أتى الصباح وافترشت الشمس قلب السماء وأدلت بجدائلها الذهبية خيوط أمل تثنت على زجاج نوافذنا بغُرور تغمِز للأحلام بطرفها وتنقش حُروفاً يتلألأ نورها هُنا وهناك ... لأول مرة منذ سبع سنوات اجتمعت العائلة على طاولة واحدة بينما "حنين" تنتقل بين أفراد العائلة بنشاط وهمة وسعادتها لا توصف بعودة صغيرتها ، نظرت "كارما" نحوهم بنظرة تحمل مشاعر كثيرة ، يغلبها السعادة والإشتياق ، بدأت تشاركهم بالحديث وضحكاتهم ترتفع رويداً ، تشعر وكأنها الملكة اليزابيث بوجودها وسطهم ، وللحق هي سعيدة للغاية فقد اشتاقت لهم و لمرحهم وحياتهم ، انتبهت على "عمر" وهو يقول بمشاكسة كعادته ويغمز بطرف عينيه : أزاي البنات الفرنسيات يا كوكي ؟
غمزته بمرح وهي تقول : حلوين أوي
ابتسم باتساع وأردف بحماس : أوعدنا يارب
ضحكت كارما عليه وهي تقول : انت عايز تروح فرنسا يا عمر ؟
أجاب عمر بمرح : أي مكان فيه مزز
ارتفعت ضحكاتهم جميعاً بينما تحدث راشد : انت طالع لمين كده سافل ؟
غمز عمر وهو يقول بخبث : عيب يا راشد تسأل سؤال زي كده وانت موجود
كتم بداخله لفظ بذيئ بأعجوبة لوجود الفتيات وقال : تصدق انت ما شفتش بتلاتة جنيه تربية
ضحك عمر بشدة وهو يوافقه ببرود : صح ، هو انت فاضي تربي ، خليك تدلع حنون بتاعتك
ابتسمت حنين بحرج وهو تقول بتوبيخ : اخرس يا قليل الأدب
كاد يتحدث لولا شعوره بشئ طري يصطدم بوجهه ، رفع بصره وجد أبيه ألقى عليه إحدى أقراص الجبنة المغلفة بغلافٍ محكم ، وهو يقول بتحذير : كلمة تانية هحدفك بطبق الفول أكسر راسك وأتريح منك
نظر "عمر" بغيظ وهو يشير على إخوته المبتسمين بشماتة و"ريم" تكتم ضحكاتها بأعجوبة ليقول لها بغيظ : اضحكي يختي احسن يجرالك حاجة
ارتفعت ضحكاتها العالية تنتشر في أرجاء المكان وهي تقول من بين ضحكاتها : مش قادرة ، بتموت لو متهزقتش كل يوم كده
نظر لها "عمر" بغيظ وهو يتوعد بداخله لها عند خروج والديه واخوته ، تحدث "خالد" بعدما كان يراقب الوضع بهدوء وابتسامة تتسع على حديثهم ليوجه حديثه لكارما : ليه يا كوكي ما قلتلناش انك جاية كنا استقبلناكي من المطار
أكملت ريم بحماس وهو تقول : ااه وكان جبنا بلالين وورد وحاجة قمر أوي
ضحكت كارما وهي تقول بهدوء : عشان تبقى مفاجأة ، انا لما قلت اني هجهز نفسي كنت مخلصة كل حاجة ولما قلت النت هيفصل بالشقة عشان ما تتصلوش بيا وأنا بالطريق وكده
ثم أكمل بحماس طفلة سعيدة : بس إيه رأيكم ؟
تحدث آدم بحنان بعدما تخلى عن صمته : أحلى مفاجأة بالدنيا كلها يا كوكي
ابتسمت له كارما وهي تقول بطفولة : انا بحبكم أوي
شعر راشد وبحساسيتها الشديدة ليقول بحنان : راما عاملة إيه ؟
ابتسمت كارما بإشتياق لتلك الجميلة التي تعتبر بمثابة أخت لها ، قضت سبع سنوات برفقتها ، لتقول بإشتياق : الحمد لله أنا كلمتها بس تنزل هتيجي عندي
أومأ لها راشد وعادت الأحاديث تعم الجلسة بمرح شديد ليسأل عمر : هي راما من سوريا ؟
حركت رأسها بإيماءة بسيطةوهي تقول : ااه من سوريا من دمشق
سأل عمر مجدداً بحماس : وبتتكلم سوري وكده
نظرت نحوه كارما بدهشة وقالت : أمال هتتكلم إيه ؟
- : وانت بتعرفي تتكلمي زيها ؟
سألها "عمر" بخبث وهو يخطط لتلك اللعبة الشقية بمخيلته
أجابت ببراءة : طبعاً بعرف أتكلم زيها ، عشت معاها أكتر من خمس سنين
قال عمر بمكر : طب ما تسمعينا كده
فهم خالد ما يود الوصول اليه ليقول بتحذير مبطن : كمل إفطارك يا عمر يا حبيبي
غمزه عمر وهو يقول : استنى انت بس يا عم
وأكمل وهو ينظر لكارما بينما الجميع يتابع باستغراب إصرار عمر : يلا يا كوكي
نظرت نحوه كارما بدهشة : يلا إيه ؟ دا انت ما طلبتش اتكلم فرنسي عشان تخليني اتكلم سوري
تحدث عمر بنبرة رجاء يغلفها الحماس : يلا يا كوكي حبيبتي ،طب بصي تعالي نلعب لعبة ، احنا هنسألك أسئلة وانت تجاوبي عليها باللهجة السورية
نظرت نحوهم ووجدت الحماس يغلفهم لتقول باستسلام: اوك
صرخ عمر بحماس وهو يقول : أنا أول ، إيه أحلى مكان زرتيه ب "باريس " ؟
أجابت كارما بهدوء و باللهجة السورية : متحف اللوفر ، أحلى مكان زرته بباريس هو متحف مليان شغلات حلوة وهو المتحف الي موجودة فيه لوحة الموناليزا ليوناردو دافنشي ، باريس مليانة متاحف بس هاد أحلى شي فيهم كلهم
كان الجميع ينظر لها بانتباه لتسأل ريم : أكتر رحلة حلوة أوي طلعتيها بباريس ؟
أجابت كارما بهدوء وما زالت تستخدم اللهجة السورية بدل عن اللهجة المصرية :رحنا مع الكلية ع رحلة زورنا فيها أماكن كتير حلوة ، رحنا برج إيفل ومتحف بيكاسو ومتحف الشمع ومتحف رودان وكتير أماكن ، هي كانت أحلى رحلة ، كنت حب أطلع picnic مع رفقاتي بالسكن ، كنا نروح ع حديقة قدام البرج ونقعد بالساعات ، أحلى مكان كنا نروح أنا والصبايا وننبسط كتير كتير
سألها آدم بهدوء كعادته : صحباتك بالسكن كويسين معاكي
صرخت بحماس طفلة وهي تقول : يا ويلي ما أحلاهم كنا نسهر بالساعات ونطلع سوا ونطبخ ونمزح ، أحلى شي بالسفر كانوا رفقاتي
ليسألها خالد : هو انتو كم بنت ؟
اجابت بهدوء وهي تعد على أصابعها وتقول بحماس والجميع مبتسم بتلك اللطافة المنبعثة من تلك الصغيرة : أنا وراما من دول عربية ، أنا من مصر وراما من سوريا ، إيلا وروز وإيف من فرنسا لكن محافظات تانية ، فدخلوا السكن مشان الجامعة تعتن بعيدة عن البيت والمحافظة تعتهم
ليقول عمر بمكر : هما بعاكسوا ازاي بالسوري ؟
ضحك خالد عليه بيأس وهو يقول : انت مش هتبطل السفالة دي
ضحك عمر بشدة وهو ينفي برأسه ، ابتسمت كارما وأجابت : معرفش بيعاكسوا ازاي ، بس وقت بدهم يتغزلوا بقولوا كده
لتقول بدلال لا يليق إلا بها : تؤبر قلبي إن شاء الله ، تطلع على قبري ، تكفني الهي ، يؤبرني ، تشكل آسي
ضحك عمر وهو يقول : هو كله موت كده
ضحكت كارما وهو تقول : هو كده ، بس اللهجة قمر أوي
ثم تابعت : خالد ممكن تاخدني عند دانة النهاردة هي متعرفش اني رجعت ، بعد إذنك يا بابا
راشد : مفيش مشكلة يا حبيبتي
خالد : حاضر بعد العصر كده هاخدك
ابتسمت وهي تقول بخجل برئ : شكراً
ابتسمت وهي تشعر بسعادة لوجودها معهم لكن ألم معدتها يكاد يقتلها من شدته ، نظرت للطعام باشمئزاز وهي تشكر الله على ان والدتها لم تلاحظ أنها لم تتناول شئ وإلا بدأت بالعديد من الأسئلة التي لا نهاية ولن تستطع الإجابة عليها ...
~~~~~~~~~~~~~~~
كان يغط بنوم عميق وهو يتوسط الفراش ، ارتفع رنين الهاتف بانزعاج ، فتحت عينيه بنعاس شديد وهو يمد يده يلتقط الهاتف وأجاب بصوت متشحرج من أثر النوم : ألو
أجاب الطرف الآخر بسخرية : انت لسا نايم يا باشا
ميِّز صوته ليقول بملل :والله اليوم الجمعة واجازة ، عايز إيه يا زين ؟
: معاك نص ساعة تكون عندي بالبيت ، عالله تتأخر
قال جملته وأغلق الاتصال ، نظر للهاتف بدهشة وهو يحاول استيعاب ما فعله ، رتب خصلات شعره بيده وهو يزفر بضيق من صديقه وأفعاله ، توعد له بشدة وهو ينهض ليبدل ملابسه ويتجه لهذا المزعج ، ارتسمت ابتسامة عاشقة على ثغره عندما تذكر أنه سيرى معشوقته ، حسناً سيتغاضى عن أفعال صديقه مقابل رؤيته لساكنة قلبه ...
~~~~~~~~~~~~~~
هتفت كارما وهي تجذب حقيبتها : متأكدة يا ريمو إنك مش عايزة تيجي معي
هزت ريم رأسها ترقد في زاوية الأريكة : آه ، ملك هتيجي عشان نخرج سوا ، زعلانة عشان هتجوز بتقول سامر هيخدني منها
سألتها باستفهام : مين ملك ؟
ابتسمت ريم وهي تقول بسخرية : جوزي قصدي البيست فريند
أرسلت لها كارما قُبلة وهي تقول : ماشي يا حبيبتي أنا نازلة أهو
هبطت الدرج بسرعة وهي تدندن لكنها قابلت إحدى جارات والدتها ، تسكن معهم في نفس البناية منذ سنوات تحدثت جارتها تدعى " ليلى " بصدمة : إيه دا كارما ؟!
ابتسمت "كارما" بحب واتجهت لها تلقي التحية تبادل الأحاديث بسرعة متعللة بأنها على موعد مهم ، تركتها جارتها بعد عديد من الوعود أن تأتي ويشربون القهوة سوياً ، خرجت من العمارة وجدت "خالد" ينتظرها ، ركبت لجواره في المقعد المجاور للسائق ، لينتبه لها ويقول : يلا ؟
حركت رأسها بإيماءة وهي تبتسم وتقول بحماس : يلا ، هنروح بيت عمو شريف بعدين نروح لدانة صح ؟
أومأ لها و قاد السيارة وهي يستمع لحديثها عن شوقها لرؤية "دانة" وحماسها لردة فعلها عند رؤيتها ، ابتسم على حماستها وهو يفكر بداخله أن أخته مازالت طفلة بريئة صغيرة جميلة حتى بعد سفرها وتعاملها مع الناس بشتى المعاملات السيئة والحسنة ،لكنه على علم بأنها تستطيع مواجهة عالم وحدها دون خوف ، لكنه لا يعلم أنها ستقع ضحية لحب سيُسطر بنيران العشق التي يشوبها بعض الشوائب الحارقة .... ربما حارقة لقلبها ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
احتضن طفلته المدللة ببسمة صغيرة وهو يطالع ملامحها الملائكية ليأتيه صوت زوجته التي تتوسط الفراش من جواره : سرحان في إيه ؟
أجابها بنبرة غامضة : بفكر ازاي الواحد يربي بنته ويكبرها ويدللها ويجي واحد ياخدها على الجاهز كدا
تعالت ضحكاتها قائلة بسخرية : ما أنت زي الواحد دا
ابتسم وهو يتأملها عن قرب : مش هفرط فيها بسهولة
ازدادت ضحكاتها لتقول بصعوبة : مش مصدقة تفكيرك يا سليم البنت لسا صغيرة أوي
طبع قبلة على وجه صغيرته بتوعد مضحك : برضو مش هجوزها
كبتت ضحكاتها بسخرية : دا قرار شخصي خاص بيك انت بس هي لا
تطلع لها قليلاً ثم انفجر معها ضاحكاً على أسلوبه الأحمق بالحديث ، وضعها بفراشها الصغير وقال لزوجته : يلا قومي عشان نروح عند بابا
أومأت له وهي تتجهز ليوم التجمع ببيت والد زوجها فمنذ زواجها وهي كل يوم جمعة يقضون اليوم برفقة الجميع ولا يخلو الجو من المشاكسات والمرح ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
انتبه لرنين الجرس يرتفع بانزعاج ليذهب وهو يصرخ : هكسر صباعك الي فرحان بالجرس دا
فتح الباب بعنف وجد "مراد" يقف أمام الباب وما زال يضغط على الجرس بانزعاج شديد و"خالد" يبتعد عن مرمى الباب بقليل تحسباً إذا "دانة" من فتحت الباب
استند "عز" على الباب بطريقة تمنع الدخول أحد وهو يقول بسماجة : خير ! يا نعم ؟
دفعه مراد وهو يقول بابتسامة لم تصل لعينيه : كل خير بإذن الله
ابتسم "خالد" عليهم بينما "كارما" كانت تقف خلف "خالد" فلم يراها "عز" حتى الآن ، غمز "مراد" ل "خالد" وهو يقول : شوف هعمل إيه دلوقتي
ابتسم "خالد" و على أتم علم بما يريد أن يفعل ..توقع "عز" أن يدفعه ليدلف للداخل ليفاجئه وهو يعود خطوة للخلف و يعود برن الجرس بإنزعاج شديد ، آتت "دانة" من الداخل ترتدي حجابها ،وجدت "عز" يقف على الباب يمنع دخول وصوت "مراد" و"خالد" من خلف الباب لتدفع "عز" برفق وهي تقول : ابعد يا عز بقى وبطل الي بتعمله
ابتعد عز بملل وفتحت الباب بالكامل وهو تقول بسعادة : مراد حبيبي وحشتني ، إزيك يا خالد
قبل "مراد" وجنتيها بحب وهو يقول بمكر وهو يرفع إحدى حاجبيه وينزله بسرعة مغيظاً عز : وانت أكتر يا حبيبتي
أشارت لهم بالدخول لكنهم لم يدلفوا لتقول : إيه فوتوا يلا ، أوعك تقولوا أنكم مش هتدخلوا
أمسك مراد يدها وهو يقول : تعالي أفرجيكي حاجة الأول بعدين نفوت ونشرب شاي ونتبسطت ونتعشى كمان
نظر له عز بغيظ وسحب "دانة" ناحيته وهو يقول لمراد بعنف وغيرة : جرا إيه يا حبيبي خف شوية
كانت "كارما" تخفي نفسها خلف "خالد" وتضحك على مشاكساتهم الشبابية ، لكن عندما سمعت صوت "دانة" شعرت بإشتياق شديد ، لم تريد ان تظهر حتى لا تفسد الخطة التي خططتها برفقة "مراد" و"خالد" لمفاجأة "دانة" ، قبضت بكفها الصغير على قميص "خالد" من الخلف تمنع نفسها من احتضانها ، كاد "خالد" بالتحدث ، لكن وجد "دانة" ثابتة بطريقة غريبة تنظر لنقطة خلفه بعمق وقد لاحظت جسد يتحرك خلفه : في حاجة وراك يا خالد ؟
ابتسم خالد وابتعد من أمام "كارما" ، لتظهر لدانة فتاة جميلة بريئة عيناها تلمع بالدموع ، بينما وجهت دانة بصرها نحو "عز" وهي تقول بصوت متقطع والدموع تتجمع بعيناها : هي دي كارما صح ؟انا مش بحلم
بينما عز لم يكن يعرف كارما فلقد رأها مرة أو مرتين بالصور فقط ، لا يستطيع تمييز ملامحها، كاد أن يتحدث لكن قاطعته كارما وهي و تغني بخفوت :
بنعيش والوقت بيسرقنا &
وبنمشي ونسرح في طريقنا &
والايام اللي بتجمعنا &
ممكن في ثواني تفرقنا &
ساعات الدنيا بتلهينا &
عن اغلي واقرب ناس لينا &
ضحكت "دانة" بسعادة وهي تتجه تحتضنها بحب و شهقات بكائهم المعبر عن إشتياقهم الشديد يرتفع
بينما الشباب يتابعون ما يحدث بتأثر شديد ، ظلوا لبعض دقائق يحتضنون بعضهم بإشياق كل منهما تهمس بمدى اشتياقها وفقدانها للأخرى ، تشدق عز وهو يحاول إخراج عبارات من جوفه في وسط هذا اللقاء المؤثر : دانة حبيبتي كفاية وتعالي ندخل جوه
انتبهت دانة أنهم ما زالوا على باب ابتعدت عن كارما وهي تقول : يا خبر أنا ناسية انو احنا على الباب ، تعالي فوتي
دلفوا للشقة جميعاً جلسوا الشباب يتابعون حديثهم بصمت ، بدأت دانة بسؤالها : جيتي امتى ؟
أجاب كارما بهدوء : امبارح المسا
ضربت ذراعها برفق وهي تقول بشر : من امبارح ودلوقتي أعرف
ضحكت كارما وهي تمسك ذراعها وتقول : اهدي يا حبيبتي ، أنا أصلاً قلت للكل اني جاية بعد شهر بس دا كان كلام وانا نزلت وعملتها مفاجأة ما حد يعرف ، أسألي خالد حتى
نظرت دانة نحو خالد بسرعة وجدته يومأ برأسه ، وجهت نظرها لدانة وهي تقول بحب : بس أنا مش مصدقة أنك قدامي لدلوقتي
احتضنتها كارما بدورها وهي تقول : ولا أنا ، أنا كنت فاقدة الأمل اني أنزل أصلاً بالذات بعد الماستر
تحدث عز بدهشة : ماستر !
أومأت كارما باستغراب من ردة فعله ليتنحنح وهو يقول بحرج : معلش آسف بس مش مبين ع شكلك
ابتسمت كارما وقالت بهدوء : ولا يهمك ، أنا اكبر من شكلي ، درست طب ست سنين و اشتغلت تقريباً سنة ونص وبحضر رسالة الماستر ، أنا عندي ٢٦ سنة
ابتسم عز وهو يقول : العمر كله يارب ، انجاز عظيم بحياتك
ليوجه حديثه ل"مراد" الجالس براحة وهو يقول بغيظ : وانت يا مراد مش عايز تعمل ماستر في فرنسا
أخرج "مراد" صوت من بين شفتيه يدل على النفي وهو يضع قدميه على الطاولة أمامه ويقول ببرود : لا مش عايز ... أروح فرنسا و أسيب أختي لمين
دفع عز قدميه عن الطاولة بغيظ وهو يقول : نزل رجلك يا حيوان
بدأت جولة جديدة من المشاكسات الشبابية بينهم ، كانت تبتسم عليهم تشعر بألفة شديدة اتجاههم ، حاولت تجاهل ألم جوفها وهي تتفاعل معهم وتتشارك الحديث الذي لطالما كانت تود أن تسرده لكن آتى القدر ليُغير الحكاية .... ربما نهاية تلك الحكاية ستكون بداية جديدة لإحياء قلوب أوْءدت نفسها في الحياة ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
كانت تحمل الصغيرة بين يديها وهي تثرثر كالعادة دون توقف والصغيرة تنظر لها ببلاهة : شايفة يا توتة عملوا فيا إيه ، أنا بفكر أننا نعمل مصيبة
نظرت لها الصغيرة لتكمل : متبصليش كده ااه أنا وانتي سوا هنعمل مصيبة
انكمشت ملامح الصغيرة وكأنها تعي حديثها لتكمل سارة : متخفيش يا توتة مصيبة صغنونة أوي متأذيش حد
ضربت كفها بكف الصغيرة وهي تقول بحماس : خلاص اتفقنا بس يجي أنكل ياسين نشوف
سمعت صوت الجرس لتقول بحماس : اكيد دا انكل ياسين ابن حلال جه ع السيرة ، عارفة انكل ياسين هو هيخبينا من زين وباباكي الوحشين دول ، عشان كده انا مش بعمل مصيبة الي بوجوده
اتجهت نحو الباب وهي تظن أن الطارق" ياسين " فتحت الباب ودلفت للداخل دون أن تنظر وهي تقول بصوت عالي : يلا يا ياسو ابن حلال عايزين في خدمة صغنونة كده انا وتوتة
: ما أنفعش أنا !
وكأن دلو من الماء البارد سقط على رأسها التفتت ببطء وهي تقول بتلعثم : أدهم !! ، معلش سوري فكرتك ياسين والله
ابتسم بتسلية على حالتها وقال بهدوء وهو يدلف : مش مشكلة وانا بالخدمة يا ستي لالك ولتوتة
التقط الصغيرة من يدها وقد سرت قشعريرة ناعمة بجسدها فور لامست أنامله يدها ، تناول الصغيرة بحب وهو يقول : يا خرااابي يا ناس ع الحلاوة
بقيت تتابعه بأعين تفيض بالعشق ، حبيب طفولتها وفارس أحلامها الوردية ، فاقت على صوت ضحكات الصغيرة لتنتبه وتبتسم باحراج وتقول بتلعثم : اتفضل بابا وزين جوا
ابتسم لها وهو يجاهد على ألا يخرج ما بقلبه لتلك المشاكسة ، تقدم للداخل وهو مازال يحمل الصغيرة بين يديه ، يلاعبها بحب ولطف ، يتمنى لو يصبح له صغيرة من مشاكسته ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أسدل الليل الكحيل عباءته السوداء ليملأ العالم بظلامه الدامس .. في منتصف الليل كانت تتمدد على فراشها وهي تأن من الألم ،العرق يتصبب منها ، آلام جوفها تكاد تنهي حياتها ، ينهش الألم بها بلا رحمة ، صوت أنينها يرتفع بألم ، الا أن نفذت طاقة صبرها لتصرخ بصوت عالي متألم وهي تنادي بألم ودموعها تزين صفحات وجهها الأبيض المكتسح بحمرة البكاء والألم ، لم تنتظر ثوانٍ ووجدت والدتها تدلف للغرفة بقلب مفطور من صراخ ابنتها وأبيها لجوارها ، اقتربت "حنين" مسرعة ناحية فراشها وهي تقول بقلق : مالك يا كارما ،مالك يا حبيبتي ؟
فزعت "ريم" من صراخها ونهضت سريعاً وهي تقف لجوار والدها ، ثوانٍ وآتى كل من بالبيت على ارتفاع صرخاتها ، صرخت بألم وهي تجاهد لإخراج الكلمات من جوفها : تعبانة جداً .. ااه
اقترب "خالد" سريعاً وهو يقول بقلق فشل في إخفاءه : لبسيها يا ماما الإسدال وهاتي أخدها المشتشفى بسرعة
حركت رأسها بإيماءة سريعة وهي تبحث عن الإسدال الموجود أمامها لكن القلق والخوف أعمى بصرها ، مدت "ريم" يدها بالإسدال بينما خرجوا الشباب للخارج ليستطيعوا تبديل ملابسها بحرية ، كانت تأن بألم وهي تحاول مجاراتهم في تبديل ملابسها ، خرجت "ريم" وجدت أخواتها وأبيها يقفون بتوتر لتقول بخوف : يلا يا خالد بسرعة
دخل سريعاً وحملها بين يديه برفق وهو يقول بخوف : معلش يا حبيبتي ثواني ونوصل ، انتي إيه الي بيوجعك ؟
توقفت عن الصراخ وهي تحاول كبت الآلام بداخلها والدموع تكاد تخفي ملامح وجهها الجميل ، وضعها بالمقعد الخلفي ولجوارها "حنين" بعد ان أبدلت ملابسها بسرعة ، بينما تولى هو مقعد القيادة ولجواره أبيه ....
كل منهما بداخله قلق كبير وخوف ينهش خلايا جسدهم بلا شفقة على صغيرتهم بينما هي تحاول كتم آلامها دون جدوى شعرت بهبوط يطوف بها فأغلقت عيناها باستسلام وهي ترحب بتلك الهالة السوداء التي ابتلعتها .......
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
انتهى البارت ...صور المتاحف حطيتهم بخلفية البارت فوق فيكم تشوفوهم ❤
في بارت يوم الجمعة كمان 💃🏻
توقعاتكم ؟؟النجمة 👇🏻❤
أنت تقرأ
الطيف المجهول
Mystery / Thrillerإلى أين ؟ إلى المُستقبَل البعيد ، إلى عينيك ، إلى مكتبة برفوف عتيقة تحملنا بين طيات سُطورها ، ومن ثُم لأحضان رواية تُمثلنا بتلك التفاصيل ، تروي أحداث كثيرة وتفاصيل مثيرة .. حيث تتضمن بأنه لا يمكن للوقت أن يمر بدونهما وتتوسطهما أفكار كثيرة دون أن يع...