16 - تعداد الخطوات نحوك

1K 115 155
                                    


رافقت ستيلاَ المُصاب حُجرته و تخيّرت مجالستهُ خشية إحتياجهِ أمرا فيستعصيه لعطب يُمناه. تمدّد سريرَه يبالِغ السّكوت يُذيعُ إحبَاطه و سوءَ حالِه لِما جرَى له ، كسرٌ بساعدِه سيُعطّله عن واجباتِه لا محالى.

" كن شاكرًا أنّك بخير " نبّهته لإنجرافِه العبُوس ثمّ قعدت بكرسيّ تُقابله .

" فقدت ذراعي ستيلا " أفلتَ تنهيدةً مديدةً ، جعلَ أناملهُ تغوصُ بين خصلاتِه يجرُّها خلفًا.

" مؤقتا جونغ كوك ، ستنزع الجبيرة بعد أسبوعين لا أكثر " كرّرت نبرته و تخلّت عن مقعدِها تمضي جهةَ النوافذِ تحرصُ على غلقِها لإشتدادِ الرّيح.

" لا يمكنني أن أكون إيجابيا أبدًا ، أحتاجها في حياتي اليومية ،كيف أكتب ؟ كيف أطبخ و أغتسل بيدٍ واحدة ؟ كيف سأعود الآن ؟ لا يسعني القيادة بهذه الحالة "

" يا إلهي ! لا تقلق بهذا الشّأن ، سأوصلك و أقود بنفسي لدي ما أفعله بأونتاريو بكل الأحوال ، كفاك نحيبًا " عادت بذات الخطوات المتريّثة تُبين عقدة حاجبيها فتسترجِع مجلسها السّابق .

" أتعبتكِ معي "

سوّى جلسته بمشقّة و أسمى يُسراه يُنادي عليها قائلاً " أنتِ الأفضل ستي ، إقتربي كي أعانقك "

لبّت النداء مُنهزمةً لضِحكته ، سيّجت عنقه بكلتا ذراعيها تشدّه ناحيتها ، فيما إلتهى يمسحُ ظهرها متباطئًا.

وعدَت و وفَت ، سحبتهُ وقتَ فراغه معهَا تُعرِّفه جمالَ المدينة فما تركت رُكنًا إلاّ و أخذتهُ هناك ، تُرفّه عنه حتّى آن وقتُ عودتِه بيته فتكفّلت بتوصِيله . خُطِفت ساعاتُ الطّريق و ما كاد يشعُر بمضيّها كونَ ستيلا حرصت جعل الثّواني تترسّخ بالذّاكرةِ أبدًا كأوقاتٍ محبّبةٍ لكليهِما .

لمّا وصلاَ سبقهَا بالتّرجل و لحقته ، إستندَ لباب سيّارته يُخرج علبة سجائِر سارعت بالتكفل بها لمّا بلغتهَا نيّته. دسّت سيجارةً ثغرهُ ثمّ نالت شرفَ إشعالِها .

" ما المُمتع بالتدخين ؟ " أفصحت عمّا جالَ فهيمها بنبرةٍ واهنة جانست حفيف الرّيح حولهما .

" يُريحني أحيانًا " نفث الدّخان أعلاه و إقتطفَ أثر القادمةِ بشفير جفنه ، لمحها تقتربُ وثبًا منخرطةً بعدّ خطواتها مثلما إعتادت .

" ستُدمنه عن قريب ، تذكر كلامي حينها لقد حذّرتُك "

تغافلَ عن تلاحُق كلماتِها بل صبّ محجريهِ ففطنتهُ لمن شرعت تبنِي السّبيل للمدخل بلا درايةٍ عن قُربه. أسمت رجلاً فتستقيمُ مستعينةٍ بيُسراها ، ثمّ بدّلت الأدوارَ قد إلتهمها الضجر . كلّما رملَت خطوةً ، تدوسُ الأرضَ كأنّها تُلامس لبّه ، برقّة و نعومةٍ مشابهةً قطرة ماءٍ بالكادِ أحسّ بهَا ، أناملٌ تُداعب أوتارَهُ تُدغدغهُ مخلّفةً بسمةً نمت محياه تعجّل بإبادتِها.

ريميدي : مدينة البومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن