04

339 38 21
                                    

جلسْتُ في مدرِّجِ الكليّةِ بين كيارا و هانسل ، ساقَني الاثنان إلى هذه الجلسةِ في أوجِ غرقِ ذهني في تصرُّفاتِ هيسونغ و كلماتِه ، فما عارضتُ على الإطلاقِ و ما أبديتُ أيَّ فكرة ، ظللتُ أتبعُ ما يريدان بسكون.
كانَ فمُ المُحاضِرِ و على العادةِ يتحرّكُ طوالَ الوقتِ بغيرِ فائدة ، لا أظنُّ أحداً يفهمُ كلامَه الغريبَ هذا ، لكنّنا جميعاً ننجحُ في مادّتِه ، ليس لشيءٍ مميّزٍ في محاضراته ، و لكن لأنَّ الامتحاناتِ التّي يضعُها سهلةٌ جدّاً لا تتطلّبُ أكثرَ من المطالعة.
و بعدَ وقتٍ من بدءِ المحاضرة ، أعلنَ المُحاضِرُ استراحةً مفاجئةً قصيرة ، و خرجَ من القاعةِ يتكلّمُ عبرَ هاتفِه المحمول.
أصدرْتُ زفرةً مستثقلة ، ثمَّ أرجعتُ رأسيَ إلى الخلفِ أضعُ عنه أحمالَ تعبِه ، وددتُ لو أنعمُ براحةٍ بسيطةٍ بعدَ أشهرِ ما قربَني فيها غيرُ التّعب ، و لكنَّني ما حظيتُ بشيءٍ منها ، فقَدْ قاطعَ وصولَها إلى أحاسيسي السّيدُ هانسل بنداءٍ خافتٍ حازم ، أعتقدُ لأنَّه يجدُ الرّاحةَ في الفصلِ عيباً اجتماعيّاً

_"متى أصبحَ لديكِ أصدقاءُ مقرّبون؟"

قطبتُ حاجبيّ ، و تنازلتُ عن نفوري السّابقِ من حديثِه ، يبدو أنَّ لديه أموراً مهمّةً يناقشُ فيها هذه المرّة ، أهمَّ من التّظاهرِ بالانتماءِ للطّبقةِ المُخمليّة

_"لمَ تسأل؟"

_"أخبرتِني من قبلُ أنَّ معارفَكِ في هذه المدينةِ يقتصرون على الكليّةِ و السّكن ، و الآن أرى شابّاً يحتضنُكِ و تقولين أنَّه صديقُكِ ، فما القصّة؟"

أخفضتُ رأسيَ بعضَ الشّيءِ أحاولُ أن أقلّلَ من حديّةِ الموقف ، لا أستطيعُ أن أميّزَ حقيقةَ ما يدورُ في رأسِه ، تارةً أفسّرُها على أنَّها غيرةٌ فأُسَرُّ بها على نحوٍ أخرق ، و تارةً أدحضُ الفكرة ، و أستشرفُ في كلامِه درساً بغيضاً آخرَ من دروسِه المُعتادة

_"لا قصّةَ لديّ ، هو صديقٌ جديد"

هزَّ برأسِه ، أحسستُ بانزعاجٍ أو ما يشاكلُ الانزعاجَ مكنوناً في حركاتِه ، بَيْدَ أنَّني لن أكترثَ به و لن أحلّلَه ، لا أريدُ أن تؤذيَني نتيجةُ هذه التّحليلات

_"من أين تعرفينه؟"

_"من أعماقِ بيانو قديم"

_"عفواً!؟"

أصدرْتُ ضحكةً خافتةً أسخرُ بها من سابقِ تأمّلاتي ، ثمَّ رفعتُ كتفيَّ أعربُ أمامَه عن جهلي ، اتّضحَ لي شكلُ الموقفِ الآن ، هانسل يخشى أن يكونَ هذا الصّديقُ الجديدُ غيرَ ملائمٍ لمكانتِه ، قَدْ يقطعُ علاقتَه بي لو حدثَ و توصّلَ إلى مثلِ هذا الاستنتاج.
دخلَ المُحاضِرُ في غضونِ دقيقتين ، أخبرَنا بأنَّه مُضطَرٌّ للمغادرةٍ و خرجَ من بعدِ ما اعتذر ، لا أعلمُ لماذا يعتذر ، ألا يرى كيفَ حرّرَنا من حواجزِ محاضرتِه المقيتةِ هذه؟

نغماتٌ فتيّة~لي هيسونغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن