حفظتُ مقطعاً من الأغنيةِ بعدَ جهدٍ جهيدٍ و استطعتُ غناءه مع هيسونغ ، استطعتُ أن أهديتُه كلماتِها النّقيّةَ و ألحانَها الشّاعريّةَ القريبةَ من القلب ، أشكرُه على منحي فرصةَ التّعبيرِ عن شيءٍ ممّا أخابرُ بعيداً من نطاقِ التّصرّفاتِ و الكلمات ، بعيداً من الاعترافِ بحقيقةِ قلّةِ معرفتي بهذه الأمورِ و وسعِ معرفةِ غيري ، بعيداً من شاملِ المُقارناتِ و الوساوس ، في عالمٍ لنا نحنُ الاثنان فقط ، نعبّرُ فيه عمّا شئنا و كما شئنا ، لا يبلغُه غيرُنا ، عالمٍ لا يحوي غيرَنا.. عالمِ هيسونغ و لونا فقط ، حتّى إيثان خارجٌ عنه.
احتجزتُ في صدري نفساً عميقاً أطلقتُه على دفعاتٍ أبطئ من حركةِ قلبي ، ثمَّ استندتُ إلى الكنبةِ أهدّئ من توتّري ، لا أفهمُ لماذا أخوضُ كلَّ هذا الاضطرابِ و أنا أجلسُ لوحدي دون هيسونغ ، الأخيرُ قَدْ تركَني مع البيانِ للحظةٍ كي يغيّرَ ملابسَه على حدِّ زعمِه ، و خلالَ هذه اللّحظةِ واجهتُ كثيراً من التهيّؤاتِ ربّما كانَتِ السّببَ الذّي أبحثُ عنه ، ربّما لأنّني عُدتُ أفكّرُ فيه و أتخيّلُه قريباً منّي ، أو ربّما لأنَّني فكّرتُ في رأي أبي في وجودي هنا و تصرّفاتي في الفترةِ الماضيةِ أيضاً ، و ربّما لأجلِ الاثنين ، خلتُهما معاً يجلسان و يعاتبانني ، أيَّ خيالٍ أملكُ أنا؟_"لونا ، أنتِ متفرّغةٌ الآنَ أليسَ كذلك؟"
صدحَ صوتُ هيسونغ في الغرفةِ على حينِ غرّةٍ و انتشلَ عقلي من سباتٍ فكريٍّ عميق ، لم أجده في الغرفةِ وقتَما أجلتُ عينيّ في داخلها ، فنهضتُ من فوري أتبعُ مصدرَ الصّوتِ إلى الممرّ ، و إذ بالمفقودِ يقفُ مقابلَ المدخلِ دون أن يبدّلَ شيئاً من ملابسِه ، جعلَني مظهرُه أتساءلُ بجدّيّة ، ماذا كانَ يفعلُ طوالَ هذا الوقتِ لو لم يكن يبدّلُ ملابسه كما قال؟
_"ألم تبدّل ملابسكَ بعد؟"
هزَّ برأسِه نافياً ، ثمَّ تقدّمَ خطوةً واحدةً فقط منّي بحيثُ يسمحُ لي بالعبورِ إلى الممرّ ، كنتُ أحسبُه يسألُني أن أمشيَ برفقتِه إلى مكانٍ ما ، لذلك خرجتُ من الغرفة ، في حينِ كانَ ينوي أن يحاصرَني بمعونةِ الجدارِ ، و قَدْ بلغَ ما يريدُ بسهولة ، هو لا يتبعُ إلّا هذا النّهجَ مُذْ تعرّفتُ إليه ، لا يتقنُ شيئاً أكثرَ ممّا يتقنُ أن يحاصرَني كي أخضعَ لإرادته ، أدركُ هذا الآن ، و لا مشكلةَ لديَّ فيه
_"غيّرتُ رأيي ، لم أعد أريدُ البقاءَ في البيت ، تعالي نخرجُ في موعد"
_"موعدٌ بهذه البساطة؟ ألا يجبُ أن أجهّزَ نفسي؟ أرتّبَ شكلي على الأقلّ.."
_"و لماذا؟ تبدين جميلةً جدّاً!"
قاطعَني بحماسةٍ عاليةٍ و هو يشيرُ برأسِه نحوي ، فزممتُ شفتيَّ و أسندتُ ظهري إلى الجدارِ أبدي معارضتي ، لا أعتقدُ أنَّه جادٌّ فيما يقول ، فشكلي أشبهُ بالفزّاعةِ منه إلى أشكالِ البشر ، أرتدي بنطالاً واسعاً أزرقَ و كنزةً بيضاءَ فوقَها سترةٌ صوفيّةً رماديّة ، أرتدي هذه الملابسَ كلَّ يومٍ تقريباً ، و قَدْ علّقَ عليها هانسل كثيراً فيما سبق ، لم يعدِ الأمرُ مُهمّاً الآن بصراحة ، فلا أحدَ أسترضيه بهذه الأساليبِ التّافهةِ بعدَ الآن ، أصبحَ من في قربي رجلٌ حنونٌ لا ينظر إلى ما سوى قلبي و النّابعِ عنه ، أنا سعيدةٌ به كما هو ، لا أريدُ أن يراني جميلةً حقّاً
أنت تقرأ
نغماتٌ فتيّة~لي هيسونغ
Fanfictionأستطيعُ التّعرُّفَ إلى نغماتِ الحنانِ في صوتِكِ ، أو لنَقُل ، صوتُكِ هذا بحدِّ ذاتِه بعثَ في قلبِي إحساساً ما.. إحساساً بخيرٍ قادم و لذا جئتُكِ ، مفعماً بمشاعر تغلغلَتْ في جذورِ نغماتِكِ ، و أنبتتْها نضرةً حلوة ، مثلكِ تماماً تقولُ هذا و كأنَّ صوتِي...