توقفت السيارة أمام المنزل، وسرعان ما نزلت توليب مسرعة نحو الداخل، وخلفها عبد الحميد الذي بدا مستعجلاً. رفع صوته ليعلن دخوله البيت:
عبد الحميد: "إحم!!"
وجدها جالسة على الكرسي في غرفتها، فسأل بغضب:
عبد الحميد: "نعم، ماذا تفعلين هنا؟!"
توليب - بهدوء: "لن أعود معكم!!"
عبد الحميد - بانزعاج: "لن نبقى منتظرينك حتى تجف دموعك!"
توليب - بإصرار: "قلت لك لن أعود. سأذهب إلى المطار وحدي وسأسافر على نفقتي. اطمئن!!"
عبد الحميد - بحنق: "ولماذا تتحدثين عن المال؟ أسرعي يا ماما، لديّ الكثير من العمل!!"
توليب: "اذهب، وهذا قراري النهائي!!"
خرج عبد الحميد من الغرفة، ولم تخفَ عن توليب مشاعر الحزن من تخليه عن إقناعها. ولكن سرعان ما عاد ليجمع حقائبها، وفرحت توليب في سرها عندما بدأ يلمس أشيائها رغم حزنها على الفراق. اقترب من المرآة ليلتقط علبة المكياج والعطور، لكنها قامت بسرعة وأمسكت بيده:
توليب: "احذر على المكياج، إنه باهظ الثمن!!"
شعر عبد الحميد بلمستها وفرح بها، وتمنى أن يكون الشخص الذي تستند عليه.
عبد الحميد - مبتسمًا: "هل رأيتِ كيف خفتِ عليه؟ لأنك أنفقتِ الكثير من المال عليه!!"
توليب: "لقد أنفقت عليه من قلبي، ولو حدث له شيء سيحترق قلبي، والمال لا يهم!!"
اندُهش عبد الحميد من كلامها ورفع حاجبيه في تعجب:
عبد الحميد: "إذن، أعطني قطعة من قلبك لأشتري ما أريده!"
نظرت إليه توليب بحب، وقالت:
توليب: "قلبي كله لك..."
لكنها قطعت كلامها بسرعة خوفاً من التسرع.
عبد الحميد - مبتسمًا: "إذًا، ستعودين معي؟ هيا، اجمعي أغراضك!!"
توليب: "لا، لن أعود. لكن خذ معك حقيبة زهراء وأنت في طريقك!!"
استمر عبد الحميد في جمع أغراضها بصمت.
توليب: "عادي، خذهم. أستطيع السفر بدونهم!!"
أغلق عبد الحميد الحقيبة وحملها إلى السيارة، ثم أمر السائق بتسليمها إلى خالته زهراء. عاد إلى المنزل وأغلق الباب خلفه وهو يفكر كيف يمكنه إقناع توليب بالعودة معه. سمعت توليب صوت قفل الباب، فركضت إلى الصالة لترى من النافذة. شعرت بحزن على فراقه، لكنها اصطدمت بجسده فجأة.
توليب - بفرح: "أنت لم تذهب؟!"
عبد الحميد: "أذهب وأترك فرصة كهذه؟!"
توليب - بتعجب: "فرصة ماذا؟!"
اقترب عبد الحميد منها ببطء:
عبد الحميد: "الباب مقفل ونحن هنا وحدنا..."
شعرت توليب بتسارع نبضات قلبها، وقالت في نفسها: "هل يفكر في تقبيلي؟!"
توليب - بفرحة ودهشة: "يعني، ماذا ستفعل؟ هل ستذبحني؟!"
عبد الحميد: "لا!"
توليب - بخجل: "إذاً، ماذا؟!"
عبد الحميد: "سنبحث عن الكن..."
توليب - مقاطعة: "لاااا، لو سمحت دعني أخرج!!"
اقترب منها عبد الحميد ببطء أكبر، فشعرت بالخوف وتراجعت.
توليب: "لمعلوماتك، حنان وأولادها قريبون، وبصرخة واحدة ستجدهم أمامك!!"
عبد الحميد: "حسناً، لكن الباب من هنا!!"
توليب - بتردد: "ماذا؟!"
التفتت لترى نفسها داخل غرفة نومها مرة أخرى.
عبد الحميد: "إذًا، سأخرج قبل أن تستغلي وجودي هنا وحدي!!"
ابتسمت توليب بخجل وركضت خارجة أمامه. انتظرت حتى خرج من المنزل، ثم مشيا بجوار بعضهما، وكلاهما يتمنى أن يمسك الآخر بيده. وصلا إلى الفندق وهما يضحكان ويتبادلان النكات.
وفي شرفة جناح نرجس، كانت نرجس ووالدتها إيزابيل تراقبانهما، والسعادة بادية على وجهيهما.
نرجس - بحنق: "هل ترين يا أمي؟ إذن هي التي أنقذت عبد الحميد وأضاعت علينا فرصتنا!!"
إيزابيل: "كيف عرفت بخطتنا؟!"
نرجس: "لا أعلم!"
إيزابيل: "إذاً علينا أن نكتشف من هي وكيف أنقذت عبد الحميد من الموت؟!!"
ـــــــــ
أنت تقرأ
نصيب الورد
عاطفيةفي الحياة، هناك من يملكون كل شيء، ومع ذلك يشعرون بفقدان ما هو أعظم من المال والجاه. هكذا كان حال عبد الحميد، رجل الأعمال الناجح الذي جمع ثروة طائلة، لكن كل تلك الملايين لم تكن كافية لتعوضه عن دفء البيت وحب العائلة الذي افتقده. بلغ الثامنة والثلاثين،...