انقضى الوقتُ بسرعةٍ و عذوبةٍ من ثمَّ ، أستخدمُ هذا التّعبيرَ دائماً في وصفِ حضورِ هيسونغ العزيز ، فالوقتُ برفقتِه لا يعودُ وقتاً ، يمسي لحظاتٍ ذهبيّةً لها سرعةُ مضيّها الخاصّة ، و لا تمضي أبداً في ذاتِ الوقت ، لها القدرةُ كلّما استعدتُها في تصوّري على أن تخلقَ مشاعرَ متكاثفة ، تشبهُ الأحلام ، نعم تفعل.
أتحدّثُ عن ساعةٍ من الوقتِ قبل العودةِ إلى الدّيارِ البعيدةِ الباردة ، في مطعمٍ عتيقِ الطّرازِ مبنيٍّ في شاطئ البحر ، نأكلُ و تنبعُ فيما بيننا الأحاديثُ من حيث لا ندري ، لا أذكرُ كم تكلّمتُ و لستُ ملمّةً بكثيرٍ من التّفاصيل ، غيرَ أنّني أستطيعُ أن أجزمَ بسهولة ، بأنّ هذه كانَتْ أكثرَ مرّةً أتحدّثُ فيها ، و أكثرَ مرّةٍ أرتاحُ فيها و أنا أتكلّم ، أغربَ مرّةٍ و أجملَ و أغلى أيضاً ، كلُّ ذلك في ساعةٍ واحدة ، كيف سيكونُ عمرنا معاً إذاً؟
أظنّني حكيتُ له عن طفولتي العابثةِ و أحلامي الغامضة ، و متأكّدةٌ من حفظِ ذاكرتي لما سمعتُ منه ، بحذافيره ، عن عمرِه و دراستِه المتوقّفةِ و مشاريعِه المستقبليّةِ الحديثة ، التّي باتَ يرغبُ في بنائها على زواجِنا المُنتظَر ، كما أخبرني بأنّ والديه منفصلان مُذْ كانَ طفلاً ، كانا يتركانه عند مربّيةٍ و تحتَ يدِه أناسٌ يحضرون له ما يشاء ، كانَ يرى أحداً من أهله في المناسباتِ و يزورُ جدَّه كلَّ نهايةِ أسبوع ، و لذلك ، ما أحسَّ بعاطفةِ العائلةِ مطلقاً ، إلى أن زارَ بيتنا و تعرّفَ إلينا ، أضحى راغباً من ثمَّ في بناءِ عائلةٍ دافئةٍ و حلوةٍ و متضامنة ، لا تتشتّتُ و لا يضيعُ فيها شعورٌ أو أحد ؛ هو ينسّقُ مع كارول الآن لإتمامِ الأمر ، و أنا ، سأكونُ شريكةً له في هذه الحلم ، و أرجو أن أكونَ خيرَ من يبني معها حلماً..
ألبسَني معطفَ والدتي كما يفعلون في الأفلامِ قبلما خرجنا من المطعم ، و بعدَما فعلنا ، مدَّ لي ذراعَه كي أعلّقَ بها يدي ، و بالفعل ، مشينا كالأمراءِ من عندِ البوّابةِ و حتّى موقفِ السّيّاراتِ الملازمِ لمبنى المطعم ، سينتهي أجملُ مشوارٍ عندَ هذه المحطّةِ اليوم ، و سوف نفترق ، كلٌّ في طريق ، مجدّداً..
تمشّينا في محيطِ الموقفِ دون أن نعلنَ مقصداً ، بلغنا طرفَ الشّارعِ العامِّ و نحن ما نزالُ ساكنين ، نراقبُ السّيّاراتِ و نترقّبُ نهايةَ يومنا الحافلِ بصمتٍ يائس ، ليس في يدنا إلّا الوداع ، و الوداعُ سيخرّبُ بكآبتِه كلَّ حلاوةٍ قَدْ لقيناها اليوم ؛ أنا أُحِبُّكَ هيسونغ ، لكنّني أكرهُ المسافةَ التّي تتنامى بيني و بينك ، حتّى عندما تقتربُ من أن تنعدم ، تعودُ و تولدُ من جديدٍ غيرَ مكترثةٍ برغباتنا بمشاعرنا بمحبّتنا ، الحظُّ ليس في صفّنا ، ليس.
صحيح ، نحنُ ننتظرُ وصولَ السّيّارةِ التّي أقلَّتْني إلى وسطِ الطّريق ، فهيسونغ باقٍ في المدينةِ هنا لإتمامِ بعض الأعمال ، و كارول اقترحت عليه ألّا يوصلَني كيلا يراه أحدٌ من معارفنا و يبلغ أبويّ ، و كأنّ معارفنا منتشرون في كلِّ مكانٍ فقط لمراقبتي ، لا أدري ما يخيّلُ لهذه الفتاة!
تنهّدتُ شبهَ ممتعضة ، ثمَّ و بغتةً ، فكّرتُ في شكلِ الموقفِ عندما تحضرُ السّيّارةُ و تنتشرُ أخواتي العزيزاتُ منها في كلِّ مكان ، و رحتُ في ذاتِ الأثناءِ ألامسُ إحدى يدي هيسونغ المسبلتين على جانبيه ، لحظَني ، و من فورِه بدّلَ الشّكلَ الرّسميّ لنا ، و سحبَني إليه بعاطفيّة ، سأشتاقُ إليكَ جدّاً..
أنت تقرأ
نغماتٌ فتيّة~لي هيسونغ
Fanfictionأستطيعُ التّعرُّفَ إلى نغماتِ الحنانِ في صوتِكِ ، أو لنَقُل ، صوتُكِ هذا بحدِّ ذاتِه بعثَ في قلبِي إحساساً ما.. إحساساً بخيرٍ قادم و لذا جئتُكِ ، مفعماً بمشاعر تغلغلَتْ في جذورِ نغماتِكِ ، و أنبتتْها نضرةً حلوة ، مثلكِ تماماً تقولُ هذا و كأنَّ صوتِي...