيُوبه لغيهبِ أعماق المحيط.

وراءَ الطّاق ، كبدَ جدرانٍ خرساء ، تمدّدت ريميدي نافورةَ راحتها ،  تعرّت من ملابس التّظاهُر و سبحَت بعبراتهَا ، تأرجَحت يمنة يسرةً ، للحنٍ خطَا بالها ، أو ريحٍ زعزعَت كلمات رسالته بيدِها ، فتطايرت بعضٌ واقتحمت عينيها ... تُرغمهَا الاستعبار.

كذلكَ أبحرَت أسطرَ أقوالِه ، قادتهَا أناملُ الكاتب لسالف وقتٍ كانا كسماءٍ وغيمهَا لا يُلمحان إلاّ سويّا ، يفيضانِ مطرا فجرًا وتخلقُ بشاشتهما قوس مطر دافئ. 

ليلةً ما ، اقتفَى بصرُ البومة مزن الدّخان المحلّق ، فيما تحيقُ ضئل جسمانهَا أعلى الدّرج بالبنَاية .

" هذه سجارتك الثانية لليوم " انكبّ رأسها يمنةً للجدار ، بينما تطفو ملاحظتهَا .

" والأخيرة ، هل تعدّين ؟ " بشّ في استفساره ، وجعل يتسلّق مطرحَها كأنّما ذاك النأي لملم بغض الرّجل. 

" تعرف أنّني مهووسَة " أكمحت بصيرتها بدنَه لما ارتكزَ حيالهَا ،  وحجَب عنها الأضواء الباهتَة فتُمسِي هيئته بريقًا حدقتَيهَا .

" من واحد إلى عشرة ، كم ستكون نسبة غضبك إن دفعتك الآن وأوقعتُك ؟ " أرست قبضتهَا بكاحلهِ تجيدُ شدّه ، وتشرعُ بتهديدِ ثباته - مثلما ألفت - .

ريميدي : مدينة البومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن