31

166 17 10
                                    

_"أهلاً فايا"

و هنا يمكنُ القولُ أنَّ يومي الحقيقيَّ قَدْ بدأ ؛ المكالمةُ التّي جاءَتْ أُمّي تنادي عليّ لأجلِها ، لن تجيءَ في يومٍ بغيرِ أن تحملَ في دربِها غرضاً ثقيلاً آخرَ مُغايراً للاطمئنانِ و المُجاملات ، فهي تجمعُني بإحدى شريكاتِ سكني و شريكاتِ أتعسِ أيّامِ حياتي ، بَيدَ أنَّها _و أعترف_ أخفُّ وطأةً ممّا كانَتْ عليه الحالُ في الشّقّةِ من قبل ، أوّلاً لأنَّنا لا نتخاطبُ مباشرةً ، و ثانياً لأنَّ فايا الأقلُّ بغضاً و سُمّاً بين البنات ، و التّي ما عادَتْ تقربُني بضرٍّ أو بفائدةٍ منذُ يومِ الحريق.
أمّا بادئ مُحتوى المُكالمةِ و ما جعلَني أستشرفُ المشاكلَ في أوّلِ دقيقتين ، كانَ أنفاسَ المسكينةِ التّي تضطربُ و تزدادُ اضطراباً مع مرورِ الوقتِ و كأنَّها تبكي أو تتخوّفُ شيئاً ما ، كنتُ أعي بذلك و على الرَّغمِ من رداءةِ الخطوطِ الهاتفيّة ، أخالُ أنَّ تحليلاتِ المشاعر ليسَتْ حكراً على قوى هيسونغ العجيبةِ الآن

_"كيف.. كيف حالُكِ لونا؟"

_"بخير ، و أنتِ كيف حالُكِ؟ لا تبدين على ما يُرام"

_"في الواقع.. سايمون كلّمَ فرانشيسكا و أمرَها بحزمِ أغراضِها و المُغادرة.. و قالَ أنَّ دوري بعدها مباشرةً.."

تنهّدتُ متعاطفةً و شبهَ عاجزة ؛
سايمون هو ابنُ المسؤولِ عن بيتِ إيثان الذّي نسكنُ فيه ، عقدُ الإيجارِ مُوقَّعٌ باسمِ أبيه ، و هو من يستلمُ منّا الأُجرةَ و يسلّمُها على حدِّ علمي ، لذلك يتحكّمُ في سكننا في المنزلِ و ساعةَ يريدُ يطردنا منه.
و سايمون هذا و في عينِ تعريفٍ آخرَ مراهقٌ طائشُ و غبيّ ، يرتدي ملابس غريبةً و إكسسواراتٍ لامعةً و يسيرُ مع نساءٍ كثيراتٍ من مُختلَفِ الأعمارِ كي يبدي نفسه هامّاً ، و كانَتْ فرانشيسكا _إحدى هؤلاء النّساءِ اللّائي يكبرنه سنّاً_ تلعبُ به و برأسِه الصّغيرِ كما تريد ، و تقنعُه بأنَّها عمياءُ البصيرةِ لا ترى بسببِ حُبِّها له تصرّفاتِه ، أمّا نحنُ فكنّا و بسببه قانعين بأنَّها لن تُزحزَحَ في يومٍ من البيت ، بل و تستطيعُ كذلك طردَنا منه أو إبقاءَنا ، يبدو أنَّها كانَتْ تخدعُنا نحنُ أيضاً..

_"لونا.. هل تسمعينني؟"

سألتني بصوتٍ مخنوقٍ إذ تأخّرَتْ عليها استجابتي ، فتحمحمتُ أنا ، و عدتُ إلى تفكيري بغيرِ قصد.
لماذا يفعلُ سايمون كلَّ هذا فجأةً و هو من كانَ غارقاً حتّى شحمةِ أذنيه في حُبِّ فرانشيسكا؟ و حتّى لو تشاجرا مثلاً ، فلماذا يهدّدُ فايا بالطّردِ و هي لا علاقةَ لها؟ و ختامُ الأسئلةِ أغربُها: ما الرّابطُ ما بين هذه الأحداثِ و طردِ ماريّا قبلها بأيّام؟ و لماذا تتّصلُ فايا بي أنا؟
أيُعقَلُ أنَّ الرّابط...؟
لا يوجدُ في الوقتِ الرّاهنِ إلّا شخصٌ واحدٌ في إمكانِه إجابتي..
و يجبُ أن أتابعَ المكالمةَ و إلّا خسرتُه..

نغماتٌ فتيّة~لي هيسونغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن