الفصل الثامن والعشرون: كسور الروح والألوان

1.2K 59 0
                                    

شعرت "توليب" بضيق شديد واكتئاب بدأ يتسلل إلى قلبها، فلم تستطع تحمل التواجد بين الحشود. قررت الذهاب إلى غرفتها لتجلس بمفردها، بعيدًا عن كل ما يحدث. سارت بين الضيوف بخطوات بطيئة، ورآها "عبد الحميد"، فشعر بالقلق من انسحابها. لم يرغب في أن تترك الحفل، فوجودها يشعره بالراحة، وقرر أن يتبعها ليتحدث معها أكثر حتى تفهم مبادئه.

وصلت "توليب" إلى موظف الاستقبال وأخذت منه المفتاح، ثم صعدت إلى غرفتها. عند دخولها، أضاءت الأنوار تلقائيًا، لكن ما رأت جعل قلبها يتسارع. كانت علبة مكياجها ملقاة على الأرض، مكسورة، والألوان مختلطة ببعضها.

جلست على الأرض محاولة جمع البودرة المبعثرة بيديها، وبدأت تبكي بصوت مكتوم.

"توليب" – وهي تحدث نفسها بمرارة: "ما هذا اليوم؟ لا، ليس اليوم فقط... إنها حياتي كلها! حياتي كلها مدمرة مثل علبة مكياجي!"

لمحت صورة طفولتها مرمية على الأرض. نهضت بسرعة واحتضنت الصورة إلى صدرها، وكأنها تبحث عن شيء يربطها بالماضي.

"توليب" – بصوت مرتجف: "من الذي رمى هذه الصورة؟ إنها آخر صورة التقطتها والدتي معنا... رفضت أن أحفظها على هاتفي لأنها تحمل رائحة أمي... تُذكرني بها دائمًا."

بدأت "توليب" تنظر حول الغرفة بشعور من الرعب والتوتر.

"توليب" – بصوت خافت: "من دخل إلى هنا؟ من يحاول تدمير حياتي؟ أعتقد أنه عرف حقيقتي... من اسمي فقط."

فجأة، دخل "عبد الحميد" إلى الغرفة ورأى دموعها.

"عبد الحميد" – بقلق: "أمل... أنا آسف، لم أكن أقصد أن أجرحك."

سمعت "توليب" صوته وأخفت الصورة خلف ظهرها بسرعة.

"عبد الحميد" – بلطف: "تعالي، انزلي معي إلى الحفل وافرحي. أوعدك أني موافق على الخطوبة حتى نتأكد أننا متفقين ومناسبين لبعض."

"توليب" – بسخرية مريرة: "خطوبة؟ زواج؟ لا يهمني. أنت تريد امرأة كاملة، أليس كذلك؟ لكن، أين ستجد الكمال؟! الأولى تقول إنها جميلة، لكنها في الحقيقة شيطانة، والثانية ناقصة ولكن خالتك وأختك يصفونها بالملاك! كل شخص ينقصه شيء... حتى أنت لست كاملًا!"

"عبد الحميد" – متفاجئ: "أنا؟!"

"توليب" – بغضب متزايد: "نعم، أنت. أنت تفتقد الإحساس، الحب، والمشاعر. أنت لا شيء بدون مالك. جرب أن تعيش يومًا واحدًا بدون أموالك، وستكتشف النقص الذي بداخلك."

"عبد الحميد" – ببرود: "لقاؤنا عند وردة التوليب جعلك تتجرئين أكثر!"

انفجرت "توليب" بالبكاء، وبدأت تشعر بالندم على كلامها الجارح.

"توليب" – وهي تشير إلى المكياج المكسور: "انظر... علبة مكياجي... لقد كسروها!"

"عبد الحميد" – مستغرب: "من؟"

"توليب" – بيأس: "تعال وشاهد بنفسك."

رأى "عبد الحميد" العلبة الملقاة على الأرض، وقد تحطم كل شيء بداخلها.

"عبد الحميد" – بابتسامة صغيرة: "انكسر عليكِ؟ عادي، تقدرين تعوضينه. لكن لا أريد أن أقول كلمة 'مال' وتعودين لتعيريني به."

جلست "توليب" على الأرض مستمرة في بكائها، وجلس "عبد الحميد" بجانبها.

"توليب" – بنبرة حزينة: "لم أكن أنا من كسره... كان هناك شخص ما هنا."

"عبد الحميد" – بجدية: "سأعرف من هو وسأجعله يدفع ثمن ما فعله... من حياته!"

"توليب" – بسخرية: "أريد رؤيته محطماً مثل علبة مكياجي!"

"عبد الحميد" – بضحكة خفيفة: "هاها، لا إلى هذا الحد. أنا فقط أمزح معك."

أخرج "عبد الحميد" منديلًا من جيبه وبدأ يمسح دموعها برفق. شعرت "توليب" بالخجل وقامت بسرعة.

"توليب" – بخجل: "شكرًا... سأمسح دموعي بنفسي."

"عبد الحميد" – بابتسامة: "ما رأيك أن نخرج ونكمل السهرة؟ خالتي سألت عنك، واطمئني، سأشتري لك علبة مكياج جديدة... أقصد، فداكِ ألف علبة مكياج!"

"توليب" – بابتسامة خفيفة: "لا بأس... إذا كنت ترغب في شراء واحدة لي، فأنا موافقة."

"عبد الحميد" – بفرحة مفاجئة: "حقًا؟ موافقة؟!"

همست "توليب" لنفسها بابتسامة خافتة... "طبعاً... ألستَ زوجي؟!"

ـــــــــ

نصيب الورد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن