حينها خرجتْ أروى من الغرفة... و بقينا أنا و رغد منفردين... يمتص كل منا طاقته من الآخر... كانت الصغيرة لا تزال تئن مراعة في حضني... حاولتُ أن أبعدها عنّي قليلا إلا أنها قاومتني و تشبثتْ بي أكثر... لم استطع فعل شيء حيال ذلك... و تركتُها كما هي... هدأتْ نوبة البكاء و الروع أخيرا... بعدها رفعتْ رغد رأسها إلي و تعانقتْ نظراتنا طويلا...
سألتُها :
" أأنت ِ بخير ؟ "
فأومأتْ إيجابا...
" كيف تشعرين ؟ "
" برد ... "
قالتْ ذلك و الرعشة تسري في جسمها النحيل... جعلتُها تضطجع على الوسادة و غطيتها باللحاف و البطانية... و درتُ ببصري من حولي فوجدتُ أحد أوشحتها معلقا بالجوار فجلبتُه... و أنا ألفّه حول وجهها انتبهتُ لحبيبات السكر المبعثرة على وجهها و شعرها... و ببساطة رحتُ أنفضها بأصابعي... كان وجهها متورما محمرا من كثرة ما ضربته! أرى آثار أصابعي مطبوعة عليه !... آه كم بدا ذلك مؤلما... لقد شقّ في قلبي أخدودا عميقا... أنا آسف يا صغيرتي...سامحيني...
لففتُ الوشاح على رأسها بإحكام مانعا أي ٍ من خصلات شعرها القصير الحريري من التسلل عبر طرفه...
" ستشعرين بالدفء الآن... "
سحبت ُ الكرسي إلى جوار السرير و جلستُ قرب رغد أراقبها... إنها بخير... أليس كذلك؟ هاهي تتنفس... و هاهما عيناها تجولان في الغرفة... و هاهو رأسها يتحرك و ينغمر أكثر و أكثر في الوسادة... لابد أنه هبوط السكّر... فقد مرتْ رغد بحالة مشابهة من قبل... لكنها لم تكن تهذي آنذاك... هل كان كابوسا أفزعها؟؟ هل قالتْ لها أروى شيئا أثار ذعرها؟؟ ماذا حصل؟؟ لابد أن أعرف...
انتظرتُ حتى استرددتُ أنفاسي المخطوفة... و استرجعتُ شيئا من قواي الخائرة... و ازدردت ُ ريقي الجاف إلا عن طعم المعجون الذي لا يزال عالقا به... و استوعبتُ الموقف، ثم خاطبتُ رغد :
" رغد "
التفتتْ رغد إلي ّ فسألتُها:
" ماذا... حصل ؟ "
كنتُ أريد الاطمئنان على وعيها و إدراكها... و معرفة تفسير ما حدث... رغد نظرتْ إلي ّ نظرة بائسة... ثم قالتْ و صوتها هامس خفيف:
" شعرت ُ بالدوخة منذ استيقاظي... و عندما وقفت ُ أظلمتْ الصورة في عيني ّ و فقدت ُ توازني... "
أنت تقرأ
أنت لي (مكتملة)
Nouvellesرواية رائعة رومنسية حزينة تحكي عن شابة و إبن عمها فرقتهما الأقدار بسبب أحداث كثيرة لكنهما يجتمعان من جديد و يكملان قصة حبهما