الخاتمة:أنت لي!
لم أستطع التحمل وأنا أراها تهرب مني... وقفت عند فتحة الباب وسددت الطريق أمامها فوقفت أمامي في حيرة وانفعال ثم رفعت بصرها إلي وأخيرا نطقت: "تنحّ بعيدا لو سمحت" وكانت نظرتها أقسى من جملتها... لكني لم أتزحزح ونظرت إليها برجاء فقابلت نظراتي بغضب... همست متوسلا: "صغيرتي... أرجوك" فإذا بها تهتف: "قلت لك لا تنادني هكذا ثانية... لا أسمح لك... وابتعد عن طريقي فورا" تسمرت مذهولا في مكاني فإذا بها ترفع صوتها آمرة بعصبية: "ابتعد هيا" فما كان مني إلا أن تنحيت جانبا وسط الذهول... وتركتها ببساطة تختفي..!
أقنعت دانة زوجها بأن ننتقل للإقامة في المنزل الكبير عوضا عن الفندق, ولذلك ليتسنى لها تحضير الموائد الرمضانية المميزة وبحرية كما تقول... وطلبت من أخيها المكوث معنا أيضا... فوافق الأخير إكراما لها. طبعا أنا لم يعجبني الوضع ولكنني لم أملك إلا الانصياع للظرف المؤقت, قبل رحيلي إلى بيت خالتي. وبعد انتقالنا للمنزل, إذا بدانة تقترح على زوجها أن يشتري حصة أخيها من المنزل ويسجلها باسمها... وتخبرنا بأنها تنوي التنازل عن الحصة لصالح وليد بعد ذلك... نوّار رجل ثري كما تعرفون, وهو يحب دانة وينفذ رغباتها. وبهذا تم توكيل المحامي أبي سيف للقيام بالإجراءات اللازمة بأسرع ما يمكن. أنا لا دخل لي بكل هذا إذ أنني لم أرث شيئا من هذا المنزل بطبيعة الحال, لكنني استلمت الحصة التي كان ابن عمي وليد قد تنازل لي عنها من إرث المنزل المحروق في الشمال, وسأستلم الإرث الذي تركه والدي الحقيقيان لي, والذي كان عمي شاكر قد حوله إلى وديعة مالية في أحد المصارف, وحان وقت استلامها. سأستغل جزءا من هذه الأموال في العودة إلى الدراسة من جديد. في أول ليلة لي في هذا المنزل اتصلت بصديقتي مرح أسامة والتي كنت قد انقطعت عن الاتصال بها منذ رحيلي عن الوطن.. فألحت علي لزيارتها في منزلها في الليلة التالية. كانت تلك الليلة شديدة البرودة.. وكانت دانة ترغب بالذهاب إلى أحد المتاجر لشراء بعض الحاجيات للمطبخ, لذا اصطحبنا شقيقها إلى منزل آل المنذر قبل أن يذهب معها إلى المتجر. ورغم برودة الجو لقينا آل المنذر في استقبالنا عن الباب ورحب أبو عارف وابنه الفنان عارف بابن عمي ترحيبا حميما عند لا يقل عن ترحيب مرح الملتهب بي داخل المنزل. فيما بعد وأنا ومرح نتبادل الأحاديث والأخبار سألتني: "ماذا عن الجامعة؟؟" فقد أرغمتني الظروف على الانقطاع عن دراستي وللمرة الثانية... وتأخر فرصتي في الحصول على شهادة جامعية, كما كنت أحلم... قلت: "سأعود إلى الجامعة في الشمال" فقال: "لا تقولي! أبليت بلاء حسنا هنا... إنك أخطر منافسة لي والدراسة بدونك مملة!" فضحكت وقلت: "إذن تخلصتِ مني وضمنت المركز الأول" فقالت بأسلوبها المرح ممزوجا برجاء: "أرجوك رغد... عودي إلينا... ثم إن جامعتنا أرقى مستوى من تلك الشمالية" فقلت: "وأعلى تكلفة!" وابتسمت بقلة حيلة وقلت: "ولا طاقة لي بها حاليا!" قالت مرح: "آه صحيح تذكرت... لم يعد السيد وليد شاكر مديرا للمصنع والشركة" حقا؟؟ أنا لم أعرف ذلك! أصلا لم أكن أريد أن أعرف أي أخبار عنه... وكلما جيء بذكره ونحن هناك في منزل دانة, أنسحب فورا من المجلس. تابعت مرح: "والدي وعمي حزنا كثيرا لمغادرته. كانا معجبين به ويكنان له احتراما وثقة كبيرين! كلنا أسفنا على انفصاله عن السيدة أروى وعن المؤسسة..." ماذا...؟؟ ماذا قالت مرح؟؟ أنـــ...فصاله عن... أروى؟؟!! فاجأني الخبر... صحيح أنني استغربت عيشه في تلك الشقة غير أنني لم أكن لآبه بأي شيء يتعلق به.. أصلا لم أكن موافقة على حضوري للمدينة الساحلية لكن دانة ألحت عليّ... لكنّ هذا الخبر... فاجأني وأدهشني.. قلت طالبة التأكيد: "أ... أعيدي ما قلت مرح؟؟" نظرت إلي مرح باستغراب... فكررتُ: "ماذا قلت الآن مرح؟؟ انفصاله عن ماذا؟؟" تقوس حاجبا مرح دهشة وقالت مستغربة: "عن السيدة أروى وعن الشركة!" رفعت يدي من الدهشة ووضعتها على فمي... وحملقت في مرح بعينين واسعتين... مرح تأملت انفعالاتي وهي في حيرة من أمري... ثم بدا عليها وكأنها استنتجت شيئا, فقالت: "لا تقولي... أنك لم تكوني تعلمين!؟؟" سامحوني... أعرف أن هذه أمور يجب على المرء أن يبدي الأسف حيالها... ويراعي مشاعر الآخرين... أنا آسفة... لكن... أنا الآن... في هذه اللحظة... أشعر برغبة مفاجئة في الضحك! لم أنتبه لنفسي إلا وأنا أطلق ضحكة ساخرة.. ردا على سخرية القدر مني.. الشقراء... الدخيلة... التي بذلت كل جهودي كي أطردها بعيدا عن وليد في الماضي... لأستحوذ عليه.. والتي كنت أتمنى أن أمحوها كما أمحو رسمة واهية بقلم الرصاص.. قد انفصلت للسخرية عنه.. دون تدخلي! يا للأيام...!! التفت بعد أن فرغت من الضحك إلى مرح وسألت ساخرة: "ولماذا انفصلا؟؟" فنظرت إلي مستغربة من ردة فعلي... وقالت: "تسأليني أنا؟؟" أخيرا طردت السؤال والموضوع وصورة الشقراء وصورة وليد من رأسي, وغيرت اتجاه الحديث بعيدا... وبعد نحو ساعة أُعلمت أن أهلي قد جاءوا فشكرت مرح على حسن ضيافتها وودعتها توديعا حارا... وخرجت من المنزل.
أنت تقرأ
أنت لي (مكتملة)
Short Storyرواية رائعة رومنسية حزينة تحكي عن شابة و إبن عمها فرقتهما الأقدار بسبب أحداث كثيرة لكنهما يجتمعان من جديد و يكملان قصة حبهما