تبادلْنا السّلامَ و العناقَ و تعابيرَ الاشتياقِ و حتّى الدّموع ، ثمَّ الأحاديثَ و المزحاتِ و بعضَ العتابِ لأنّنا قلَّما نتواصلُ مع بعضِنا ، كلُّ هذا و أكثر ، و لم ينتهِ طريقُنا بالسّرعةِ التّي أردنا ، طريقُ ساعةٍ و نصفِ السّاعة ، كادَ يضربُ على أعصابي بأكملِها لو أنَّه لم ينتهِ في آخرِ لحظة.
استحالةُ شكّي في هيسونغ و شكُّ الجميعِ فيه في عينِ الوقتِ هي جلُّ ما يضايقُني منذُ بدايةِ الكلام ، لماذا لا يفهمُ أحدٌ أنَّ الرّجلَ خاصّتي مختلفٌ تمامَ الاختلافِ عن الرّجلِ الذّي يعرفُه الجميع؟ لماذا لا يحاولون و لو لمرّةٍ رؤيتَه بعيوني أنا لا بآذانِهم؟
أظنُّني كنتُ في حاجةٍ لمتابعةِ المناقشةِ مع سيباستيان و إقناعِه بوجهةِ نظري ، غَيْرَ أنَّ طاقتي قَدِ استُشِفَّتْ حتّى آخرِها ، و لو خضتُ في نقاشٍ معه و شاركَتْ فيه شقيقتاي سوف أفشلُ طبعاً ، و سوف أخرّبُ كلَّ شيء.
أوقفَ سيباستيان السّيّارةَ في أوّلِ شارعِنا ، يا إلهي ، لم أتوقّع كم تشوّقتُ لرؤيةِ هذه الشّارع ، لم ألحظ و طوالَ عيشي فيه كم تبدو حجارتُه العتيقةُ جميلةً و غالية ، لم ألحظِ الفنَّ السّاكنَ في عشوائيّةِ ألوانِها و فوضويّةِ ترتيبِها ، لم ألحظ جماليّةَ تذهّبِ أشعّةِ شمسِ الغروبِ آنَ تتغلغلُ ما بين شقوقِها السّطحيّة ، لماذا يبدو هذا المشهدُ البسيطُ الباعثُ لليأسِ جميلاً إلى هذا الحدّ؟ أهذا استردادٌ للنّتيجةِ السّابقة؟ أعني جمالَ التّراجيديا في القصص؟
ترجّلنا جميعاً من السّيّارة ، و توجّهنا نحو بابِ البيتِ مُتّصفين بخمولٍ رهيب ، خمولٍ أوقفَ الزّمانَ مُجدّداً في رأسي ، و أبقى على حقيقةٍ واحدة ، أنَّني أمام حلمٍ يتحقّق ، و لستُ سعيدة ، لستُ سعيدةً أبداً..
تجتاحُني مشاعرُ كثيرةٌ متعدّدةُ الأوصاف ، توقفُ بتضادِّها تأثيرَ بعضِها البعض ، و تنشرُ الخدرَ في كاملِ أعصابي ، وصولاً إلى ذهني المُشوَّش..
ألا نقولُ أنّنا ينقصُنا شيءٌ لنكونَ سعداء؟ لماذا لا نكونُ عندما نحصلُ عليه؟ أهو في غيرِ وقتِه؟ أم أنّنا من لم نعد ندركُ للفرحِ مكاناً فينا؟
وقفَتْ كارول بجانبي ، و تناولَتْ يدي لكي توصلَني في دربِها إلى البابِ في حالِ أردتُ المُماطلة ، تفهمُني هذه الفتاةُ أحياناً أكثرَ ممّا يفعلُ هيسونغ_"تذكرين عندما كُنّا نلعبُ هنا؟"
ضحكتُ بصوتٍ خافتٍ و همهمت ، نعم ، أذكرُ جيّداً أيّامَنا الحلوةَ تلك ، ربّما كانَتْ هذه الأيّامُ السّالفةُ إجابةَ أسئلتي السّابقة ، ربّما الفرحُ و السّعادةُ محصوران على وقتِ كنّا أطفالاً ، على وقتِ كانَ أكبرَ رغباتنا اللّعبُ و كانَ العقابُ أكبرَ مخاوفِنا ، و كانَتِ المدرسةُ أكثرَ ما يضيّقُ علينا ، أما من سبلٍ للعودةِ و المكوثِ هناك؟
تحرّكَتْ لينا و سيباستيان أمامَنا نحو البيت ، و بقيتُ مع كارو واقفتين نحدّقُ فيهما ، لا ندري ما أوقفَنا بعدَ ما كنّا القائدتين ، يجوزُ أنَّها بقيّةُ كلماتٍ و أحاديثَ عالقةٍ في حلقينا ، و لم ندرك وجودَها بعد.
التفتنا إلى بعضِنا من ثمَّ ، نسيتُ من قبلِ أن أفعلَ أن أتستّرَ على أهمِّ ما تقرؤه كارو شقيقتي ، عينيّ ، و ما تذكّرتُ قبلما بانَتْ علاماتُ القلقِ في وجهِها و فاتَ الأوان ، فضحتُ نفسي
أنت تقرأ
نغماتٌ فتيّة~لي هيسونغ
Fanfictionأستطيعُ التّعرُّفَ إلى نغماتِ الحنانِ في صوتِكِ ، أو لنَقُل ، صوتُكِ هذا بحدِّ ذاتِه بعثَ في قلبِي إحساساً ما.. إحساساً بخيرٍ قادم و لذا جئتُكِ ، مفعماً بمشاعر تغلغلَتْ في جذورِ نغماتِكِ ، و أنبتتْها نضرةً حلوة ، مثلكِ تماماً تقولُ هذا و كأنَّ صوتِي...