بعد أن أنهى عبد الحميد دراسته الثانوية بنجاح، قرر أن يكمل مشواره التعليمي في أوروبا، على خطى أبناء الأثرياء الذين سبقوه. لم يكن لديه أي تردد في بيع نصيبه من إرث والدته إلى خاله فرحان، الذي لم يتردد بدوره في دعمه مالياً خلال فترة دراسته في الخارج. بفضل هذه التضحية، تمكن عبد الحميد من تحقيق حلمه بالسفر إلى فرنسا للدراسة في واحدة من أعرق جامعاتها.
في ذلك الوقت، كان عبد الحميد منهمكاً تماماً في دراسته، يبذل قصارى جهده لتحقيق النجاح. في الصباح كان يدرس الهندسة المعمارية واللغة الفرنسية، بينما كان يقضي أمسياته في تعلم الإيطالية والألمانية وإدارة الأعمال. كان هدفه واضحاً: التفوق العلمي والمهني، ولا شيء سيقف في طريقه.
ولكن خلال عامه الرابع، حدث ما لم يكن في الحسبان؛ لفتت انتباهه فتاة تدعى نرجس نصر الدين، طالبة في نفس قسمه ولكن في مستوى الثاني. جمالها الفاتن أسر قلبه منذ اللحظة الأولى؛ بشرتها البيضاء الناعمة، عيناها الخضراوان، وشعرها الذهبي الطويل. شعر عبد الحميد بالفضول نحوها وبدأ في محاولة التعرف على تفاصيل حياتها من خلال صديقاتها. وسرعان ما اكتشف أن نرجس تنحدر من أصول مختلطة، إذ كان والدها مصرياً ووالدتها فرنسية. وكان والدها، جمال نصر الدين، من كبار رجال الأعمال المعروفين في مصر وأوروبا.
بدأ عبد الحميد يرى نرجس كفرصة ثمينة لمضاعفة ثروته. ومع معرفته بطباع الناس ومهاراته في كسب قلوب الآخرين، بدأ يلعب لعبته ببراعة. لم يحاول لفت انتباهها بشكل مباشر، بل تصرف وكأنها لا تهمه، وهو ما جعلها تقترب منه أكثر، ظانةً أنها هي التي تطارده. هكذا دخلت نرجس في الفخ الذي نصبه لها عبد الحميد دون أن تدري.
لم يمض وقت طويل حتى اعترفت نرجس لوالدها بحبها لعبد الحميد، وطلبت منه أن يزوجها به بأي وسيلة، حتى لو اضطر لشرائه بالمال. شعر جمال بالقلق من احتمال أن يكون عبد الحميد شاباً استغلالياً، فأمر بإجراء تحقيق شامل حول ماضيه. وبعد أسبوع، وصل التقرير إلى مكتب جمال، ليكتشف أن عبد الحميد طالب مجتهد وشاب عصامي. قرر جمال أن يراقبه عن قرب، ليختبر نزاهته قبل أن يوافق على زواجه من ابنته.
بعد أيام قليلة، دخل عبد الحميد مكتب جمال، وهو يشعر بالفخر والاعتزاز. لقد حقق الخطوة الأولى في تحقيق حلمه بالوصول إلى عالم المليونيرات. ولكن ما أن بدأ الحديث بينهما حتى شعر عبد الحميد بالتوتر والخوف من النتيجة. كان يعلم أن هذه المقابلة قد تقرر مصيره.
ابتسم جمال وهو يرى عبد الحميد، ونهض ليستقبله، معجباً بهيئته وشخصيته. ثم بدأ الحديث بابتسامة ودودة:
جمال: "أهلاً وسهلاً بك في شركتي، تشرفت بمقابلتك."
عبد الحميد الهاني، طويل القامة، عريض المنكبين، واسع العينين، شعره أسود كثيف، بشرته داكنة قليلاً، ذو وجه حليق.
![](https://img.wattpad.com/cover/273100931-288-k432441.jpg)
أنت تقرأ
نصيب الورد
Romansaفي الحياة، هناك من يملكون كل شيء، ومع ذلك يشعرون بفقدان ما هو أعظم من المال والجاه. هكذا كان حال عبد الحميد، رجل الأعمال الناجح الذي جمع ثروة طائلة، لكن كل تلك الملايين لم تكن كافية لتعوضه عن دفء البيت وحب العائلة الذي افتقده. بلغ الثامنة والثلاثين،...