البارت السادس والعشرون 🦋

597 42 5
                                    


دلفت للبهو الفيلا تجاوره خُطاتِه وهي تمسك بيده بقوة تشعر بحيرته الشديدة رغم تظاهره بعدم ذلك .. فقد أصر والديه على مجيئه للفيلا حتى يستطيعون الاطمئنان عليه ويعتاد على الأمر ثم إذا أرادوا العودة لبيتهم الخاص لهم حرية الاختيار .. ابتسم ابتسامة باهتة عندما تحدثت "فرح" بابتسامة : الحمد لله على سلامتك يا زين
تحدث بهدوء : الله يسلمك
اقترب منه "نور" وهي تحمل بين يديها صغيرتها وتحدثت بابتسامة : الحمد لله على سلامتك يا زين
تفاجأ "زين" عندما وجد الصغيرة قد كبُرت ثم تذكر فقدان الذاكرة تنهد بأسى وهو يبتسم ثم تناول الصغيرة من يدها وقبلها بحب شديد بينما تلمست الصغيرة وجهه بطفولة وبراءة وهي تنطق اسمه بطريقة طفولية جعلته يضحك بقوة وهو يقول : يا روح زين
داعبها بلطف شديد وهو يشعر بمشاعر مختلفة لم يستطع تحديدها ثم ناولها لوالدها وجلس على الأريكة بتعب وهو يشعر بألم شديد برأسه تابعته أعين " كارما " بهدوء ثم جلست لجواره وهي تشعر بتعب شديد أثر الضغط النفسي عليها الأيام الماضية .. تحدثت " وفاء " بابتسامة حنونة : اطلع يا حبيبي ارتاح وانا هجبلك الأكل عشان تاخد علاجك
أومأ برأسه و تحدث بجمود : مش عايزة أكل دلوقتي
وتحرك باتجاه الدرج .. ببنما نظرت "كارما" لأثره بحزن ثم ابتسمت باصطناع وهي ترى حزنهم البادي على وجوههم : متقلقوش .. هطلع اغير هدومي واجي أخد الأكل
ابتسمت " وفاء " بحنان بينما نظرت نحو الفتيات وجدت نظرات التشجيع منهم بينما نظر لها " عبد الرحمن " بابتسامة هادئة .. صعدت للأعلى تحت نظراتهم المصوبة عليها .. دلفت للجناح استمعت للصوت الماء علمت أنه بالمرحاض .. أخرجت له ملابس بيتية نظيفة ثم أبدلت ملابسها بسرعة وهي تشعر بتعب شديد تجاهلت تعبها وهي تهبط لأسفل لتحضر له الطعام
وجدت أن " ياسين " و " سليم " قد غادروا الى بيوتهم .. توجهت للمطبخ واقتربت من "وفاء" المشغولة بتحضير الطعام ويظهر على ملامحها التعب .. تحدثت برقة : هاتي عنك يا طنط واطلعي ارتاحي
تحدث وفاء برفض : لا خلاص انا هعمله ارتاحي انتي شوية
تقدمت منها وهي تمسك يدها وتحدثت بنعومة : انتي تطلعي ترتاحي الضغط دا مش كويس لصحتك وانا هعمل الأكل وأطلعه واطمن انه اخد علاجه وبعدين هرتاح
تابعت بحزم رقيق عندما رآتها على وشك الاعتراض : يلا اطلعي ارتاحي شوية عشان الصبح تصحي تحضريله فطاره بنفسك
أومأت لها " وفاء " باستسلام وهي تبتسم لها بامتنان ثم غادرت باتجاه جناحها بينما وقفت "كارما" في المطبخ وقد نزعت حجابها ثم بدأت تحضر الطعام بنشاط وابتسامة حب ترتسم على ثغرها رغم تعبها الشديد .. وقفت تنتظر غليان الماء أمسكت هاتفها تتفقده وجدت عدة مكالمات من " خالد " أرسلت له رسالة مختصرة بأحداث اليوم و حادث " زين " وأغلقت الهاتف .. سكبت الماء في الكوب ثم حملت صينية الطعام وهي تتوجه للأعلى تتمنى من الله إلهامها القوة والصبر على طباعه الجديدة ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
نزع جاكيته بثقل وهو يشعر بتعب شديد وقف أمام المرآة يحل رابطة عنقه ليبدل ملابسه ويتجه للنوم سريعاً عله يحصل على قسط من الراحة بعد ذلك اليوم المرهق .. ارتفع رنين هاتفه نظر له بتعجب للمتصل الآن وجده " آدهم " أجاب بهدوء : إزيك يا أدهم
تحدث أدهم باندفاع : إيه الي حصل لزين يا سليم ! فقد الذاكرة دا حقيقي
تنهد " سليم " بثقل وهو يسرد له تفاصيل اليوم منذ بداية حادث "زين" ورفضه ل" كارما "وعودته لماضيه .. سأل أدهم : بعني دلوقتي فقد سنة ونص من ذاكرته وتيجي في حظ البت كارما .. المشكلة انه زين عنيد وخاصة بعد حادثة جدك دي زادته عناد
تنهد سليم وهو يقول : مش عارف .. اهي كارما معاه بس ربنا يلهمها الصبر أصلها باينة بسكوتة ومش حمل زين وغضبه
تحدث أدهم بهدوء : معاك حق .. طيب هبقى اروح اشوفه بكرة ونشوف هنعمل إيه
أخرج " سليم " صوت من شفتيه يدل على الموافقة ثم تحدث بتذكر : انت عرفت منين
تحدث أدهم بملل : اتصلت ع زين باشا يجي فوق المية مرة ومردش رنيت ع ياسين وهو قلي بس جاه اتصال وفصل معايا
هز " سليم " رأسه بتفهم ثم تتابعت الأحاديث حتى أغلق الاتصال بعدما قرروا ماذا سيفعلون غداً .. شعر بأحد يحتضنه من الخلف التفت ليرى " نور " تنظر له بحزن وهي تقول : هيبقى بخير صدقني .. كل حاجة هترجع احسن من أول
قبل مقدمة رأسها وهو يقول بشرود : اتمنى ان دا يحصل
ثم تابع بحنان : يلا ننام كفاية النهاردة كده
أومأت له وهي تنضم له على الفراش بعدما ابدل ملابسه جذبها بين ذراعيه ينعمها بدفء أحضانه ثم أغلق عينه بتعب حتى غرق في ثبات عميق .. مررت يدها بين خصلات شعره الكثيف وهي تدعو الله ان تمر الأيام القادمة بخير ..
على الجانب الآخر ..
أغلق الهاتف ثم خرج للشرفة ينظر للفراغ بشرود وحزن .. حزن على رفيق دربه وطفولته وما توصل إليه .. ابتسم بأسى وهو يتذكر عندما عاد "زين" من شهر العسل وقد أوفى بوعده لخطبة " سارة " فقد تعاهد مع نفسه أن يتقدم لخطبتها فكان يرفض بالبداية يخشى رفضها بسبب فرق السن أو أن تكن لغيره بمشاعر وذلك سيحطم قلبه لأشلاء لكنه بدأ يرى عشقه يُسطر بين أعينها .. فتحدث مع " زين " أولاً ورحب بالفكرة بشدة وقد أخبر والده وتمت الموافقة وكان سيذهب ليتقدم لها بشكل تام لكن آتى حادث "زين" ليفسد ما خطط له منذ سنوات لهذا اللقاء الذي سيجمعه بعشقه وآنسة حياته ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
توقفت امام الباب الرمادي تطرقه بخفة ويدها ترتعش لتعاود امساك الصينية بقوة ، لم تستمع لرده فتحت الباب ودلفت بخطوات مرتبكة ، غرفته مُظلمة لا يتخللها شعاع ضوء مدت يدها لمقبس الكهرباء أُضيئت الغرفة وضعت الصينية من يدها فوق الطاولة الصغيرة امام الاريكة البيضاء وقعت عيناها عليه وهو مستلقى على السرير مغمض عيناه يرتفع صدره بأنفاس هادئة ، نادته بصوتها الهادئ ليفتح عيناه ببطئ شديد رأها تقف بطالتها المحتشمة الفاتنة ترتدي احدى بجاماتها البيتية وتضع على رأسها وشاح بإهمال بعدما تأكدت من مغادرة "ياسين" و"سليم" ، تتساقط بعض خصلات شعرها على وجهها معطية اياها منظر جذاب ..
انتفض "زين" جالساً فوق الفراش عقد حاجبيه ومسح بيده السليمة فوق خصلاته ليهتف بجمود قاسي : نعم ..عايزة ايه ؟
ابتلعت "كارما" غصة بحلقها من نبرته القاسية همست بهدوء : جهزتلك الاكل عشان تاكل وتاخد علاجك
زفر بضيق شديد عندما رآى ملامح وجهها الحزينة متأثرة بنبرته القاسية .. تحركت باتجاهه تمسك كفه تحت انظاره المتعجبة تسحبه ليجلس على الاريكة وتجلس هي بجواره نظر لها "زين" ليهتف مستنكراً : ايه ده ؟
_ يلا عشان تاخد علاجك ما ينفعش تاخره
رددت بهدوء تحمل بين كلماتها دفء اعتادت على التحدث به معه ارادت انتشاله من دوامة الحزن والغضب المنبثقة من عيناه ، نظر لها بحدة مردفاً بشئ من البرود والسخرية : ايه كل الاهتمام ده !
اغمضت عيناها وابتلعت لعابها من حديثه اللاذع تنفست بعمق وابتسمت له ابتسامة باردة تمسك بأناملها معلقة الطعام تقربها من فمه ، وهي تنظر لعيناه بتحدٍ عنيد زفر "زين" بخفة وهو يرضخ لمطلبها فيقرب ثغره من يداها يتناول الطعام .. تحولت ابتسامتها الباردة الى اخرى دافئة مطمئنة له واعادت الكرة تطعمه من جديد الى ان انهى طعامه وعيناه تهرب من محيطها تتحرك في انحاء الغرفة الا ناحيتها ..
اتجه الى فراشه بعدما ناولته علاجه وحرصت على الاهتمام به ... ماهي الا ثواني وكان غارق في النوم بفعل المسكنات ، صدره يرتفع بأنفاس منتظمة ...
تنهدت بعمق وهي تتأمله لقد اشتاقت ل"زين" بشدة اشتاقت لزوجها .. لحبيبها .. لذلك الطيف المجهول سابقاً ، اما هذا الكائن فهو بارد قاسي .. تشدقت بابتسامة ساخرة مريرة تعتصر قلبها .. احياناً نتحمل الألم أملاً بسعادة من نحب .. نقدم مشاعرنا قرباناً لأجلهم .... ذهبت الى الناحية الاخرى للفراش بعدما نزعت وشاحها وضعت رأسها على الوسادة ملتفة لناحيته متأملة وجهه بحب ، تدعو بأن يُشفى ويعود كما كان سابقاً ... فلا قدرة لها على تحمل تلك الطباع الحادة منه ... بدأت جفونها تتهاوى مطالبة ببعض الراحة المفتقدة لايام ، فجسدها يصرخ براحة ... اغلقت جفونها محققة مطالب جسدها ... استسلمت لسلطان النوم سريعاً وهي تدعوا ان تستيقظ تجد ذلك كان مجرد كابوس ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
قرأ الرسالة عدة مرات يحاول تصديق ما يرى .. كيف لذلك أن يحدث ! الآن علم سبب عدم اجابتها على اتصالاته تحدث بحزن : لا حول ولا قوة إلا بالله
سأل عمر باستغراب : في إيه ؟
تحدث خالد بهدوء : دلوقتي عرفت ليه كارما مكنتش ترد
سأله آدم باستغراب : ليه
أجاب خالد بحزن : زين وقع عن درج بيتهم وعنده فقدان ذاكرة مؤقت
انتفضوا بصدمة وتحدث عمر بصدمة : إيه !! إزاي دا حصل ؟
تحدث خالد بحيرة : مش عارف
سأل آدم : وفقد قد إيه من الذاكرة ؟
تحدث خالد بحزن وهو يخفض رأسه : سنة ونص .. السنة الي اتجوزوا فيها مش فاكر اي حاجة .. مش فاكر كارما أصلاً
كانت الصدمة حليفتهم للمرة الثانية .. تحدث عمر : طب هتعمل إيه ؟! وكارما عاملة إيه ؟
أجاب خالد : مش عارف هي كتبتيلي الرسالة بسرعة عشان ما نقلقش وقالتلي انها تعبانة وهتنام والصبح هتكلمنا .. بس دلوقتي هنحكي لبابا وماما إزاي ؟
نظروا لبعضهم بنظرات غامضة وهم يفكرون في طريقة ما لإخبار والديهم بتلك الأخبار التي تحمل مجهولاً جديداً ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
في الصباح ..
حاولت فتح عيناها بصعوبة وهي تشعر بثقل شديد على جسدها .. فتحت عيناها وهي تنظر حولها بتعجب وهي تحاول تذكر لما هي هنا ! حتى تذكرت ما حدث أمس تنهدت بعمق ثم نظرت جانبها وجدت ذاتها تتوسط أحضانه بينما هو ينام بعمق شديد وهو يضمها بذراعيه بحنان كما اعتادت حتى كادت تختفي بين ذراعيه .. شعرت بثقل على يدها وجدته يسند يده المصابة عليها .. أغمضت عيناها تستنشق عبقه وهي تحول ان تقوم قبل استيقاظه .. تحاملت على ذاتها ونهضت ببطء وهي ترفع يده المصابة بخفة و تضعها على الوسادة بعناية ثم دثرته جيداً وقفت تنظر له وهو ينام بعمق غافلاً عنها وهي تحاول تجاهل ذلك الصوت الذي يصدح بداخلها يردد بان تذهب وتستقر بأحضانه ولا تخرج أبداً طبعت قبلة أعلى رأسه بخفة وهي تنظر لجرحه قم ابتعدت و دلفت للحمام سريعاً تهرب من أفكارها .. أبدلت ملابسها وقد ارتدت بنطال وردي واسع تعلوه سترة بيضاء مناسبة ثم خرجت وقف أمام المرآة ألقت نظرة عليه وجدته قد استيقظ واستند برأسه على الوسادة خلف رأسه وهو ينظر للفراغ بشرود .. ابتسمت وهي تقول بنعومة : صباح الخير
أجاب بهدوء : صباح النور
ثم نظر لها وهي تقف أمام المرآة تمرر الفرشاة بشعرها الأشقر الكويل الذي يراه لأول مرة حيث انسدل على ظهرها بنعومة ولمعان .. نظر له بانبهار لجماله .. ربما لجمالها هي ! تابعت ملامح وجهه التي تغيرت فجأة .. القت الفرشاة ثم التفتت له وتحدثت : هتنام تاني ؟
نفى برأسه دون قول شئ .. سألته مرة أخرى : هتفطر هنا ولا تحت ؟
أجاب : تحت .. هغير هدومي وأنزل
أومأت له ببنما هو لا يريد ان يجتمع بها كثيراً يخشى ان يقع بحبها وهو غير جاهز أبداً ولا يريد الآن .. انتبه لارتفاع رنين هاتف نظر حوله بتفقد حتى وجده على المنضدة المجاورة للسرير قرأ الاسم ثم نظر لها وهو يقول بتساؤل : مين خالد ؟
أجابت بهدوء وهي تتجه ناحية الهاتف : اخويا
سألها بتعجب : انتي ليكي أخوة ؟
أومأت برأسها وهي تبتسم ثم أجابت : ااه .. ليا تلات أخوة شباب و أخت بنت
أراد معرفة المزيد عن تلك الجميلة المجهولة بالنسبة له سأل بتردد : و مامتك وباباكي ؟
لاحظت نبرة التردد بصوته ابتسمت ثم أجابت : الحمد لله عايشين ..
لا تريد إخباره بكل شئ تريد أن يسعى خلف فضوله .. أمسكت الهاتف واتجهت نحو الشرفة تحادث أخاها تحت نظراته المتابعة لها .. دلف للحمام ليبدل ملابسه يستقبل الآتٍ بقلب لا يحمل شئ .. أنهت مكالمة "خالد " الذي اطمئن عليها وأخبرها بزيارتهم الليلة .. ألقت نظرة خاطفة على الفراش لم تجده علمت أنه دلف للمرحاض ليبدل ملابسه .. قررت الهبوط للأسفل لتحضير الإفطار و هي تفكر بما ستخبره بشأن زيارة أهلها تخشى أن يرفض ذلك .. انشغلت بتحضير طعام الإفطار بمساعدة " سارة" حتى انتهوا .. التفت ل" سارة " التي تنقل الأطباق للخارج على طاولة السفرة وهي تقول : هروح أشوف زين وأجي
أومأت برأسها بموافقة بينما خرجت "كارما" وهي تنوي الصعود للجناح لرؤيته لكن اتسعت أعينها بخوف وهي تراه يقف أعلى الدرج ينظر للدرج بنظرات غامضة جهلت تفسيرها لكن ملامح وجهه جامدة.. لم تفكر للحظات وصعدت الدرج سريعاً وقفت لجانبه وهي تقول بقلق : مالك يا زين ؟
التفت لها ثم أمسك بذراعها بقوة رفع نظره لها لترى نظرة لأول مرة تراها .. عادت خطوة للخلف غافلة عن الدرج خلفها التي تبتعد عن أولى درجاته بإنش بسيط قد لا يرى .. نظر للأعلى وهو يغلق عينيه بقوة وكأنه يتحكم بذاته ثم ترك ذراعها مرة واحدة تبعه صرختها بخوف حقيقي : "زين "! ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
انتهى البارت ..

الطيف المجهول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن