توقف عبد الحميد لعدة دقائق أمام منزل شقيقته حنان، محاولًا جمع شجاعته قبل أن يطرق الباب. فُتح الباب، وظهر فادي، زوج أخته، وهو يحمل ابنه الرضيع على كتفه. بدت علامات المفاجأة واضحة على وجهه عندما رأى عبد الحميد.
فادي - بدهشة: عبد الحميد؟! ما الذي جاء بك؟!
شعر فادي بالحرج من ردة فعله المفاجئة، فابتسم بلطف قائلاً:
فادي: آسف، لم أقصد ذلك... تفضل بالدخول.
دخل عبد الحميد المنزل وهو يعلم تمامًا نقاء نية فادي، فكان يشعر بالراحة تجاهه.
فادي - بابتسامة: هذه أول مرة تزورنا دون أن تخبرنا مسبقًا!
عبد الحميد - بنبرة مرحة: لم تعجبك زيارتي إذًا؟ لا تقلق، إنها زيارة سريعة، سأرى أختي وأخرج فورًا!
فادي - ضاحكًا: هاهاها، أنت تعلم أن البيت بيتك!
عبد الحميد - بابتسامة خفيفة: شكرًا. حسنًا، هل يمكن أن تنادي حنان؟ لدي أمر مهم أود مناقشته معها.
فادي: حنان خرجت في الصباح، ذهبت لزيارة صديقتها.
عبد الحميد - متعجبًا: صديقتها؟ آه، تقصد توليب؟!
فادي - بدهشة: أتعرفها؟!
عبد الحميد - بنبرة ساخرة: ومن لا يعرف صديقة حنان المقربة منذ أيام الجامعة؟ توليب! هاهاها، لقد ذكرتني بأيام مضت. تصدق أن حنان كانت تحاول تزويجي بها؟ أرسلت لي العديد من الإيميلات لتقنعني بأنها العروس المثالية، ولم تتوقف إلا عندما تزوجت نرجس!
فادي - بإعجاب: بصراحة، كان لديها حق، توليب ملاك.
عبد الحميد - بجدية: على كل حال، لماذا ذهبت إليها؟ هل هناك شيء مهم؟
فادي - بحزن: للأسف، توفي والدها فجر اليوم. ذهبت حنان لتواسيها وتساعدها في ترتيبات الجنازة واستقبال المعزين. هي الآن وحيدة بعد وفاة والدها.
عبد الحميد - بتأثر: إنا لله وإنا إليه راجعون. طيب، هل يمكن أن تتصل بحنان وتخبرها أنني هنا؟ أريد التحدث معها في أمر عاجل.
فادي: بالتأكيد، دقيقة واحدة.
ذهب فادي إلى غرفة نومه، والتقط هاتفه ليجري اتصالًا بزوجته.
... فادي مروان، 38 سنة، طويل، نحيف، عيونه سوداء كبيرة، بشرته بيضاء، شعره أسود، لديه شارب وذقن خفيف. وصديق عبد الحميد منذ الصغر ...
ـــــــــ
في منزل توليب، كانت حنان تجلس بجوار صديقتها، التي كانت تبكي بحرقة على فقدان والدها.
حنان - (في نفسها): يا حبيبتي، فقدتِ والدك بعد والدتك، وأصبحتِ وحيدة. لقد ضحيتِ بعمرك وأنتِ ترفضين العرسان من أجل رعاية والدك. يا رب، عوض صبرها خيرًا!
٠٠٠ حنان 36 سنة، جميلة، عيونها سوداء، شعرها أسود طويل، نحيفة، متوسطة الطول، خريجة ليسانس أدب فرنسي ...
حنان - بتأثر وهي تمسك بيد صديقتها: اهدئي يا توليب، والدك عبد الصبور ما كان ليرضى أن يراكِ تبكين هكذا. تذكري كم تعب في مرضه، فالأفضل أن ندعو له بالرحمة والمغفرة.
توليب - تبكي: أعلم كل ذلك، يا حنان. الحمد لله، ضميري مرتاح لأنني لم أتركه لحظة واحدة، وقمت بخدمته بكل ما أوتيت من طاقة. حتى أنني أخذت دورات إسعافات أولية لأتمكن من رعايته. ولم أتزوج حتى لا يشغلني عنه الزواج.
حنان - بامتنان: الحمد لله، أنتِ مؤمنة وقوية. احتسبي أجر صبرك عند الله.
توليب - بغصة: آمين. ولكن البيت سيكون خاليًا من دونه، سأشتاق إليه كثيرًا.
... توليب 36 سنة، جميلة، عيونها بنية داكنة، شعرها بني قصير، متوسطة الطول، ممتلئه الجسم، خريجة ليسانس أدب فرنسي ...
رن هاتف حنان، فرفعت الهاتف لترى اسم زوجها.
حنان: نعم حبيبي، هل الأولاد بخير؟
وبعد سماعها بعض الكلمات، انتفضت من مكانها بسرعة.
حنان: أخبره أنني سأصل حالاً. إلى اللقاء.
التفتت حنان إلى صديقتها واحتضنت يدها بحنان لتواسيها.
حنان: سامحيني يا عزيزتي، أعلم أنه لا يصح أن أتركك في هذه الظروف، لكن اسمحي لي أن أذهب الآن وسأعود إليكِ في المساء لأقضي الليلة معك.
توليب: لا داعي يا حنان، أولادك بحاجة إليك أكثر مني.
حنان - بإصرار: لا تتحدثي هكذا، سأذهب لأرى أخي وأعود إليكِ فورًا. تماسكي، كلنا لها، وربنا يصبرك على فقدان عمي.
توليب - بتأثر: الحمد لله. شكرًا لكِ يا حنان.
حنان: في أمان الله.
توليب: الله يحفظك لي. في أمان الله.
ـــــــــ
في المنزل، التفت فادي إلى عبد الحميد وقال:
فادي: ها هي في طريقها إلينا. سأذهب الآن لتحضير الغداء.
عبد الحميد: لماذا تتعب نفسك؟ لنطلب طعامًا جاهزًا، وأنا سأدفع الحساب.
فادي - ضاحكًا: "هاهاها، شكرًا، لكن أنا وحنان اتفقنا منذ زواجنا ألا ندخل طعامًا جاهزًا إلى بيتنا، حفاظًا على صحتنا وصحة أولادنا.
شعر عبد الحميد بمرارة وهو يسمع كلام فادي. أدرك أن رغم كل المال الذي يملكه، لم يستطع تعويض النقص في حياته العائلية. كان عمره ثمانية وثلاثين عامًا، ولم يعرف بعد معنى الاستقرار والحب في عائلته الصغيرة. وبينما يغوص في ذكرياته، وجد نفسه يعود بالزمن إلى الوراء، إلى ستة عشر عامًا مضت.
ـــــــــ
أنت تقرأ
نصيب الورد
Romanceفي الحياة، هناك من يملكون كل شيء، ومع ذلك يشعرون بفقدان ما هو أعظم من المال والجاه. هكذا كان حال عبد الحميد، رجل الأعمال الناجح الذي جمع ثروة طائلة، لكن كل تلك الملايين لم تكن كافية لتعوضه عن دفء البيت وحب العائلة الذي افتقده. بلغ الثامنة والثلاثين،...