الفصل الرابع والثلاثون: حقيقة الحب والتضحية

1.3K 57 2
                                    

نظر جمال إلى توليب من رأسها حتى أخمص قدميها، متفحصًا إياها بعين ناقدة. رأى فيها امرأة عادية، لا يوجد بها أي عيب.

فهمت توليب تلك النظرات وقرأت أفكاره، فالتفتت إليه قائلة:

توليب: "ما تفكر فيه صحيح، سيد جمال، لكني أحاول قدر الإمكان أن أبدو طبيعية أمام الناس! ولا أرغب في الحديث عن هذا الموضوع، فأنا أكره أن يسألني أحد عنه!"

شعر جمال بالحرج من فكرة سؤاله عن ما تعاني منه، ولكنه لم يستطع أن يتجنب شعور الكراهية تجاهها كونها ضرة ابنته.

جمال: "سامحيني، لا تظني أنني سأفرح لكِ لأنكِ ضرة ابنتي. في النهاية، أنا أب، وما يهمني هو مصلحة ابنتي قبل كل شيء."

توليب: "لا يهم إن كنت تحبني أو تكرهني، لكنني أحب أن أسمع منك وعدًا بألا تخبر عبد الحميد بحقيقتي حتى أتأكد من أنه يعرف أو لا."

جمال: "سرُّك في مأمن. لكن دعيني أسألك، أنت تبدين امرأة طبيعية وجميلة، فما الذي دفعك لهذا الزواج؟"

توليب، وقد قرأت ما في قلبه من كراهية، قررت أن تجيبه ببساطة:

توليب: "لا شيء يُجبرني على فعل شيء ضد إرادتي."

جمال: "أقصد، ماذا ستستفيدين من الزواج من عبد الحميد؟ المال؟ السمعة؟ أم كليهما؟"

توليب: "لا هذا ولا ذاك. الحمد لله، والدي ضمن لي حياة كريمة، وأعطاني اسم عائلة أفتخر به أمام الجميع."

جمال: "والدك توفي بنفس مرضي، أليس كذلك؟"

نظرت توليب إلى الأرض بحزن.

توليب: "نعم."

جمال: "لا شك أنكِ تتساءلين: لماذا ما زلت أنا حيًا بينما والدك مات؟"

رفعت توليب رأسها بدهشة، ثم قالت باستنكار:

توليب: "كيف تفكر بهذه الطريقة؟"

جمال: "لأني لو كنت في مكانك، كنت سأفكر هكذا."

توليب: "تقصد أنك تتمنى موتي كي تبقى ابنتك؟"

جمال: "ليس بهذه الطريقة، لكن الخوف على أحبائنا يدفعنا للتفكير بمثل هذه الأفكار."

توليب: "هذا تفكير أناني وقاتل! الموت والحياة بيد الله. أحب أن تعرف أنني أدعو لك دائمًا بالشفاء والسعادة لعائلتك."

جمال: "أشعر بذلك."

توليب: "أود أن أخبرك شيئًا: والدتي توفيت وأنا في الخامسة، وأخي الأكبر كان في الحادية عشرة. رفض والدي الزواج بعد وفاتها، وكرس حياته لتربيتنا. تعلمت منه كل شيء، ورأيته كيف كان يتقي الله في كل خطوة. والدي كان الأب والأم، وعندما مات أخي قبل خمس سنوات، لم أفكر أبدًا في تمني موت أحد غيره. لأنني مؤمنة بقضاء الله. فلا تفكر ولو للحظة أنني قد أفكر في أي شر لك. الآن أخشى أن يكون هناك أشخاص مثلك يفكرون في الشر للآخرين!"

نصيب الورد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن