رفع عينيه بصدمة من وجودها بغرفته وبهذا الوقت من الليل ، جذبها من ذراعها بغضب وهو يقول : بتعملي إيه هنا ؟
وكأن شجاعتها قد تبخرت ، انمحت مخططاتها عندما رأت نظرة الغضب بعيناه ، أجابت بارتباك واضح : ولا حاجة انا كنت جاية أقلك .. أقلك انه
نفض ذراعها بقسوة وصرخ بها وهو يقول : انه إيه ؟ انت مبقاش ليكي كلام معي
اقتربت منه وهي تقول بحزن مصطنع : انت ما نستش يا زين ؟ قلتلك وقتها انا كنت صغيرة ومش عارفة بقول إيه
ابتسم بتهكم وهو يقول بسخرية : صغيرة إيه وعندك 22 سنة ! أنت ملكيش كلام معايا اتفضلي برا
تحدثت باندفاع : انا مش فاهمة انت مكبر القصة كده ليه ، قلتلك مكنش قصدي بالكلام الي قلته ، دا قضاء وقدر
جذب خصلات شعرها بقوة وهو يقول بصوت مخيف : هو انتي تعرفي يعني إيه قضاء وقدر ، دمرتي عيلة كاملة ، وبتقولي مش قصدك ، انت أحقر من اني ابص بخلقتك اتفضلي برا ومتفتحيش الموضوع دا تاني لأنه لو على العتاب انا شايل ومعبي وممكن انفجر فيكي
ترك خصلات شعرها بينما هي نظرت له لثوانٍ نظرات تملئها الحقد وخرجت سريعاً ، اصطدمت ب "سارة " التي نظرت لها بدهشة وهي ترى حالتها المزرية و خصلات شعرها المبعثرة ، علمت أنها عبثت بدفاتر الماضي ، دلفت لجناح "زين" وجدته يجوب الغرفة ذهاباً واياباً بغضب اقترب منه وهي تقول : مالك يا زين ؟
بقي على حالته و الصمت إجابته ، سألت بحذر : انت لسا فاكر يا زين ؟
انتفض بغضب وهو يصرخ بينما الجحيم تحتضن عيناه واستطاعت تلك ال"مايا " أن تثير غضب ذكريات لم يستطع الزمان محيها ليتخطاها هو صاحب الشأن : عيزاني انسى ! انسى إيه وأنا مكنتش واعي بعمل إيه ، حملت نفسي ذنب أنا مليش فيه ، أنسى إيه وكلامها الي زي السم كان السبب عشان شوية فلوس ، انسى إزاي و هما كانوا حياتي ، أهو جدك مات و جدتك مقدرتش على فراقه ، مقدرتش تعيش ببلد هو مش موجود بيها بعد ما كان حسه مالي البيت
ارتفعت وتيرة أنفاسه ، جلس على الفراش بتعب ، تنفس بعمق بعدما استطاع التخلي عن الماضي عادت تلك الغبية تفتح وتنبش بذكريات آبت الحياة ان تمنحه قدرة النسيان ، مسحت "سارة " تلك الدمعة التي أشعلت نيران قلبها بلهيب حارق ، اقتربت منه سريعاً تحتضنه بكل ما آوتت من قوة ، دون أن تهمس بشفة كلمة ، خرجت من أحضانه وهي تقول بمرح في محاولة منها لتخفيف حدة الأجواء : سيبك من كل ده ، قلي هتلبس إيه بكرة وانت رايح للعروسة
سرعان ما ارتسمت ابتسامة على ثغره ما كاد بالاجابة حتى قاطعته بحماس ولهفة وهي تقول : متوصفلي إياها أكيد انت شفتها صح
أومأ برأسه لتصرخ بحماس : يلا اوصفلي إياها ، طويلة ولا قصيرة ، بيضة ولا سمرا ، ملامحها إيه ، طيب طول شعرها ..
