03

358 41 11
                                    

سرْتُ برزانٍ نحو بوّابَةِ الجامعةِ أحملُ في يدي أغراضي ، لم أتأخّرِ اليومَ عن موعدِ محاضرتي كما سبقَ و تكهّنت ، فَقَدْ نِمْتُ بهدوءٍ من بعدِ ما قابَلْتُ المدعوَّ هيسونغ ، و استبدلَ خاطري تردادَ كلماتِ هانسل المُؤرِقَةِ بأصداءِ كلماتِه هو ، فخلقَ دفأها في قلبي ، و تناسى قسوةَ ما سبقَ و حدث.
ما أريدُه نجمةٌ في مجرّةِ ما سأحصلُ عليه ، صحيحٌ أنَّني قَدْ لا أحصلُ على النّجمةِ اللّامعة ، لكنَّني سأعملُ لأجلِها ، و سوفَ أحصلُ على نجمةٍ أعظمُ صفاتِها أنَّها نجمتي ، و بقيّةُ التّفاصيلِ لا أكترثُ بها.
تجاوزْتُ أسوارَ الجامعةِ إلى بابِ كلّيّةِ التّصميمِ الدّاخليّ ، هذه كليّتِي و كليّةُ هانسل..
يا إلهي.. ها أنا و على الرَّغمِ من كلِّ ما فعلَ و يفعل ، أتذكّرُ اسمَه أوّلاً من بينِ كلِّ الطُّلّابِ معنا.
تنهّدْتُ مستاءةً أذمُّ لهفتي ، ثمَّ رُحْتُ و في داخلِ مبنى الكليّةِ أتلفَّتُ باحثةً عن زميلَتي كيارا ، يُفتَرَضُ أن تنتظرَني كلَّ يومٍ أمامَ بابِ قاعةِ محاضرتِنا ، تلكَ عادتُنا منذُ بدايةِ العامِ و مع أنَّنا لسنا مقرّبتَين على الإطلاق.
لاحَ لي ظلُّها قريباً منّي بعضَ الشّيءِ فتوجَّهْتُ نحوها ، منعَ ازدحامُ الطُّلّابِ عنّي رؤيةَ من برفقتِها قبلَما اقترَبْتُ منهم ، و آنَ رأيتُ بتُّ في مجالِ رؤيتِهم جميعاً ، و ما عادَ التّراجُعُ مُمكِناً.
تقفُ مع هانسل و صديقِه.
أشارَتْ لي من فورِ ما رأَتْني ، فخطوْتُ إليها متردّدةً دون أن أنظرَ إلى أيٍّ ممّن كانوا معها ، بدَتْ على وشكِ إطلاعي على شيءٍ ما ، و أتمنّى أن أجدَ لي فيه مهرباً ما

_"صباحُ الخيرِ لونا ، كيفَ حالُكِ؟"

_"بخير.. و أنتِ؟"

_"ها أنتِ مجدّداً تكسرين القواعد"

فُتِحَ فاهُ هانسل ، و عادَ يلقّنُني على العادةِ أساسيّاتِ التّعامُلِ الاجتماعيِّ و قواعدَ العيشِ في المدينة ، لم تكن هذه المرّةَ الأولى التّي ينهرُني بها على هذا النّحوِ أمامَ زملائنا ، بل كانَتْ عادةً صباحيّةً مُذْ سألَني أن نكونَ مُقرَّبَين ، لكنَّني و فيما سبقَ كُنْتُ أنصِتُ إلى كلماتِه الجارحةِ بحماسٍ و أعتبرُها كمثلِه مُحبّبة ، أمّا الآن ، فَقَدْ بتُّ أراها بعينِ الحقيقةِ لا الوهم ، و انقشعَ عنها ضبابُ المشاعرِ و الإعجاب.
لم أكن أستمعُ إلى بقيّةِ حديثِه ، فهو لن ينتهي قبلَ بدءِ المُحاضرةِ الصّباحيّة ، كيفَ يمكنُ أن يفوّتَ هانسل فرصةً لاستعراضِ معارفِه و مكانتِه؟ مستحيل.
أشحْتُ بوجهي إلى جهةٍ أُخرى أحاولُ إيضاحَ انزعاجي ، و رُحْتُ أتأمّلُ تدافُعَ الطّلّابِ بلا مغزى ، كانَ ذهني يدورُ ما بينَ الأزمنةِ كلِّها ، إلى أنِ استقرَّ و نظرِي على أحدٍ أعرفُه..

_"هيسونغ!"

_"من؟"

نظرَ الجميعُ نحوي مستفهمين و راحُوا يطرحون عليَّ الأسئلة ، في حينِ ما اكترثْتُ بصادرٍ عنهم ، و اندفعْتُ نحوه أنادي عليه.
لم يكن بعيداً منّا أبداً ، بل كانَ إلى جوارنا تقريباً ، لكنَّه ما سمعَني قبلَما تمسّكْتُ بذراعِه ، أردُّ هذا إلى أنَّ جهةَ نظرِه تعاكسُنا ، بالإضافةِ إلى ضجيجِ الطُّلابِ و ازدحامِهم.
التفتَ نحوي شبهَ خائف ، ثمَّ أرخى ملامحَه و ابتسم ؛ لا أخفي أبداً سروري بلقائه و لقاءِ ابتسامتِه الغاليةِ في هذا المكانِ الكئيب

نغماتٌ فتيّة~لي هيسونغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن