..... روابط أسرة .......

323 48 273
                                    

أريد أن يكون هناك إنسان، إنسان واحد على الأقل.. أستطيع أن أكلمه في كل شيء كأنني أكلم نفسي

دوستويفسكي

دخل الأشقر لغرفة مكتبه التي اعتاد البقاء بها أغلب لحظات حياته، و قد كان مهندما بطلته المرتبة العصرية المعروفة، لكن ملامح وجهه اكتست من البرود ما يجعلك تعتقد أنه خمد تماما .. عيناه اللتان ودعتا ضياءهما منذ زمن لا تبشر بأن صاحبها قادر على الرؤية حتى

تحرك بروية متجها ليجلس على كرسيه الأسود بتعب و إرهاق شديدين، لم تعد لديه رغبة بالتدخين و كان أكثر تعبا من أن يستنشق سيجارة واحدة فحدق ببقاياها على المدخنة المعدنية الموضوعة على مكتبه، دخل باله فجأة ذكرى لذلك الشخص الذي لطالما صرخ عليه بانزعاج

إن شممت رائحة السجائر ثانية رايان لن يحصل لك خير!

هو لم يعد هنا ليوبخه على استعمالها و لا حتى تلك السيدة التي أقلع عن التدخين لأجلها و أجل صحتها، أخذ يده لدرج مكتبه ليفتح قفله ويبحث بعينيه عن ما يطفئ به احتراقه، أخرج إطار صورة من داخله.. سيدة باهرة الجمال ذات شعر بني فاتح وعينين زرقاوين متلألأتين، ضيق رايان عينيه بشوق ليمرر إبهامه على زجاج الإطار هامسا بخفوت " هانا.. "

لازال يتذكركلماتها، لازال يتذكر صوتها و تصرفاتها.. ابتسامتها لازالت تأسره، بشاشتها التي فتن بها و لم يقدر على الشعور بذلك الأمان في أي من النساء بعدها، مهما حاول فهو لم يستطع نسيانها، و لا غيرها ملأت عينه

وضع السورة بمكانها ثانية ليلمح تحتها صورا أخرى كان أخفاها بنفسه لعدم قدرته على التخلص منها، مزق كل شيء يتعلق بماضيه لكن هذه الصورة ذات مكانة خاصة لايمكن أن تستبدل، أخذ الصورة و التي عرضت طفلة تضحك بخفة محدقة بالأشقر و هو جالس على صديقه أسود الشعر يمسك يديه خلف ظهره و يثبته على الأرض بابتسامة.. كان جو الصورة منيرا، طفوليا.. غير مصور من زاوية محترفة، لكنه دافئ لأبعد حد

هربت ابتسامة من شفتيه بإرهاق متذكراذلك اليوم الذي أراد فيه وليد أن يعاقبه فثبته على الأرض بهذه الطريقة مانعا إياه من فعل شيء، فتحدث بهدوء " كيف أقابل زوجتك الآن وليد؟"

يعرف أنه تأخر، يعرف أنه أهملهم بعد أن وعد بالعناية بهم، فقال " أجلت أمر ابنها رغم خطورته فمات، لازلت أشعر أني السبب بموته وليد، لو تصرفت أكبر.. لو جعلته أولويتي، لو بقيت معهم، لو تكفلت بشؤونهم لكان مراد حيا و بخير الآن.. كيف الآن أقابلها؟ لا أعرف شيئا عن أحوالها، لم أتصل بها و لم أسال عنهم.. و ضياء يا ولليد.. ضياء صادق ابنك، من بين كل الناس في هذا العالم و من بين كل التلاميذ ابني اختار ابنك كصديقه المقرب.. مالذي علي فعله؟ "

~•°||جولة بحياة فتى||°•~ ||A boy's life tour||•°~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن