وكذلك هاتفي وهرولت إلى غرفة رغد... لم أطرق الباب... بل هتفت باسمها وأنا أدخل المفتاح في ثقبه وأقبض على المقبض ثم أديره وأدفع بالباب بسرعة وأندفع إلى الداخل... كانت رغد تلبس رداء الصلاة... وتجلس على الكرسي في اتجاه القبلة... وفي يدها مسبحة... فهي بطبيعة الحال لم تكن تستطيع السجود على الأرض بسبب الجبيرة... "رغد... هيا بسرعة... أظنهم عائدون" قلت هذا وأنا أندفع نحوها بسرعة... وأمسك بيدها وأحثها على النهوض... وقفت رغد على رجليها والهلع يجتاحها... وقالت بفزع: "ماذا؟؟" قلت: "الشرطة قادمة... لنخرج بسرعة"
**********
أشرت إلى عكازي المرمي على الأرض وهتفت: "عكازي" فانحنى وليد وناولني إياه وهو يقول: "بسرعة... بسرعة..." ارتديت خفي المنزلي والذي كنت قد خلعته قبل الصلاة وتركته بجواري, ثم سرت خطوتين في الاتجاه المعاكس... نحو عباءتي... فسأل وليد: "إلى أين؟؟" قلت مشيرة إلى الشماعة: "عباءتي" فأسرع هو إليها وجذبها والوشاح من على الشماعة... وأقبل نحوي وناولني إياهما... أخذتهما على عجل ومن شدة ارتباكي أوقعت عكازي... وبدأت بارتدائهما فوق حجابي كيفما اتفق, وفي ذات اللحظة... سمعت صوت صفارة سيارة شرطة يزعق من خارج المنزل... هنا.. لم أشعر إلا برجليّ تطير فجأة عن الأرض... وإذا بوليد يهرول نحو المخرج الخلفي للمنزل... حيث المرآب... وهو يحملني... على كتفه... "عكازي!!" هتفت ونحن نبتعد... لكن وليد لم يستجب... وسار منحني الظهر مترنحا يوشك على الوقوع بي, حتى وصلنا على الباب الخلفي فأقفله بسرعة وكاد ينزلق وهو يهبط العتبات... أنزلني عن باب السيارة وفتحه ودفع بي إلى الداخل وأغلق الباب وجزء من ذيل عباءتي وطرف وشاحي يتدليان إلى الخارج... ثم توجه بسرعة إلى الباب الآخر... وهو لا يزال محدودب الظهر مترنح الخطى... ففتحه ورمي بحقيبة كان يحملها إلى الداخل وقفز على المقعد وشغل السيارة وفتح بوابة المرآب واندفع خارجا بالسيارة بسرعة... كل هذا في ثوان لم تكن كافية لأن أستوعب ما يجري... وفوق ما أنا فيه فوجئت بأن الجو كان مغطى بضباب كثيف جدا... لم أكن معه أستطيع رؤية شيء في الشارع... استمر وليد بالقيادة بسرعة لا تتناسب والضباب الكثيف... كان ينعطف يمينا ويسارا فجأة كلما ظهر شيء في طريقنا ولولا لطف من الله لانتهى المطاف بنا إلى حادث فظيع... عندما ابتعدنا عن قلب المدينة إلى الشارع البري قال لي: "اتصلي بسامر" فقلت: "هاتفي بقي في المنزل" فأشار إلى الحقيبة التي جلبها معه وقال: "هاتفي هنا" فتحت الحقيبة فوجدت فيها مجموعة من الأوراق...وجوازات سفر... وتذاكر رحلات جوية... ورزم من الأوراق المالية... ووجدت كذلك الهاتف... كان على الشاشة ثلاث اتصالات فائتة, كلها كانت من سامر. اتصلت به وما إن رد حتى سحب وليد الهاتف مني وخاطب سامر قائلا: "نحن في الطريق إليك... ابق مختبئا على مقربة من البوابة وسلاحك في يدك... سأتصل حين نصل" ثم قال: "لا أعرف فالضباب شديد ولا أستطيع أن أسرع أكثر من ذلك..." وأنهى مكالمته ثم التفت إلي وسأل: "هل أنت بخير؟؟" كنت أحاول أن أسحب عباءتي العالقة تحت الباب دون جدوى, خفف وليد السرعة وقال: "افتحي الباب" وسحبتها أخيرا... ولففت وشاحي حول رأسي... لم تكن الشمس قد أشرقت بعد... والطريق يخيم عليه الهدوء... ووصلنا إلى جزء وعر منه ارتجت السيارة أيما ارتجاج وهي تعبره... كنت أحاول النظر إلى الخلف خشية أن تكون سيارات الشرطة في تعقبنا, لكن الرؤية كانت مستحيلة ولم أسمع أي صفّارة... وصلنا بعد ذلك إلى المخبأ الذي كان سامر وعمي أبو حسام يحتميان فيه. أوقف وليد السيارة وتناول الهاتف واتصل بسامر وقال: "السيارة أمام البوابة... تعال فورا" ومن بين الضباب رأيت سامر وأبا حسام يظهران أمامنا... سامر فتح الباب الخلفي وركب السيارة بسرعة... وأبو حسام أقبل نحو النافذة إلى جانب وليد وهو يهتف: "انطلقوا على بركة الله" وليد قال وهو يدوس على كابح السيارة: "أشكرك يا عم... لن أنسى صنيعك هذا" فأشار أبو حسام وهو يهتف: "اذهبوا هيا... يحفظكم الله" وانطلق وليد بالسيارة وأبو حسام أخذ يلوح لنا وهو يقول: "انتبهوا لأنفسكم يا أولادي... اتصلوا وطمئنوني عليكم... في أمان الله" وكما ظهر وسط الضباب, اختفى وسط الضباب...
أنت تقرأ
أنت لي (مكتملة)
Short Storyرواية رائعة رومنسية حزينة تحكي عن شابة و إبن عمها فرقتهما الأقدار بسبب أحداث كثيرة لكنهما يجتمعان من جديد و يكملان قصة حبهما