وصلت للمكتب في آخر الردهة ، يسبقه مكان صغير بعض الشئ ينتشر حوله بعض الأنتيكة الرائعة بسيطة التصميم و رسومات هادئة على الحائط الأبيض ، يتوسط باب المكتب بطاقة مدون عليها بزخرفة اسم المالك ، اتجهت بخطوات بطيئة حتى وصلت إلى مكتب السكرتير الذي يسبق الباب ، لتقف أمامه ، حمحمت بهدوء ، جذبت انتباه الموظف ليقول بخشونة دون أن يرفع نظره عما بين يديه : نعم ؟
تعجبت من حدته في الحديث تجاهلت ذلك وهي تقول برقة : مراد بيه موجود
نظر لها فجأة وقد انتبه لنبرة صوتها ليقول : ااه ، في ميعاد سابق ؟
أخرجت صوت من بين شفتيها يدل بالنفي وهي تقول : في حد جوه ؟
نفى برأسه كالمسحور لتبتسم باستغراب لذلك الأبله وهي تقول : أوك
دلفت للمكتب وجدت " مراد " يتفحص عدة ملفات بين يديه وهو يضغط بيده على لوحة المفاتيح في الحاسوب بانتباه شديد ، بينما هو كان منغمس بالعمل وقد توقع أن الذي دلف للمكتب السكرتير تفاجأ بصوت كعب حذاء نسائي رفع رأسه بتعجب سرعان ما ابتسم عندما وجدها "كارما" ليقول بتعجب : كارما يخرب عقلك بتعملي إيه هنا ؟
زمت شفتيها بعبوس وهي تقول : هي دي أهلاً وسهلاً بتاعتك
ارتفعت ضحكاته وهو يقول بأسف : مش قصدي بس اتفاجئت بيكي ، أهلاً وسهلاً بكارما هانم نورتي مكتبي المتواضع
رفعت رأسها بغرور مصطنع وهي تقول : عارفة ، بس المكتب بتاعك حلو أوي أوي أنا كل ما أروح مكان بالشركة ألاقيه أحلى من الي قبله
جلس على الكرسي المقابل لها وهو يقول : حلو أنها عجبتك ، الديزاين دا كان مشترك بينا
أومأت له وهي تقول باعجاب : بس برافو الديزاين حلو جدا برغم انه بسيط بس يخطف القلب كده
ابتسم على كلماتها وهو يقول : طيب إيه سبب الزيارة الكريمة دي
تحدثت بهدوء : أصل خالد مشغول قلت أجي عندك تاخدني جولة كده وتفرجيني الشركة كلها
نهض ليحضر هاتفه وهو يقول : طب يلا بينا
تفاجئت به لتقول برقة : بالسرعة دي ،إذا عندك شغل خلاص
جذبها من طرف ثيابها وهو يقول : يا بت يلا أنا خلصت شغلي قبل ما تيجي بس كنت براجع كم شغلة
ابتسمت و أومأت له بحماس وهي تسير لجواره ،خرج من مكتبه وبدأ يسير بالشركة و يتحدث معها ، ليسألها : طيب هتعملي إيه دلوقت مش ناوية تشتغلي أو حاجة
تحدثت بهدوء : لا ناوية أشتغل طبعاً بس أشوف المستشفى بالأول
قطب ما بين حاجبيه وهو يقول : انت عارفة أي مستشفى
نفت وهي تقول : لا بس لما كنت بالمستشفى سمعت الدكاترة هناك بقولوا انهم عايزين دكاترة وكده
سأل مستفهماً باهتمام : اسم المستشفى الي كنت فيها إيه ؟
أجابت ببساطة : مستشفى الحياة
سألها : مستشفى الحياة بتعت عيلة الجارحي ؟
أجابت بجهل : معرفش ، بس مش مكتوب أنها ملك لعيلة الجارحي او كده
اومأ وهو يوضح الأمر : ااه هي بتاعت عيلة الجارحي المستشفى دي مشهورة أوي ومن أشطر الدكاترة الي بتشتغل بيها
حركت رأسها بلا مبالاة : ميهمنيش ، أنا بس هشتغل بيها ، طيب تيجي معايا انت ؟
اوما برأسه بتأكيد : اوك ،أنا بعرف دكتور أدهم فيها ممكن يساعدنا
ابتسمت له بامتنان ، ارتفع رنين هاتفه ليجيب وبعد لحظات التفت لها وهو يقول : خالد عايزك بالمكتب عنده ، روحي وأنا هشوف عز وأجي
أومأت له وهي تتجه نحو المصعد ، كانت تعبث بهاتفها تتفقد مكالمات "خالد" الفائتة باستغراب و لم تنتبه أمامها ، اصطدمت بحائط بشري ، رفعت رأسها سريعاً وهي تتأوه بخفوت وقالت بتلعثم : أنا آسفة مش قصدي
بينما بقي هو ينظر لها ببلاهة ، ظنت أنه لم يسمعها لتقول بتوتر : معلش أنا آسفة بجد
وجدته على نفس حالته رفعت يدها أمام وجهه وهي تحاول جذب انتباهه ، لينتبه لها لتقول مرة آخرى : أنا آسفة بجد مش قصدي
نطق أخيراً بصوت خشن : مفيش مشكلة
أومأت له واتجهت إلى مكتب " خالد " دلفت للداخل وجدت "سامر" بالداخل ، أشار لها "خالد " وهو يقول بقلق : باقيلي ساعة برن ع موبايلك ما بترديش ليه؟
أجابت بأسف : معلش كان silent ، إزيك يا سامر ؟
أجاب بابتسامة تختل ثغره : الحمد لله تمام ، عاملة إيه النهاردة ؟
أجابت بعذوبة : الحمد لله
أشار لها "خالد" على صندوق مغلق موضوع على الطاولة المقابلة للمكتب وهو يقول بحزم : اقعدي افطري عشان تاخدي علاجك ، انت ما فطرتيش الصبح
كادت بالنفي والاعتراض لكن صوته تلك المرة وهو يقول بحزم : مفيش اعتراض اقعدي خلصي إفطارك كله يلا
جلست على امتضاض وهي تنظر له بحنق ، تناولت طعامها بغيظ وهي كلما أوشكت على الاعتراض آتت نظراته ك سيف لها ، ما أن انتهت ناولها زجاجة ماء صغيرة وهو يقول : خدي علاجك يا كوكي عشان ما تتعبيش
أومأت له وهي تتناول دوائها استمعت ل"سامر" الذي كان يجلس أمام المكتب ينهي باقي أعماله وهو يقول بصوت مشاغب : إي دا يا خالد إيه الرومانسية الحريقة دي يا أخي
ارتفع ضحكاتها على مشاكسته بينما نظر له "خالد" وهو يقول بتعجب : إيه !
ابتسم سامر وهو يقول بخبث : دا انت طلعت رومانسي اوي والله فاجئتني
نظر له "خالد" بتعجب وبينما ارتفعت ضحكات "كارما" بصخب ، ارتفع رنين هاتفها برسالة لتنظر له لدقائق وتتجه نحو "خالد" وهي تقول : أنا هروح دلوقتي مع مراد ع المستشفى زي ما اتفقنا ، وهبقى أرجع البيت من هناك ، عايز حاجة ؟
نفى برأسه وهو يقول : خدي بالك من نفسك
أومأت له وهي تقبل خده بحب وتجذب حقيبتها و هي تودعهم قائلة : حاضر ، باااي
أنهى "سامر" ما بين يديه ليقف وهو يجمع متعلقاته وهو ينظر لساعته بلهفة قائلاً : أنا كده خلصت ، أنا هخرج دلوقتي هنخرج أنا وريم نشوف باقي إيه للشقة عشان نخلص ، عايز حاجة ؟
نفى برأسه وهو يقول : لا سلامتك ، لما ترجع ريم تنزل معاها هيجي النهاردة مراد وعز عندي تمام ؟
تحدث بلا مبالاة : هبقى أشوف
نظر له خالد بتحذير وهو يقول : مش هشوف ، هستناك يا سامر
أومأ له : إن شاء الله ، يلا سلام
ألقى تحية الوداع وغادر لينهي باقي أشغاله قبل زفافه ، بينما " خالد " تابع عمله فعندما تغيب تراكم عليه بعض الأعمال ، عليه إنهاء كل شئ بسبب انشغال "سامر" في تحضيرات زفافه ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~
صوت دقات الساعة تعالى برنين ثابت ممل ؛ كل ثانية تتشابه بدقاتها مع الأخرى ارتفعت مع صوت ضربات القلوب بغرفة المعيشة الواسعة إجتمع بها أفراد عائلة " الجارحي " في انتظار فرد جديد لتلك العائلة ...
كان يجلس بملامح خالية من أي تعابير عكس الضيق بداخله ، استطاع رسم البرود على وجهه ، دون ان يُعري ما بداخله ، التفتت سارة نحوه وهي تشعر أنه ليس على ما يرام لتقول بخفوت : مالك يا زين ؟
نفى برأسه و مازال يرتدي قناع الجمود : مفيش
لم ترد أن تضغط عليه والتزمت الصمت ، ثوانٍ وتعالى صوت كعب حذاء فتاة ، ظهرت أمامهم فتاة جميلة ينتشر شعرها حول وجهها ببراعة وهي تقول بدلع : هاي يا جماعة
انقلبت ملامح "سارة" للنفور بينما "زين" لم يظهر على ملامحه شئ لتقول : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قلبت " مايا " عيناها بملل وهي تتقدم وتجلس لجوارهم وتقول : إزيك يا أونكل ، عاملة إيه يا طنط ؟
أجابت "وفاء " بابتسامة : الحمد لله ،إزيك يا مايا ؟ مامتك عاملة إيه ؟
أجابت مايا وهي تنظر ل " زين " نظرات جريئة : تمام يا طنط بتسلم عليكم
وأكملت بدلع مصطنع : إزيك يا زين ؟ وحشتني أوي
نظر لها زين ببرود وهو يقول : الحمد لله
نظرت له بغيظ مكتوم من رده الجاف ؛ راقبته وهو ينهض ويغادر المكان متحججاً بأن لديه أعمال ، ابتسمت بسخرية بداخلها وهي تزيد إصرارها في تطبيق سبب مجيئها هنا !
~~~~~~~~~~~~~~~~~
ركبت إلى جانبه ثم قالت بنعومة : مرسي كتير يا مراد
بادلها الابتسامة وهو يقول : على إيه ؟ انتي أختي يا كارما وعنيا الاتنين ليكي وقت ما تكوني عايزة حاجة ابقي رني عليا وأكون عندك
ابتسمت له بامتنان ، بينما هو تحدث : طيب إيه ؟
صمتت لبرهة تفكر ثم قالت : ولا حاجة هبدا أداوم أنا أهم حاجة عندي أمارس مهنتي ، أكيد ما درست سبع سنين وبعدت عن عيلتي عشان أقعد في البيت ، أنا امبارح تكلمت مع بابا هو مبدئياً كان رافض وقالي طلباتك مجابة وأي حاجة عايزاها هيجبلي إياها ، بس أنا قلتله إني هشتغل مش عشان الفلوس أو المرتب وكده بالآخر اقتنع
ابتسم لها مراد وهو يقول : أسلوبك يقنع أي حد يا كارما
ابتسمت بخجل برئ وتحدثت : بس الدكتور أدهم أنا متأكدة إني شفته قبل كده ، يمكن بالطوارئ لما كنت تعبانة
مراد : يمكن ، بس محترم ، كان زميلي بالمدرسة ولما كبرنا كل واحد دخل كلية
أومأت له وهي تقول بتأكيد : ااه ، الأسلوبه كده كويس مع الأطباء والمرضى
سألها باهتمام : هتبدتي تداومي امتى ؟
أجابت بحيرة : ليا خاطر بعد عرس ريم
قطب ما بين حاجبيه وهو يقول : عرس !
ابتسمت وهي تقول : قصدي فرح ريم ، يعني عشان أكون متفرغة ليها الفترة دي
ابتسم بعذوبة وهو يقول : إن شاء الله ، اللهجة السورية خرطت عليكي
ارتفعت ضحكاتها وهي تقول بغنج : هيك لكان ، لكان شو بدك تقول وقت قلك لك ريتا تؤبرني هيك بلاد ع هيك ناس
نظر لها بدهشة ممزوجة باعجاب وهو يقول : إيه دا ؟!
رفعت رأسها بغرور مصطنع وهي تقول : أقل حاجة عندي
توقف أمام البناية التي تقنط بها ، لتقول : إيه مش هتنزل ؟
نفى برأسه وهو يقول : لا دانة عند بابا النهاردة وهلحق أروح عشان أقعد معاها
أومأت له وهي تقول : سلملي ع عمو شريف ودانة
ثم ابتسمت بامتنان وهي تتابع : مرسي جداً جداً يا مراد
ابتسم لها وهو يقول : قلتلك مفيش حاجة تستاهل الشكر ، سلميلي ع حنون و عمي راشد
تابع بمرح : لو عايزة تشكريني ضلك تكلمي سوري معايا ، أصل الموضوع عجبني
ابتسمت له وهي تقول : بس كدا من عنيا ، يلا سلام عشان تلحق تشوف دانة ، سلملي عليها
أومأ لها وغادر بينما هي نظرت نحوه لثوانٍ وتحركت للداخل ، صعدت المصعد وهي تبتسم بنعومة سعيدة بوجودها برفقتهم هنا وسعيدة بأنها ستمارس مهنتها .. غافلة عن مستقبل مجهول ... برفقة طيف مجهول ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~
وقفت "ريم" أمام الجهاز الكهربائي ، تضع حبات الفراولة ثم السكر وهي تعد معلقة خلف اخرى :
واحد ، اثنين ، تلاتة ...هي ماما قالت أربعة ولا خمسة ؟
_ : أربعة كبار ودوقي الأول يا هبلة ..
التفتت "ريم" بسرعة حتى أنها افلتت السكر من يدها وتناثر على الأرض بطريقة عشوائية أثارت غضب "حنين" فقالت بغضب مكتوم كاد ينفجر من بين حروفها : انتِ عبيطة يا بت ولا إيه ،ناوية على موتي ، تصدقي بالله سامر هيرجعك من تاني يوم
زفرت "ريم" بغيظ وهي تنحني بجسدها نحو الأرض قائلة : يعني هو كده مش هيسمعك وهو برة ، وبعدين سامر مش بيهتم بالكلام الفارغ ده
ضربتها والدتها بخفة خلف رأسها مردفة في توبيخ : بقى انا بقول كلام فارغ
استكملت حديثها وهي ترفع يدها نحو السماء تتمتم بضيق : اعمل ايه يارب بس بأم لسان طويل دي ..
اتت "كارما" من خلفها بخفة وقامت بطبع قبلة فوق وجنة والدتها : مالك بس يا ماما ، من الصبح مضايقة ليه ؟
لتلتفت :حنين" بسرعة ناحيتها قائلة بخضة : انتِ جيتي متى ؟
لتقول كارما بهدوء شديد وهي تضع حبة الفراولة في فمها : توي جيت مع مراد
لتشير ناحية "ريم" بشك : هي البت ديه عملت ايه ؟
لتنتبه الى السكر الملقاه أرضاً لتقول بصدمة : ايه ده !
لتتذمر ريم بحنق : ايه اول مرة يعني !!
لتضرب "حنين" كف بكف وتخرج من المطبخ لتقترب "كارما" من "ريم" بتساؤل : مالها ماما ؟
لتقول ريم : متعصبة من الزفت عمر من الصبح بسبب مذاكرته
لتسأل كارما : ليه مش راضي يذاكر ولا إيه ؟
لتجيب ريم : مش عارفة انا سمعتها الصبح بتزعقله عالمذاكرة
_ : خلاص هبقى اشوفه
اردفت بها "كارما" وهي تقترب من "ريم" مستغلة انشغالها بتنظيف الأرض ملتقطة احدى حبات الفراولة وهي تخرج قائلة : طيب يا ريمو يا حبيبتي اسيبك انا مع الفراولة بتاعتك
خرجت تحت اعتراض "ريم" في تركها في تلك المعركة وحدها بين السكر الملقاة ارضا والفراولة في الخلاط ، زفرت بحنق وهي تعاود مرة أخرى تنغمس بين الأشياء هنا وهناك لم تنتبه للشخص الذي يقف خلفها مباشرةً ، سوى على لمسة يده بجانب وجهها في خفة كتم صراخها باعجوبة ، هامساً عدة مرات بجانب اذنها بخفوت : اهدي ،أنا سامر ..
ابتعدت عنه بعدما ادركت مدى قُربه منها بهذا الشكل : سامر ايه دخلك المطبخ ؟
التقط حبة فراولة من الطبق ووضعها في فمه غير عابئ بتحذيرات عيناها التي تحثه على الخروج : قولت لمامتك عاوز ادخل الحمام ، لقيتك قولت أشوفك عشان وحشتيني اوي
أشارت على فمها بسرعة كبيرة حتى يصمت او يخفض صوته قائلة بفزع : سامر اهدى هتودينا في داهية بعمايلك دي
كاد على وشك الحديث مشاكساً اياها لكن قطع ذلك دلوف "خالد" للمطبخ مستغرب وجود سامر هنا ليقول بشك : سامر بتعمل ايه ؟
ليلتفت "سامر" متفاجئاً بوجوده ابتسم بسماجة وهو يتجه إليه يصافحه وهو يقبل وجنتيه بالتناوب ثم أردف ممازحاً : ابو خلود يا حبيبي وحشتني ، عامل ايه ؟
ليجيب خالد باستغراب : انا تمام ، مقلتليش بتعمل ايه ؟
ليجيب سامر ببراءة : ولا حاجة كنت جاي اشرب مية لاحظ "خالد" خجل :ريم" البادي على وجهها وهي تحاول مداراته بتنظيف الأرض ليقول بغيظ شديد : وشربت يا حبيبي ولا لسا ؟
سامر وهو يعض على شفتيه بخبث : ااه طبعاً ، دي المية بتاعتكم عسل اوي ..
قال كلماته وهو ينظر ل"ريم" ويغمز لها ليضربه "خالد" بكتفه بقوة : طيب يا عسل قدامي برا ، احسن اعملك مية دلوقتي
ليضحك "سامر" بقوة وهو يخرج من المطبخ بعد أن غمز "ريم" بمشاكسة وهو يقول بصوت أشبه بالنساء : يا جارحني بلقمة ناشفة والعيش عندك طري تقلان عليا ليه ما تحن يا مفتري ..
لتضحك "ريم" بقوة وهي تتابع خروجهم من المطبخ ليدخل "عمر" و هو يكاد يمد يده ليلتقط حبة فراولة من الطبق لتسبقه يد "ريم" التي ضربت يده قائلة : لما انت تاكلها انا اعمل عصير ايه !
فرك عمر يده بألم قائلا ً : ااه يا .. ولا اقلك بلاش
ليتابع : كارما جت ؟
لتقول ريم وهي توصل الجهاز بالمقبس الكهربائي : ااه ونويالك على نية سودة
ليقول عمر بفزع : ليه ؟
لتقول ريم بلا مبالاة : هيكون ليه يعني ، عشان مذاكرتك يا بطل انت
عمر بتساؤل : وهي عرفت منين ؟ كانت خارجة الصبح لما ماما كانت تزعق ليا
لتقول ريم بفخر شديد : انا قلتلها
ليجذب عمر شعرها بقوة : ااه يا حقيرة وانت مالك تقوليلها ؟
لتقول ريم بألم : جت لقت ماما متعصبة سألتني وانا قلتلها ..
لتكمل وهي تشعر ب"عمر" يجذب شعرها بقوة أكبر : سيب شعري والا والله لنادي ماما يا عمر
ليترك "عمر" شعرها وهو يتجه خارج المطبخ : جتك خيبة ، غوري يابت
ليتتم لنفسه : اما اروح اذاكرلي شوية ، اكيد كارما مش هتعدي الموضوع كده !!
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
عاد للمنزل بعدما استغرق تلك الساعات في التجول بالسيارة دون وجهة معينة ، يشعر أن زيارة تلك ال"مايا" ليست ببريئة ابتسم بسخرية وهو يتذكر قبل سنة عندما كانت تعيش هنا هي ووالدتها لحين وفاة والدها فقد أصرت والدتها الذهاب والعيش مع عائلتها في " اسطنبول "لم يعترض أحد وبالفعل ذهبت ويحين القدر لتعود الآن يراوده إحساس أن والده لديه يد في موضوع عودتها الآن ، دلف للداخل وهو يسخر من نفسه ومن الجميع
_ : انت كنت فين يا زين ؟
انتفض للخلف برعب وهو يقول : أوبااا ، ماما ؟!
وفاء بتعجب : إيه يا زين مالك تخضيت كده ليه ؟
التقطت أنفاسه وهو يقول : معلش كنت سرحان شوية ، بتقولي إيه يا أمي
هزت رأسها وهي تقول : بقلك كنت فين ؟ سيبتنا وطلعت فجأة ومجتش ع الغدا ليه ؟
قبل يدها وهو يجذبها لتجلس لجواره على الأريكة : كان عندي شوية شغل بخلصه
_ : زين انت كنت فين ؟
كان ذلك صوت "مايا" وهي تتجه نحوهم ، تنفس بعمق وهو يبتسم بمجاملة : كنت بالشغل ، عايزة حاجة ؟
تعلقت بذراعه وهي تجلس لجواره وتقول بدلع : كنت عيزاك تاخدني تفسحني ، أنا من وقت موت بابا وأنا منزلتش مصر
رسم معالم الحزن على وجهها ببراعة ، تحدثت وفاء بأسف : ربنا يرحمه يا حبيبتي
فك "زين" عقدة يدها من حول ذراعه وهو يقول : معلش يا مايا أنا عندي شغل كتير الفترة دي ، مش فاضي شوفيلك حد غيري
ثم تحدث بمغزى : أظن انتي مش أجنبية يا مايا ، هي سنة ونص الي قعدتيهم باسطنبول
توترت في جلستها وهي تقول : ااه طبعاً
تحدث زين ببرود : أنا طالع أنام يا أمي محدش يصحيني تمام
أومأت له ، بينما نظرت " مايا " له وهو يصعد الدرج بغيظ شديد ، يبدو أن ما خططتت له سوف يفسده ذلك الزين بذهنه الماكر ذاك ، تنهدت بغيظ وهي تغادر بهو الفيلا ، نظرت نحوها " وفاء " بتعجب وهي تردد بداخلها : أتمنى يكون الي ببالي مش صحيح وإلا ساعتها هنشوف الوش التاني ل زين الجارحي ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بعد مرور عدة ساعات ...
كان سامر قد غادر .. استيقظت كارما من النوم فهي تشعر بتعب شديد فهي مازالت مريضة ولكن الألم أخف بكثير ، خرجت من غرفتها وجدت والديها يجلسون في غرفة المعيشة لتجلس قائلة : مساء الخير
راشد بحب : مساء النور ، عاملة ايه دلوقتي ؟
كارما بهدوء وصوت خافت : الحمد لله احسن بس لسا جسمي بيوجعني
حنين بحنان : معلش يا حبيبتي ، يومين بتروقي ان شاء الله
كارما بحب : ان شاء الله ، لتتابع : فين عمر؟
لتتنهد حنين بضيق ويقول راشد بصبر : خلاص يا حنين احنا قلنا ايه ؟!
كارما باستغراب : هو في ايه ؟
راشد : ولا حاجة يا حبيبتي ، ليتابع : عمر بغرفته
لتتجه كارما الى والدتها وتقبل وجنتيها قائلة : خلاص يا ماما بقى ، وأن كان على عمر أنا هأتكلم معاه
لتبتسم حنين لتلك الصغيرة رغم انها من أكبر أولادها الا أن برائتها تجعلها طفلة : مفيش حاجة يا حبيبتي ، روحي شوفي كنت عايزة ايه من عمر وتعالي عشان تتغدي
لتعترض كارما وهو تقول : لاا مش جعانة
ليقول خالد الذي آتى للتو وسمع اعتراضها : هو ايه الي مش جعانة ، احنا اتفقنا على ايه ؟
لتتجه كارما له وتقول بطفولة : انا بجد مش جعانة يا خالد
ليقبل "خالد" خدها بحب وهو يقول : ما ينفعش يا روح خالد انتِ لسا تعبانة ، يلا روحي يا ماما حضري الغدا عشان نأكل أنا وكوكي سوا
لتقول كارما بسرعة : اقعدي يا ماما أنا هروح اغسل ايديا واجي احضر كل حاجة
لتقول حنين : روحي يا حبيبتي غسلي وجهك وشوفي عمر وتعالي يلا
لتومأ "كارما" وتتجه الى غرفة "عمر" و تطرق الباب وتسمع اذن "عمر" بالدخول لتفتح الباب وتقول بمرح : عمر باشا حبيب قلبي عامل ايه ؟
ليقول عمر بحب : الحمد لله تمام ، عاملة أيه دلوقتي ؟
لتقول كارما : الحمد لله احسن ، بقولك ايه ما تسيب المذاكرة شوية وتيجي ناكل سوا عشان مش عايزة اكل لوحدي ، وبعدين اعمل هوت شوكليت ونرجع نذاكر سوا
ليومأ لها "عمر" وهو يقول بمرح شديد : هو ده الكلام يلا يا باشا ، اخيرا الفرج
لتقول كارما بعتاب : لينا كلام تاني لوحدنا بعدين ، تعال يلا
ليوقفها عمر : انتِ زعلانة مني ؟ ، ليتابع بضيق : يا كارما انا زهقت كل ماحد يشوفني ذاكر ذاكر ... انا تعبت
لتقول كارما : مش بتكلم عن المذاكرة انا ، انا بتكلم عن صوتك العالي ع ماما
ليقول عمر بندم : عارف بس مكنتش اقصد والله
لتستشعر كارما نبرته وتقول بمواساة : خلاص دلوقتي اعتذر لماما واياك تعيدها مرة تانية
لتتابع بمرح وهي تراه هكذا : يلا تعال ناكل وبعدين نذاكر انا وانت سوا ونضيع الزهق ده تعال يلا
ليقبلها عمر بشدة وهو يقول : انا بحبك اوي يا كارما
كارما بحب : وانا بحبك اوي اوي يا عموري
_ : حقيقي تأثرت جداً ..
كان ذلك صوت "آدم" الذي يستند بكتفه على الباب بعد أن آتى من الكلية وذهب ليبدل ملابسه
التفتت كارما بسرعة وهي تقول بفزع : خضتني يا ادم !
آدم وهو يضحك : معلش حقك عليا بس المشهد الدرامي ده طول اوي ، انا واقف بقالي مدة وانتو ولا هنا
عمر وهو يتجه للخارج وهو يتمتم : ابعد ياض قطعتلي الخلف
لتقول كارما : يلا غير هدومك وتعال ناكل سوا
ادم بايماءة : حاضر
اتجهت "كارما" للمطبخ لتجد "خالد" و"عمر" بانتظارها لتسأل : ماما وبابا فين ؟
خالد : دخلوا يرتاحوا شوية .. هما سبقونا بالغدا
ليشير لها : يلا اقعدي عشان تاكلي
هبت تلك العاصفة بسرعة وهي تقتحم المطبخ قائلة بصراخ : لااا مش مخلصين .. ااه دول غدارين.. في الشدة تلج وساحوا ..
لتتأوه بألم عندما جذب "آدم" اذنها بعد ان أتى على صوتها قائلاً بتحذير : انأ قلت ايه ع الصوت العالي !!
لتقول ريم بألم : خلاص آسفة ، خليه يا خالد يسيبني
ليقول خالد : سيبها يا ادم ويلا تعالوا الأكل هيبرد
ليتجهو الى الطاولة ويبدؤا بتناول الطعام وسط جو مليئ بالمرح والسعادة ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
انتهى البارت ...هستنى رأيكم بالكومنتات ❤
أنت تقرأ
الطيف المجهول
Mystery / Thrillerإلى أين ؟ إلى المُستقبَل البعيد ، إلى عينيك ، إلى مكتبة برفوف عتيقة تحملنا بين طيات سُطورها ، ومن ثُم لأحضان رواية تُمثلنا بتلك التفاصيل ، تروي أحداث كثيرة وتفاصيل مثيرة .. حيث تتضمن بأنه لا يمكن للوقت أن يمر بدونهما وتتوسطهما أفكار كثيرة دون أن يع...