البارت الثاني 🦋

1.3K 70 17
                                    


في صباح جديد أشرقت به الشمس تنثر أشعتها تبث الدفء داخل القلوب .. استند بظهره على الوسادة خلفه شارد الفكر يشغل عقله ذلك المنام الذي سرق النوم من عيناه حَلُم بتلك الفتاة التي كانت تأتيه كل ليلة في المنام قبل سنوات تذكر آخر منام رأها أتت تبكي وهي تخبره بأنها سترحل ستبتعد لكنها ستعود وأنها لن تنساه ... لم ينساها ستبقى فتاة أحلامه الأولى لكن الليلة قد آتت بطالةٍ جديدة قد كبرت تلك الصغيرة وأصبحت فتاة ناضجة ما زالت تحمل البراءة في كلماتها آتته تضحك وتخبره أنها عادت له ولن تبتعد مرة أخرى احتضنته بشدة وهي تضحك وتخبره بصوت عالي فرح انها عادت ولن ترحل مرة أخرى ...اختفت بعد أن أربكت عقله .. نظر بجانبه ليجد سارة تنام بفوضوية ليضحك بخفوت وهي يهمس بجوار أذنها بصوت عالي : ساااارة
انتفضت بخوف وهي تصرخ : نعم ، في ايه ؟
انتبهت لضحكات رجولية تملأ الغرفة .. بدأت تستعيد وعيها جيداً نظرت له بغضب شديد وهي تقول : ايه الهبل دا .. خضتني يا أخي !!
جذبها من شعرها برفق وهو يقول : هبل ! طيب عالله الاقيكي جاية تنامي عندي تاني فاهمة !
صرخ بكلمته الأخيرة لإخافتها ، لتومأ له برأسها بسرعة وهي تغادر الفراش وهي تقول بفزع : طبعاً فاهمة يا باشا
غادرت الغرفة بفزع وكأن شبح يطاردها ابتسم عليها بخفة ونهض ليبدل ملابسه ويذهب للشركة مستقبلاً الآتي بقلب لا يعلم طعم الحياة .. لا يعلم ان الآتي سيبدله رأساً على عِقب وستكون فتاة أحلامه بطلة حكايته ....
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في منزل الرشيدي حيث غرفة تلك المشاكسة ...
ارتفع رنين الهاتف لتمد يدها و تجيب دون ان تنظر من المتصل لتقول بصوت متشحرج من النعاس : الو
ليجيب الطرف الاخر بغزل : صباح الخير يا ست البنات
لم تستيقظ كلياً بعد ، لتجيب : لا انا مش عايزة صباح انا نعسانة وعايزة انام
استمعت لضحكاته الرجولية التي سرقت قلبها لتبتسم بحب وهي تهمس : احبك اكتر من كده ايه !
استمع لهمسها ليردف بخبث وغرور مصطنع : معاكي حق انا اتحب أصلاً
انتفضت من فوق الفراش بفزع وهي تقول بارتباك : انت سمعت !
ضحكاته كانت بمثابة اجابة لها ليردف بعدها بخبث شديد : سمعت ايه ؟ تحبيني ايه اكتر م...
اغلقت الهاتف وحمرة الخجل تكتسح وجهها الجميل .. دقات قلبها تتزايد كلما تذكرت ضحكاته الرجولية .. تنهدت بحب وهي تغادر الفراش لتبدأ يوم جديد
على الطرف الآخر كانت ضحكاته تملأ المكان ليتنهد : هانت كلها شهر واحد
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
تجلس فوق أحد المقاعد الخشبية ببلدٍ آخر عيناها تطوفان فوق الطيور المختلفة حمامات بيضاء تهبط تلتقط فُتات الخبز أرضاً ترتفع محلقة من جديد تاركة لجناحيها حرية الحركة متحررة من ثِقَلْ الحياة ...
انتفض جسدها على يد رفيقة دراستها وهي تربت فوق كتفها تردد بلغتها الغريبة الفرنسية ذات اللكنة المميزة ..
: " ماذا كارما هل ستبقين شاردة طوال الوقت هكذا ؟"
: " اشعر بشعورٍ اخر يا ايلا .. شعور مختلف عن الحنين والشوق لعودتي لموطني "
ايلا : " سئ ام جيد هذا الشعور؟"
كارما بشرود : " لا اعلم لكن لا اشعر بانه سئ .. اشعر براحة تامة في صميم قلبي " " لكني اخشاه !"
ايلا : " لا تقلقي كارما .. سيكون كل شئ على ما يرام .. توقفي عن التفكير الزائد "
كارما : "حسنا" تابعت : " اين باقي الفتيات ؟"
ايلا : " في المطبخ يحضرون الباستا " " هيا لننضم لهم"
لتتابع " دعينا نستمتع ببعض الوقت سوياً فسنشتاق لكي كثيراً ايتها الطبيبة الفاتنة "
ابتسم كارما على اللقب المنسوب إليها منذ مجيئها إلى "باريس " ..
لتقول : " وانا سأشتاق لكم كثيراً ايضاً .. هيا"
لتنضم مع إيلا إلى الفتيات ويتناولوا الطعام بجو مليئ بالسعادة والمرح .. ليتنهي الطعام ويذهبوا الفتيات إلى أعمالهم ...
اتجهت إلى غرفتها فلا عمل لديها اليوم بعد أن استقالت ابتسمت بحنين ... شعرت بنعاسٍ شديد لم تستطع ليلة الأمس ان تنام بعد ان قضت الليلة برفقة الفتيات ....
لتتجه الى سريرها تندثر بالاغطية وشعرها الطويل منتشر خلفها على الوسادة معطياً اياها مظهراً جذاباً فهي بالفعل فاتنة ... تحتضن احدى وساداتها وتبتسم حينما شعرت بطيفه يحتويها باحضانه كعادته منذ سبع سنوات .. منذ أن خطت قدميها " باريس " وهو كل ليلة يحتويها ذلك الطيف بأحضانه الدافئة يغمرها بحنانه ويقدم لها الآمان لتزيد من احتضان الوسادة وكأنها تبادله أحضانه لتغرق في دوامة أفكارها التي تتضمن حقيقة هذا الطيف ، ربما دنى وقت ظهور الحقيقة ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وضعت ريم أطباق فوق الطاولة وهي تستمع لحديث والدتها لوالدها بصمت تام ..
: ما بلاش النهاردة يا راشد ، كمان يومين الشغل مش طاير يا حبيبي
التفت راشد نحوها وهو يبتسم : لا انا تمام ، بعدين أنا زهقت من قعدة البيت دي
تدخلت ريم تلك المرة وهي تقول بمشاكسة : هو انت زهقت من حنون ولا ايه ؟
غمز لها راشد وهو يقول : هو حد يزهق من روحه
: الا قولي يا بابا هو انت مبتقولش الا روحي قلبي أمعائي
كان هذا صوت عمر الذي دخل المطبخ وجلس على الكرسي المجاور لأبيه
ليقول راشد : اه في إيدي الي هتديك قلم يوديك لعمك شريف في ثانية
اجابه عمر بضحك : عنيف انت يا بابا
قال راشد : اخرس ياض ، انت مش رايح مدرستك ليه ؟
اجابه عمر بغرور مصطنع : المدير قالي متجيش مستوى الذكاء بتاعي أعلى من المدرسة دي
قال راشد بتهكم : يا راجل!
ليقول عمر : مش مصدقني ؟
تابع بسرعة بعد ان زجره والده بنظراته : احم ما فيش دروس مهمة النهاردة قلت اقعد أذاكر بالبيت
وجه راشد حديثه لحنين تلك المرة وهو يقول : عرفتي ليه عايز انزل الشغل ، كفاية عليكي النهاردة عمر
ضحك عمر وقال : بيحبني أوي
جلس جميع أفراد العائلة على السفرة ليتناولوا وجبة الأفطار .. بعد فترة انتهوا من تناول الأفطار ليقبل راشد رأس حنين وهو يقول : عايزة حاجة يا حبيبتي ؟
اجابته بحب : عايزة سلامتك
تدخل عمر قائلاً بمشاكسة : ما تراعوا أن في سناجل هنا
أشار الى خالد الذي يعبث بهاتفه : اهو خالد دلوقتي هيحسدكم
التفت له خالد قائلاً بشر : تعرف يا عمر غرفتك فين ؟
لم ينهي حديثه بعد كان عمر يتجه الى غرفته ، ابتسمت حنين عليهم اتجه خالد وقبل يد أمه قائلاً :
عايزة حاجة يا أمي
ربتت على شعره بحنان أموي :
عايزة سلامتك يا حبيبي
غادر راشد وخالد الى الشركة واتجهت ريم وآدم الى كليتهم .. ودعت حنين أولادها وزوجها واتجهت لترتب السفرة وهي تدعو أن يجمعهم الله بصغيرتهم الأخيرة على خير .. كانت رافضة سبب رحيلها ولكن لا تستطيع أن تكن العُقبة أمام أحلام صغيرتها ..لا تستطيع ان تكن الرفض المانع لمستقبل تلك الجميلة ... تنهدت وهي تحاول عدم التفكير بالماضي .. فيكفي أن صغيرتها استطاعت ولو لمدة أن تتجاوز تلك المحنة ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
كان يقود السيارة وتلك الصغيرة تشغل باله ما تفسير بأنها عائدة ولن ترحل مرة أخرى يشعر بسعادة تامة لعودتها رغم معرفته بأنه منام ولا شئ في الحقيقة .. تذكر ليالي ما كانت تأتيه تلك الصغيرة كل ليلة تشكو وتلهو في منامه ويستقبل ذلك بصدر رحب وهي تخبره تفاصيل يومها وتسمع منه تفاصيله ابتسم بسخرية على حاله هو حتى لا يعلم اسمها فكانت ترفض أن تقول اسمها مردفة أن قلبه هو الذي سيعرفها ولا يعلم شكلها أيضاً فدائما تأتيه وهي تغطي وجهها بوشاح حريري
حاول نفض أفكاره وهو يخبره ذاته أن ذلك مجرد منام يأتيه كهروب من الواقع فقط .... أوقف السيارة وترجل منها دلف للمقر الرئيسي للشركة بطالته الخاطفة للأنفاس بخطوات واثقة ثم توجه لمكتبه ليسرع العامل بفتح الباب ، شكره و جلس خلف مكتبه وهو يسأل السكرتيرة التي آتت مسرعة خلفه
: سليم وصل ؟
أجابته باحترام : لسا يا فندم
اردف : تمام بس يوصل قوليلي ... أشار لها بالخروج خرجت مغلقة الباب خلفها .. جذب الملفات التي أمامه وابتسم بسخرية انظر للقدر عزيزي طبيب الجراحة قريباً سيصبح من أكفأ المهندسين فتح الملف وبدأ عمله وهو يحاول طردها من أفكاره قليلاً ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
ترجل من سيارته ينضم لوالده ليدخل إلى الشركة سار بغرور وكبرياء خطواته تحمل الثقة الكاملة بنفسه، ألقى الموظفون التحية باحترام شديد بادلهم التحية فبالرغم من كبريائه الا أنه لا يتعدى على أحد أبداً ويعامل الجميع باحترام، اتجه إلى مكتبه قابل السكرتيرة تجلس وهي تتحدث بالهاتف غير منتبهة لوصوله طرق بيده على المكتب لتنتفض فازعة وهي تلقي الهاتف من يدها أشار بيده ان تتبعه ودلف لمكتبه ، تنفست بعمق ودخلت المكتب بعد ان طرقت الباب وأذن لها بالدخول
وضعت رأسها أرضاً وقالت : أومرني يا فندم
قال وهو ينظر للملف أمامه : في اجتماعات النهاردة ؟
اجابته بعملية: ااه يا فندم اجتماع مع الشركة الألمانية بعد الضهر
أومأ لها وقال : تمام رتبي المواعيد النهاردة واجمعيلي الشباب لما يوصلوا ، ليكمل بتحذير : ياريت الي حصل النهاردة ما يتكررش
اجابته باحترام : حاضر يا فندم ، بعتذر عن الي حصل النهاردة
اجابها بهدوء : تمام ما فيش مشكلة
ظلت مكانها لم تغادر ، ليقول باستغراب : أيه يا مرام عايزة حاجة ؟
اجابته بتلعثم : أصل يا فندم كنت بستأذن حضرتك اني اخد إجازة عشان فرحي قرب
أجابها خالد : ما فيش مشكلة وألف مبروك مقدماً
قالت بسعادة : ربنا يبارك فيك يا فندم ، ان شاء الله الأسبوع دا أخر أسبوع وأبقى ارجع بعد أسبوعين بعد أذن حضرتك
أجاب وهو يرتب الملفات من أمامه : على بركة الله ، ابقي عدي على الحسابات خدي راتب الشهر بدري عشان فرحك ، وأنا هأبقى أكلم العلاقات العامة تجيب سكرتيرة الفترة دي
أومأت له وغادرت المكتبة وهي سعيدة للغاية ارتفع رنين هاتفها لتجيب مسرعة : ااه يا محمد .. متخافش يا حبيبي ... المهندس خالد طيب أوي وسمحلي أجازة ... خلاص مش هقول كده تاني .. حاضر مع السلامة.. تنهدت براحة وبدأت تباشر عملها بإخلاص تام ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
طرقت باب الغرفة بهدوء شديد انتظرت إذن الدخول ودخلت وهي تبحث بعيناها عنه وجدته يقف أمام المرآة يعدل رابطة عنقه رأها تقف بتوتر ليترك ما بيده ويتجه وهو يقبل خدها قائلاً : صباح الخير يا سمورة
أجابته بحب شديد : صباح النور يا آبيه ، هو انت نازل الشغل النهاردة ؟
اومأ لها وهو يقول بمرح : ااه يا حبيبتي وهتطرد النهادرة عشان التأخير دا
توترت وقالت : خلاص أسيبك يا آبيه تخلص ولما تيجي نبقى نتكلم
استشعر توترها ليمسك يدها بحنان وهو يقول : عايزة تقولي إيه يا سمر ومتوترة كده ؟
قالت بتلعثم : كنت عايزة أقول اني عايزة أشتغل أكملت مسرعة عندما رأت نظراته : والله يا آبيه انت مش مقصر معانا بس انا عايزة اشوف ناس جداد واغير جو أحس اني اشتغلت بشهادتي اكملت برجاء : والنبي توافق يا آبيه وتقنع بابا
عاد يقف أمام المرآة يستكمل ما يفعله بهدوء دون أن يردف بشئ ، طال صمته علمت انه رافض كادت تغادر لكن توقفت عندما استمعت إليه يقول بحنان : لما آجي نبقى نتكلم يا حبيبتي
أسرعت تركض باتجاه أحضانه وهي تقول بحب أخوي : حبيبي يا آبيه ربنا ما يحرمنا منك
شدد من احضانها وهو يقول : ويخليكم ليا يارب
خرجت من احضانه تقول : أسيبك تكمل لبسك عشان تلحق شغلك
غادرت الغرفة بسعادة تابع خروجها والتفت يكمل ما يفعل ليغادر هو على علم بأنه خالد سيقتله حتماً ابتسم بخفة مردف بغرور مصطنع : ميقدرش انا جوز اخته ، اكيد ما يقبلش على أخته تبقى أرملة
ارتدي جاكيته وغادر بسرعة بعد ان ودع والدته ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
دلف للمقر بخطوات مسرعة لعله يتفادى غضب الوحش القابع بداخل خالد ، دلف المصعد ورسم الثبات على وجهه فرغم مزاحه الدائم الا أنه في وقت العمل صارم ، وصل للطابق المنشود ، فقابلته السكرتيرة الخاصة بخالد اتجهت نحوه مسرعة تردف باستعجال : مهندس سامر اخيراً جيت
شعر بقلق داخلي لكنه قال بثبات : لي في إيه ؟!
أردفت بسرعة وخوف : المهندس خالد هيكسر الشركة ع رأسنا بقالي ساعة مستنية حضرتك ، هو عاوزك بمكتبه
كادت برحيل لكنه أوقفها : عايزني ليه ؟ عنده حد بالمكتب ؟
قالت باستغراب : ما عرفش عايزك في إيه ، والمهندس مراد والمهندس عز عنده بالمكتب
أشار لها بالرحيل ، هدأ القلق بداخله ، سمع بعض من حديث الموظفين من حوله فابتسم بخبث : عمي راشد نورت وربنا
غيّر مساره واتجهت نحو مكتب والد خالد " راشد " قابله مدير مكتبه مرحباً به بشدة ، استأذن بالدخول فسمح له ، دخل المكتب وقد تحولت ملامحه مئة وثمانون درجة قال بمرح : حمايا العزيز وربنا المكتب منور
ضحك راشد على حديثه وقال : تعال يا سامر يا بني
اتجه وجلس على الكرسي أمامه وقال : الحمد لله انك رجعت يا عمي ، انت ما تعرفش السفاح خالد ابنك كان بيعمل فينا إيه
أكمل بنبرة مسرحية : عذبني أوي ولا كأني جوز أخته ، عيل واطي هو ولا ابن عمه التاني
ابتسم راشد على حديثه وقال بسخرية : ولا كأنك بتتكلم عن ولادي
قال سامر بسخط : عيال مين دول الي عيالك ، دا انت الخير والبركة يا عمي ، اما مشروع السفاحين سيبه للسفاحين دول
أكمل بنبرة مكر : بقلك أيه يا عمي
اجاب راشد وهو ينظر للورق أمامه : ايه ؟
ارتسم على وجهه قناع البراءة وأردف : ما تطلب خالد عندك
انتبه لحديثه ورفع رأسه عن الملفات التي أمامه قائلاً بمكر : ليه ؟
انتبه سامر لنبرته فقال بصراحة : بما انك قلت بالنبرة دي يبقى عارف ، بص يا عمي انا توي جيت وابنك عايز يهزقني ومش عامل حساب لأي حاجة لا اني صاحبه ولا انه خال عيالي ، فتطلبه عندك وتقله كنت عامل اجتماع معي والا وربنا لهزقلك اياه ااه انا سامر بس جامد اوي
ضحك راشد بشدة عليه ثم ابتسم وقال ببرود : برا
سامر بعدم فهم : ايه !
راشد ببرود : برا يا سامر ، دقيقة كمان و هخليك تطلق بنتي ، برا
اتجه سامر للخارج وهو يتمتم بينما ضحك راشد عليه بشدة هو يعلم ان سامر برغم من مزاحه ومرحه الا انه يستطيع الحفاظ على ابنته ويكون لها نعم السند والعون
فشخصيته قوية وصارمة بصرف النظر عن مزاحه
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
استيقظت من غفوتها وهي تتمطأ على السرير بكسل
ابتسمت براحة بعد قسط كبير من الراحة وصفاء الذهن
غادرت الفراش واتجهت وأدت فرضها ورتلت وِردها بخشوع .. فكن دائماً مع الله يغنيك عمن سواه .. انهت قرآنها واتجهت الى المطبخ لتشغل نفسها لحين عودة الفتيات ، وقفت أمام المقود وهي تصنع شرابها المفضل في ظل هذا الجو البارد وهي تدندن بصوت غنائي منخفض :
كل الي معاك بالصورة غاب ** وطنك وأهل والصحاب
كم واحد ودع وساب ** من غير أسباب
أضافت الماء إلى الكأس المملوء بحبيبات السكر والكاكاو المر وهي تحرك المكونات ببطئ تتأمل ذوبان المكونات بالماء المغلي الساخن ربما لو كان الماء بارد ما استطاعت الحبيبات ان تذوب به ، هكذا نحن نبحث عن الدفء لنحيا .. أمسكت الكوب وهي تستمد منه الدفء واتجهت الى النافذة الكبيرة المطلة على برج ايفل جلست على المقعد الخشبي وهي تحتسي مشروبها بتمهل وتدندن مع الأغنية الصادرة من هاتفها تأملت روعة المنظر أمامها فلم تكن تسكن هنا فعندما غادرت موطنها واتجهت ل " باريس" لتكملة دراستها كانت تشكن بالسكن الجامعي المخصص للطلبة المغتربين وبعد سنتين اتفقت هي وزميلاتها على تأجير شقة سكنية ليكونوا أكثر حرية وراحة وقد انتقلت واستكفت دراستها هنا وبدأت عملها هنا بهذا البيت الذي شهِد على نمو تلك الجميلة ، ابتسمت وعادت تدندن بصوت مسموع :
شايف في عينيك نظرة حنين ** بتحن لمين ولا مين
طول عمرها ماشية السنين ** والناس ركاب
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
كان سامر في طريقه لغرفة الاجتماعات الخاصة برؤساء المقر بعدما علِم من احد الموظفين ان خالد ينتظره هناك دلف للداخل بعد ان طرق الباب وجد خالد يترأس الطاولة وبجانبه كل من "عز" و"مراد" اتجه لجوار عز وجلس وقال : صباح الخير يا رجالة
بادلوه التحية الا خالد قال بهدوء يخفي بين طياته الغضب : أتاخرت ليه يا سامر ؟
اجاب سامر ببرود : راحت عليا نومة عبال ما لبست وجيت
خالد بتهكم : لا يا شيخ ، ما ضبطتش المنبه ليه ؟
ابتسم سامر بسماجة وقال : عشان تروح عليا نومة
خالد بغيظ : انا مش عارفة اختي ازاي راضية تتجوزك
سامر وهو يرفع حاجبه بمشاكسة : بتحبني يا أخي
خالد بتهكم : حبك برص ، صحيح الي قال مرايا الحب عميا
سامر بمرح : قول انك غيران عشان هتجوز قول
ضحك كل من مراد وعز وهم يروا ان خالد على وشك الانفجار ، استغفر خالد ربه بصوت مسموع وهو يجاهد على الا يكسر رأس ذلك السامر المستفز تنهد بعمق ثم قال بهدوء وعملية : اوك ، خلينا نبدا الاجتماع
انتبه الجميع لكلامه وتحولت ملامح سامر للجدية
خالد بتقرير : المصنع الرئيسي محتاج مسؤول عشان يقدروا ينجزوا المطلوب خلال الوقت المحدد ، دا غير ان العماير لسا ما جهزتش ودا هيحصل تأخير مش مسموح بيه ، عز ترشح حد من المهندسين يتولى إدارة المصنع مؤقتاً
وجه حديثه لمراد : مراد ياريت بعد الاجتماع تروح على العلاقات العامة تخليهم يبعتوا سكرتيرة بدل مرام
انتبه سامر لحديثه : ليه ، مرام استقالت ؟
خالد بهدوء : لا ، فرحها قرب و عايزة تاخد اجازة اسبوعين كده
تذكر سامر حديثه مع "سمر" في الصباح ليقول : طب أنا هجبلك سكرتيرة بدون ما مراد يروح العلاقات العامة
الموضوع هيطول لسا هينزلو اعلان
قال خالد بهدوء : ومين هي السكرتيرة ؟
سامر : سمر أختي ، الصبح كانت طالبة تشتغل هي عارفة اني هرفض ، فكده ممكن يكون في قبول
أومأ له خالد : ما عنديش مانع ، بس من بكرة تداوم عشان مرام تعلمها الحاجات الأساسية
سامر : إن شاء الله خير ، هشوف النهاردة وابلغك
أومأ له خالد دون ان يردف وتابع الاجتماع وسط مناقشات عديدة توحي بأن رغم اختلاف شخصياتهم الا انهم يتمتعوا بذكاء خارق استطاعوا من خلاله تكون هذه الامبراطورية والمحافظة عليها ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
: كفاية يا عمر انا صدعت
أردفت بها حنين وهي تمسك رأسها ويكاد الصداع يتمكن منها ، فذلك المزعج لم يكف عن الحديث أبداً
قال عمر بترجي : والنبي يا ماما تقوليلي اتعرفتي ع بابا ازاي ؟
ابتسمت بحنين لتلك الذكرى وشردت في ذكرياتها مع شريك حياتها ، قطع شرودها صفير عمر بمشاكسة :
ايوة يا ماما يا جامدة ، باين بابا كان رومانسي اوي ، قولي متتكسفيش ، سرحتي يعني شكله الحج كان مدلعك
أردفت بنفاذ صبر : هو مش انت غبت عشان تذاكر قوم ذاكر انا ما شفتكش ماسك الكتاب من الصبح
شهقة ممزوجة بصدمة خرجت من عمر وهو يقول : انا ما درستش ! ربنا ع الظالم يا شيخة امال مين الي درس صفحة كاملة بدون اي بريك ، هو انت مابتحسوش فيا ؟
أكمل بصوت شبيه بالنساء وهو يرفع يده للسماء قائلاً: يا مولانا تولانا ، ما حدش حاسس بيا ولا بتعبي
لتتحول ملامح مئة وثمانون درجة وهو يوجه حديثه لوالدته بحدة : مستنية ايه ؟ عيزاني اتجنن ، اقطع نفسي ، قعدت أذاكر عشر دقايق بدون اي بريك ، انتي متخيلة ؟
ضحكت بقلة صبر وهي تشعر انها ستلقى مصيرها اليوم : انا آسفة كمل انت البريك بتاعك ، وانا هروح أكمل طبخ احسنلي ، قربت اتتجنن منك يا عمر
لحق بها للمطبخ وهو يقول : انا الي هجننك ! والملايكة عيالك دول مش هيجننوكي ؟ السيد خالد طفلك المدلل الي نازل يهزقني طول النهار والليل مش هيجننك ولا التاني البارد ياباااي ع دمهم
صرخت به وهي تقول : خلاااص يا عمر تعبت كفاية
تناول تفاحة من الطبق على الطاولة وغادر المطبخ وهو يتمتم : مش مقدرة اني بضيع وقتي الغالي الثمين في القعدة معها بسليها بدل ما تزهق ، اروح العب جيم يكون البريك يخلص
ضحكت بنفاذ صبر على هذا المشاكس وهمست تتمتم بداخلها : كان معاه حق راشد لما راح الشغل النهاردة ولا كان اتجنن منك

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
انتهى البارت ...

مستنية رأيكم بالكومنتات 🌷

اضغطوا ع النجمة ❤👇🏻









الطيف المجهول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن