خرج عبد الحميد من المصعد وهو يشاهد المشهد أمامه بعينين غاضبتين، حاول أن يتحكم في مشاعره لكنه شعر بخيبة أمل ممزوجة بالغيرة. كانت توليب تمسك ذراع فادي وتضحك بسعادة غامرة، فاقترب منهما، قائلاً بسخرية:
- "الذي يرى كلاكما هكذا، متعلقين ببعض، سيظن أنكما العريسان!"
انقلبت سعادة توليب إلى ذهول، فابتعدت بسرعة عن فادي وكأنها شعرت بأنها ارتكبت خطأ فادحًا. لم تستطع النظر إلى عبد الحميد مباشرة، لكنها شعرت بثقل نظراته التي كانت مليئة بالغضب وسوء الفهم. متسائلاً:
- "أنتما تنتظران الفرقة الموسيقية لتأتي وتقوم بالعزف لكما حتى تغادرا؟"
حاول فادي تخفيف التوتر.
- "كنا نهم بالرحيل، لكنها انزلقت وكانت ستسقط فأمسكت بذراعي!"
عبد الحميد: "آوه. حسناً، تقدما أمامي الآن، وسأكون معكما!!"
مشى عبد الحميد مبتعداً نحو مكتب الاستقبال، وهو ينظر إليهما بتأمل.
عبد الحميد - لنفسه: "هل يُعقل أن يكون هناك من يسقط على الأرض ووجهه يبتسم بملء السعادة؟ يجب أن أضع ممرضة خالتي أمام عيني حتى أحافظ على بيت أختي!"
شعرت توليب بالحرج والخجل، لكنها حاولت تمالك نفسها.
توليب - بقلق: فادي، من فضلك، دعنا نمشي ببطء، إنه يراقبنا وأنا أخشى أن أسقط أمامه بالفعل!"
فادي: "حسناً!"
سار كل من توليب وفادي ببطء، وعندما خرجا من البوابة سارعا في خطواتهما حتى وصلا إلى طاولة حنان.
توليب - بخوف: "حنان، أنقذينا، أنا وفادي تورطنا أمام عبد الحميد، ولا بد أن نغادر الآن!"
حنان: "ما الأمر؟ اجلسا واحكيا لي ما الذي حدث!"
جلسا وأخبرا حنان بما حصل. وتدخلت زهراء في الحديث:
زهراء: "قلت لكم دعوني أنا أتفاهم معه. بهذه الطريقة، سيبتعد عنكِ عبد الحميد!"
حنان: "ليس الآن يا خالتي!"
فادي: "اصمتا! عبد الحميد قادم نحونا!"
شعرت توليب بالخوف من أن يهينها عبد الحميد مرة أخرى، فسحبت عربة ابن حنان لتظهر وكأنها مشغولة باللعب معه. بينما قام عبد الحميد برفع ابنة أخته، فرح، وجلس مكانها، وجلسها على ساقه.
عبد الحميد: "ما رأيك في الحفلة، يا حنان؟ هل أنتِ سعيدة؟"
حنان: "سعيدة جداً، لكن أرى أن الوقت قد تأخر ويجب أن..."
عبد الحميد - مقاطعًا: "أعجبكن الطعام، أليس كذلك يا فتيات؟
سارة: "كان العشاء لذيذاً جداً!"
عبد الحميد: "رائع! وأنتِ يا فرح؟"
فرح: "أكلت كثيراً حتى شبعت، وأعجبني طبق الجيلي!"
عبد الحميد - بهدوء: "جيد جدًا، يا حبيبتي!"
فكرت حنان في تغيير مزاج أخيها.
حنان: "عبد الحميد، أين ولديك؟ لم نرهما في الحفلة!"
عبد الحميد: "تركناهما في القاهرة!"
حنان: "لماذا؟ كان يجب أن تحضرهما مع نرجس حتى يستمتعا في الحفل ويلعبا مع ابنتاي!"
عبد الحميد: "من الصعب إحضارهما هنا. لا أستطيع الاعتناء بهما!"
حنان: "لا يا أخي، يجب أن يأتيا ويفرحا في مثل هذه المناسبة. وكن مطمئناً، سأهتم بهما أنا. وإذا أردت، دعهما يقيمان معي!"
عبد الحميد: "ألن تملّي منهما؟"
حنان: "أبداً، أنا وابنتاي نحب ولديك، وسأحفظهما في عيني!"
عبد الحميد: "حسناً، إذا وجدت وقتاً غداً سأذهب لإحضارهما!"
نظر عبد الحميد إلى توليب، فرآها تلاعب ابن أخته، فضاع في تأملاته.
عبد الحميد: "خالتي؟!"
زهراء - بحدة: "ماذا فعلت؟!"
انتبه عبد الحميد لنفسه وأدار رأسه نحو زهراء بسرعة.
عبد الحميد: "لا، لا شيء. لكن غداً، يجب أن تأتي وتجلسي بجانبي!"
زهراء: "أين أجلس بجانبك؟"
عبد الحميد: "لقد حجزت لكِ وللدكتورة جناحاً قريباً من جناحي!"
زهراء: "لماذا؟"
عبد الحميد: "فكرت أنكِ خالتي لذا يجب أن تكوني بجانبي، والدكتورة قد نحتاجها لعمي!"
زهراء: "لكنني لا أرغب في ذلك. أنا مرتاحة في البيت!"
عبد الحميد: "وهل هناك الفرق بين الجلوس في البيت أو في فندق؟"
زهراء: "نعم، هناك فرق. أحب الاستقلالية ولا أحب وجود الموظفين وهم يدخلون ويخرجون للتنظيف!"
رأت حنان في ذلك فرصة للتقريب بين توليب وعبد الحميد.
حنان - بغمزة: "لا يا خالتي. عبد الحميد على حق. يجب أن تكوني بجانبه في الفندق وتسمحي لأمل بالاهتمام بصحة عمه. طبعاً إذا سمحت يا أمل؟"
توليب: "سأجلس مع زهراء حيثما تجلس!"
زهراء: "اسمع، سأوافق على الجلوس في بيت قريب من الفندق!"
عبد الحميد: "لقد حجزت، وغداً صباحاً يجب أن تكونا جاهزتين بحقائبكما، وسأرسل من يأتي لأخذكما!"
زهراء: "حسناً، دعنا نبقى يوماً آخر في البيت، وبعد غدٍ ننتقل إلى الفندق!"
عبد الحميد: "غداً يجب أن أجدكما جاهزتين!"
التفت عبد الحميد إلى فادي.
عبد الحميد: "وأنت، يا فادي، أريدك في موضوع مهم، ولكن في وقت آخر!"
فادي - بهدوء: "أي وقت تريده، أنا تحت أمرك!"
عبد الحميد: "استمتعوا بوقتكم!"
نهض عبد الحميد من مكانه ونظر إلى توليب نظرة أخيرة قبل أن يبتعد، لكنه تفاجأ عندما سمع ضحكاتهم تأتي من خلفه وهم يضحكون بسعادة.
ـــــــــ
أنت تقرأ
نصيب الورد
Romanceفي الحياة، هناك من يملكون كل شيء، ومع ذلك يشعرون بفقدان ما هو أعظم من المال والجاه. هكذا كان حال عبد الحميد، رجل الأعمال الناجح الذي جمع ثروة طائلة، لكن كل تلك الملايين لم تكن كافية لتعوضه عن دفء البيت وحب العائلة الذي افتقده. بلغ الثامنة والثلاثين،...