قاطعها وهو يقول بضحك : إيه حيلك حيلك إيه كل دا
صرخت برجاء : امانة يا زين توصفهالي متشوقة اشوفها بجد ، حلوة ؟
ابتسم وهو يقول : طيب كفاية صراخ
تابع وهو يتحدث بشرود بينما صورتها لا تفارق مخيلته : حلوة أوي أوي
ابتسمت "سارة " وهي تقول بنبرة درامية : يا عيني وإيه كمان ؟
ضربها بخفة على وجهها وهو يقول : برا يا سارة يلا عايز انام
لوت شفتيها بضيق وهي تقول : آه يا خويا ما انت خلاص هتتجوز البت القمر دي وتنساني ، اخدتني لحم ورمتني عظم ، حسبي الله بس
نظر لها بسخرية ثم تحدث بجدية : برا يا سارة عاوز انام يلا
ابتسمت بخبث وهي تغادر الغرفة ما أن وقفت ع أعتاب الباب حتى صرخت بمرح : هيهيهي عيني يا باشا ، اوعدنا يارب
ارتفعت ضحكاته عليها ثم اتجه إلى فراشه ينوي الخلود للنوم سريعاً ، عله يلاقها في منانه فقد اشتاق لها بشدة لا بأس غداً سيراها و سيستطيع أن يتحدث معها بحرية ، ابتسم بحماس كطفل ينتظر ليلة العيد ، سرعان ما دق النوم أبواب جفونه حتى سقط في نوم عميق يتخلله منام جديد للتلك الجميلة بحكاية جديدة و نهاية مجهولة ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في الصباح ...
وصل أمام بيت صديقه ، وضع يديه فوق الجرس وقبل ان يضغط عليه فتحت "وفاء " الباب ابتسم وهو يقول بمزاح : إيه دا القلوب عند بعضها
بادلته الابتسامة وهي تقول بهدوء يتخلله عتاب بسيط : ما هو واضح دا انت بقالك جمعتين مجتش عندي وبالآخر القلوب عند بعضها
رفع " أدهم " احدى حاجبيه و هتف : دا انتي زعلانة مني
جذبته "وفاء " من مرفقه لداخل المنزل وهي تقول : مش وقت عتاب ، انت جاي لزين مش كده
اومأ برأسه وهو يقول بغيظ : ااه ابنك يومين بحاله مبيسألش عليا
ابتسمت على حديثه وهي تقول : معلش اعذره هو مشغول بقصة الخطوبة وكده عقبالك يا حبيبي
وقعت عينيه على معذبة قلبه وهي تهبط الدرج فهتف بشرود : إن شاء الله
اقتربت " سارة " من مكان جلستهم وهي تقول بخجل : إزيك يا آدهم ؟
رد بنبرة عاشقة حاول أن يُخفيها بهدوءه : الحمد لله
هزت رأسها بايماءة بسيطة ثم تابعت تسأل والدتها بطفولة : ماما هو أنا ممكن اروح مع زين النهاردة
حركت "وفاء " راسها نافية وهي تقول : لا النهاردة هيروح باباكي وزين بس واذا حصل نصيب هخليه ياخدك
حركت رأسها بخيبة أمل وهي تقول بحزن : كان نفسي اروح معاهم عايزة اشوفها يا ماما
ابتسمت والدتها وهي تقول : المرة الجاية تبقي تشوفيها
ثم تابعت لأدهم الذي يتابع حديثهم بهدوء ظاهر لكن نيران قلبه لعشق تلك المشاكسة تكاد تحرق المكان : هو انت تعرفها يا آدهم ؟
اومأ وهو يقول : آآه دكتورة عندنا بالمستشفى
ابتسمت وهي تقول : طيب البنت كويسة ؟
قاطعتها "سارة" التي قفزت لجوار "أدهم" مع المحافظة على مسافة بينهما وهي تقول بحماس : سيبك يا ماما من كل دا البت فلة ، اوصفهالي يا ادهم بليز
ابتسم " أدهم " على فضولها وهو يقول بخبث محاولاً إثارة غيرتها كفتاة : عادي بنت زي كل البنات هي بس حلوة حبتين تلاتة كده
سمع صوت يصرخ باسمه بغضب التفت وجد "زين" ينزل الدرج ويبدو أنه قد سمع كلماته ، ابتسم بمكر وهو يقول : العريس جه اهو
ثم قام متجهاً نحوه وهو يصافحه ويقبل وجنتيه بالتناوب بمرح وهو يقول : ألف ألف ألف ألف مبروك يا أبو أدهم يا بركة
كان "ادهم" يقبل وجنتيه بالتناوب مع كل كلمة يقولها ابعده زين وهو يقول باستغراب : أبو أدهم مين ؟
عدل "أدهم" من ياقة قميصه وهو يقول بغرور : انت ، بكرة تخلف ولد قمر كده شبه امه وتسميه ادهم
جذبه " زين " من ياقة قميصه من الخلف بغضب وهو يقول : تعال افرجيك هيطلع قمر لمين
ثم تابع لوالدته التي تشاهد ما يحدث بتسلية : اعمليلنا يا ماما قهوة بعد إذنك وهاتيها الجنينة برة
ثم جذب " أدهم " خلفه بغضب وألقاه على المقعد بقوة وهو يقترب منه بشدة وقال بفحيح مرعب : عارف ياض لو سمعتك بتجيب سيرتها هعلقك فاهم
ابتسم "ادهم" بتسلية أثارت غضب "زين" وهو يقول بمكر : بركاتك يا شيخة كارما ، إيه يا زينو بتغيري يا بيضة
لكمه "زين " بقوة في كتفه بينما ارتفعت ضحكات "ادهم" بقوة على مظهره فيبدو وكأنه مشتعل ، كاد "زين" بالاقتراب منه مرة أخرى لكن توقف عندما استمع لصوت "أدهم " يصرخ بمرح : تعالي يا فوفو شوفي ابنك المفتري بيعمل إيه
التفت "زين " وجد والدته تحمل صينية عليها فناجين القهوة ، اتجه لها وتناول منها القهوة وهو يقول باحترام : تسلم إيديكي يا امي ، ليه غلبتي حالك كان بعتيها مع سارة
ابتسمت بحب وهي تقول : مفيش غلبة ولا حاجة يا حبيبي
ثم تابعت تقول ل "أدهم" الذي جلس على المقعد يشرب القهوة ببرود وهدوء : اعمل حسابك يا ادهم غداك النهاردة عندنا
اجاب ادهم بمرح : أكيد انا بقالي اسبوعين مكلتش كويس
نظر لزين ثم تابع بخبث : هتغدا و هتحلى كمان
تحدث زين بسخرية : ما تبات عندنا
اجاب ادهم بجدية زائفة : لا مش للدرجادي ، انا ممكن اجي معاكم عند كوكو أما ابات لا معلش اعذروني
سألت "وفاء" باستغراب وهي تراقب ملامح وجه زين الجحيمية : مين كوكو
ابتسم "ادهم" بخبث وهو يقول : كنتك يا فوفو ، عروسة الواد زين انما إيه ..
لم يكمل حديثه الا ان انتفض يركض في ارجاء الحديقة وصوت ضحكاته تعلو بصوت مرتفع و "زين" يركض خلفه و هو يتوعد له ، ابتسمت " وفاء " بمرح وعادت للداخل بينما سقط "ادهم " على الأرض وهو يحاول السيطرة على ضحكاته و يقول بصعوبة : خلاص يخربيتك مش قادر
تنفس "زين" بعنف وهو يجلس لجواره على الأرض ويجاول تنظيم انفاسه ، انتبه ل" ادهم " وهو يتحدث بجدية : سيبك من المسخرة دي وقلي أبوك وافق إزاي وليه كان رافض
تحدث "زين " بعدم معرفة : معرفش ،احنا كنا بنتعشى وهو قال كده لما سألته ما تكلمش
ثم تابع بلامبالاة : أنا مش قلقان من ابويا وسبب رفضه كان انه فكرة سفرها بس مع انها شئ عادي بس مش عارف ليه عمل كده ، أنا مش هخاف من أبويا لأنه مهما كان انا ابنه ومصلحتي هتهمه كمان ، أنا قلقان من الزفتة مايا
سأل "أدهم " باستغراب : ليه مالها مايا ؟
نهض "زين " وهو يقول : هبقى اقلك بعدين تعال دلوقتي نتغدا عشان تروح بعديها مش عايز اشوف وجهك
ابتسم " أدهم " بخبث : مش هتاخدني عند كوكو معاك ، وحشتني والله ...
لم يكمل حديثه انما دلف للداخل بسرعة وهو يسمع لصراخ زين القوي الغاضب باسمه ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في المساء ...
وقفت أمام المرآه تلقى نظرة أخيرة على ثيابها ، ابتسمت بخجل فاليوم سوف تقابل ذلك العريس حسب رغبة أبيها ، ارتدت حاجبها ثم خرجت، وجدت أبيها يجلس على الأريكة لجواره يجلس أخواتها الشباب جميعاً ووالدتها ، جلست لجوار والدتها بتوتر خفي ، تحدث "آدم" بحنان : زي القمر يا كوكي ، كده هغير من العريس
انتفض "عمر" بغيرة : مين قلك انّا هنجوزها احنا بس وافقنا تقعد معه ، احنا أصلاً مش عاوزين نجوزكم لا انتي ولا ريم بس الواد سامر صعب علينا
ارتفعت ضحكات "حنين" على غيرته وهي تقول بمكر : مش يمكن توافق وتتجوزه ، ولا هو مسموح ليكم وممنوع ليهم
كاد بالحديث لكنه توقف على ارتفاع رنين الجرس ، نهض "عمر" سريعاً وهو يجذب "كارما" من يدها برفق
و أشار اليها على المطبخ : تروحى هناك ومتطلعيش الا لما اجيلك يالا.
نظرت "كارما" لأبيها وجدته يومأ برأسه ،امتثلت لأمره أما "خالد" فاتجه إلى الباب ، وجد "زين" يقف أمامه يرتدي قميصاً من اللون الابيض وبنطلون من خامه الجينز و بيده باقه ورد أنيقة ولجواره يقف والده ، ابتسم "راشد" بترحاب وهو يرحب بهم ، تبادلوا السلام بلطف لطالما تشاركوا عدة صفقات معاً فهم على معرفة ببعضهم البعض لكن دون اختلاط شديد ، تبادلت الأحاديث و"كارما" تقف في المطبخ بتوتر شديد تستمع لحديثهم ، استمعت لأصوات غريبة لكنها لم تستطع تمييز صوت ذلك العريس ، ثوانٍ ودلف "خالد" للمطبخ وهو يناديها بحنو : يلا يا كارما
نظرت له بتوتر شديد لما السرعة ؟! ، اقترب منها يمسك يدها يدعمها بقوة ،لتشد على قبضته وهي تقول بتوتر وتشير لنفسها : كده تمام ؟
اومأ لها وهو يقول : زي القمر يا كوكي ، يلا تعالي
دلفت "كارما" وكانت ترتدي ثياب مكونة من بنطلون جينز و سترة سوداء مائلة للمناسبات وعليها حجاب من اللون النهدي وحذاء ذو كعب عالي من نفس لون الحجاب ، رمقها "زين" بنظرة سريعة من أخمص قدميها وصولًا إلى وجهها، لم يستطع التعمق في ملامحها عندما رأها أول مرة ، وإلى هنا ولم يستطيع إبعاد عيناه عن ملامحها الرقيقة ، بيضاء وعيانها باللون العسلي الصافي مع انعكاس الإضاءة عليها ، أنفها اليوناني الدقيق و المناسب بشدة لملامحها الطفولية، ووجهها صافي وهادئ وخالي من أي مساحيق التجميل ، رقيقة تلفت نظر أي شخص، وبدء يسأل نفسه متعجبًا كيف لهذه الجميله أن تظل هكذا من دون أحد بحياتها ألا يوجد أحد في محيط حياتها يعجب بها أو هى تعجب بأحد، هل قلبها صافي مثل صفاء وجهها الذي يجذب الناظرين اليها !! ، لا يعلم بأنها هي من أرادت ذلك ، تطلع نحوها "عبد الرحمن" بتفحص وجد أنها تخالف أفكاره ، نفض ذلك بعيداً وتابع ما يحدث ، اما هى فجلست بخجل بجانب أبيها ، فقطع "راشد" ذلك الصمت متحدثًا : اقدملك الدكتور زين الجارحي يا كارما ، بيشتغل مع والده المهندس عبد الرحمن الجارحي
رفعت عينيها ترمقه وتلقى عليه التحية ، فاتضح إليها طوله حتى وهو جالس، وسيم لدرجه يمكنه أن يصبح رجل مافيا أو نجم سينمائي حتما ستقع الفتيات في حبه من النظرة الاولى، بداية من شعره ولونه المزيج بين العسلي والاسود ، وعيناه التى تشبه لون عيناها، فهذا هو القاسم المشترك بينهم ، ما أن وقع نظرها عليه شعرت بذلك العضو الذي يقع في الجهه اليسرى يدق بقوة .. وذلك الطيف يحيط قلبها .. لأول مرة يحيط الطيف قلبها .. حاولت أن تقوم بتهدئه نفسها و أن تتحكم في انفاعلاتها التي سوف تفضحها ...
استفاقت على حديث أبيها الذي أربكها بالتأكيد : كارما خدي زين واقعدوا بالليفنج روم اتكلموا شوية
أومأت له بصمت وداخلها ينتفض بتوتر شديد ، انتبهت له وهو يقف على قدميه لتقف بسرعة تشير بيدها بتوتر إلى غرفة المعيشة المجاورة لغرفة الاستقبال ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~
في غرفة المعيشة الواسعة جلس "زين" على الأريكة الوثيرة بينما جلست هي على الأريكة المقابلة له تنكمش على نفسها بخجل وهي تفرك يديها بتوتر شديد .. تراقصت الستائر المخملية بفعل نفحات الهواء الباردة ..هدوء خيم على المكان تخلله صوت أنفاسها العالية أراد "زين" أن ينتشلها من دائرة توترها ليقطع الصمت وهو يقول بهدوء : مش عايزة تسألي حاجة ؟
رفعت عيناها يقابلها على الطرف الآخر هو بعيناه البنية التي بثت السكينة بداخلها أجابت بخجل :
بتصلي يا دكتور ، مش قصدي انو مجرد صلاة انت بتأديها وخلاص ، انت ملتزم بصلاتك ؟
كانت الدهشة حليفته فقد توقع ان تسال شيئًا آخر ، خصوصاً عندما علم انها درست ب "باريس " توقع أن تسأل عن الماديات لكنه اجاب بهدوء :
آآه الحمد لله ، انا بصلي كل فرض وملتزم فيها
ابتسمت "كارما" وقد علمت بما يفكر :
ربنا يباركلك ، اكيد انت مستغرب من سؤالي بس أنا مش هرتبط بشخص خالف وعده من ربنا أكيد هيجي اليوم الي هيخلف وعده معايا
نظر لها بأعين تفيض باعجاب ، فهو كان قد آتى ورسم في مخيلته عدة طلبات مادية ولكنها أدهشته ، تنحنح بهدوء وسألها : عايزة تسألي حاجة تانية ؟
تحدثت "كارما" بنبرة حاولت ان تخرج هادئة رغم ضربات قلبها الموتفعة بتوتر : كان ليك علاقات سابقة مع النساء ؟
اجاب بصدق : لأ ،أنا أول مرة أقعد القعدة دي برضى من جوايا
زحفت حمرة الخجل لوجنتيها بعدما فارقتها لدقائق لتقول بخجل شديد : إن شاء الله إن حصل نصيب أنا مش عاوزة حاجة غير أنك تتقي ربنا فيا وتعاملني بما يرضي الله
ابتسم بخفة بعدما رأى خجلها وقال بهدوء وصدق :
أنا مش عايزك تخافي من أي حاجة ، أنا هعاملك بما يرضي ربنا لأني أكيد الا مش هرضاه على أختي مش هرضاه عليكي
تحلت بالشجاعة عليها أن تبوح بما بقلبها قبل فوات الآوان قالت بهدوء : أنا كنت برفض الارتباط لاني بخاف
زين بعدم فهم : بتخافي ! بتخافي ازاي ؟!
أردفت موضحة معنى كلماتها وهي تحاول ان توصل المعنى المُراد دون أن تتعدى حد لا تريد أن تتطرق إليه بحديثها :
آآه ، مش عايزة اني أتجوز وأرتبط عشان لازم اني اتجوز واني كبرت وقطار الجواز هيفتني ، او أتجوز عشان أخلف عيال يكونوا ليا سند ، أنا لما بفكر أرتبط عايزة أرتبط بشخص يتقي ربنا فيا ، تكون علاقتنا مبنية على الاحترام والمودة ، الحب مش مهم قد الاحترام ، أنا مش بحب علاقة القط والفار انا شخصية مسالمة جدًا مش بحب المشاكل والخناق يسرقوا اللحظات الحلوة الي بينا
أخذت نفس عميق وهي تشعر أنها قد اوصلت نصف المعنى المراد لتكمل بهدوء بعد ان لاحظت أنه يعطي اياها كامل انتباهه :
لو عاوز تبني أي علاقة بالذات بين شخصين أهم تلات حاجات الاهتمام والصدق والصراحة والعكس الإهمال والكذب والخيانة ممكن يهدوا أي علاقة تكون قوية بين شخصين .. الحب مش مهم بالعلاقة قد الاحترام وأنها تكون مبنية على المودة
كان ساكن ينتبه لحديثها بكل آذان صاغية وهو يرى ان معنى الارتباط لديها صحيح تمنى لو أن الجميع يفهم هذا المفهوم الصحيح ويتخلوا عن تلك المعاني الخاطئة
اجابها بحنية : مش عايزك تخافي من أي حاجة انا سبق وقلتلك إن مش هيحصل إلا كل خير ، معجب جدًا بالكلام الي قلتيه ، بجد برافو
اكتسحت ملامحها بحمرة الخجل القانية ، رأى أن الخجل سيطر عليها جاهد أن لا يجذبها لأحضانه بجمالها الفاتن فأكمل بغموض وهو يشير الى الخاتم الذي يتوسط آناملها : ممكن تديني الخاتم ده شوية ؟
نظرت له باستغراب وعدم فهم ليشير ليدها ويقول بمرح شديد : هاتيه مش هاكله هشوف وارجعه ليك
ابتسمت بخجل وحررت الخاتم من بين آناملها واعطته له تناوله "زين" وهو يتفحصه ثم وضعه باصبع يده الصغير وخلعه واعطاها اياه وهو يقول بابتسامة تزين ثغره : أهو يا ستي خاتمك حلو جدًا وناعم زيك
خجلت "كارما" من غزله الجرئ وأومأت دون ان تردف بشئ ليسألها : مش عايزة تسألي حاجة تانية ؟
نفت برأسها وهي تنظر له بعيناها الواسعة و تحرك رأسها من جانب لآخر بطفولية ،ابتسم بشدة وهو يقول:دلوقتي جه دوري أسأل
قالت بهدوء : اتفضل
نفى زين برأسه وهو يقول : انا بعرف عنك شغلات سطحية بس و لما تكلمت معاكي اليوم اخدت فكرة وخلاص وبإذن الله لو حصل نصيب لينا قعدة تانية ونعرف بعض أكتر ، أنا عايز منك حاجة ما فيش حاجة مستاهلة خوفك ، صلي استخارة وأنا منتظر ردك
أومأت له كارما وهي تشعر براحة في صميم قلبها لولهة شعرت بالطيف يحاوطها بشدة ابتسمت بخفة و خرجت معه من غرفة المعيشة لينضموا إلى الباقين في الخارج بعد ان طلب منها أن تستخير وهو ينتظر اجابتها بكل لهفة ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في الصباح ..
افترشت الشمس قلب السماء وأدلت بجدائلها الذهبية خيوط أمل تثنت على زجاج نوافذنا بغُرور تغمِز للأحلام بطرفها وتنقش حُروفاً يتلألأ نورها هُنا وهناك ... استيقظت صباحاً وهي تتمطأ بالفراش بكسل رغم انها حصلت على قدر كافي من الراحة ، فبعد مغادرة "زين" ووالده وبعد خلودها للفراش ما أن وضعت رأسها على الوسادة حتى احتضنها طيفه ك كل ليلة ولكن الليلة بشكل مختلف ، احتضنها وهو يقدم لها شعور آخر غير الآمان ، ما أن احتضنها حتى سقطت سريعاً في نوم عميق ، غادرت الفراش تتجهز ليوم عمل جديد و يوم جديد للتفكير في أمر العريس ، وقفت أمام المرآة تتأمل هيئتها شعرها الغجري المنسدل على ظهرها بنعومة ، عيناها الواسعة .. إشراق وجهها .. ابتسمت وهي تمرر الفرشاة بين خصلات شعرها برقة حتى انتهت ، خرجت من غرفتها بعدما تجهزت كلياً ، تناولت الإفطار مع عائلتها ككل صباح ، وقد أصر "خالد " على إيصالها لعملها ، غادرت السيارة عندما توقف أمام المشفى وهي تقبل خده بحب غافلة عن ذلك المراقب المتصدر لكل تحركاتها كعادته ، ما أن دلفت للمكتب حتى تجمدت خطواتها وهي ترى المكتب مزين بطريقة رائعة ويوجد على مكتبها باقة ورد كبيرة ، قادتها خطواتها للتقدم وهي تتأمل المكتب بدهشة ، انتبهت للكرت المجاور للباقة وجدت مكتوب عليه " اتمنى تكون المفاجأة عجبتك ، عايزة تعرفي مين بصي وراكي " وبتلقائية التفتت للخلف لترى الفاعل لكنها صدمت عندما رأته يجلس على ركبته أمامها ويحمل بين يديه علبة قطيفية تحتوي خاتم ذهبي رددت اسمه بصدمة وهي تقول : دكتور يحيى !!
ابتسم وهو يقول : تتجوزيني ؟!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~انتهى البارت ..
أنت تقرأ
الطيف المجهول
Mystery / Thrillerإلى أين ؟ إلى المُستقبَل البعيد ، إلى عينيك ، إلى مكتبة برفوف عتيقة تحملنا بين طيات سُطورها ، ومن ثُم لأحضان رواية تُمثلنا بتلك التفاصيل ، تروي أحداث كثيرة وتفاصيل مثيرة .. حيث تتضمن بأنه لا يمكن للوقت أن يمر بدونهما وتتوسطهما أفكار كثيرة دون أن يع...