كان يجلس أمامها كطفل مذنب يحاول أن يشرح لها سبب ما هو عليه ، يحاول أن يجعلها تتخلى عن صمتها القاتل بالنسبة له ، تنهد بعمق شديد وهو يقول بحزن :
طب مش هتسأليني ليه ؟ أو إيه الي حصل ؟
أشاحت بوجهها للجهة الأخرى وهي تقول : مهما كان الي حصل ، ازاي تخلي الحزن يسيطر عليك ، ليه ؟.
تحدث بخفوت : انت ما كنتيش معايا عشان تلوميني ، أنا مريت بحاجات صعبة أوي أوي
أجابته بحنان : مين قال إني ما كنتش معك ، أنا دايماً جمبك ، أنا مش عارفة إيه الي حصلك بس كان لازم تعرف إني أنا عمري بحياتي ما هسيبك ، أنا موجودة هنا ..
قالت جملتها وهي تشير بيدها ناحية قلبه لتتابع بحزن : بس شكلك انت نسيتني
أجاب بلهفة : عمري ما نسيتك ابداً ، أنتي مش عارفة انتي بالنسبالي إيه
ابتسمت بسعادة أثر كلماته ، بدأت تقص له أشياء غامضة لأول مرة لا يستوعب حديثها بينما هي تشير بيدها بحركات غريبة وتردد كلمات غريبة لم يفهم مقصدها ، قطع كلماتها المبهمة وهو يقول : مش هتقوليلي اسمك بقا ؟ طب فرجيني وجهك يا ستي حتى
اختفت من أمامه فجأة بعدما انتهت من حديثها الغامض ، حزن للغاية لكنه سمع همسها يقول بخفوت والسعادة تُبَثُ من ثنايا صوتها : قريب أوي يا زين هتعرف كل حاجة ، خليك عارف أن قلبك الي هيعرفني .. أنا جاية .. قريب أوي أوي
صدح صدى صوتها في المكان وهي تردد كلماتها الأخيرة وتختفي تماماً ، سمع أحد ما ينادي باسمه بصوت عالي وجسده يهتز ، فزع من نومه بشدة وهو يرى "سارة" تحاول إيقاظه ، ما زال أثر منامه يرافقه استند برأسه وهو يقول : إيه يا سارة في إيه ؟؟
سارة بضيق : باقيلي ساعة بصحي حضرتك ! كل ده نوم ؟
زين بعدم فهم : مش فاهم عاوزة إيه برضو ؟
اعتدلت بجلستها على الفراش وبدأت تثرثر بالحديث كعادتها : ماما قالتلي أصحيك عشان الغدا ، بعدين انت ازاي ما تجيش تشوفني أول ما جيت من الشركة أنا استغربت لما ماما قلتلي إنك جيت ، هو أنا مش مهمة بالنسبالك
ابتسم وهو يرى ملامح وجهها الحزينة المصطنعة وقال : هو دا الي مزعلك أنا آسف يا ستي بس جيت كنت تعبان أوي وماما قالتلي إنك بغرفتك قلت أكيد بتذاكري
مسد على شعرها ثم قبل وجنتيها وهو يقول : خلاص يا سوسو ما يبقاش قلبك أسود كده
ابتسمت له ولم تستطع الصمود أمام حنانه لتقول بابتسامة : خلاص مش زعلانة ، يلا ننزل نتغدا
نهض عن الفراش اتجه إلى الحمام توضأ وأدى فرضه ثم التفت نحو "سارة" التي ما زالت تجلس على الفراش تعبث بهاتفها منتظرة إياه للنزول سوياً ابتسم بمرح وقال : شايفك مرتاحة يعني ولا كأنها غرفتك
اتجهت له وهي تقول بغرور : طبعاً غرفتي
رفع إحدى حاجبيه بسخرية ، لتكمل بابتسامة :
مش الغرفة دي بتاعتك يبقى بتاعتي
ابتسم وقال : ثبتيني ، يلا ننزل
أمسكت يده وهي تقول ببراءة لا تليق بها في هذا الموقف : زينو
ابتسم بسخرية على اللقب الذي تناديه به وقت حاجتها لشئ ، ابتسم لها ابتسامة صفراء وهو يهبط الدرج : نعم
قلبت شفتيها بطفولة ونظرت له بأعين بريئة مصطنعة : ممكن تاخدني معاك مشوار النهاردة ، أنا بقالي أوي ما طلعتش من البيت معاك
ابتسم لها بحنان وهو يقول : بس كده عنيا ليكي
ابتسمت له بسعادة أفلتت يده وأكملت درجات الدرج بسرعة وهي تكاد تطير فرحاً تسرع نحو والدها تخبره وتطلب الإذن منه ، ابتسم داخله بشدة وهو يرى سعادتها تمنى لو يأتي أحد ليسعده هكذا مر بذهنه فتاة أحلامه ابتسم ، جلس على المقعد المجاور لسارة وهو يراها تثرثر كعادتها بسعادة ابتسم عليها وهو يشاركها حديثها عهِد داخله أن يسعدها دائماً ....
~~~~~~~~~~~~~~~~
جلست سمر على الفراش بينما الملابس تنتشر حولها بفوضوية كبيرة ، تنهدت بيأس لا تدري أيهما ترتدي غداً ، فغداً سيكون أول يوم عمل لها مع "خالد" وعند ذكر اسمه بدأت ذاكرتها بإرجاع تلك المواقف التي رأتها فيه ربما لا تتعدى العشر مرات ، لكنها تعلم أنه شخصية صارمة ، قطع شرودها تلك العاصفة التي دلفت للغرفة بفوضويتها المعتادة ...
مكة بصراااخ : سمر ، تعالي شوفي المسألة دي مش ...
قطعت حديثها عندما رأت الملابس على الفراش لتقول بصدمة : إيه دا ؟!
صاحت سمر منزعجة وهو تقول بصوت حانق : بشوف هلبس إيه بكرة
أردفت ببلاهة وغباء : ليه ؟ انتي رايحة فين بكرة ؟
زفرت بحنق من تلك الغبية : رايحة ع الشركة مع آبيه
ضربت جبهتها بتذكر ثم اتجهت نحو الفراش وهو تقول بجدية مصطنعة : لا إذا كان كده نقعد نشوف هتلبسي أيه بكرة تغور المسألة أهم حاجة مظهرك العام لأول يوم عمل أمال
تغاضت سمر عن حديثها ولم تُرد أن تجادلها فقالت بحماس : طيب يلا شوفي معايا
لم تخلو الجلسة التي استغرقت ساعتين من مشاكسة مكة وهي تعرض الملابس لسمر بطريقة دبلوماسية مضحكة كالبائعين في المحلات ، بينما سمر تضحك عليها و تقوم بإرتداء الملابس مستمعة لرأيها ، مستمتعة بتلك الجلسة الأخوية المرحة ...
مكة بدرامة وهي تقف وتحمل إحدى قطع الملابس بيدها : بصي حضرتك دي مفصلة ليكي ، زي ما بقولك كده ، قيسيها يا ستي ومش هنختلف ع السعر ، المحل وصاحبة المحل ع حسابك
ضحكت سمر بشدة وهي ترتب آخر قطعة من الملابس داخل الدولاب بعدما اختارت ما سوف ترتديه غداً بمساعدة المشاكسة التي أضافت جو مبهج ومرح ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وقف أسفل الدرج متذمراً ، ماذا تفعل كل ذلك الوقت بالأعلى ، جعلته يندم أنه وافق على اصطحابها برفقته ، تطلع لساعته بملل وهو يرفع صوته ينادي عليها للمرة الخامسة وترد عليه من الأعلى تتذمر وتردف أن المتبقي لها قليل ، تهكم داخله بسخرية ؛ قليل ! ، ارتفع رنين هاتفه أخرجه من جيبه وأجاب تحدث لدقيقتين مع صديقه إلى أن وجدها تهبط الدرج وهي تدندن بلحن غنائي بصوت عالي :ما تيجي هنا و أنا أحبك & عشان أعيش على حسك & حبيبي ده أنت الدنيا & و أنا أموت لو غيري يمسك
ضم أصابع لجوار بعضها بحركة تشير للصبر وهو ينهي اتصاله ، أشارت له بيدها وهي ما زالت تهبط الدرج بمعنى لا مبالاة وأكملت غناءها : ما تيجي هنا خد فكرة & ده أنا بالنسبالك بكرة & أستاذة فى الدنيا مذاكرة &كمل روحك ده أنا نصك
أنهى اتصاله واتجه نحوها بقوة عادت درجتين للأعلى بخضة وهي تقول بخوف : طول بالك يا باشا
أردف بسخرية وهو يقف على أولى خطوات الدرج : ليه ؟ أنا عايز أخد فكرة
قالت بتلعثم : لا .. ابقى خدها بعدين .. دلوقتي عايزين نخرج يلا
هبطت آخر الدرجات وهي تقف بجانبه تشبك كفها الصغير بكفه الواسع ، نظر لها بتعجب فوجدها تنظر له بابتسامة وهي تشير بيدها بمعنى" تفضل " تنهد من تلك المشاكسة وشدد على كفها وهو ع أتم استعداد بأن يُضحي بما يملُك لأجل تلك الصغيرة ، خرجت مبتسمة سعيدة بحنانه الذي يغدقها به ، الآمان التي تشعر به بوجوده هو وأخوتها وأبيها ، فالعائلة أشبه بالملاذ في عالم ليس له قلب ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في المساء .. كانت تجلس بجواره على الأريكة تستند برأسها على كتفه ، رغم سكون حركتها لجواره إلا أن داخلها يعُم بالفوضى ، لم تنتبه لأي مشهد من مشاهد الفيلم المعروض على التلفاز ، عضت على شفتيها بتوتر يكاد التوتر ينهش خلايا جسدها بلا رحمة .. رفعت رأسها عن كتفه فستشعر برودة في جسده التفت نحوها وجدها تعض على شفتيها وتفرك يديها بتوتر واضح ، مسد على وجنتيها وهو يقول بحنان : مالك يا فرحتي ، عايزة تقولي إيه ؟
نظرت له بدهشة كيف علم أنها تريد التحدث ، علم ما يدور بذهنها ليضحك وهو يقول : أنا بعرفك أكتر من نفسي يا فرح ، من حركة ايديكي عرفت إنك عايزة تقولي حاجة ، عايزة إيه ؟
أمعنت النظر به وهو لا تعلم من أين تبدأ .. بداخلها العديد من الكلمات الغير مرتبة .. هي نفسها لا تعلم ما بها كيف لها أن تشرح و هي لا تعلم ! ، وجدها تنظر له بشرود حاول أن يعرف ما يدور بذهنها لكن حركتها ونظراتها الثابتة لم يستطيع ، دفعها برفق في يدها وهو يقول بقلق : مالك يا فرح ؟
فاقت من شرودها وبحر أفكارها الذي يتضمن أسوء الكوابيس وآلاف السيناريوهات ، انتبهت له وهي تقول بتلعثم : هاا ولا حاجة .. مش عايزة أقول حاجة
جذبها بإصرار داخل أحضانه ، وهو يمسد على شعرها صعوداً وهبوطاً يحاول بث الآمان داخلها ، ما أن جذبها لأحضانه حتى هدأ جسدها من حركاته المتوترة تمنت لو يستطيع ذهنها أن يهدأ لثوانٍ فقط ، استشعرت آمانه وحنانه الذي يغدقها به وهو يتمتم بكلمات حنونة .. أغمضت عيناها بسلام تغض في نوم عميق بين ذراعيه وهي تستشعر آمانه ، شعر بجسدها يرتخي بأحضانه ليخمن أنها نامت ، تمنى لو يعرف ما يدور بذهنها لعله يحميها من أفكارها التي ستؤذيها ، يريد يخبرها أن دائماً سندها في ظل هذا الهجوم المتتالي من الأفكار ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أشرقت الشمس تبث أشعتها لتنثر الدفء داخل القلوب ... يحمل هذا الصباح بين طياته مجهول غامض .. ربما ستكون شمس اليوم أولى خطوات تحرير القيود التي تحتجز القلوب وتأسرها باليأس و الحزن .. صدح صوت المنبه في أرجاء الغرفة فتح عينيه بنعاس شديد فبعد عودته أمس من الخارج برفقة المشاكسة لم تكتفي ثرثرة لتأتي مساء أمس وتثرثر حتى منتصف الليل ، نهض من الفراش بكسل شديد وهو يتوعد لتلك الثرثارة على ثرثرتها التي لا فائدة لها طوال الليل ، اغتسل وأدى فرضه ، تألق بحلى زرقاء اللون ، ونثر عطره وخرج من الغرفة ، نزل للأسفل وجدهم على وشك الافطار ، جلس على مقعده بعد أن أدى تحية الصباح ، مالت عليه وهي تقول بشقاوة : صباح الخير يا باشا ، أتمنى تكون نمت كويس
التفت لها وقال بتوعد : حسابك بس أجي هطلعه جرب ع بدنك
ضحكت بصوت عالي وهي تغمز له بشقاوة ، تفقد جيبه لم يجد هاتفه استأذن وصعد ليحضر هاتفه من الأعلى ، مال عبد الرحمن على وفاء وقبل رأسها وهو يقول : صباح الخير
لتضحك بحب ممزوج بخجل ، قالت سارة بشقاوة : مش كده يا بابا لاحظ انو في سناجل معاك
لتكمل بهيام مصطنع : ااه امتي يجي بقى الفارس الي حصان أبيض
: بتقولي حاجة يا سارة يا حبيبتي
آتى صوت من خلفها بغيظ مكتوم ...
التفت بخضة وهي تقول : ايه ده سليم ..وحشتيني والله
ابتسم وهو يدخل يقترب من مكان جلستهم بعدما آتى للتو من الخارج وهو يقول : اه اه عارف
ابتسمت وهي تقول بجدية مصطنعة : طبعا لازم تكون عارف ، لأنو أكيد الفارس قرب يجي
: ومالو يجي يا حبيبتي وانا هقطعلك رجليه
كان ذلك صوت "زين" الذي آتى من الأعلى بعدما أحضر هاتفه وسمع كلماتها ، اختبأت خلف والدها وهي تقول بضحك : خلاص يا وحوش مش قصدي
اقترب منها" ياسين "وهو يقول : تعالي يا حبيبتي وانا أقلك قصدك إيه ؟
تشبثت بسترة والدها وهي تقول بصراخ : يا باابااا
تدخل "عبد الرحمن" بابتسامة : كفاية رغي ويلا عشان نفطر
جلسوا على مقاعدهم ، لم تستطع ان تصمت لتقول بمشاكسة لياسين وسليم : انتوا مرتاتكم طردتكم ولا إيه ؟
ضحك "زين" بصوت عالي وابتسم عبد الرحمن بينما وفاء شهقت وهي تقول : سارة عيب
تحدث ياسين بمكر : سيبيها يا ماما ، انا هعرفها مين يجبلها شوكولاتة بعد كده
ضحكت سارة وهي تقول : هو أنا ليا غيرك يا حبيبي انت
نظر لها "زين" بسخط وهو يرفع إحدى حاجبيه بسخرية من تلك التي لا تركض إلا خلف مصلحتها ، انتبهت لنظراته لتقول بابتسامة غبية : وانت كمان حبيبي والله
لتتابع بجدية : لا بجد ليه جيتم لوحدكم ؟
تحدث سليم بهدوء : عشان النهاردة سنوية الشركة وهنروح كلنا سوا
ابتسمت بمكر وأردفت بجدية بعد أن أخفت مكرها : سنوية شركة الجارحي يبقى أنا لازم أحضر
التفت نحوها الثلاث شباب ينظرون لها بفم مفتوح وملامح باهتة ليقول ياسين بعدم فهم : تحضري إيه ؟
كادت أن تفلت ضحكاتها على منظرهم لكنها تماسكت وأكملت بجدية : اجتماع سنوية الشركة
أجاب الثلاثة بنفس الوقت بصوت غاضب : نعم يختي !؟
انتفضت بفزع وهي تراهم على وشك قتلها لتقول بخوف : بهزر إيه مبتهزرش يا رمضان
نهض "سليم" وهو يلتقط هاتفه ومتعلقاته يردف بتهكم : هو دا الي كان ناقص تيجي بين الرجال
أيده كل من "زين" و"ياسين" بينما "وفاء" تنظر لهم بتسلية وهي تعلم أن تلك المشاكسة ستنهي حياتها يوماً ما بسبب أفعالها ، أما "عبد الرحمن" نظر لهم بفخر وحب وهو يرى خوف وغيرة أبناءه ، نهض بعد أن ودع زوجته وخرج وخلفه أبناءه الثلاثة وتلك المشاكسة لتذهب لكليتها ، أوصل "سليم" "سارة" لكليتها ولحق بوالده وأخوته للشركة لعقد اجتماع سنوية الشركة التي تشهد كل عام على مدى الجهد المبذول للمحافظة عليها وستشهد ذلك العام على حضور إحدى أفراد عائلة الجارحي بصفته له دور في الشركة ليس مجرد طبيب له الحق فيها ....
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
تنهدت للمرة المائة بصمت ، وهي تتأمل الغرفة من حولها بملامح خالية من أي تعابير لم تستطع النوم طوال ليلة أمس ، تشعر بقلق شديد ربما خوف أو راحة .. تنهدت بيأس هي لا تعلم بما تشعر ، قلبها يؤلمها بدأت الأفكار تعصف بها ، هل أصاب صغيرتها شئ ، ازداد انقباض قلبها استغفر ربها ونفت احساسها فاقت من شرودها على صوت المنبه ، استغفرت ربها ونهضت لتيقظ عائلتها ، التفت ناحية زوجها وجدته ينظر لها انتفضت بفزع : انت صاحي ؟
أجاب بهدوء وهو يستند على الوسادة خلفه : ااه باقيلي شوية كده ، أنتي كنت سرحانة بإيه ؟
نفت برأسها وهي تقول : ولا حاجة ، بس قلقت شوية ومعرفتش انام
ربت على يدها بحنان : مالك يا حنين ؟انت باقيلك اكتر من ربع ساعة سرحانة وناديت عليك أكتر من مرة مردتيش
تنهدت بعمق وهي تقول : مش عارفة قلقانة يمكن عشان مكلمتناش كارما اليومين دول
ربت على شعرها بحنان وهو يقول : إن شاء الله خير يا حبيبتي ، أول ما تزبط الشبكة عندها هتكلمنا
وجد الصمت ما زال يسيطر عليها ليقول بمرح : إيه مش هتفطرينا ولا إيه ؟
نهضت مسرعة وهي تقول : لا ثواني ويكون الفطار جاهز
ابتسم لها وقبل رأسها بحب وهو يقول : تسلم إيدك مقدماً
ابتسمت بحب ممزوج بخجل وهي تغادر الغرفة تيقظ أولادها ليستعدوا ليوم جديد ، ابتسمت بسعادة داخلية على قدرته على انتشالها من دوامة قلقها وصمتها ....
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
ترجلت من السيارة برفقة أخيها لتدلف للشركة تستقبل أول يوم عمل لها ما أن خطت أولى خطوات لداخل الشركة حتى قبضت على كف سامر بتوتر و رهبة ، استشعر سامر توترها ، فطبيعتها ليست اجتماعية هذا ما زاده موافقة على مجيئها ، لتتعامل مع الناس لعل قشرة التوتر والرهبة تنكسر لديها ، شدد على كفها الصغير وضمها لجانبه وهو يقول بمزاح لتخفيف عنها :
تعالي أعرفك ع أكبر سفاح فيكي يا بلد
ضحكت على تشبيهه وسارت معه ، صعدت المصعد وكلما صعد صعدت حدة توترها حاولت تهدأت نفسها ، أخذت نفس عميق ، تركها سامر تفرغ عما بداخلها ، وصل الطابق المنشود سارت عدة خطوات حتى توقف أمام باب خشبي كبير مزخرف ، أمامه مكتب صغير وعدة رفوف كبيرة تحتوي العديد من الملفات وبعض الأنتيكة التي أعطت المكان منظر رائع ، وجدت فتاة تجلس خلف المكتب تعمل على عدة ملفات بهمة ونشاط ، قطع تأملها صوت سامر وهو يلقي بتحية الصباح على الفتاة لتقف سريعاً وهي ترد التحية باحترام : صباح النور يا بشمهندس ، انتبهت لجسد سمر الصغير التي تقف خلف سامر علمت أنها ليست زوجته ، لأنها تعرف "ريم" جيداً ،لتقول بلطف : صباح الخير يا آنسة
ردت سمر بخفوت : صباح النور
حولت "مرام" نظرها ل "سامر" وهو تقول بعملية : المهندس خالد مستنيك من بدري ، طلب مني أول ما تيجي تفوت عنده
أومأ لها سامر وجذب سمر خلفه ودخل المكتب ، شدت سمر على كفه وشعرت بأنها ستلقي مصيرها اليوم من فرط التوتر ، سرعان ما دخل سامر المكتب حتى تحول ملامحه من الجدية للمرح لم تستغرب سمر لأنها تعلم جيداً شخصية أخاها
سامر بمرح : صباح الخير يا خلود
رفع خالد رأسه عن الملف الذي بيده و ابتسم بيأس من تصرفاته ورد التحية ببرود : صباح النور
جذب سامر سمر من خلفه وهو يقدمها لخالد بطريقة مضحكة : اهي سمر يا سيدي ، أشطر سكرتيرة فيكي يا بلد
ابتسم خالد وقد لاحظ توترها وقال بهدوء : صباح الخير يا سمر إزيك ؟
ردت بخفوت وهي تشعر بالكلمات هربت منها : صباح النور
تحدث خالد ببرود : طب يلا انت مع السلامة
أشار له سامر مستنكراً : انت بتطردني يا معفن وانا جايلك مخصوص ع مكتبك
نظر لساعته وجد أنه سيتأخر عن الاجتماع فأشار لخالد وهو يقول بسرعة : طيب انا هروح ألحق الاجتماع وأبقى أكمل كلامي بعدين
اتجه نحو "سمر" وقبل وجنتيها بحب وهو يقول : خدي بالك من نفسك يا حبيبتي وانا هجيلك بس أخلص شغلي
أومأت له بينما "سامر" اتجه نحو الباب وقبل أنا يخرج غمز ل "خالد" خفية وهو يشير بعينيه إلى "سمر" حرك "خالد" رأسه بإيماءة وهو يطمئنه بعينيه ، خرج سامر مسرعاً
بينما "سمر" بقيت واقفة كما هي ، أشار لها "خالد" بالجلوس على الكرسي ، تقدمت ببطئ وجلست على المقعد أمامه ليقول بعملية : طبعاً سامر قلك انه هتشتغلي مكان مرام الفترة دي ، أهم حاجة تكوني قد المسؤولية ، دلوقتي هتطلعي لمرام هتعلمك كم حاجة أساسية كده
أكمل بمرح : ااه حاجة كمان معادنا الساعة ٨ الصبح أخوكي المتخلف دا ملكيش دعوة بيه ابقي تعالي لحالك لأنه بيجي الساعة ١٠ البيه
أومأت له بهدوء وبدأ يناقشها بعدة مواضيع ليقلل من حدة توترها ويجعلها تتعامل معه بعفوية ، الى أن انتهى ووجد لديها كفاءة عملية جيدة لكنها محاطة بغلاف التوتر، ربما كما نجح في تخفيف حدة توترها ، سيعلن على قلبها الحصار ، ربما لا ! ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
هبطت الطائرة القادمة من ميناء "باريس" الجوي تحط عجلاتها فوق الاراضي المصرية بداخل الميناء الجوي ب"القاهرة "....تعلن عن عودة الغائب المشتاق لوطنه ...
عادت لمصر عادت إليها ذكريات الأعوام الماضية تهاجمها بضراوة بعدما اصبحت من مواطني "باريس " باردين القلوب مثلِ لون بشرتهم البيضاء الباردة عادت ليشتعل قلبها بلهيب الوطن الحارق ...
اول اشتعال بقلبها ألمها على اهلها لم تراهم لسبع سنوات كاملة لم تخطو قدماها ارض الوطن منذ ان رحلت .. سبع سنوات مضت نأت بنفسها بعيداً عنهم لتخطو اولى خطواتها لتحقيق حلمها وحلم ابيها
هي اليوم فخورة بكل الصعاب التي واجهتها .. فخورة بانها اصبحت طبيبة .. فقد كانت دائماً تردد : " الطب هي المهنة الوحيدة التي تجاهد باستمرار لتدمير سبب وجودها "،سارت قليلاً مستمتعة بالهواء الدافئ والطيف الملازم لها يحتضنها بقوة شديدة عن احتضانه لها في "باريس" كانه يوجه رسالة ب "أنا هنا " لتلف يديها الصغيرتين حولها وهي تزيد من احتضان نفسها كانها تبادله احضانه ...اوقفت تاكسي بعد ان اعطته العنوان لتتنهد بعمق وهي تخبر ذاتها بأنها على حافة الطريق للوصول الى نهاية البُعد ...الليلة فقط ستنام بعمق شديد يحتويها آمان ابيها وحنان والدتها لتغفو بسلام داخل احضانهم ... تخطو اولى خطوات اللقاء ... ربما هذا اللقاء لن ينتهي بوداعٍ مرة اخرى .. لا تعلم ما ينتظرها في موطنها ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في المساء ..
بعد عدة ساعات ..
وصلت إلى بيتها لتقف أسفل العمارة الأنيقة المزخرفة بالحجر القدسي تُنيرها تلك الأضواء تزامناً مع حلول مساء اليوم .. تنظر بحنين وشوق كبير وعيناها تلتمع بالدموع .. أهذا حقيقة ؟ هي الآن امام بيتها ! .. على بعد خطوات قليلة لاحتضان أبيها وأمها وأخواتها ...
تساقطت دموعها بشدة لا تصدق ... مسحت دموعها ودخلت العمارة وسارت إلى أن وصلت المصعد .. صعدت المصعد وهي تحمل حقائبها لحين وصولها للطابق المنشود ...سارت إلى أن وصلت أمام باب الشقة ... ما يفصلها عن عائلتها جدار واحد فقط بعد أن كانت تفصل بينهما مُدن وأميال ....
ارتفعت دقات قلبها .. يتراقص قلبها بشدة مشتاق للآمان المفتقد .. تشتاق لأبيها كثيراً .. تشتاق لأمها مالكة الجنة تحت اقدامها .. تشتاق ولأخواتها كلٌ باسمه .. تشتاق لهم جميعاً تشتاق لكل شئ .. سقطت دموعها بشوق .. لتمسح دموعها وتدق الجرس ..
ثانية اثنتان ربما ثلاثة لا تعلم كم من الوقت مر عليها ... فُتح الباب ... الجمته الصدمة اختلطت مشاعره ما بين الحب والاشتياق .. وجدت عمر ينظر لها بصدمة كبيرة ودموع متلألأة بعيناه ....
لتقول بحب شديد والدموع تعرف الطريق الى وجهها : وحشتني اوي اوي يا عمر
وكأنها القت اليه كلمة السر ليهرول إلى أحضانها يحتضنها بشدة وهو يرفع قدماها عن الأرض وهو يقول بصوت متشحرج لا يستطيع التعبير عن ما أصابه لا يستطيع التصديق أن من أمامه كارما .. أخته .. تلك الطفلة الجميلة .. اصبحت طبيبة فاتنة .. :
وحشتيني اوي اوي يا كوكي .. انتي بجد ولا ده تهيؤات ؟
لتبتعد كارما قليلاً وعيناها مليئة بالدموع : لأ جد يا قلب كوكي
سمعت صوت من خلفها يصرخ باسمها لتلتفت لتجد والدتها تحتضنها بقوة تبكي بأحضانها لتتلقها كارما بصدرٍ رحب ، تشدد من احتضانها ... تريد أن تفرغ لها عما يجول بخاطرها فقد اشتاقت لها كثيراً.. اشتاقت لتقول لها كل شئ .. لتعبر عن ما يزعجها ... اشتاقت لنصائحها.. اشتاقت لكل شئٍ معهم ... هاهي قد عادت وسيعود معها كل شئ ...
حنين ببكاء وهي تنظر لكارما : وحشتيني اوي اوي... ما تبعديش تاني
لتبعدها عن احضانها ودموعها تغرق وجهها الجميل وتقول : وانت كمان يا ماما وحشتيني اوي اوي ... انا رجعت اهو ومش هابعد تاني
لتجد ابيها مازال ثابتاً في مكانه لتذهب اليه وتقف امامه وهي تقول بنبرة اشتياق شديد وتتساقط الدموع من عيناها : ايه يا بابا مش هتسلم عليا ؟
ليجذبها ابيها بقوة ويحتضنها وهو يمسح دموعه وهو يقول بحب شديد : وحشتيني اوي اوي يا حبيبة قلب بابا .. لتشدد من احتضانه و تستشعر الامان المفتقد .. تستكين داخل احضانه لدقائق مستمتعة بالحنان الذي يغمرها ... لتشعر بمن يجذبها بقوة من أحضان أبيها ويحتضنها .. علمت من هو عندما همس بأذنها : وحشتيني .. وحشتيني يا روح قلب اخوكي
لتشدد من احضانه وتنهار بالبكاء .. أين كان عقلها عندما ابتعدت وهجرت ذلك الآمان والحب ؟!
لتحتضنه بحب وتبتعد وتقبله على وجنته وتقول : وانت وحشتني اوي اوي يا خالد يا حبيبي
لتلتفت عندما سمعت صوت خافت يناديها لتجد ريم تقف والدموع تكتسح وجهها الجميل وادم يقف بجانبها والدموع تملئ عيناه ... لتذهب لهم تحتضنهم بشدة و هي تقول : وحشتوني اوي اوي يا حبايبي ...
بعد مرور الوقت ...
بعد الكثير من الاحضان الدافئة التي احتوتها بحب شديد ... والعبارات التي تظهر مدى اشتياقهم ....
جلست كارما داخل احضان ابيها تحتضنه بشده وهو يربت على رأسها ...ويتبادلوا الحديث لتسأل ريم :
طيب ليه يا كارما قلتِ انك جاية بعد شهر ؟
كارما : عشان تكون مفاجأة ، ها ايه رايكم ؟
ليقول آدم : احلى مفاجأة يا كوكي والله كنت وحشانا اوي
لتقول كارما وهي على وشك البكاء : وانتو كمان والله
لاحظ خالد عيناها الممتلئة بالدموع وهي على وشك البكاء من جديد ليقول بحنان : قومي يا كوكي خدي شور وغيري هدومك وتعالي
لتقول كارما : ااه ياريت بس لو حد منكم يدخلي الشنتة بتاعتي الغرفة
ليقف عمر ويقول : تعالي يلا ادخلك اياها
لتقوم كارما وهي تقول : هاخد شور سريع وأرجع نقعد سوا
لتذهب إلى غرفتها المشتركة مع أختها و وضع عمر الحقائب بالغرفة وغادر لتستطيع اخد شور مريح لجسدها فهي تشعر بتعب شديد ولكن لا يهم فيكفي انها في بيتها مع عائلتها ... لتتناول ملابسها من الحقيبة و تأخد حمام ساخن يزيل اثر التعب المتراكم وترتدي احدى البجامات البيتية وتترك شعرها الطويل منسدل على ظهرها بنعومة ...
وتخرج تجدهم مازالوا جالسين....لتجد حنين تخرج من المطبخ تحمل صينية مليئة بالطعام الشهي ليقف خالد ويتناولها منها ويضعها على الطاولة
لتقول حنين : تعالي يا كوكي يا حبيبتي كلي اكيد زمانك جعانة
لتقول كارما بحب وهي تشعر بأن قلبها يكاد يقفز من السعادة و الاهتمام :
لا يا ماما يا حبيبتي انا كلت في المطار قبل ما اجي .. خلاص سيبيه ولما اجوع هآكل
لتومأ لها والدتها وتجلس بجانبها .. ليغمز لها عمر وهو يقول بشقاوة : بس ايه الحلاوة ديه يا كوكي
ابتسمت بخجل برئ وهي تقول : عينيك الحلوة يا عمر
ليجلسون سوياً بجو مليئ بالمرح والسعادة ومشاكسة عمر وريم وهم يتحدثون بأمور كثيرة .. الابتسامة لا تفارق وجوههم .. ضحكاتهم تملئ المكان وهم يتابعون كارما وهي تتحدث عن مواقفها في " باريس " ...
لتمضي الليلة في جو مليئ بالسعادة والبهجة ويُنزل الليل ستائره ليذهب كل منهم لينام وتأخد كارما قسط من الراحة على وعد أن يكملوا حديثهم غداً ....
لتذهب إلى سريرها تندثر بالغطاء تحتضن الوسادة ليأتي طيفه ويحتويها بأحضانه لتزيد من احتضان وسادتها وكأنها تبادله احضانه وتغفو بسلام ..
غافلة عما ينتظرها .. ربما حقيقة ذلك الطيف تكمن في عودتها لموطنها ...ومن هنا تبدأ الحكاية !!
.....
انتهى البارتكيفكم يا حلوين ، بدي خبركم شي حلو ، بما أنو ما في امتحانات وخلاص إجازة ف بفكر أصير أنزل تلات أيام بالأسبوع بدل اتنين عشان ألحق أخلص الرواية بسرعة وأبدا بشي جديد ، بعدين حاسة انو ليجي معاد البارت التاني بتكونوا نسيتوا الأحداث ف هيك أحسن 🥰🥰
بس استنوا اخبركم متى رح نبدا عشان أكون ماشية معكم
رأيكم بالبارت ؟ 🌝
اضغطوا ع النجمة ❤👇🏻
أنت تقرأ
الطيف المجهول
Mystery / Thrillerإلى أين ؟ إلى المُستقبَل البعيد ، إلى عينيك ، إلى مكتبة برفوف عتيقة تحملنا بين طيات سُطورها ، ومن ثُم لأحضان رواية تُمثلنا بتلك التفاصيل ، تروي أحداث كثيرة وتفاصيل مثيرة .. حيث تتضمن بأنه لا يمكن للوقت أن يمر بدونهما وتتوسطهما أفكار كثيرة دون أن يع...