البارت الرابع والثلاثون " الأخير " 🦋

1K 52 30
                                    

انقبض قلبه عندما آتى بباله فكرة عدم وجودها وأنها قد غادرت .. خرج من الغرفة بسرعة يبحث عنها وهو يخشى فقدانها مرة أخرى .. التفت حوله وهو يرى أن لا أثر لوجودها هنا .. اختلطت مشاعره ما بين الغضب والقلق منها وعليها .. كيف تفعل ذلك وتغادر ..؟ من أذن لها بذلك ..؟ هل ما زالت حزينة بسببه لكنه أخبرها بأسبابه وعليها مراعاتها جميعاً .. فاق من أفكاره على صوت هامس يأتي من ناحية المطبخ نظر ناحية المطبخ باستغراب ثم خطى ناحيته بحذر شديد حتى استند على الحائط الخارجي بخفة وما أن ألقى نظرة لداخل ليعرف من هذا المهاجم حتى تفاجئ بوجود تلك الجنية الصغيرة وهي تقف أمام مقود الغاز تدندن بلحن غنائي بصوت منخفض وهي تتمايل برشاقة ترتدي إحدى بيجاماتها البيتية وشعرها ينسدل على ظهرها بنعومة وترفع جزء صغير منه لأعلى .. اتجه لها سريعاً وهي يحتضنها بقوة يحاول تهدئة ذلك الخوف النابع من قلبه عليها وعلى أن تكون قد اختارت فراقه .. شهقت بنعومة وهي تقول : خضتني يا زين
أدارها إليه وهو يتحدث بحب : سلامتك من الخضة يا قلب زين
ابتسمت بخجل لطيف وهي ترتب خصلات شعره المبعثرة بفوضوية اثر النوم : انت جيت من السرير هنا
هز رأسه وهو يقول : اتخضيت لما صحيت لقيتك مش جنبي .. خفت تكوني سيبتيني
قبلت مقدمة رأسه بهدوء وهي تسمعه يتحدث : دي كانت اكتر ليلة انام براحة فيها .. هم وانزاح عن قلبي
توترت وهي تقول بتلعثم : عايزة أسألك سؤال .. بس متفهمنيش غلط
أومأ برأسه بهدوء : قولي يا حبيبتي
ازداد توترها خشية من القادم بينما هو استشعر توترها فتحدث بتشجيع : قولي يا كرملة يلا
تحدثت بتوتر : هتعمل ايه مع مايا
قبل وجنتيها بحب وهو يقول : النهاردة هتعرفي
قطبت ما بين حاجبيها ثم تحدثت بتوجس : حاجة تانية
أومأ برأسه باهتمام بينما هي حاولت فك حصار ذراعيه لتستطيع الهرب بعد كلماتها التي ستثير عاصفته بينما هو شدد من أحضانها وهو يقول : عايزة تهربي ليه ؟ عايزة تقولي إيه ومخليكي خايفة كده
استعادت تلك الكلمات التي شنت حرب بداخلها ثم تحدثت بثقة زائفة: أنا عايزة ارجع عند بابا
هز رأسه بموافقة ثم اتسعت أعينه عندما استمع لكلماتها بوعي .. استغلت الفرصة وهي تراه هكذا وهربت من حصار ذراعيه قائلة بثقة : انت فاكر انه كده خلاص .. لا طبعا انا هحاسبك على كل حاجة
خطى ناحيتها ببطئ خطير يُنذر بقدوم عاصفة ستقتلعها من جذورها : بتقولي ايه يا كوكي ؟
عقدت ذراعيها أسفل صدرها قائلة بثقة ولكن استحوذت عليها نبرة طفولية : بقول هحاسبك ع كل حاجة عشان تعرف تخليني اعيط وتعرف توقعني وتزعق فيا مرة تانية .. فاكر كل دا هيمشي بالساهل .. انت بتقرب كده ليه
ألقت اخر كلماتها بتوتر وهي تراه يخطو لناحيتها ببطئ ويعقد ذراعيه خلف ظهره بوقفة مزيفة تعلم عواقبها .. وكطفلة صغيرة كانت تستدير وتسرع بخاطاها للخارج وهي تقول : زين
أجاب ببرود : عيونه يا روحي .. كنت بتقولي ايه ؟ عايزة تحاسبيني
اتسعت ابتسامتها وهي تؤمأ برأسها بغرور مصطنع .. ثوانٍ وارتفعت صرخاتها وهي تركض بعيداً عن متناول يده بينما هو ركض خلفها متحدثاً بغضب : عايزة تروحي عند باباكي وتحاسبيني .. يا ترى هتمنعيني من المصروف ولا هتنيميني ع البلاط
ارتفعت ضحكاتها بمرح وهي تركض قائلة : فكرة برضو بس انا قلبي طيب مش زيك كده
تحدث متهكماً : قلبك طيب .. هو انا ايه جايبني ورا غير قلبك
قطبت ما بين حاجبيها وهي تقول : ايوا قلبي طيب مش زيك انت يا ابو قلب قاسي ..
تحدث بنفاذ صبر : انزلي من عندك يا كارما وبطلي حركات العيال دي
ابتسمت بعدما انتهى بها المطاف فوق الأريكة .. هزت رأسها من جانب لآخر بطفولة : لا مش هنزل يا قلب كارما عشان عارفة لو ايدك مسكتني هتعمل فيا ايه
حاول مقاومة تلك الضحكة والتي اخذت تجاهد للإفلات منه محافظاً على غضبه وحنقه منها لكن آتى صوته حنوناً رغماً عنه : طيب انزلي وانا اوعدك مش هعمل ليكي حاجة
هزت رأسها برفض قاطع : مفيش مجال يا زين هتتعاقب يعني هتتعاقب
اقترب منها بغتةً قائلاً بحنق : انتي بتكلميني كده ليه يا بت انتي
صرخت بمرح وهي تقفز عن الأريكة حتى وقفت تلهث بإنهاك وهي ترفع يدها باستسلام : خلاص stop تعبت مش قادرة
اتجه اليها وهو يجذبها من خصرها يلقي بها على الأريكة بلطف ثم جلس لجوارها يتابع وجهها الأحمر أثر الركض وهي تحاول التقاط انفاسها بصعوبة .. ربت على وجنتيها بلطف قائلاً : ادي آخر الشقاوة بتاعتك
ثم تحدث بحنان وهو يحاول اثارة عطفها نحوه : هيهون عليكي يا كوكي تسيبني .. هو مش انا يا حبيبتي قلتلك كل حاجة وانه دا كان غصب عني .. اكيد مكنتش اقصد اني اذيكي صح
نظرت نحوه و هي تهز رأسها بموافقة لحديثه ابتسم داخلياً ثم تابع بشجن : انا آسف اني اذيتك مكنتش اقصد والله ..
احتضنته قائلة بشجن : أنا بحبك أوي يا زين
قبل رأسها وهو يزيد من أحضانها : ياروح قلبه لزين ..
رفعت رأسها قائلة : بس هروح عند بابا
قبل احدي وجنتيها قائلاً : لا يا كارما
تحدثت بتأكيد : هروح عند بابا يا زين وانت متقدرش تمنعني
اقترب منها بصورة كبيرة قائلاً : مين قال ؟
نظرت له بتحدٍ مرح وهي تقترب منه هي الآخرى قائلة بتأكيد : أنا
تحدث بجدية : لا اذا انتي فتاخدي راحتك ع الآخر
ابتسمت ثم اقتربت كطفلة صغيرة تندس بأحضان والدها قائلة بنبرة عاشقة : وحشتني اوي يا زين .. الحياة بلا طعم بدونك .. تعبت أوي أوي وانت مش معي
تنهد بشوق : وانتي وحشتيني اوي يا كرملتي .. الفترة دي كانت صعبة علينا كلنا بس خلاص خلصت .. وانا وانتي سوا دايماً وأبداً
سكنت بأحضانه تعوض تلك الأيام التي افتقدته بشدة وافتقدت حنانه وحبه .. بينما هو أغمض عيناه براحة وهي يشدد من احضانها ويفكر بما سوف يفعل مع " مايا " وكيفية مواجهتها بأفعالها غافل عن القدر المُقدر لها كما قُدِر له من قبل ولا قوة في الأرض تستطيع إيقافه ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
شعور الانتشاء يسيطر عليها .. شعورها بأنها ربحت معركة كانت شبه مستحيلة بالنسبة لها جعلها تبتسم بسعادة .. قادت سيارتها وهي تقود لوجهتها الأخيرة لإنهاء آخر ورقة رابحة بالنسبة لها لتحصل على الجائزة بعد ذلك المجهود الذي بذلته في تفريقهم .. شردت في أفكارها و هي تشعر بحماس شديد يتخللها بقوة وهي ترى أنها نجحت وبجدارة في تنفيذ مخططها الذي عملت عليه منذ سنة .. كان أول ورقة رابحة بالنسبة لها وفاة جدها .. تملكها الغرور وهي ترفع صوت الموسيقى المندلعة بالسيارة بقوة تدندن بصوت عالي سعيد وضحكاتها ترتفع رويداً .. رجفة باردة احتضنتها ليسري ألم قوي بسائر جسدها وكأن هناك ما يبتعلها فاذا بالدماء تنساب من رأسها بقوة حينما تفادت بسيارتها شاحنة ضخمة فاصطدمت السيارة بالأخرى وارتطمت رأسها للأمام جعل الدماء تنزف منه بغزارة توالت مشاهد أمامها وهي ترى تدابير الخالق أمامها بعدما عدت لذاتها خطة رائعة جعلها تتناسى ما حولها تدفقت الدماء من رأسها وهي ترى ذاتها في وادٍ عميق لا تستطيع الخروج ولا حتى الصراخ .. علمت أنها هالكة لا محالة أغمضت عيناها تودع تلك الحياة التي كانت نزوة وهي غافلة عن ذلك ..
ماذا ستفعل جراء ما ارتبكته وملاك الموت يرفرف بجناحيه على عتبة حياتها اللعينة ؟! ..
انتهى أمرها وقد قُضيَ به ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
سارت لجواره بسرعة وهي تراه يخطو بسرعة نحو قسم العمليات يحاول اخفاء مشاعره اتجاه اي شئ قد يطرء بباله الآن .. تشعر بحالة الحيرة التي تسيطر عليه .. توتره الملحوظ اثناء مجيئهم بعدما علموا بحادث "مايا" وتم استدعاءها كطبيبة للقيام بعملها ولكن لم تكن تعلم انها "مايا " الا ان هاتفهم "ياسين" واعلمهم بحادثها الخطير الذي نسبة نجاتها ضئيلة للغاية .. ما أن وصلت إلى الردهة حتى وجدت الجميع هنا وملامحهم تحمل أمارات الخوف والتوتر .. اتجه "زين" نحوهم سريعاً بينما هي ذهبت لتتجهز للعملية .. ارتدت الرداء الطبي والقناع الطبي وعقمت يديها جيداً تتبع ذلك بارتداءها للقفازات الطبية المعقمة .. ثم اتجهت سريعاً للغرفة وهي ترى أن من أمامها مريضاً باختلاف صفة قرابته .. لا يهم الآن سوا أن عليها أن تقوم بمهمتها على أكمل وجه فالأخلاق المهنة أكبر من تلك الوصمات السوداء بحياتنا .. تفاجأت بعدم وجود طبيب الجراحة الآخر بعدما قام بالاعتذار لسبب طارئ .. تحدثت بغضب للممرضين : ازاي يعتذر كده .. المفروض هو اعتذر يكون في مكانه حد
تحدث إحدى الممرضات بسرعة : والله يا دكتورة احنا كنا عارفين بس دكتور أدهم بعملية تانية و الدكتور فارس اعتذر لسبب طارئ والباقي ممنوع لأنه مش بنفس الكفاءة
تنفست بغضب وهي تومأ برأسها ثم تحدثت وهي تخرج من الغرفة : هشوف حاجة كده .. شوفوا المؤشرات الحيوية كاملة وانا ثواني وجاية
خرجت لمكتبها سريعاً ما أن دلفت حتى وجدت " زين " يجلس على الأريكة يضع رأسه بين يديه .. تحدثت بلهفة : زين مالك ؟
رفع رأسه سريعاً عندما استمع لصوتها وتلقائياً ارتسمت ابتسامة عندما رأها برداء الأطباء .. بدت كإمرأة جادة غير تلك الطفلة التي تنير حياته .. تحدث بلهفة : انتي هنا ليه ؟
تحدثت بهدوء وهي تبحث في أحد الرفوف على شئ ما : مفيش دكتور جراحة غيري لانه دكتور فارس اعتذر
تحدث بصدمة : ايه وهتعملوا ايه دلوقتي ؟
أجابت : هشوف قسم الطوارئ واذا مفيش هعملها لوحدي عادي
قطب ما بين حاجبيه : طيب ادهم فين ؟
أجابت بهدوء : في عملية تانية
نظرت له لثوانٍ ثم تحدثت بقوة : تيجي معي يا زين
قطب ما بين حاحبيه بعدم فهم ثم اتسعت أعينه بشجن عندما وصل معنى حديثها إليه .. هز رأسه نافياً وهو يخفض عيناه قائلاً : مش هينفع يا كارما
تساءلت بحذر : عشان مايا يعني ؟
نظر لها بصدمة : انتي بتقولي ايه ! اكيد مش عشان كده .. مهما عملت دي تبقى بنت عمي وانا مش عايز اخسرها .. مش هتحمل موتها برغم من انها اذتني .. شرف المهنة اكبر من حاجات زي دي .. الموضوع مش كده .. مش هينفع مش هينفع
تساءلت بقوة : ليه .. ليه مش هينفع ؟
صرخ بغضب : مش هينفع يا كارما .. انا مش هموت كمان حد كفاية جدي .. انا مستهلش ابقى دكتور يا كارما مستهلش
صرخت بغضب مماثل : انت جبان .. جبان انا لا يمكن اقبل اني اعيش مع حد جبان .. ازاي تتكلم بالشكل دا انت عارف كويس انه جدك مات لانه جته جلطة بالشريان الرئيس للقلب مش غلط منك وانت دكتور وعارف انه حاجة زي دي بتكون نسبة النجاة قليلة جداً .. ازاي غلط منك وانتم بتكونوا اكتر من دكتور وممرض بالغرفة هو انت لوحدك الي عملت العملية .. انت جبان يا زين وبتداري خوفك دا بحكاية موت جدك ..
انا لا يمكن اقبل حاجة زي دي
ألقت كلماتها وهي تغادر بينما هو نظر لأثرها بغضب وكلماتها تتردد بداخله بقوة ويصدح صداها داخل عقله المغيب في وصمات ماضيه السوداء .. وكأنه هو من قدر ذلك الماضي وقدر تلك الحكاية .. حكاية تتبع حكاية لتمضي الحياة يوماً بعد يوم وكل يوم يبدأ بحكاية جديدة مقابله يطوي آخر صفحة في نهاية الحكاية السابقة .. ربما حان الآن انهاء تلك الحكاية الخاصة به والتخلص من جميع الوصمات السوداء بحياته وأول خطوة هي التصالح مع الذات وإنهاء محاكمة جلدها ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
خرجت من الغرفة بغضب منه لا زال ذلك الهاجس يسيطر عليه حتى بعدما سرد ماضيه لا يزال يسيطر عليه تأنيب ضميره ومحاكمة جلد الذات خاصته منذ الحادث وحتى الآن .. تنهدت بعمق تحاول طرد الغضب الذي يحتلها أثر كلماته عليها أن تهدأ لتستطيع القيام بعملها على أتم وجه .. استوقفتها " وفاء " وهي تبكي قائلة : كارما .. مايا عاملة إيه .. بقواوا مفيش دكاترة
ابتسمت على طيبة تلك المرأة وكادت بالتحدث لكنها اسمتعت لصوت من خلفها : مين قال مفيش دكاترة .. مش وقت كلام دلوقتي
التفت بحركة خاطفة مماثلة لشهقتهم المصدومة عندما رأوا "زين " يرتدي رداء الأطباء وهو يبتسم بهدوء مانحاً اياهم مجال الصدمة بعدما كان أمراً مستحيلاً .. اتجه ناحية "كارما" التي تنظر له بابتسامة هادئة تنفي أي ملامح صدمة قد تحتل ملامح وجهها ثم جذبها من يدها لغرفة العمليات قائلاً : يلا بينا
ابتسمت وسارت لجواره مال عليها قائلاً : مشفتكيش متفاجئة زيهم يعني
تحدثت بهدوء شديد : عشان كنت عارفة
سألها : عشان كلامك يعني ؟ واني هتأثر فيه
أخرجت صوت من شفتيها يدل على النفي ثم تحدثت وهي تشير لقلبها : لا عشان دا عارف دا كويس
انهت كلامها وهي تشير لقلبه .. ابتسم ثم تحدث بصوت رجولي عاشق : ودا بيعشق دا
كادت بالحديث لكنهم استمعوا لصوت يصدح من خلفهم : مش وقت رومانسيتكم دلوقتي في ولية بتموت
التفتت لتجد "ياسين " يتبعهم .. تحدث " زين " : انت بتعمل إيه هنا ؟
تحدث ياسين بفضول : أصل عايز اسألك سؤال وحاسس اني هموت لو معرفتش
أومأ " زين " برأسه بموافقة ينتظر سؤاله فتحدث " ياسين " ببحة فضولية : يعني انتوا باقلكم ساعة بتتكلموا وقبلها كنتوا مش عارف فين والبت الميتة جوا دي بقالها هنا من نص ساعة تقريباً .. انا بحكي بلاش تروحوا لانها اكيد ماتت دلوقتي وهي بتستناكم
تحدثت كارما بهدوء وهي ترى " زين " يكاد ينفجر من الغيظ : لا متخافش لازم قبل العملية نفحص المؤشرات الحيوية للمريض ونشوف اذا في اعراض او مضاعفات خطيرة اذا كان كده بنكون مجبورين اننا نأجل العملية مثلاً او اذا كانت خطيرة وفي مضاعفات ساعتها ..
قطعت حديثها عندما صرخ " ياسين " : خلاص مش عايز اعرف انا كنت ارسب بالاحياء اصلا
ابتسمت بمرح عليه ثم تحركت سريعاً باتجاه الغرفة بعدما آتى الممرض يبلغهم بأنه تم فحص المؤشرات الحيوية بشكل كامل وتعمل بشكل سليم .. وقف " زين " أمام الفراش يتفحص غرفة العمليات بأعين تلمع بمشاعر غريبة تستوطنه الآن .. اقتربت منه " كارما " تمسك بيده تدعمه قائلة بتشجيع : يلا
أومأ برأسه موافقاً .. بدأوا بمباشرة العملية بكفاءة عالية متوازنة في كلا الطرفين يحاولون بذل قُصارى جهدهم في سعيهم نحو اعطاء فرصة اخرى للحياة لذلك الشخص اذا أُتيح له فرصة .. باختلاف هويته وصفة القرابة بينهم .. هم هنا دائماً للقضاء على سبب تلك المهنة ...
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
شعرت بأنها محلقة فوق الغيوم وجسدها في حالة خمول كاملة لا تشعر بأطرافها وكأنها قد أُصيبت بشلل في أطرافها .. مشاهد تتوالى لذاكرتها لحفل زفاف جميل والأمير الوسيم ينتظر الأميرة أسفل الدرج وهناك فتاة تنظر لهم بحقد شديد ثم تبعه مشهد لسقوط الأمير عن الدرج والدماء تنتشر على وجهه بقوة صراخ فتاة يرتفع في المحيط .. بكاء وصراخ .. آهاات محملة بالمعاناة .. هزت رأسها بتعب تود الإفاقة من ذلك الكابوس .. ما أن حركت رأسها حتى شعرت بألم شديد يعصف بها وثقل كبير يستقر فوق رأسها .. تأوهت بألم وهي تحاول فتح أعينها بصعوبة .. استغرق الأمر ثوانٍ حتى استطاعت فتح أعينها نظرت للمحيط باستغراب وهي تقطب ما بين حاجبيها لكنها استمعت لصوت خافت يأتي من جوارها حركت رأسها بتعب شديد تغلبت عليه لترى " وفاء " تجلس لجوارها وهي تمسك بين يدها المصحف الشريف وترتل آياته بصوت منخفض .. نظرت للغرفة لثوانٍ ثم ارتفعت وتيرة بكاءها بقوة جعلت من بالغرفة يفزعون لصراخها .. اقتربت " وفاء " بلهفة : مايا انتي فوقتي ؟ مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه ؟ .. موجوعة طيب ؟
تحدثت " سارة " بقلق : هنادي كارما وزين
ما ان استمعت لاسمهم حتى ازدادت وتيرة بكاءها بقوة أومأت "وفاء " بلهفة وهي تحاول تهدأتها ولكن دون جدوى .. بينما " مايا " كانت تبكي وتشكي ندماً وألماً لم يكن جسدياً بقدر ما كان ألم تأنيب ضميرها لها بقوة لأفعالها الدنيئة .. حينما رأت الموت بعيناها علمت أن تلك الدنيا زائلة وذلك الحقد في قلبها وُلِدَ نتيجة طمعها وغرورها لن ينجيها من عذاب الآخرة .. آلام جسدية ونفسية تحتل روحها بقوة ونيران قلبها تشتعل بلهيب حارق وهي ترى أنها لم تسبب لهم إلا الأذية فقط .. لم تكن تستمع لأي حديث بينهم بل تستمع لمحاكمة تأنيب الضمير التي تستوطنها الآن .. انتبهت إلى صوت " كارما " الذي اخترق عالمها تتحدث بهدوء : مايا .. بصيلي هنا
امتثلت لأمرها دون أي ارادة .. فتحت اعينها ببطئ تتجنب النظر لها بخجل وهي تشعر بلمسات يدها الناعمة فوق جروحها .. تحدثت " كارما " بنبرة حنونة : الحمد لله على سلامتك يا مايا .. قوليلي حاسة بإيه ؟
تحدث " مايا " بنبرة بكاء وهي لا زالت تخفض بصرها للأسفل خجلاً : أنا آسفة
ثم نظرت ل " زين " الذي دلف مع " كارما " لكنه ابتعد يراقب من بعيد وترك ل " كارما " التصرف بالأمر .. تحدثت بنبرة متعبة : أنا آسفة يا زين .. انا السبب ورا كل حاجة .. انا آسفة الحقد كان عميني أنا آسفة ..
صمتت لثوانٍ تستعيد ثواها وداخلها يشجعها على ما تود فعله فذلك سيخفف من تأنيب ضميرها الذي يغزو جسدها بقوة ثم بدأت تسرد جميع أفعالها الدنيئة من بدايتها حتى انتهت وهي تخفض رأسها بخجل و ودموع الندم تكتسح ملامح وجهها .. تحدث " زين " اخيراً : انتي ساذجة اوي يا مايا انا كنت عارف انك ورا كل حاجة وبسهولة كنت اكشفك .. انا عايز اعرف السبب الي يخليكي تأذيني بالشكل دا .. ليه كل الشر دا .. انا عمري ما اذيتك
تحدثت بنبرة نادمة وبكاء : الطمع عمل فيا كل دا .. الحقد ملى قلبي وعمي عيوني .. كلمة آسفة ولا حاجة جمب كل الي شفتوه مني .. انا قررت اسافر عند ماما خلاص .. مش عايزة حاجة غير انكم تسامحوني
بكت بقوة : انا عارفة انه صعب تسامحوني بس حاولوا تدوني فرصة .. الحادث دا كان قلم قوي فوقني على الحقد والطمع ..
نظرت نحو " زين " الذي ملامحه جامدة بشكل كبير اما " كارما" كانت هادئة كعادتها دون ان تردف بأي شئ كانت تنظر " مايا " بأمل لهم لكنها شعرت بخيبة أمل عندما رأت ملامحهم الجامدة غير المتأثرة .. اغمضت عيناها بتعب وهي تعلم ان لهم كامل الحق برفض اعتذارها .. وبماذا يفيد الاعتذار بعد كل ما فعلت ؟! .. تحدثت " كارما " بعد رحلة صمت طويلة : انتي بتقولي دلوقتي انك عايزة تتوبي صح ؟ و ربنا بيقبل التوبة يعني ربنا اعطاكي فرصة انه تفوقي .. رب العباد اعطاكي ومنح ليكي فرصة عشان ترجعي تتوبي وتصححي أخطائك .. هنيجي احنا العباد ما نعطيكي فرصة .. انا مش هقول اني سامحتك وخلاص لانه انتي اذتيني بشكل كبير والاذى دا اثر على حياتي بشكل سلبي .. مش بسهولة هسامحك كده بس انا هعطيكي فرصة تصححي من نفسك عشان اهيئ نفسي اني اسامحك .. انا مستعدة اني اسامحك بس انتي تبيني انك فعلاً ندمتي
نظرت لها " مايا " بفرحة كبيرة ثم تحدثت : والله انا ندمت خلاص وعايزة اتوب والله
أومأت " كارما " برأسها بابتسامة وهي ترى ملامح الندم تحتل وجهها فتبدو صادقة و لذلك تحتاج فرصة جديدة بالطبع لن تضغط على نفسها وتسامحها وسيكن ذلك خارج ارادتها لكن فكرة انها ستمنحها فرصة ستجعل قلبها يتهيئ لمسامحتها قريباً وهي لن تكره مسامحتها فانها تريد التوبة والعفو أفضل من تَولُد حقد وطمع شديد .. نظرت نحو " زين " وجدت ماامحه لا تزال جامدة وهذا ما يظهر لكن بداخله حرب قوية وبالفعل ليس هناك فائز فالقُوى بين قلبه وعقله متوازنة خاصة في كل ما يحمل بقلبه باتجاه " مايا " من مشاعر و طلبها للعفو والمسامحة .. تحدث بنبرة خالية من اي مشاعر : انا حامل بقلبي كتير منك يا مايا ومش سهل اسامحك او حتى افكر اني اسامحك لانه عقلي رافض .. لكن يمكن بالايام الجاي قلبي يصفى من ناحيتك .. انا كنت بفكر اليوم ازاي اواجهك لكن القدر لعب لعبته ولا اعتراض على قدر الله .. هحاول بس ما اوعدكيش
هزت " مايا" رأسها بلهفة بالرغم من انه لم يصرح بمسامحتها او محاولة مسامحتها ك " كارما " لكن شرف المحاولة يكفي .. اغمضت عيناها بتعب جسدي شديد وأفكار تعصف برأسها بقوة وهي ترتب أفكارها للبدأ بحياة جديدة بعد التوبة والعفو .. اما " كارما " اقتربت من " زين " تقف لجواره وقد توقف العالم من حولهما وعم السكون المكان لا يسمعون لأي حديث و لا يصدح أي صوت سوى صوت القلوب تصرخ وتعبر عما بمكنوناتها نظرت له لثوانٍ بنظرات تحمل العشق والهوى ثم همست : كنت الحضن الدافي بباريس وحياتي كلها هنا .. بحبك أوي من ايام ما كنت طيف مجرد خيال و الآمان بالنسبالي في الغربة لحد ما تقابلنا ودلوقتي بقيت الحياة وأحلى حياة
ابتسم ابتسامة هادئة وهو يرى تلك الضبابة السوداء التي كانت تغلف حياته بدأت بالانحصار وقد أشرق نور الشمس من جديد ليبدأ حياة جديدة برفقة ملاكه همس بصوت رجولي عاشق : وأنا بعشقك يا ملاكي

- إلى أين ؟
إلى المُستقبل البعيد ، إلى عينيك ، إلى مكتبةٍ برفوفٍ عتيقة تحملنا بين طَياتِ سُطورها ، ومن ثُم لأحضانِ رِواية تمثلنا بتلكَ التفاصِيل ، تروي أحداثَ كثيرة وتفاصيل مُثيرة ..
حيث تتضمن بأنه لا يمكن للوقت أن يمُر بدونهما وتتوسطهما أفكارٍ كَثيرة دُون أن يَعو ..
-حسناً سَنسعى معاً ونُحاول إلى أن يجمعنا القَدر وتحمينا الملائِكة يا عَزيزي ..
اعترف بأنني لم أكف ُ يوماً عن تخيلك فقَد ارهقني التفكير بكَ دون جدوى ، فهل تأتي ونتقابل؟

~~~~~~~~~~~~~~~~~~

انتهت الرواية 🥀🤍

أنا مبسوطة جداً بهيك تجربة وبالرغم من انها روايتي الأولى إلى إني معجبة بكافة تفاصيلها وقصتها وحكايتها وأبطالها .. كسرت الروتين الممل للروايات وضفت فكرة جديدة من وحي خيالي وراضية بشكل كامل عن النهاية لانه مش ضروري اننا كل نهاية رواية نقتل الشر لانه اذا اخدنا هالشي وسيلة رح نقضي عن نص العالم لانه كل انسان في جواه نقطة خير ونقطة شر وحسب نحنا شو بنكبر فاذا اقدرنا انا نقضي ع الشر باننا نتوب ونحوله للصح فهيك يكون احسن من اننا ننهي الرواية بقتل الشرير وانتصار للطرف الآخر الملاك .. كلنا بشر وكلنا بنغلط وهالشي مش عيب بس اهم شي نتوب 💛

شكر خاص الي اتميت كتابة رواية كاملة بتفاصيلها بسرد وحوار وترتيب احداث بهيك شكل .. بالنسبة الي انجاز حلو جدا 🍓💛
للعلم انه الموضوع مجرد صدفة و الرواية هاي كانت مجرد تجربة وبس .. لكن كانت تجربة كتير حلوة 💛

شكر خاص الكم كلكم دون استثناء ع التشجيع والدعم الدايم .. شكرا بجد ليكم ❤❤❤❤❤

هلأ بقدر أسمع آرائكم بالرواية كاملة من ناحية السرد والحوار وترتيب الاحدات والعقدة والحل وظهور الشخصيات

بالنهاية شكراً ليكم كلكم وبعتذر عن التأخير بس النت كان فاصل عندي ..

ما تنسوني ابداً .. دعواتكم ليا 🤍

دمتم بخير 🍓💛
رأيكم ؟ 👇🏻

الطيف المجهول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن