قال: "لم أتصل بهم منذ فترة! ما أخبار حسام؟ هل التحق بالمعهد كما كان يخطط؟" أجبت: "لا أعرف فأنا لم أطل البقاء لديهم ولم أسمع آخر أخبارهم". ثم أضفت: "مررت لدقائق مصطحبا رغد". عاد ذلك التوتر الخفي إلى وجه أخي وتجرأ وسأل: "وكيف هي؟ وكيف تعايشت مع خطيبتك في المنزل؟؟" استغربت السؤال كثيرا.. ولماذا تسأل عن تعايشها مع خطيبتي؟؟ وهل تعلم بأن بينهما شيئا؟؟ قلت: "مع خطيبتي؟" رفع سامر كتفيه وحاجبيه وقال: "آه نعم.. فهي كانت.. أعني أنها لم تكن.. منسجمة معها في السابق... آمل أن يكون الوضع قد تغير!!" رباه! هل تعرف أنت يا سامر عن توتر العلاقة بين الفتاتين؟ لا بد أن رغد كانت توافيك بالأخبار..! قلت راغبا في التأكد: "هل.. تتصل بك رغد؟؟" بهت سامر واندهش من سؤال ورد مباشرة: لا لا!... لم أتحدث معها منذ كنتما معي في الشقة". كان ذلك قبل شهور.. عندما مرضت ولازمت فراش شقيقي ليوم وليلة.. هنا في الشقة.. بعد حادث السيارة.. ولكنني لم أعرف أن رغد كانت قد أبلغته آنذاك عن علاقتها المتوترة مع أروى.. حتى أنني لم أكن أعير ذلك التوتر اهتماما حقيقيا آنذاك.. قلت: "حسنا.. يبدو أنك تعرف أن العلاقة بينهما مضطربة". ظهر الاهتمام على وجه أخي.. وتابعت: "لا تزال كذلك". سأل أخي بقلق: "إذن كيف كانتا تتعملان مها هناك؟" قلت: "بتنافر متبادل... خصوصا في الآونة الأخيرة". ثم أضفت: "والآن هما متخاصمتان تماما". قال سامر: "توقعت هذا". أثار حيرتي وفضولي.. فسألت: "عفوا؟؟" ارتبك سامر ثم أوضح: "أعني.. أن رغد لا تتكيف بسهولة مع أحد.. من الصعب جدا أن تكسب صداقتها.." لم أعلق فتابع سامر: "إنها حذرة جدا في اختيار من ترغب في منحهم صداقتها.. ولا تتأقلم مع من هم خارج إطار سنها أو اهتماماتها أو مجالها الفكري.." سامر! هل تريد أن تفهمني أنك تعرف رغد خير مني؟؟ بالطبع تعرف.. فأنت بقيت قريبا منها طوال السنين التي حرمت أنا فيها منها.. وكبرت وتطورت شخصيتها أمام عينيك... وأصبحت أقرب الناس إليك ألصقهم بك..! أما أنا فلم أصل للدائرةالتي بارتباطك الشرعي أنت بها..أمكنك تخطيها... تأملت شقيقي.. في أعماق عينيه كانت المرارة تتكلم.. إنه يتحدث عن الفتاة التي كانت خطيبته لما يقرب من أربع سنين... والتي كانت قاب قوسين أو أدنى من الزواج به.. تأملت لأجله.. لكن.. يا سامر.. ألم تجد في هذه الدنيا غير حبيبتي أنا.. كي تعلق قلبك بها؟؟ إن رغد.. منذ أن حلت بعائلتنا قبل 15 عاما وأكثر.. أصبحت لي.. قلت: "على كل.. ستظل في بيت خالتها لعدة أيام.. يمكنك زيارتهم وتفقد أحوالها وقت تشاء". استغرب سامر وقال: "عدة أيام؟؟ غريب! ماذا عن الجامعة. أهي مجازة؟؟" صمت قليلا ثم قلت: "إنها... في إجازة مرضية طويلة.. فهي.. مصابة بكسور في قدمها ويدها".
***************************
مر يوم وأنا أقيم باسترخاء في بيت خالتي.. وفر لي أفراد العائلة سبل الراحة وتفانوا في رعايتي والاهتمام بي.. غير أن ذلك لم يخلصني من التفكير المستمر في وليد... خصوصا وأنه لم يتصل للسؤال عني حتى الآن.. تراقبني نهلة وأنا ممسكة بهاتفي المحمول في تردد... أأتصل أم لا؟ "هل يصعب عليك الاتصال بيدك اليسرى؟ دعيني أساعدك". قالت ذلك نهلة بخبث.. فهي تدرك ما الذي يدور برأسي.. قلت مستسلمة: "الغريب أنه لم يخبرني قبل مغادرته ولم يتصل ليتفقد أحوالي.. في المنزل كان يتفقدني ألف مرة في اليوم والآن نسيني!؟ لا سلام ولا كلام ولا خبر... لا أعرف إن كان قد ذهب إلى سامر أم عاد إلى الشقراء". وتذكرت صورتها الأخيرة فامتقع وجهي... ثم تذكرت حديثها الأخير معي صباح الأمس.. فأبعدت الهاتف عني.. لاحظت نهلة حركتي الأخيرة فقالت: "جيد! لا تتصلي.. واختبري مدى قدرتك على تحمل بعده". قلت: "لا أتحمل.. لا يمكنني تخيل حياتي بدونه! سأموت إذا ابتعد عني". رفعت نهلة حاجبيها ونظرت إلى السقف استنكارا.. قلت مدافعة عن كلامي ومؤكدة له: "إذا تخلى عني فسوف أموت فورا.. صدقيني... لا أستغني عنه يوما ولا ساعة... والدخيلة البغيضة.. اللصة.. تطلب مني الخروج من حياته.. تريد الاستحواذ عليه لوحدها.. تظن أنها أقرب وأحق به مني". هبطت نهلة ببصرها من السقف علي وعلقت: "وهي على صواب يا رغد!" توترت وكدت أصرخ.. حتى أنت يا نهلة؟؟ حتى أنت؟؟ قلت بعصبية: "كلا.." ردت نهلة مباشرة وبشيء من القسوة: "يا رغد... لمَ لا تستفيقين من أحلامك الخرافية؟؟ ما الجدوى من حب رجل متزوج؟ إنك تهدرين عواطفك سدى". أحست نهلة بأنها قست علي.. فأقبلت نحوي وأمسكت بيدي اليسرى وقالت مواسية: "أنا قلقة عليك.. وأفكر بعقلانية.. لقد مضت فترة طويلة.. وأنت لا تزالين تحلمين بالمستحيل.. تعذبين نفسك.. انظري إلى أين وصلت؟" وهي تشير إلى عكازي.. ثم تابعت: "آن الآوان لتستفيقي.. اتركي الرجل وخطيبته يواصلان مشوارهما.. بسلام.. وانتبهي أنت لنفسك.. والتفتي للشخص الذي ينتظر منك الإشارة ليغمرك بكل الحب والحنان اللذين تحتاجينهما". نظرنا أنا ونهلة لبعضنا نظرة طويلة... عميقة... وأنا أشعر بأن الدنيا كلها تتخلى عني وتقف في صف أروى.. فجأة رن هاتفي المحمول فسحبت يدي بسرعة من بين يديها وأخذت الهاتف وأجبت حتى قبل أن ألقي نظرة على اسم المتصل.. سمعت نهلة تقول باستنكار: "أنت حالة ميؤوس منها!" لم أعرها امتماما وتحدثت عبر الهاتف بلهفة: "نعم مرحبا". متوقعة أن يكون وليد.. لكنه لم يكن! لقد كان.. سامر! سألني عن أحوالي.. وعن إصابتي وحمد الله على سلامتي.. ودار بيننا حديث قصير علمت من خلاله أن وليد سيظل معه بضعة أيام.. ثم قال فجأة: "هل يمكنني أن أزوركم الليلة؟" اشتعل وجهي احمرار من الحرج.. تعثرت في كلامي ولكنني أوصلت إليه: "بالطبع.. أهلا بك.. سأخبر خالتي بهذا". وبعد أن أنهينا المكالمة نظرة إلى نهلة فرأيتها تحملق بي بخبث! قلت: "إنه ليس وليد بل سامر". عادت تنظر إلى السقف... قلت: "ويريد أن يحضر لزيارتنا الليلة". نظرت إلي بخبث وقالت: "تعنين لزيارتك". تنهدت وقلت وبريق الأمل يشع في عيني: "وبالطبع سيأتي وليد معه.. سأطلب من خالتي أن تعتذر إليه". وفيما بعد تحدثت مع خالتي ووعدتني بأن تتحدث مع وليد بهدوء وتعتذر عما قالته يوم أمس... وعندما حل المساء.. وعند الثامنة والنصف قرع جرس المنزل.. انتظرت إلى أن جاء حسام ليخبرني: "يرغب ابن عمك في إلقاء التحية عليك". قلت بشوق يكاد يفضحني: "هل حضر وليد؟" نظر حسام إلى نهلة الجالسة بقربي.. ثم إلي وقال: "لم أعن هذا الـــ.." وانتبه لنفسه ولم يتم.. ثم قال: "أعني سامر". قلت بخيبة أمل: "وحده؟" أجاب: "والاي معه الآن.. تعالي لتحييه". نظرت إلى نهلة ففهمتني.. قمت ورافقت حسام إلى غرفة الضيوف.. حيث كان سامر يجالس خالتي وزوجها.. ما أن رآني حتى وقف ونظر إلى العكاز وعلت تعبيرات وجهه علامات المفاجأة والألم.. أما أنا فقد دهشت للتغير الجديد في مظهر عينه... "مرحبا سامر.. كيف حالك". بادرت في تحيته فرد والقلق يغلف نظراته وصوته: "مرحبا رغد.. كيف حالك أنت؟ سلامتك ألف سلامة". قلت: "سلمك الله. الحمد لله إصابتي في تحسن.. تفضل بالجلوس". وجلسنا نتجاذب أطراف الحديث نحن الخمسة ساعة من الزمن ثم استأذن سامر للمغادرة.. قبل انصرافه أعطاني ظرفا قال لي أنه من وليد... وسألني عما إذا كنت بحاجة لشيء فشكرته وودعته على أن نبقى على اتصال... أما الظرف فقد كان كما توقعت يحوي مبلغا من النقود...
أنت تقرأ
أنت لي (مكتملة)
Cerita Pendekرواية رائعة رومنسية حزينة تحكي عن شابة و إبن عمها فرقتهما الأقدار بسبب أحداث كثيرة لكنهما يجتمعان من جديد و يكملان قصة حبهما