38 - عن مدينة البوم

316 30 14
                                    

ارتشف جونغ كوك من ريقهِ ما اقتدَر ، وراح يحيكُ أناملهُ لتوتّر فاض ، ثمّ استذكَر أن خوضَه حديثًا في مرماه ، فلازمهُ قرار البوحِ ولو للخلاَء ، أثناء خروجِه من مسكنه .

حينَ أتت ريمِيدي أوّل مرة وحادثتنِي ، جلّ ما ظننتهُ أنّ اسمها مألوف ، كنت واثقا أنّني سمعته من قبل رغم ندرتِه ، فكّرت وفكّرت ..

إلى أن نطق الطّفل بداخِلي ،  تبحث ريميدِي عنّي ؟

ضحكتُ لحلاوة الخيَال ، ورحت استفسر روح جدّي ... أتراها هي ؟ فتاتِي الّتي أردتنا سويا .

كنتُ صغيرا حينها لأفهم ، لكنّني أتساءل الآن لما كتبت عنهَا هي بالذّات من أجلي ، لماذا جعلتنِي أرغب لقياهَا حتّى نهبت حيّزا شاسعًا من حياتي ؟

طالعت مدينة البوم كثيرا ، لربّما أقتنص الأسرار والأجوبة . لكنّه كأي كتابِ آخر ، قصّة ، وصفٌ وحوار .

هل ستنعتني ريميدي بالمجنون حين أخبرها عن أصلهَا ؟ بل هل ستفهم المغزى من إعطائها الكتاب ؟

تسمّرت حيال المصعد المقفَل ، حجرة ذكرياتِ حلوة ، هويت برأسي للبابِ الحديديّ وتبسّمت

كنت أختلقُ رغبتِي قربها لمعرفة نهاية الكتاب ، ثمّ ...

حدثت الصداقة والحبّ ربّما ؟ هكذا فجأةً ، أحبّ جونغ كوك البالغ ريميدي البالغَة ، بعدما رغبَا اللّقاء مرة بصغرهمَا.

جذبني اهتزازُ هاتفِي من قوقعتِي ، فرحت أطالع رسائلها

* هل تمزح ! كتبتَ روايةً عني والمتسوّل ؟ أنا حقا متشوّقة لقراءتهَا . أنت الأفضل جونغو *

* أحببتُ الاسم كثيرا *

* لحظة ، تذكرت أنك جدك كان يكتب أيضا ، ألم تخبرني أنك ستطلعني على أحد مؤلفاته ؟ *

آه ، أكيد ... ماذا توقعت ؟ إنّه لهبلٌ أن تصدّق .

جدّي ، هل كنت تعرف أنّ الأمور ستصل لهذا الحدّ ؟ لولا فلورا ، وذلك الفنان لما أضاعت فتاتي الطّريق إليّ. لكن يبدو أنّها لم تستسلم أبدا رغم أنّني محيتُ من ذاكرتها تمامًا ، قطعت كلّ المسافات إليّ . حان دوري الآن .

ضحكتُ في خضم تشوّشي ، وسوّيتُ قامتِي مغادرًا ، لعلّ المشي قليلاً يسقيني راحةً .

* " تفعل ماذا ؟ " يستفسر الصّغير جدّه بايمي ، لما لمحهُ  يفترش الأرض ويتأمل بعض الصّور القديمة .

" جدّتي ! " صاح جونغ كوك وهمّ بخطفِ صورة زفاف بايمي ، يكتنفها لصدرهِ ضئيل الحجم .

ريميدي : مدينة البومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن