البارت الثلاثون 🦋

671 59 16
                                    


ازدادت قتامة أعينه وبرزت عروق عنقه وهو ينظر ناحيتها وهي تخرج من المطبخ تحمل بين يديها صينية الطعام تبتسم باستيحاء وهي تراه ينظر لها باهتمام .. لم ترى غضبه الذي يتراقص بقوة على أعصابه .. اقترب منها بخطوات تنبأ بخطورة القادم .. نظرت له باستغراب لكنه لم يمهلها فرصة بل ضرب الصينية التي تحملها لتسقط أرضاً ويسكب الطعام أرضاً وقد لامس بعضه جسد " كارما " التي شهقت بألم .. اقترب منها وهو يمسك ذراعها بينما هي تناست ألم الحرق الذي يؤلمها بقوة واتسعت أعينها بخوف حقيقي وهي تراه يرفع يده عالي ثم دفعها لتسقط أرضاً بقوة .. ثم صرخ بقوة قائلاً : مش عايزك .. مش عااايزك .. ابعدي عني
بكت بقوة لا شئ يصف ما تشعر به الآن .. ابتعلت غصة الألم بحلقها ثم نهضت بسرعة وصعدت للأعلى .. بينما هو حطم كل ما يراه أمامه يريد إبعاد تلك الصور عن ذهنه المغيب .. التفت لهة لكنه لم يجدها .. نظر للأرض وجد حطام الطعام ينتشر بقوة وهناك بعض الدماء التي افترشت الأرض .. نظر للأرض بصدمة ثم حول بصره حول المكان ليرى نتيجة غضبه .. اتسعت أعينه بصدمة من ذاته ثم خرج سريعاً وكأنه يهرب من شبح أفكاره الذي يهاجمه بقوة ..
في الأعلى .. دلفت للجناح بسرعة وشهقات بكاءها تعلو بالمكان .. شعرت بروحها تكاد تزهق لا تعلم ما الذي دفعه لفعل ذلك .. تمددت على الفراش تحاول إنهاء نوبة البكاء التي تصيبها .. تنفست بعمق وهي ترى أن قدرتها على المتابعة قد انتهت .. مر شهران عليها بروتين قاسٍ لا ترى منه سوى الجفاء والجمود وقد تطور الأمر الآن لتبدأ برؤية غضبه ..شهران وهي تتحامل على ذاتها بقوة حتى استنفذت جميع طاقتها .. مسحت دموعها وقد شعرت بألم الحرق يؤلمها بشدة .. قررت تبديل ملابسها ثم الخلود للنوم لأنه لا شئ سيوقف محاولتها الواهية في عدم التفكير سوى النوم .. وعندما تستيقظ سيكون هناك حديث آخر .. ابتسمت بقهر عندما تذكرت عنفه شعرت بألم يحتل ظهرها أثر دفعه لها .. ابتسمت بسخرية وهي تردد بذاتها أنه من حسن حظها أنه لم يراها أحد .. وإلا أصبحت مثيرة للشفقة ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
جلس على الأريكة يضع رأسه بين ذراعيه يستمع لعتاب "أدهم" بملامح لا يظهر عليها أي تعبير : ازاي تعمل حاجة زي دي .. انت ناسي يا بيه انك فاقد الذاكرة .. ناسي انك نسيت حاجات كتير اوي .. لا طبعاً تروح تضرب البت وتوقعها تكسر ضهرها دا غير انك تحرقها بالأكل الي عملته عشانك ..
صاح بغضب : فوق يا زين واعرف انك بتخسر نقاطك عندها .. قد ما تتحملك وتتحمل غضبك عليها هيجي يوم وتتعب دا اذا مكنتش تعبت بس بتتحامل على نفسها عشانك
تنفس بعمق يحاول طرد نوبة غضب يود تفريغها بذلك الأحمق : انت قولتلها انك شفتها بالصور
أخرج " زين " صوت من بين شفتيه تدل بالنفي تنفس "ادهم " بعمق قائلاً : أول مرة تعمل حاجة كويسة من ساعة ما نسيت وبقيت أهبل
رفع "زين " بصره له وهو يناظره بقوة .. تجاهله "أدهم" وهو يقول : متبصليش كده .. انت فعلاً بقيت أهبل وبتتصرف بهبل من ساعة ما فقدت الذاكرة
تابع بهدوء غامض : انت قبل فقدانك للحادث دا .. الصور دي جاتلك رسالة على موبايلك من رقم غريب .. يومها اتجننت زي كده بس كنت عاقل ومأذتهاش .. خدت وقتك وفكرت وبعدين عرفت انها مش هي الي بالصور .. طلبت مني اجيبلك صاحب الرقم وأنا شفت صاحب ليا ساعدني وصاحب الرقم دا هو مايا بنت عمك يا زين
نظر له " زين " بصدمة تجاهلها "أدهم" وهو يتابع بحذر : مايا صاحبة الرسالة زي ما هي الي حاولت تخرب خطوبتك قبل كده زي ما كل حاجة سيئة بتحصل ليكم
صمت لثوانٍ ثم تابع بشرود : زي السر المجهول بالنسبة لحالتك بعد فقدان الذاكرة الي كانت هي السبب بجزء كبير من الماضي الي انت دافن نفسك فيه
تحدث " زين " باهتمام : تقصد إيه ؟
تحدث "أدهم" بهدوء : مش مهم تفهم قصدي دلوقتي .. المهم هتعمل إيه دلوقتي
لم يبدي " زين " اي ردة فعل .. هو لا يعلم ما يريد أساساً يريدها ولا يريدها في آن واحد .. في نفس اليوم الذي طلب فرصة جديدة ليرى العالم بأعينها هي حطم تلك الفرصة بل وأزهق روحها أيضاً .. تذكر عنفه عليها وظلمه لها .. أغمض عينيه بألم يحتل خلايا ذهنه المغيب وصورتها الباكية تحتل ذهنه بقوة ترفض تركه .. تحدث أدهم بابتسامة جميلة وهو على أتم علم بما يحدث له : سيبها لربنا يا زين ومتشلش هم حاجة .. انبسط انها ماسكة فيك بايدها وسنانها ومش عايزة تسيبك رغم كل الي عملته .. حاول متأذيهاش وشوف الدنيا بعينها زي ما كانت بطلة أحلامك و دلوقتي هي ملاكك
ما أن استمع لكلمة " ملاك " حتى جالت بباله عدة صورة مشوهة مرت بسرعة بذاكرته أغمض عيناه يحاول فهم ما يحدث وما تلك الصور التي تظهر له بتفاوت خاصة عندما يستمع لكلمات يبدو أنها كانت جزء هام من ذاكرته المفقودة ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بعد فترة ..
كانت "كارما" قد أبدلت ملابسها بقميص نوم بيتي قصير لتسمح للهواء بترطيب الحرق البسيط في قدمها بسبب الطعام الساخن الذي طالها حين سكبه "زين" ..
خرجت من غرفة نومهما للبهو الجناح لتحضر الماء بعدما شعرت بجفاء حلقها ودوار خفيف يداهمها خمنت أنه بسبب بكاءها المستمر وقلة طعامها هي الآخرى ..
أخرجت زجاجة الماء من الثلاجة الصغيرة الملحقة بالجناح شربت منها قليلاً حتى ارتوت ثم وضعتها في الثلاجة مرة أخرى .. وقفت أمام الثلاجة متمسكة بها مغمضة العينان تحاول الثبات امام الهجوم المتكرر من الدوار ..
نظرت نحو بطنها بألم وقد سقطت دمعة أرادت التحرر فوق وجنتيها المشتعلتان بلهيب حارق يسيطر على قلبها .. مسدت على معدتها وهي تحاول تجاهل غصة بكاء جديدة بحلقها سبينتهي الأمر بها بالانهيار .. و حالها الآن لا يسمح بذلك .. لن تستحمل انهيار جديد فوق جسدها المتعب .. سارت بتعب حتى وصلت للفراش .. نظرت له لثوانٍ ثم أمسكت وسادتها و اتجهت ناحية الأريكة استلقت عليها بتعب ثوانٍ و ذهبت في نوم عميق بعد هجوم كبير من الأحداث التي أدت لإنهاء نطفة صغيرة كانت تنتظرها بقوة ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
دلف للداخل .. دون وعي منه بحثت عيناه عنها كعادتها كل يوم لاستقباله .. وقع نظره على جسد صغير ممدد على الأريكة .. ساقته قدماه لهناك دون إرادة منه .. وقف ينظر لها وهي تنام بعمق شديد عيناها مغلقة بسلام تظهر على ملامح وجهها أثر بكاءها .. شملتها نظراته حتى توقفت عند ساقيها .. لفت انتباه تلك البقعة الحمراء التي تستقر على ساقها .. ابتلع ريقه بألم وهو يشعر بألمها بعدنا خمن أن ذلك أثر الطعام الساخن الذي طالها حينما سكبه .. نظر لساقيه واستوقفته جرح يتوسط ساقها سيترك أثر بالتأكيد يظهر عليه أثار دماء علم أن ذلك الجرح كان سبب تلك الدماء التي افترشت الأرض والتي سببها هو زجاجة حادة اخترقت ساقها عندما تحطمت الأطباق الزجاجية .. ابتعد عنها عندنا شعر بتململها بنومها فتحت عيناها ببطء وهي تتأوه بألم .. اعتدلت عندما رأته يخلع ملابسه ويبدو أنه عاد للتو .. تجاهلت كل حديث يردد بداخلها ثم تحدثت بصعوبة دون النظر لها : عايزة أروح عند بابا زيارة
نظر لها وهو يراها تخفض رأسها تتجنب النظر إليه .. تحدث بجمود : لأ .. النهاردة لا
نظرت له بحزن .. أبعد عيناه عن ملقى أعينها المعاتبة له و تابع إبدال ملابسه وداخله عدة أفكار من جهة حديث "أدهم " ومن جهة أخرى هي .. رفض ذهابها لبيت والدها ليجعلها تتحداه فيراه سبباً لإبعادها عن حياته السيئة تلك .. لا يقدم لها إلا الأذية لا يفعل شئ سوى إحزانها وجعلها تبكي .. ربما عندما تعود ذاكرته سيكون هناك حدث آخر .. ولكن متى ..! متى سيتخلص من تلك الوصمات السوداء التي تلطخ حياته ؟ هذا ما وجهه لنفسه .. نظر ناحيتها وجدها تعود للنوم دون اي محاولة منها لمجادلته .. تنهد بعمق ثم اتجه نحو الفراش يتمدد عليه عله ينام يهرب من تأنيب ضميره ومحاكمة جلد الذات .. أما هي لا قدرة لها على مجادلته لا بأس تنام الآن في محاولة منها لتخلص من الدوار الذي يصيبها وآلام جسدها وغداً سيكون هناك قرار حاسم لعلاقتهم ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في الصباح ..
كانت تجلس في بهو الفيلا تتبادل الحديث مع "وفاء" كعادتهم بعدما قدمت على اجازة من عملها منذ حادثة "زين " ماعكر مزاجها هو مجيئ "مايا" ، ألقت السلام بعجرفة وجلست على الأريكة المقابلة ل"كارما" تشتعل بالغيظ والغيرة .. ف"كارما" استطاعت ان تحصل على محبة الجميع حتى والد" زين" بعدما كان يرفض وجودها اصبح يتقبل وجودها ودائماً ما يجلسون سوياً ، تنهدت "كارما" داخلها بضيق شديد وهي تشعر ان تلك المرة لن تستطع السيطرة على أعصابها ... أكملت حديثها مع "وفاء" متجاهلة اياها ، ازدادت الجلسة مرحاً خاصة عندما عادت "سارة" من جامعتها ومجيئ الفتيات .. استأذنت "وفاء" لترتاح قليلاً قبل عودة الرجال تذكرت عندما اصر "زين" على الذهاب معهم للشركة رغم علمه بأنه فقد ما تعلمه للعمل في الشركة بعيداً عن الطب أثناء حادثه .. ابتسمت "كارما " وهي تسمع الفتيات يتحدثون عن حفل عقد قرآن " سارة " و " آدهم "
حتى قطعت "مايا " حديثهم وهي تقول : الا قوليلي يا كارما عرفت انو باباكي كان مش غني أول حياته
لتتبع حديثهابضحكة سخيفة .. حاولت "كارما" التماسك وهي تجيب سؤالها بسؤال آخر بهدوء شديد ومستفز : يهمك الموضوع بحاجة ؟
لتكمل بتوعد شديد وصوت هادئ يبث من ثناياه الرعب :
اياكي تتطاولي بالكلام عني او عن اهلي عشان ساعتها هنسى انتي مين
تحدثت مايا بغل : هتعملي ايه يعني ؟ هو انت فاكرة انو انا مش عارفة انتي اتجوزتي زين ليه ؟ اكيد عشان الفلوس
لتضحك ضحكة مستفزة وتكمل حديثها غافلة عن مصيرها بعد تلك الكلمات : ايه الي يخليك ترجعي لزين وهو مش عايزك ، حرام خليها تعوض الي باباها حرمها منه
ثم همست بصوت وصل ل"كارما" والفتيات : ناس بيئة ..
كانت "سارة" على وشك الرد تلك المرة لكن اوقفتها "كارما" عندما همست لها : سيبيلي انا الطلعة ديه
لتبتسم لها "سارة" مشجعة توجهت "كارما" ناحية "مايا" بخطوات بطيئة وهي تقول بهدوء مرعب : شوفي البنت البيئة هتعمل ايه دلوقتي !
ما أن انهت حديثها حتى كانت تجذب شعر "مايا" بقوة وتلقي بها أرضاً ، انحنت ناحيتها وهي تزيد من جذب شعرها : انا قلتلك سيرتي انا وعيلتي ما تجيش ع لسانك الوسخ ، صح ؟
لتكمل بصراخ وقد كانت الصدمة حليفة الفتيات اللواتي لاول مرة يروا تلك الناحية من شخصية كارما : صح ؟
كانت "مايا" تصرخ من الألم فلم تتوقع ما يحدث .. لتتفاجأ ب"كارما" تصفعها بشدة قائلة بغضب جحيمي :
انا وعيليتي خط احمر بالنسبالك فاهمة ،اياكي تنغري اني درست بباريس وكده ، لما تغلطي بيا وبأهلي هنسيكي انتي تبقي مين
لتكمل بصراخ متماثل مع مجيئ الشباب الذين تابعوا الموقف كالآتي "مايا" ملقاه ارضا تصرخ و"كارما" تجذب شعرها بقوة وهي تصفعها وتتكلم بغضب جحيمي لأول مرة يروه ف"كارما" دائماً هادئة و توزن الامور بحكمة وبعد مرض "زين" علموا ان لها طاقة صبر كبيرة .. يبدو ان "مايا" قد بالغت تلك المرة .. ليسرع "زين" نحوها يرفعها من خصرها بعيداً عنها ولكنها كانت منفصلة عن الواقع فتلك ال"مايا" اصرت على ان تظهر "كارما" ذلك الجانب من شخصيتها فهي ليست بضعيفة هي هادئة فقط كيف لها العيش في باريس تلك المدينة الباردة المخيفة لتلك الطفلة التي تقبع بداخلها لكانت سُحقت حقاً لابد من تَكوُن شخصية جديدة لتأقلم مع الغُربة ، لكنها حافظت على الطفلة التي بداخلها ... كانت لاتزال توجه ل"مايا" الصفعات وتزيد من جذب شعرها تريد تلقين تلك الحية درساً لن تنساه حتى لا تفكر في ذكر عائلتها مرة اخرى ، لكن سرعان ما تجمدت حين عادت للواقع على فحيح صوته في اذنها سرت قشعريرة في جسدها حين قال : ولا حركة زيادة.. كل ده مش هيعدي بالساهل يا كارما
همدت حركتها تماماً كأنه القى بكلمة السر عليها التفتت نحوه لتتحول تعابير وجهها من الغضب الجحيمي للبرود قائلة : انت صح كفاية عليها كده
لتحرر ذراعه المقيد لخصرها بهدوء و تتجه ناحية والده تقبل رأسه وتقول بهدوء واحترام : انا اسفة يا عمي عشان الي حصل في بيتك
ثم حولت نظراتها لباقي الشباب : وبعتذر ع صوتي العالي لتكمل ببرود وهي ترفع يديها ببراءة : بس مش آسفة للي حصل لمايا هي السبب تستاهل الي حصلها
تحدث زين بجمود : طلعي فوق على الجناح وانا هحصلك
لتومأ بهدوء وتصعد لجناحها ببراءة كأنها لم تفعل شئ وهي تعلم ان "زين" لن يمر ذلك مرور الكرام ....
في الأسفل ما ان صعدت "كارما" حتى توجهت "سارة" وساعدت "مايا" على الجلوس على الأريكة .. جلس الجميع حتى 'وفاء "التي هبطت على صوت صراخ "مايا" وتفاجأت ب"كارما" وفعلتها .. ووجه "زين" حديثه ل"مايا" التي تبكي قائلاً بجمود : انا عايز اعرف قلتيلها ايه عشان تعمل فيكي كده
تحدثت "مايا" بدموع وهي تدعي الطيبة والبراءة : وانا هقلها ايه يعني انت ما شفتش ازاي هجمت عليا زي المتوحشة
ليصرخ "زين" بغضب : لا يا شيخة ، انت بتستعبطي على مين يا بت
رأت "سارة" ان "مايا "ستكمل كذبها لتقول بسخرية : ااه مايا كانت قاعدة مؤدبة عشان كده كارما ضربتها .. انا هقلك يا زين الي حصل
ابتسم "أدهم" على انفعالها ونبرة السخرية بصوتها .. ثم استمع لها وهي تسرد الموقف كاملاً وافقتها الفتيات بكل كلمة
اقترب "زين" من " كارما " وقال بصوت مرعب : حسابك لسا مخلصش ، كفاية اليوم الي عملته كارما .. تسلم ايديها والله
انهى كلماته وصعد الى جناحه بينما نظرت "مايا" للجميع وجدت نظرات الشماتة والغضب تملأ اعينهم .. استأذنت بتوتر وهي تقول : أنا هطلع ارتاح شوية كده
توقفت وهي تستمع لصوت عمها يصدح بقوة : اعتبري انه دا آخر تحذير ليكي .. غلطتي بمرات ابني الي معزتها من معزة ابني .. نهاية الطريق دا مش كويس يا مايا .. اعتبري دا آخر كلام
ابتلعت ريقها بتوتر بالغ عندما فهمت ما يقصد ثم غادرت مسرعة تشعر بألم يحتل رأسها بقوة أثر ما فعلته " كارما " بها ..
تناول " سليم " صغيرته من " نور " يقبلها بحنان .. بينما جلس " أدهم " لجوار " سارة " ينظر لأثر " مايا " بغموض ثم ارتسمت ابتسامة خبيثة على ثغره محدثاً ذاته : شكله جاه الوقت يا صاحبي ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
فتح الباب وجد "كارما" تقف امام النافذة الكبيرة تغمض عيناها غافلة عن مجيئه .. اقترب منها بسرعة جذبها من ذراعها لتلتفت ناحيته قائلاً بغضب : انا عايز تفسير منطقي للحصل تحت ، انتي عارفة لو ما كنتش جيت بالوقت المناسب كان عملت ليها عاهة مستديمة
ابتلعت غصة القهر بحلقها منعت دموعها من التحرر فلم تنتهي المواجهة بعد ، قالت ببرود : ما عنديش تفسير منطقي هي غلطت وانا عاقبتها
اشتعل الغضب بعيناه من برودها فهي تتحدث كأنها لم تفعل شئ : عاقبتيها ليه !! مالكيش راجل تشكيله ؟ ما عندكيش كبير !!
تود ان تقول بأن كبيرها مات سندها.. حبيبها ..زوجها.. مات مع شخصية زين الجديدة .. استطاع بتلك الفترة تحويل كل لحظاتهم السعيدة لأخرى حزينة ، لن تنسى ... لن تنسى ابداً ...
حاولت ان تتخطاه فإذا بقيت هكذا حتماً ستنهار ، كانت تتوقع ان يحتويها باحضانه ، ان يُطمئنها ، ان يُشعرها بالأمان .. ليته بقي طيف مجهول ..ليت .. وليت .. وليت ..
عندما وجدها تحاول تخطيته زاد من ضغطه على ذراعها يوقفها مكانها قائلاً بغضب : رايحة فين ؟ انا مش بكلمك !
قالت٩ وهي تحاول فك ذراعها من قبضته : انا مش عايزة اتكلم
الجحيم تحتضن عيناه .. اصبحت حمراء .. برزت عروق رقبته .. بدا مخيفاً للغاية لأول مرة تراه هكذا قال : هو ايه الي مش عايزة تتكلمي ؟ هو انا باخد رايك ؟ انتي ايه ها انتي ايه ؟ منين جايبة كمية البرود ديه منين ولا كأنك كنتي هتقتلي بني آدمة تحت !!
رأى الخوف بعيناها ترك ذراعها والتفت معطياً اياها ظهره و قبض على يديه بقوة حتى ابيضت مفاصله يحاول السيطرة على أعصابه ،التفت ناحيتها بسرعة عندما قالت بجمود : انت تكسب يا زين ..
تطلع لها بعدم فهم .. أكملت بانهيار وهي تصرخ : انت تكسب يا زين ، عملت كل حاجة عشان تخليني اكرهك برااافو انا بكرهك يا زين
لتكمل بصراخ ودموعها تتساقط بشدة : انا غلطانة اني رفضت الطلاق ، كنت الحضن الدافي ، كنت حاجة الحلوة بحياتي خلاااص كل ده راااح .. عملت كل حاجة عشان اكرهك ، كنت استناك تنام وابكي من الجفا طول الليل، ضحيت براحتي وسعادتي عشانك ، عمري ما استحملت حد يزعقلي او يزعلني وانت عملت كده وانا استحملت منك عشان بحبك ... انت تكسب انا كرهتك يا زين ..طلقني ...
أكملت بصراخ والانهيار يتمكن منها بشدة : بنت عمك الي جيت تزعقلي عشانها هي السبب بفقدان الذاكرة بتاعك ، هي الي دلقت زيت ع الدرج عشان توقعني انا ، وجت فيك ..
لتمسح دموعها بعنف وتحاول تهدئة ذاتها قالت بجمود : خلاص هي دي النهاية ، انت تكسب كرهي ليك ، طلقني
غادرت الغرفة بل الجناح بأكمله نزلت الدرج وجدت الجميع يجلسون ببهو الفيلا ماعدا "مايا" يبدو انها غادرت
نظر لها الجميع مستغربين هيئتها الباكية اتجهت لها "وفاء" بخضة : مالك يا كارما ؟
لم تحتمل اكثر من ذلك غادرت الفيلا بسرعة وكأن شبح يطاردها ، ركبت سيارتها وانطلقت بسرعة لا تعلم اي وجهتها ، تريد ان تهرب منه .. من عشقه الذي يقيدها كسلسال يكاد ينهي حياتها .. تهرب من كل شئ وأولاً هو ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في الاعلى ..
التجمت الصدمة لسانه لم يستطع التحدث .. بكائها ... انهيارها .. معاناتها بسببه .. تحملها ... صبرها ... واخيراً طلبها الطلاق ...
لم يتذكرها بعد لكن خلال الفترة التي قضاها بجوارها .. اهتمامها به .. صبرها وتحملها على حديثه اللاذع .. فيبدو انها طفلة صغيرة .. لكن تلك الطفلة جعلت لحياته لون مختلف .. كانت محقة بكل كلمة ، جاهد لجعلها تكره مازال ذكرى جده مسيطرة عليه ليس بالهين ان ينسى .. ان يتخطى .. لكن تلك الفاتنة استطاعت ان تنسيه ارادت ان تريه الحياة بعيناها ... عيناها الجميلتان التي اوقعته بغرامها منذ اللحظة الاولى عندما راها بالمشفى ... يبدو ان "زين" كان محقاً بحبها ... لا بل له كامل الحق بأن يعشقها ...
لايعلم لما غضب عليها هو يعلم انها لن تفعل ذلك عبثاً ، قضى معها فترة ليست بهينة استطاع ان يرى شخصية تلك الصغيرة الفاتنة .. هو على علم ان "مايا" تستحق ما حدث لها بسبب لسانها السليط ..صرخة هزت ارجاء الفيلا خرجت منه تعبر عن ضيقه الشديد لما فعل : كااااارما
اراد ان تأتي له على عجلة كما تفعل ، تقف امامه بوجهها الجميل ، تأخذه بأحضانها ، تربت عليه بحنان ، تهتم به
تخفف عنه ...
تردد بداخله جملتها " خلاص هي دي النهاية ، انت تكسب كرهي ليك ، طلقني " لا لن يسمح بذلك ابداً ..
القى كل ما يوجد على المنضدة على الأرض تناثر الزجاج ارضاً متهشماً ك حال داخله ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في الأسفل ..
كان يجلس الجميع صامتين فهم قد سمعوا صراخ "زين" ولكن "عبد الرحمن" منع أن يتدخل أحد قائلاً بحزم : "اقعدي يا وفاء مكانك هما أحرار "
ولكن عندما هبطت "كارما" بهيئتها الباكية انتفضت "وفاء" ناحيتها محاولة معرفة ما حدث لكنها خرجت مسرعة كأن شبحًا ما يطاردها ، نظرت "فرح" ناحية "ياسين" وقالت بدموع : كارما ما تستاهلش كل ده
تنهد "ياسين" بعمق وهو يعلم أن أخيه يمر بفترة صعبة لكنه يرفض الاستسلام لقلبه ويجعل عقله يسيطر عليه .. نظر "عبد الرحمن" بشرود لهيئة " كارما" الباكية ولصراخ "زين" الذي وصل لمسامع الجميع في الأسفل .. عقد حاجبيه بتفكير وقد اتخذ قرار نهائي لتلك المهزلة فقد تطورت الأمور بعدما ظنوا أنهم سيطروا على الأمر .. لكن هيهات لذلك طالما يوجد دخيل بينهم يدعى الماضي الذي سيقضي على ما تبقى منهم ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
ظلت دموعها تتساقط وصرخاتها ترتفع كأنها تخرج الألم من داخلها ، اوقفت سيارتها أمام البحر تتابع عيناها حركة المياه المتراقصة وقلبها يشكو كمداً مما يعانيه ....
توقفت أنفاسها وهي تتذكر صراخه وغضبه ..شعرت بقيد الحزن يُقيد قلبها بسلاسل لهيب تحرقها تتمنى أن تتحرر يومًا من عشقه الذي سيهلكها لا محالة ...ارتفع رنين هاتفها انتبهت إلى اسم المتصل الذي يزين الشاشة لتجد أنه "خالد" ..خاب ظنها بأن يكن هو حتى وإن لم تكن لتجيب لكن كان هناك أملًا ، جففت دموعها وحاولت ألا تظهر نبرة الحزن بصوتها وأجابت بهدوء : ألو يا خالد
سمعت نبرته الحنونة التي دائمًا ما يحدثها بها وهو يقول : ازيك يا كوكي ، عاملة ايه يا حبيبتي ؟
جاهدت ألا تبكي ولكن خانتها نبرتها عندما قالت :
الحمد لله يا حبيبي ، ازيك انت وبابا وماما ؟
استشعر نبرتها الباكية وهي تجاهد عدم البكاء ليسألها بلهفة : مالك يا كارما ، انت بتعيطي ؟
لم تستطع الصمود لتتدحرج دموعها على وجنتيها وترتفع شهقاتها وهي تحاول إخراج صوتها لتنفي ما يقول : لا..مش بعيط ولا حاجة
أجاب باصرار تلك المرة وهو يشعر أن القادم ليس بهينٍ :
انت فين يا كارما ؟
اجابته بمكانها بالتحديد أغلق الاتصال بعد أن اخبرها أنه قادم وان لا تتحرك من مكانها .. فحالتها لا تسمح لها بالقيادة وستكون معرضة للخطر .. ابتسمت بحب رغم ما تحمله من آلام ضغطت بيدها على موضع قلبها محدثة ذاتها : خلاص آخر وجع ما فيش بعده ولا هيكون فيه
وصل "خالد" في وقت قياسي فعندما سمع نبرتها أجزم أن ما بها ليس بهينٍ أبداً ، بحث بعينيه عن سيارتها حتى وجدها تقف على بعد أمتار عنه اتجه لها وجدها تنظر للبحر بشرود تام ووجهها ملطخ بالدموع لم يفكر لثوانٍ ركب بجانبها وجذبها لأحضانه بقوة ، ما أن استشعرت دفئه حتى بدأت بالبكاء من جديد ، تركها "خالد" تفرغ ما بداخلها حتى هدأت وتيرة بكائها رفع وجهها وهو يقول : هديتي ؟
أومأت برأسها وهي تشير بيدها على قميصه الذي تلطخ بدموعها : أنا آسفة
قبل رأسها وهو يقول : إيه الي يخلي حبيبتي تعيط بالشكل ده ؟
نظرت له وهي تقول بكذب : مفيش أنا كنت مخنوقة شوية
حاوط وجهها بكفيه وهو يقول بحنان : كل ده عشان مخنوقة شوية !! مالك يا كوكي قوليلي يا حبيبتي
أرادت التهرب منه لتقول : مفيش والله يا حبيبي أنا كانت مضغوطة شويةو اتخانقت مع زين وشدت بينا شوية
يعلم أنها تكذب ولكن لم يرد أن يضغط عليها ، نظرت له ببراءتها المعهودة وهي تشعر برأسها يكاد ينفجر لتقول وهي تمسك رأسها بألم : راسي بيوجعني يا خالد عايزة أنام
قبل خالد رأسها وهو يقول : سلامة راسك يا حبيبتي ، تعالي مكاني عشان أسوق ونروح وأنا هبعت حد ياخد عربيتي
أومأت له بصمت و تولى هو القيادة بينما هي تستند برأسها على النافذة ولم تشعر بنفسها وهي تغط بنوم عميق تحتاج لبعض الراحة من ذلك الهجوم المتتالي من الأحداث ... تابعها "خالد" بأعين حزينة على تلك الجميلة التي لم تفقد ابتسامتها الا بعد حادث "زين" ، تنهد بحزن على هذان العاشقان توقع أن تتبخر تلك العُقد وينتصر القلب على العقل تحت لعنة ! ... تُسمى لعنة العشق .. لكنه يبدو أن ما حدث لزين لم يكن بهيناً أبداً واستطاع عقله التغلب على قلبه لا يعلم عواقب ذلك .... لن يصمت بعد ذلك فتلك الحالة التي رأها بها اليوم كانت أشد وتيرة لتلك الفترة العصيبة ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
حملها بين يديه برفق ثم ممدها على فراشها بحنان .. قبل جبينها ثم نزع حذائها وحجابها لتستطيع الحصول على قسط من الراحة بعمق .. كاد بالذهاب لكنه انتبه ليدها التي اشتدت على كفه ابتسم بحنان ثم جلس لجوارها يمسد على شعرها بحنان .. نظر لملامحها الباكية وبشرتها الشاحبة .. شدد على كفها برفق ثم همس لجوار أذنها : متستهليش حاجة زي دي أبداً .. طيبتك الزايدة أذتك لازم تتعلمي درس عشان المرة الجاية هتكسرك
فك قبضة يدها حول كفه بلين ثم تجاهل نظرات والدته المنتظرة حديثه لسبب حالتها تحدث باختصار: هي تعبانة شوية سيبوها نايمة دلوقتي .. عمر خليك جمبها متتحركش أبداً
أومأ " عمر " برأسه وهو ينظر ناحية " كارما " بحنان يغلفه الغموض .. نظر ل " خالد " بنظرة بادله "خالد" إياها تصحبها غمزة خفية توحي بظهور الشخصيات الداخلية لهم .. تحدثت حنين بقلق : تعال يا خالد فهمني إيه إلي حصل ؟
تحدث خالد بسرعة : مفيش حاجة يا أمي .. هي تعبانة شوية .. أنا هروح مشوار دلوقتي ضروري وبس ارجع نبقى نتكلم .. خدوا بالكم من كارما .. زي ما فهمتك يا عمر
ثم غادر مسرعاً بتحاهل نداء والدته .. ركبت سيارته وهو يشق الطريق بسرعة عالية حتى وصل لوجهته .. احتلت نظراته الشر .. رنّ الجرس ثم انتظر لثوانٍ حتى فُتِح الباب .. دلف للداخل وجد الجميع يجلس حول نظره حولهم حتى وجد غايته اقترب من " زين " الي يهبط الدرج متجاهلاً تحيتهم ونظرات الدهشة حليفتهم ثم تحدث بصوت عالي : اسمع يا زين الكلمتين دول
نظر له 'زين" بهدوء .. بينما تابع " خالد " بغضب يظهر على ملامحه بقوة : لما جيت طلبت إيد كارما وافقنا عشان كنا عارفين اننا هنعطيها لراجل يحافظ عليها .. وثقنا فيك واعطيناك بنتنا واحنا عارفين انك مش هتخذلنا .. هتاخد بالك منها ومتزعلهاش .. لكن أنا أختي تيجي معيطة ومقطعة نفسها عياط وتتحمل وتصبر عشان خاطرك و المقابل منك تزيد من جبروتك دا بدون ما تراعي حالتها ومحاولتها إنها تساعدك عشان ترجعلك الذاكرة .. انا مبلومش اختي لانها عملت بالأصول وقفت جمب جوزها في ضيقته .. رغم رفضك ليها ولوجودها بحياتك ..انت كذبت الكل وقلت انك مش متجوز وانت قطعت نفسك عشان تاخدها .. انا عاذرك وعارف انه فقدان الذاكرة حاجة مش سهلة .. لكن اختي مش لعبة بايدك يا زين باشا ..
ثم صاح بغضب جعل شهقاتهم ترتفع بصدمة : اختي كانت حامل وسقطت يا زين باشا .. خسرت ابنها عشانك .. خسرت ابنها من الحالة النفسية الزفت و تعبها .. انت هتطلق كارما يا زين ودا اخر كلام ..
ثم صاح بغضب وهو يغادر المكان متجاهل ملامح الصدمة المرتسمة على وجوههم : ورقة طلاق اختي توصلني يا زين ودا آخر كلام
لم يكن هنا .. هو في محاكمة قوية حُكِم عليه بالإعدام .. تجاهل كل ما حوله وما داخله من عتاب وتأنيب ضمير وحزن ومشاعر مختلفة وصوب تركيزه على كلمة واحدة "حامل " تلك الصغيرة كانت تحمل طفله وهو .. لم يستطع نطقها رغم ان ذلك أفكار فحسب .. اتجه نحو والدته التي تنظر للجميع بهدوء تُحسد عليه .. ثم تحدث بقوة : انت كنتي عارفة انها حامل ؟
لم تبدي أي ردة فعل لثوانٍ ثم أومأت برأسها وهي تقول بهدوء : ااه
نظر الجميع لها بصدمة ثم تحولت نظراتهم جميعاً ل " عبد الرحمن " عندما تحدث قائلاً : خلص إجراءات الطلاق يا زين وابعت ورقة الطلاق لكارما ..
شهقات متتالية خرجت من النساء بينما شهقته هو أشعلت قلبه بنيران تلتهب بقوة ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
انتهى البارت ..

أنا تعبت جداً بالبارت دا وأظن واضح .. طول النهار بجهز فيه ياريت يكون في تقدير لتعبي 💔

توقعاتكم ؟

مايا بتستاهل القتلة الي اكلتها 😂 اتمنى تكونوا انبسطتوا بهيك قتلة ليها 😂😂😂
شو رأيكم بتصرف خالد ؟ 💛
انتوا مع كارما ولا مع زين ؟؟! 💛

اضغطي ع نجمة ❤👇🏻

دمتم بخير 🥰

الطيف المجهول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن