41 - وأنتِ يا أياكا

235 17 9
                                    

رسبت هيئة الفتاة أزرق ملاءاتهَا وتعاطت الشّرق، ما أفلحت يوما العومَ ، ولا خوض الحياة كذلك.

اتّكأت بوجنتها راحةَ يسراها، وأسرفت في لملمة كلمات الأغاني ومعانيهَا فقد شغلت ذهنها بقناة ما في التّلفاز بالصّالة.

تهادت بها نملة الرّقود نازلةً بعدئذ ، وتصرّم حينٌ عقبها. أتاهت مصرَاع نهارهَا - كان شعرا تراجيديّا - في غفوة واجتلبها رشدٌ مساءً .

زاغت لبّ الشّغب بشقّتها، إنها تدرك أن تلك الفوضى ريعان ركود ذاتهَا، طالعت كلّ شيء والوهن ينهمرُ من كتفيها، ثم كفكفت وجنتيها إذ أن عبراتها قد خلدت بهما وأنشأت تزيح النّعاس عن جفنيها بالحمّام.

ناظرت بهوت ملمحهَا في شيء من حسرة فقد تكهّنت خوضها الرّبيع عامًا والظّن إثم.

" وجهي الجميل "

لامست بلول بشرتهَا سبطًا ثمّ عصبت بدنها في اشتداد، لطالما أجادت اكتناف ذاتها، إنّها هي منقذها.

فرّق حضنها صفع باب حنون، كأنّما يستأذن الطرق أيضا. كان يونغي يتدثّر الإعياء ولازال طيف الموتى يجاوره.

" نسيت هاتفك بغرفتي " أعلمها ، وتمادى في إطناب يسراه وقتما قابلته.

استلّته على مهلٍ ، وعصفت بتشغيلهِ فتوسّعت حدقتيها للمكالمة الفائتة ، فيما لازال يطالعها.

" زكنت أنك لن تعودي لأخذه قريبا "

أجابته إيماءةً تختزل أقاويلهَا وحجبته جيب بنطالها الخلفيّ .

" شكرا يونغي "

أعلى كتفيه وأسفلهما ، يجاهد خلق بشاشة ولو اتّهمت زيفا.

" أعتقد أن هذا لقاءنا الأخير إذا "

استدرك في قرارة ذاته أنّ ريميدي لطالما رامت التحليق ، شابهت ريحا أجاد التلاشي. إنّها مياهٌ ، مطرٌ أو دموع تنسابُ بين أنامله.

" ربّما... "

كيف نسبها الرّجل سماءً ، إنّها جمادٌ ، أو شجرة.
لطالما مرّ بها الأنام وسيرورة حياتهِم، ولازالت شجرة.

" سأشتاق إليك ، اتّصلي بي إن احتجتني يوما "

خضع للحظات الوداعِ المقيتة، وجعل كفّه رأسهَا يلاعبها. علّ الهزل ذاك الوقتِ يطيبُ تكردُس لبّه في ترحٍ .

طبطب ظهرها بعدئذ كأنّما يحيقها حضنًا، وأولها ظهره فينا يقرعُ نعله طول الممرّ . حطّت بصرها ظلَّه وتلأت مباعدتهُ في تريّث، كان يتمشى في مهل كأنّما الحينُ حينهُ ولن يتولّه من العمر لمامُه.

ريميدي : مدينة البومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن