24

232 19 172
                                    

أسندْتُ رأسي إلى وسادتي القديمةِ الباردةِ أخيراً ، و حاولتُ إسنادَ أفكاري المشتعلةِ إلى حفرةٍ صغيرةٍ أسفلَ هذه الوسادة ، ما من حيلة ، سوف تقفزُ هذه الأفكارُ منها و تعودُ لتثقلَ كاهلي ما إن يطلُّ الصّباحُ من النّافذةِ ، و سوفَ تنغّصُ يوماً كاملاً ما قرّرَ أن يبدأَ بعد ، رأسي و أعرفُه ، لا يسكتُ شؤمَه إلّا في حالِ كانَ نائماً ، و حتّى في تلك الحال ، فالأحلامُ التّي ينسجُها ليسَتْ خيراً من الواقعِ على الإطلاق ، أستثني طبعاً تلك القلّةَ الحديثةَ المتعلّقةَ بهيسونغ.
أبي العزيزُ و سيباستيان لن يعودا قبلَ صباحِ الغدّ ، هذا جلُّ ما يشغلُني منذُ وقتِ اتّصلا و أعلمانا بهذا الخبر ، فهما لم يعلما أحداً بدافعِ هذا التّأخيرِ أو بشيءٍ من تفاصيلِه ، و انتقلا في غضونِ ساعاتٍ من خبرِ أنَّ لديهما أعمالاً بسيطةً في محطّةِ الوقودِ إلى المبيتِ فيها ، فأيُّ سرٍّ خطيرٍ يخفيان عنّا؟ و لماذا قَدْ يفعلان؟
تقلّبتُ في السّريرِ قليلاً ، ثمَّ توقّفتُ و رحتُ أحدّقُ في لولا النّائمةِ في السّريرِ المقابل ، ودَدْتُ لو تكلّمُني في موضوعٍ ما لتردَّ عنّي خبثَ الصّمت ، و يبدو أنَّها كانَتْ تنتظرُ أن أفعلَ أيضاً ، فقَدْ لمحتُ عينيها تلمعان بغتةً و تتحرّكان في محجريهما

_"مستيقظة؟"

همستُ بأخفضِ ما استطعتُ من صوت ، فهمهمَت لي شقيقتي بصوتٍ ناعس ، ثمَّ اعتدلَتْ تمدّدُ أطرافَها كالهرر.
لينا و كارول تنامان في غرفةِ أُمّي اليومَ كيلا تبالغَ في قلقِها ، و نحنُ نمنا هنا دون فضلٍ لأنَّ المكانَ لا يتّسعُ لنا ، لا يُهِمُّ فعلاً هذا الفضل ، فأنا أعرفُ أنَّ للكبيرتين بيننا القدرةَ على حلِّ المشكلةِ هذه دون الحاجةِ لنا ، المهمُّ أنّنا خسرنا التمامَنا العائليّ ذاك.. خسرنا شعورَ التّضامنِ الذّي لا يحِلُّ إلّا في أشدِّ الحالاتِ قسوةً و يحيلُها عاطفيّةً حلوة..

_"ما الذّي يؤرقُكِ؟"

سألَتْ لولا ، فلملمتُ شفتيَّ في العتمةِ أفكّر ، ثمَّ اعتدلتُ كمثلِها و قرّرتُ الخوضَ معها في الحديث ، لن أنامَ بكافّةِ الأحوالِ قبل وقتٍ طويلٍ جدّاً قَدْ لا ينتهي إلّا بشروقِ الشّمس ، فلماذا لا نقضي هذا الوقتَ على نحوٍ ظريف؟

_"أبي و سيباستيان ، يخفيان شيئاً كبيراً على الأكيد"

تثاءبَتْ لولا في وسطِ حديثي و خرّبَتْ عليَّ توتُّرَ اللّحظة ، شعرتُ لوهلةٍ بأنَّ تثاؤبَها في مكانِه تماماً ، فما يقلقُني متعلّقٌ بالرّجلِ الذّي دائماً ما حملَ على كتفيه كلَّ القلقِ و المسؤوليّاتِ و الهموم ، و ما جعلَنا نحنُ بناته نشعرُ بشيءٍ ممّا كانَ يواجهُ على الإطلاق ، كانَ البطلَ الخارقَ الحقيقيَّ في الظّلِّ حتّى و هو بعيدٌ منّا ، ليته اقترب..

نغماتٌ فتيّة~لي هيسونغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن