البارت الثالث 🦋

1K 67 16
                                    

أغلقت أخر حقيبة ثم وضعتها أرضاً ألقت نظرة على حقائب السفر المصطفة بترتيب طافت عيناها الغرفة التي قضت فيها سبع سنوات بحُلوها ومُرِها ، سقطت من عينها دمعة أرادت التحرر فوق وجنتيها المشتعلتين بلهيب حارق يندلع من قلبها لينعكس على وجهها فآلام قلبها ليست بهينة ف على الرغم من الشوق للقاء أهلها إلا أن الفراق ليس هيناً أبداً ،مسحت دموعها ووقفت أمام المرآة تتأكد من هيئتها للمرة الأخيرة تأملت ذاتها وهي تتخلى عن حزنها للدقائق وتردد بنفسها أنها فخورة بكل الصعاب التي واجهتها وحدها ، فخورة بكونها هنا على هذا المنصب ، فخورة بتحقيق حلمها ، ألقت نظرة أخيرة على الغرفة لتخرج سريعاً وكأن شبحاً ما يطاردها ألا وهو شبح الفراق .. ألم الذكريات .. خرجت للبهو المنزل وجدت زميلاتها يجلسون والحزن يرتسم على وجوههم ما أن رأوها حتى انطلقوا نحوها بلهفة ارتسمت ابتسامة حزينة على ثغرها وقال بصوت مختنق يتخلله نبوة بكاء جديدة : "ما بكم يا جميلات ؟"
تقدمت إحدى زميلاتها منها و احتضنتها بقوة وهي تقول ببكاء : "سأشتاق لكِ أيتها الصغيرة الجميلة "
شددت من احتضانها وهي تتذكر أول خطواتها ب "باريس" عندما كان لهم فضل كبير في ان تخرج من قوقعتها وتعتاد على المحيط من حولها ، انسابت دموعها بقوة وهي تقول : "وأنا سأشتاق لكم كثيراً "
احتضنت باقي الفتيات بشدة ، تقدمت منها راما ودموعها تهبط لتقول بشجن : سلميلي على بلادك ، اشبعي من أهلك ، اشبعي من آمان بيك وحنان اخواتك
احتضنتها كارما ببكاء ف راما يتيمة وقد تغربت لعلها تفوق من ذكريات والديها الذين صعدت أرواحهم بعد حادث سير أدى لخسارة حياتهما : هستناكي تنزلي يا راما هستناكي تنزلي تشوفي أهلك مش انتي أختي ؟
ابتسمت راما من بين دموعها ورددت : أكيد أختك ، تروحي وترجعي بالسلامة
أومأت لها وانحنت لتحمل حقيبتها وتغادر لتقطعها صديقتها عندما قالت : " ألن تسمعينا شئ ؟ ستكون آخر مرة لتكن عربية "
ابتسمت كارما وبدأت بالغناء بصوت عذب يتخلله الإحساس والشعور بكل كلمة ترددها :

اجدع صحاب ... صحابي من صغري
دول اللي يمشوا معايا دوغري
دول أغلى ناس.. هما الأساس ..واقولكوا ايه
قضينا اجمل وقت في حياتنا
دايبين في بعض ب حكياتنا
وفرحتنا بلمتنا ..نروح ليه

انا كل ما عمري يعدي ونقابل بعضنا
احس كأن انا عندي يجي 16 سنة
افتكر امبارح ادمع حافظة وممكن اسمع
نفسي الايام دي ترجع ونتلم كلنا

احتضنوها الفتيات جميعاً بحب وقد بدأت شهقات بكاءهم يعلو بشدة بعد دقائق خرجت من أحضانهم
وانحنت تحمل حقيبة يدها وتجر الحقيبة الكبيرة وهي تقول : " إلى اللقاء يا جميلاتي "
أشاروا بيدهم بحركة الوداع وهم يرددون : " إلى اللقاء يا صغيرة " " اعتني بنفسك جيداً " " اتصلي بي عند وصولك " " وداعاً كارما " ...

غادرت العمارة لتقف أمامها من الجهة المقابلة وتلقي نظرة أخيرة عليها لتبتسم و توقف التاكسي ما يختلف هنا أن العنوان قد تغير ربما آخر عنوان تزوره في "باريس" العاشقة ، أملت السائق عنوان الميناء الجوي
لتبدأ رحلة ذكريات تعصف برأسها وما يهون ألم قلبها هو أن المنتظر لها في عودتها لقاء أهلها ، اسندت رأسها على النافذة وهي تبتسم بحنين وتتأمل الشوراع من حولها ... تلقي نظرة أخيرة ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
دلف من الخارج وألقى بجسده على الأريكة وضع رأسه بين يديه يشعر بألم يكاد يفتك برأسه فاليوم كان مليئ بالعمل فقد حضر اكثر من ثلاث اجتماعات و اتجه الى موقع العمل ليشرف على العاملين الى ان يأتوا بمسؤول جديد ، رفع رأسه عندما نادت على اسمه بهدوء
: آبيه ، انت كويس ؟
ابتسم وهو يمد يده لها لتجلس بجواره وضع رأسه على قدميها وهو يقول بتعب : تعبان اوي يا مكة
مسدت على شعره وهي تقول : اجهزلك تاكل يا آبيه ؟
نفى برأسه وهو يقول : لا اتغديت بالشركة مع خالد وعز
ضرب جبهته متذكرا : كنت هنسى .. فين سمر يا مكة ؟
قالت : بغرفتها يا آبيه ، اندهالك ؟
اومأ برأسه دون ان يردف بشئ بينما غادرت الغرفة متجهة إلى غرفة أختها لتطرق الباب وتسمع أذن الدخول لتدخل تجد سمر تتوسط الفراش وتعبث بهاتفها
لتقول سمر بمرح : مكة هانم عندي بالغرفة يا مرحبا يا مرحبا
تطلعت لها مكة بكبرياء مصطنع : عشان تقدري ، لازم يا بنتي الأسياد يتطمنوا على الغلابة الي زيك ، قوليلي يا بنتي ناقصك حاجة ؟
اردفت سمر بسخرية : الأميرة تتفقد الرعية ، ايه التواضع ده ؟
قالت مكة بغرور : انا يابنتي شكراً على ثقتك الغالية ، مين الشاطرة انا ،مين الأمورة انا ، مين الي هتتعلق دلوقتي من آبيه أناااا
سمر باستغراب : وهو آبيه جه ؟ ، هيعلقك ليه ؟
مكةبإيماءة : ااه جه دلوقتي وعاوزك هو بالصالة برة
وقفت سمر واتجهت الى أخيها بينما مكة أمسكت بذراعها بسرعة تطلعت لها سمر باستغراب بادلتها ملك ابتسامة سمجة وهي تشير بيدها بمعنى تفضل
ما أن خطت أقدامها أعتاب الغرفة التي يوجد بها سامر حتى صرخت مكة وهي تؤدي تحية عسكرية وتشد فبضتها حول ذراع سمر بطريقة مضحكة و تقول بجدية مضحكة : اهي يا باشا جبتهالك متلبسة بالجريمة
هزت سمر رأسها بيأس منها بينما ابتسم سامر وأكمل معها التمثلية قائلاً وهو يشير بيده : تسلم يا فرج اقف برة ما دخلش حد لحد ما خلص التحقيق
ضربت مكة قدمها بالأرض وهي تؤدي تحية عسكرية وتتجه لباب الغرفة لتغير مسارها بسرعة وتتجه تجلس على الأريكة المقابلة لهم نظر لها سامر بتعجب لتقول بابتسامة : انا كده كده كنت هتنصت عليكم ، بس شكله الموضوع كبير وأنا رجلي توجعني وأنا واقفة فقلت اقعد
نظر لها سامر بتعجب لتشير له وهي تقول : كمل يا باشا ولا كأني موجودة
تجاهلها سامر وهو يعلم انها لن تصمت أبداً فقال موجهاً حديثه لسمر : انت قولتيلي النهاردة أنك عايزة تشتغلي يا سمر صح ؟
توترت سمر وهي تقول : ااه يا آبيه ، أنا والله ...
قطع سامر حديثها وهو يقول : وأنا موافق بس هتشتغلي معايا بالشركة ، هتكوني سكرتيرة خالد عشان سكرتيرته فرحها قرب وهتاخد اجازة ، قلتي إيه ؟
ابتسمت بسعادة وهي تقول : موافقة طبعاً يا آبيه
ابتسم سامر وقال : خلاص بإذن الله من بكرة تنزلي معايا الشركة عشان تلحقي تتعلمي الأساسيات قبل ما مرام تأجز
ألقت نفسها بأحضانه بسعادة وهي تقول : ربنا يخليك لينا يا آبيه ، بس ازاي بالسرعة دي دا أنا الصبح قلتلك
ابتسم سامر بغرور وهو يقول : انت مستقلة بيا دا أنا معلم يا بنتي
شددت من أحضانه لتقول : حبيبي يا آبيه انت سيد المعلمين كلهم
قبل رأسها وكاد يتحدث ولكن سمع تنهيدة تأتي من خلفه التفت وجد مكة تجلس على الأريكة المقابلة تضع يدها أسفل خدها وتتنهدت بهيام وهي تقول : وإيه كمان يا حبايبي ؟
ضحك سامر بشدة و أشار لها بيده ان تأتي اتجهت إليه بسرعة وألقت نفسها بأحضانه وهي تقول بمزاح : ياريت كل التحقيقات حلوة كده
ضمهم سامر إليه وهو يقبل رأسهم وهو يتنهد ويتمتم بداخله : عقبال الي تاعبة قلبي
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أوقف سيارته بإهمال ودلف لداخل الفيلا بخطوات بطيئة يدرس المكان من حوله وجد الهدوء يعم المكان ، وجد والدته تجلس وحدها تمسك مصحف بين يديها ترتل آيته اتجه نحوها وقبل يديها وهو يقول : إزيك يا أمي ؟
أغلقت المصحف و ابتسمت له : الحمد لله يا حبيبي ، مروح بدري النهاردة ؟
ألقى مفاتيحه على الطاولة أمامه وقال : ااه خلصت الشغل بدري النهاردة قلت أروح
ألقى نظرة حوله ولم يتبين له عاصفتها الثرثارة حتى الآن، سأل باستغراب : أمال فين سارة ؟ كل ده ما جتش من الكلية ؟
أجابته وفاء : لا يا حبيبي جت ، هي في غرفتها دلوقتي
أومأ برأسه براحة ، توترت وفاء وقالت بحذر وهي تعلم أنها ستخوض صراع الآن : زين
نظر لها باهتمام لتكمل : هو انت يا حبيبي مش عايز تتجوز ؟
أغمض عيناه وتنهد بعمق لما لا يتوقفون عن الأسئلة تملك الغضب منه لكنه قال بهدوء : مش دلوقتي يا أمي وبلاش السيرة دي قدام بابا
اتجه لها وقبل رأسها عندما رأى ملامح وجهها اليائسة وهو يقول : انا هطلع اخد شور وأريح شوية عايزة حاجة ؟
سألته : مش هتاكل يا حبيبي ؟
نفى برأسه : لا مش جعان دلوقتي
قبل وجنتيها بحب وهو يحاول إيجاد حل يناسب الطرفين دون أن يُرهق نفسه : صدقيني يا أمي ،لما يحصل نصيب هاجي وأقلك جوزيني ،بس سيبيني الفترة دي
أومأت له بسعادة وهي على أمل بذلك قالت بدعاء : ربنا يريحك بالك يا حبيبي
نهض وجمع متعلقاته و صعد الدرج ذهنه يطالب بالراحة قبل جسده دلف لجناحه بتعب نفسي يسيطر عليه بقوة ، بدل ملابسه واتجه إلى الفراش لعله يحظى بقليل من الراحة متمنياً أن يرى فتاة أحلامه الآن ، فالمنام سرق المتبقي من عقله كما سرقت هي عقله من سنين ، أغمض عينيه وجفونه تتهاوى بتعب ، سرعان ما غرق في نوم يتضمنه منام جديد لفتاة أحلامه ربما ذلك المنام رسالة مبهمة تتضمن بداية جديدة ليحيى قلبه بعد حطام ..
~~~~~~~~~~~~~
دلفت لغرفته و جدت الظلام يعم المكان ، إلا من بعض الشموع ، رائحة البخور قوية للغاية ، مدت يدها لمقبس الكهرباء وأضاءت الغرفة ، طافت بعيناها تبحث عنه وجدته يجلس على الكرسي يضع قدميه على المكتب ، المليئ بالكتب والأدوات الدراسية ، يمسك بين يديه كراسة يدون بها ، شعره مشعث بطريقة فوضوية يرتدي نظارة شمسية ، رفعت حاجبيها ببلاهة أي شمس بهذا الكهف ، صرخت به وهي تقول :
إيه ده ؟! انت بتعمل إيه ؟ وإيه الشموع دي والبخور ؟؟!
خلع نظارته و أنزل قدميه عن المكتب بغرور وهو يأخد القلم الموضوع على أذنه ويشير لها على الكُتب : انت شايفاني بعمل إيه يا ماما ! ما أنا بذاكر أهو ، بكرة تقولوا ما بيذاكرش و ...
نهرته بعصبية : أخرس خلاص كفاية
أشارت على الشموع بعدم فهم من وجودها في وضح النهار لتقول بتهكم : والشموع ؟ والنظارة ؟ والبخور ؟
أجاب ببساطة : بعمل جو يساعد على التركيز
قالت بسخرية : قصدك جو يساعد على النوم
كادت تكمل توبيخه إلا أنها صمتت عندما وجدت "ريم" تدلف للغرفة وهي ترتدي إحدى العباءات السوداء وتلقي بوشاحها باهمال على شعرها الظاهر من أسفله وترتدي نظارات شمسية وتجلس على الكرسي المقابل لمكتب عمر وتقول : السلام عليكم يا شيخنا
جلس عمر على المكتب وهو يرد عليها : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، إيه مشكلتك يا بنتي ؟
بدأت شهقاتها التمثيلية تعلو بينما "حنين" تشاهد ما يحدث أمامها بفم مفتوح تكاد الصدمة تلجمها
قالت ريم بعدما أهدأت نوبة البكاء الكاذبة : أنا جاية يا شيخنا اليوم عشان أنا ما بقتش طايقة العيشة معه خلااااص بيضربي بيعذبني وأنا أحكي يا بنت أصبري عشان العيال
قال عمر : معاكي كم عيل يا بنتي ؟
اجابت ريم وهي تعد على أصابعها : فاطمة وحسن وعيسى ووداد يا شيخنا
عمر بنبرة درامية : ربنا يباركلك فيهم يا بنتي دلوقتي نيجي للمهم ...
قطعته "حنين" بصراخ وهي تكاد تصاب بسكتة قلبية : بس ايه ده ؟
أشارت على ريم التي انتفضت على صراخها : وانت يا عاقلة انت وش جواز ؟
أقتربت منها تنوي توبيخها لتهرب بسرعة وهي تضحك بينما عمر يحاول تفادي صفعاتها التي توجهها له وهو يقول :
اهدي يا أخت حنين بهزر معاكي ، إيه يا رمضان ما بتهزرش ؟
أجابته حنين وهي تحاول ضربه لعله يهدأ قليلاً ويتوقف عن مشاكسته للجميع : لا ما بهزرش يا رمضان
هدأت وهي تشير له على الغرفة تردف بتحذير : معاك خمس دقايق الغرفة دي ترجع زي ما كانت فاهم
أومأ برأسه وغادرت الغرفة ليقول : الله يخرب بيت الثانوية ع بيت المذاكرة
أطفأ الشموع وبدأ بفتح النافذة وترتيب الغرفة بينما اتجهت حنين إلى غرفة المعيشة لتجد "راشد" و"خالد" اتجهت نحوه لتقول : جيت امتى ياراشد ؟
قبل رأسها وهو يقول : لسا دلوقتي ، مالك متعصبة كده ليه ؟
نفت برأسها وهي تقول : ما فيش حاجة ، يلا غيروا هدومكم وتعالوا عشان نتغدا ، خالد نادي آدم والحيوان عمر معاك
اتجهت إلى المطبخ تجهز الطعام بينما ريم تنقل الأطباق إلى طاولة الطعام وهي تكبت ضحكاتها وهي ترى والدتها تكاد تنفجر كالقنبلة المشتعلة من أفعال أخيها ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وصل "أدهم" إلى باب شقته فتح الباب بملل يسيطر عليه ألقى مفاتيحه على المنضدة واتجه إلى أقرب أريكة ليجلس عليها ، طافت عيناه بالشقة ذات الطراز الحديث ما ينقصها روح تسكنها ، منذ وفاة والديه وهو يسكن وحده قد يأس من الوحدة ، زفر أنفاسه بألم .. روتين ممل يسيطر على حياته ، اتجه نحو غرفته يبدل ملابسه ليبحث عن شئ يصلح للأكل في هذا البيت شبه المهجور فهو يقضي يومه بين عمله وزملائه ويعود للبيت للنوم فقط نادراً ما يتناول الطعام به، خرج من المطبخ بعدما صنع لنفسه كوب من القهوة تناول هاتفه يتصفحه بملل توقفت القهوة بحلقه عندما وجد معذبة قلبه .. سالبة أنفاسه.. تنشر على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي عبارة :
" دعني أُصلح لك ما أفسدته أنتَ في نَفْسِك دعني أُحب أكثر الأماكن فيك خَراباً قلبك و عينك و يديكَ الوحيدتين ! "
ابتسم بعذوبة وهو يهمس بصوت منخفض : أحبك ايه أكتر من كده يا سارة ؟
تنهد بحب شديد لتلك الطفلة التي شهد على نموها ، يذكر عندما كان يأتي لبيت "زين" وتصر على الجلوس معهم ، تمنى أن يأتي اليوم الذي ستصبح على اسمه وفي بيته عندها ستسكن قلبه تمحي أثار وحدته تعيد ملامح البهجة والحب لذلك البيت المهجور ، وقتها سيريها جنون عشقه ، ف قلبه مقيد بالعشق ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
نظرت للهاتف للمرة الألف في غضون عشر دقائق ، تنتظر مكالمته على أحر من الجمر اعتادت أن يتصل بها في هذا الوقت من كل يوم ، لم يتصل حتى الآن بدأت الأفكار تعصف برأسها ، ماذا يفعل لينشغل عن مكالمتها شعرت بأنها ستصل لمنحنى خطير في أفكارها أرادت أن تشغل نفسها قليلاً خرجت من الغرفة وجدت والديها يشاهدون التلفاز بانسجام شديد بينما يتناقشون بأحداث الفيلم ابتسمت بداخلها دائماً ما ترى حب والدها لوالدتها بعيناه رغم كل السنين الا انها ما زالت رفيقة حياته ، فاقت على مناداة والدها لها
ريم بانتباه : إيه يا بابا ما سمعتش ؟
راشد بحنان : مالك يا ريم واقفة كده ؟ تعالي يا حبيبتي
اتجهت نحو الأريكة وجلست بجانبه بينما مد يده يحاوطها ابتسمت وسألت : هو انتم كلمتوا كارما النهاردة ؟
نفت حنين برأسها وهي تقول بحزن : لا امبارح كلمتني وقالت أن الشبكة هتفصل عندها اليومين دول عشان في عطل
اومأت ريم فهي قد أجرت عدة اتصالات بأختها و لم تجيب لتسأل مرة أخرى : هي هترجع الشهر الجاي ؟
تحدث راشد باشتياق : إن شاء الله يا حبيبتي ، انا لما كلمتها امبارح قالت أنها شوية كده وتخلص وتحجز التذكرة وتنزل، بعد الشهر تكون هنا بإذن الله
تنهد ريم وهي تقول باشتياق : وحشتني أوي أوي يا بابا
قبل راشد رأسها وهو يقول : وحشتنا كلنا والله
ارتفع رنين هاتفها ، تأملت أن يكون سامر لتقوم بلهفة وهي تقول : هرد ع الموبايل
أومأ راشد لها ابتسم بداخله على لهفة ابنته لمكالمة سامر ، فهو يعلم انه يتصل بها يومياً بعد انتهاء عمله وعودته لبيته ، التفت نحو حنين وجدها تبكي انتفض وهي يقول بقلق : مالك يا حنين ؟
حنين ببكاء : كارما وحشتني أوي أوي
تنهد راشد براحة وهو يضمها نحوه : وحشتنا كلنا يا حبيبتي والله ، مفيش داعي للعياط ده كله ، اهي شهر وتكون عندنا
مسحت حنين دموعها وابتسمت وهي تذكر ذاتها بأنه لم يتبقى شئ وسترى صغيرتها ، و شددت من احتضانه وهي تقول : ربنا يخليك ليا يا حبيبي ويباركلنا بولادنا
قبل راشد رأسها وهي يؤيد دعائها يتجاذب معها أطراف الحديث ليشغلها قليلاً عن حزنها ..
بينما في غرفة ريم فتحت الاتصال ولم يخطأ ظنها بأنه هو ، قالت ببرود عكس ما بداخلها من لهفة لمعرفة سبب تأخره في الاتصال : نعم
على الجانب الآخر علم سامر أنها غاضبة لأنه لم يتصل بها ك كل يوم لكنه كان متعب وتأخر في استيقاظه من قيلولته، تغاضى عن نبرتها وهو يقول بحب : وحشتيني
حاولت التماسك أمام نبرته وقالت : لا يا شيخ
تنهد وهو يقول بتعب : انا عارف أنك زعلانة عشان ما رنتش عليكي بس والله يا حبيبتي كنت تعبان أوي ونمت ما حستش بنفسي إلا دلوقتي وأول حاجة عملتها رنيت عليكي
لم تستطع الصمود أمام كلماته ونبرته تنهدت وقالت : حصل خير
ابتسم وهو يعلم أنها ستهدأ و قال : ها قوليلي ايه عندك أخبار ؟
بدأت تقص لها ما حدث ب يومها وهو يستمع لها دون ملل ويتفاعل معها، يشجعها لتكمل حديثها، ويضحك على تشبيهاتها لما يضايقها ، لتنتهي ويبدأ بسرد يومه وهو يستقبل أسألتها بصدر رحب ويجيبها ، يتمتعون بكل ثانية في تلك العلاقة المُمهدة لحياة واحدة ومنزل واحد وجسد واحد وروح واحدة ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أنهت أخر إجراءات سفرها وهي تسلم موظفة الاستقبال أوراقها وتذكرة سفرها ، أشارت لها الموظفة للعبور بالباب الزجاجي المخصص لرحلتها ، الذي يطل على مساحة واسعة للغاية يتوسطها وقوف طيارة يصعد على درجها المسافرون كل منه بداخله حكاية ، منهم من هو يستقبل اللقاء الحار ، ومنهم من خطى أولى خطواته للوداع ... صعدت درج الطائرة وهي تتخلى عن حزنها وفراقها نظرت نظرة أخيرة ل " باريس " ورددت بصوت مسموع :
" Adieu Paris, mon amour "
" وداعاً باريس العاشقة "
خطت أولى خطواتها داخل الطائرة ابتسمت لها المضيفة
وهي تشير لها على مقعدها بعدما ساعدتها في وضع حقائبها في المكان المخصص، أسندت رأسها إلى النافذة وهي تتذكر عندما آتت ل " باريس " كانت تجلس في نفس المكان ربما مشاعرها تلك المرة تختلف كلياً عن المرة الماضية ، فالمرة الماضية كانت تُودِع كل ما تملك تُودِع عائلتها ، وتُودِع أغلى شعور لدى الإنسان الآمان في عائلته وموطنه ، أما تلك المرة فهي تنتظر حرارة وشوق اللقاء ، سمعت صوت قبضان الطائرة يردد جملته المشهورة في ربط أحزمة الآمان وأنهم على وشك الإقلاع ، ابتسمت بسعادة وهي تتخيل ردة فعل أهلها عندما يلقونها ، تلك المفاجأة التي جهزت لها مسبقاً ، ربما ستكون سعادة للبعض وإحياء قلوب للبعض الآخر
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

انتهى البارت ....
اضغطوا ع النجمة ❤👇🏻
رايكم بالكومنتات ؟ 🍓







الطيف المجهول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن