39 - واكتبِ عنه يا ظلّ المؤلف

342 30 9
                                    


لطالما اتّسم الإنسان بالاختلاَق لئن رقّع الكذب محياهُ كما غلّف روحه ، وتيقّن أنّه مجرّد اسم ثان لحقيقةٍ ما , حينما وقعت الألفة .

كذلك ريميدي اعتصمَت حبل التّزوير وراَحت ترتشفُ قطرات الكذِب لربّما يغدو حقيقةً ويمنع عن ذاتها مشقّة الانهيَار .

" في نهاية الأمر ، أنتَ من كان يحتاج العلاج لا أنا " طالعت ساقيها المرتجفَين وأنبست ، علّ إقناعهُ يصبّ مصلحتهَا فلا تمعن التّفكير بحقائقَ عمّرت طرفَ لسانه وتأرجَحت تخضخضهَا عن إصرارهَا .

" لستُ كذلك " يستمر في خلعِ حشائش تكذيباتهَا من جذورهَا ، لربّما تصلح حديقتها ، بعد نواح ومطَر .

لحقه صدى تنهيدتهَا المديدة ، ثمّ أعلت رأسهَا تبحلق بالسّقف في تفتيشِ عن فجوة ما ، طرف ورقة ، أو أثر حبرٍ يعلمهَا أنّها ضيفة بغير دنياهَا.

انحرفَ بصرها بعدئذِ لموضع الكتاب ، البيتِ كما يعنونهُ جونغ كوك ، فتقذفُ يديها إليه ثمّ شرعت بقطع صفحاتهِ واحدةٍ واحدةً ، لربما تتلاشى هي كذلك ، كطيفٍ بحلم مَا .

ترقّب الجمادُ طيشهَا ، ولقب ذاته جدارًا في قرارة نفسهِ فما عاد يقدر ردعهَا ولا رادع قد يُفلح.

" ظننتُ أنّني سأموت إن مزّقته ، أو أفقد الوعي مثلما اعتدت ... لكن " اهتزّت نغمتهَا ستارَ الحديث ، وأوشكت أن تستدمعَ لاحتدام الشعور ووطأتِه .

" لا تبكِ " يتمرّس النّهي كما ألف ، وخيِّل له أنّه يلامسُ يدها ويلاطفُ جفنيهَا .

" أكرهُ أنّني دوما أبكيكِ رغم أن سعادتك جلّ ما أتمنى "

شب الأسى بهاء ملمحِه يبدلُ صفاءَه ، لطالما أوجعهُ وهن فتاتِه . وتفرّج عليها تسرد حكايتها

" لدي ذكرى سيئة عن المطر ، حتى أنني أكره البكاء هكذَا ، دوما ما تراودني فكرة أنّني قد أغرق يوما "

شدّت قبضتيهَا ، وتابعت

" لوقتٍ طويل ، طويل للغاية ، كنتُ تحت المطر . حاولت التكلم لكن لم يسمعني أحد ، كنت أشعر بحركتهم وثرثرتهم ، وأنا غير مرئية ، حتّى أنهم دعسُوا عليّ لمرّات عديدة "

ارتشقت شفتهَا في شبيه تبسّمٍ ، ثمّ عاودت إماراتُ السّخريَة تلبّسها

" أيعقل أنّني فتاةٌ من مطر ؟ ألهذا أبكي كثيرا ؟ قد أكون أيّ شيء ، من يدري ... "

أشاحَ نظره عنها لما واجهتهُ بالاستفسارِ وعينيهَا اقتنصَته .

" لربما أنا لاشيء "

ريميدي : مدينة البومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن