الفصل الخامس والعشرون: خفايا القلوب

1.3K 53 2
                                    

شاهدت توليب شاحنة نقل متوسطة الحجم تدخل من البوابة الجانبية للفندق، محملة بصناديق تحتوي على الخضار والفواكة وكل ما يلزم مطعم الفندق. وقفت تتفرج في ذهول، ورآها عبد الحميد تتبع الشاحنة بعينيها.

عبد الحميد: "أنتِ تحبين عربات النقل؟!"

انتبهت توليب لصوته، فاستيقظت من ذكرياتها.

توليب: "نعم، لأنهم يذكرونني بطفولتي عندما كان خالي يأخذني معه في شاحنة مثل هذه، وأتخيل نفسي عملاقًا كبيرًا، والناس والسيارات التي تسير بجانبي صغيرة كأنهم لعب أطفال!"

هز عبد الحميد رأسه متفهمًا.

عبد الحميد: "حسنًا، اذهبي الآن إلى خالتي ودعيها تفرح لأنك عدتِ إليها. ولكن قبل أن تذهبي، هل يمكنني أن أسألك سؤالاً وتجيبينني بصراحة؟"

توليب - لنفسها: "عن ماذا سيسأل؟ ربما يسألني عن سبب إنقاذي له؟ طبعًا في البداية سأقول له إنه عمل إنساني، وأنه واجب على كل إنسان يرى جريمة قتل تحصل أمامه. ولو طلب مني إجابة أخرى، سأعترف له أني أشعر بشيء نحوه، لكنني لن أعترف له مباشرة أني أحبه!"

توليب: "تفضل، اسأل!"

عبد الحميد: "وتوعدينني أن تقولي الحقيقة؟"

توليب: "أكيد. لأنني لا أحب سوى الحقيقة!"

نظر إليها عبد الحميد بصمت لبضع ثوانٍ قبل أن يسألها.

عبد الحميد: "لماذا جئتِ مع خالتي؟ أهناك سر صحيح؟"

تفاجأت توليب من سؤاله، وخافت بشدة أن يكون قد عرف حقيقتها أنها زوجته.

توليب - برعب: "ماذا تقصد؟!"

عبد الحميد: "لماذا اصفر وجهك هكذا؟ ماذا بخالتي؟ هل تخفين عني شيئًا؟ تحدثي، أنا رجل وأستطيع تقبل أي خبر حزين عنها!"

توليب: "خبر حزين؟!"

عبد الحميد: "لقد وعدتِني أن تقولي الحقيقة. هيا قولي، ما الذي تخفيه خالتي؟ بماذا تعاني؟!"

توليب: "آه لا، لا تقلق. زهراء صحتها جيدة جدًا، هي فقط طلبت شخصًا يفهم في أساسيات التمريض، في حال لو تعبت من السهر أو شعرت بعارض صحي لا قدر الله!"

عبد الحميد: "لماذا اهتمت بصحتها هذه المرة بينما طوال حياتها كانت تغضب إذا قلنا لها فقط انتبهي لصحتك؟"

توليب: "لا أعلم. هي عرضت عليّ العمل وأنا وافقت. هل أنت معترض على أنها جلبتني لمناسبة خاصة لأفراد عائلتك فقط؟"

عبد الحميد: "كم تدفع لكِ؟"

توليب: "هل تحقق معي؟!"

عبد الحميد: "لا، ليس تحقيقًا، أنا فقط أريد معرفة سبب وجودك هنا. وبالطبع، أنتِ مرحب بك مثل باقي الضيوف!"

توليب: "قلت لك السبب!"

عبد الحميد: "مم تخاف خالتي؟ قصدي، ما الذي تشتكي منه؟!"

توليب: "هي جلبتني هكذا، زينة. منظر أمام الضيوف!"

عبد الحميد: "ألم تعديني أن تقولي الحقيقة؟!"

توليب: "لقد قلت لك الحقيقة!"

عبد الحميد: "أنا لست أحمق!"

توليب: "اسمع، سأذهب لرؤية زهراء الآن. وإذا كنت تشعر أنها لا تحتاج إلى وجودي، يمكنك أن تقول لي بصراحة، وسأسافر الآن وتستريح مني!"

عبد الحميد: "لا، عادي، ابقي هنا. فأنا معتاد على الأسوأ!"

توليب: "ماذا؟ هل ترى أنني سيئة؟!"

ارتبك عبد الحميد لأنه أخطأ في كلامه وكان يقصد نرجس وإيزابيل، لكنه لم يستطع تبرير خطأه.

عبد الحميد: "لا، لا، لم أقصد ذلك!"

توليب: "هل أنت منزعج من وجودي؟!"

عبد الحميد: "اذهبي لخالتي الآن وسنكمل حديثنا لاحقًا!"

توليب: "نهارك سعيد!"

دخلت توليب الفندق حزينة، وبعد دقائق قليلة وصلت إلى غرفتها وطرقت الباب. فتحت لها زهراء الباب وسلمت عليها. جلست توليب على سريرها ونظرت إلى الأرض بحزن. اقتربت منها زهراء.

زهراء: "لماذا تأخرتِ؟ منذ أن اتصل بي فادي وقال إنكِ لن تسافري وستعودين لتبقين معي!"

توليب: "سامحيني."

زهراء: "قولي لي، ما الذي قاله فادي لعبد الحميد حتى وافق على بقائك؟!"

تجاهلت توليب الإجابة على سؤالها.

توليب: "يبدو أن عبد الحميد بدأ يشك في سبب وجودي معكِ، وقريبًا سيعرف الحقيقة. وعندما يعرف، بالتأكيد سيغضب لأننا خدعناه وتلاعبنا به. زهراء، أنا نادمة على سفري معكِ!"

زهراء: "لماذا كل هذا القلق؟ ماذا قال لكِ؟"

توليب: "في البداية، شعرت أننا سنقترب من بعضنا البعض، وأنني سأتمكن من الاعتراف له بالحقيقة. لكن اكتشفت أنه فقط يشعر بغرابة وجودي معكِ ويريد معرفة السبب!"

رفعت توليب رأسها نحو زهراء.

توليب: "لقد سألني بصراحة لماذا جئتُ معكِ؟ يظن إما أنكِ مريضة ونحن نخفي عنه، أو أنني جئتُ معكِ لسبب آخر!"

زهراء: "من الطبيعي أن يتساءل عن سبب وجودكِ معي. وهذا دليل على أنكِ شغلتي تفكيره، وبدأ يفكر فيكِ. وقريبًا قد يعترف لكِ أنكِ أسرتِ قلبه ولن يستطيع الابتعاد عنكِ!"

فرحت توليب لتفسير زهراء، لكنها في نفس الوقت كانت خائفة من السؤال التالي الذي قد يطرحه عبد الحميد. ماذا سيكون ردها حينها؟

ـــــــــ

نصيب الورد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن