_"ألم تنهِ تقطيعَ التّفّاحِ يا هيسونغ؟"
ناديتُ على هيسونغ من المطبخِ أربعَ مرّاتٍ متتاليةً من بعدِ ما بالغَ في مغيبه ، يُفترَضُ أنَّه يقطّعُ التّفّاحَ في صالةِ البيتِ و يبحثُ في ذاتِ الوقتِ عن أغنيةٍ بلغتِه يعلّمني هي ، ريثَما أنهي أنا تحضيرَ العجين ، و قَدْ فعلتُ و أصبحَ كلُّ شيءٍ جاهزاً تقريباً ، إلّا عملُه هو على ما أرى ، إذ ما أجابَني أبداً ، و ظلَّتْ ناحيتُه من البيتِ ساكنة.
توجّهتُ نحو الصّالةِ أستبقُ أفكاري السّوداءَ الدّور ، و إذ به يقلبُ قلقي مرحاً ، كانَ يجلسُ بين قطعِ التّفاحِ على نسقٍ فوضويٍّ يحاولُ لملمتَها من فوقِ الأرض ، و يحاولُ تنظيفَ ما لملمَه من الغبارِ لئلّا يفضحَ ما فعلَ.
انتبهَ إليّ بعدَ مرورِ برهةٍ وجيزة ، فهبَّ ينهضُ بسرعةٍ كي يحولَ ما بيني و بين التّفّاحِ فوقَ الأرضِ ، بمرامِ إخفائه عنّي ، تذكّرتُ في تلكَ اللّحظةِ شقيقتي الصُّغرى لولا ، كانَتْ دائماً ما تكسرُ أغراضَ البيتِ و تقفُ أمامَها كما يقفُ هيسونغ الآن بالضّبط ، و كانَ والدي يسامحُها فوراً لكثرةِ ما كانَ يراها لطيفةً وحلوة ، و والدتي تخاصمُه هو بدلاً منها لأنَّه يدللها بتصرّفاته.
أمّا صديقي العزيزُ هذا ، فأضخمُ من لولا بكثيرٍ حتّى إذا ما قارنتُه بالبالغةِ منها ، فهي قصيرةٌ كثيرةُ الشّغب ، و هو هادئٌ طويلٌ عريضُ المنكبين ، و لوهلة ، أرى في وجهِه شيئاً من براءتِها_"ألم تنهِ بعد؟"
_"بلى.. لكن.. طرأ أمرٌ صغيرٌ جدّاً.."
ابتعدَ في تلكَ اللّحظةِ يكشفُ عن الجريمةِ خلفَ موطئه ، نصفُ تفّاحةٍ مُقطّعٍ بقربه نصفٌ سليم ، و تفّاحتان شبهُ مقشّرتين مع سكّينٍ فوق الأرض.
أطلقتُ ضحكةً طريفةً على إثرِ المنظر ، ثمَّ جلستُ أرضاً و شرعتُ ألملمُ الضّحايا من فوقِ الأرضِ و أجمعُهم في صحنٍ كبير ، في حينِ وقفَ هيسونغ جانباً يراقبُ ما أفعل_"اتّضحَ أنَّكِ على حقّ.. لا أعرفُ كيفَ أقطّع.."
_"لا بأسَ عزيزي ، سنقطّعُ التّفّاحاتِ معاً"
هبطَ إلى قربي في تلكَ اللّحظةِ و راحَ يساعدُني ، أحسستُ بأنَّ لديه ما يقولُه بعد ، لذلك ما تكلّمت ، و ظللتُ أتابعُ عملي دون أن أبادرَ بأيّةِ كلمة.
و بعدَ أن أنهينا ، نظرَ في لبِّ عينيَّ حتّى ولّدَ في أعماقي حرجاً لا يُوصَفُ ، أجبرَني هذا الحرجُ وقتَما اتّحدَ مع مشاعرَ متخبّطةٍ في جوفي على أن أخفضتُ وجهي بين كلِّ لحظةٍ و أُخرى ، لا أقوى لا على مواجهةِ هذه الجمهرةِ من الاضطراب ، و لا على مواجهةِ مسبّبِها وقتاً طويلاً دون مسافةِ أمان_"أعجبتني"
_"ما هي؟"
_"عزيزي.. و معاً"
أنت تقرأ
نغماتٌ فتيّة~لي هيسونغ
Fanfictionأستطيعُ التّعرُّفَ إلى نغماتِ الحنانِ في صوتِكِ ، أو لنَقُل ، صوتُكِ هذا بحدِّ ذاتِه بعثَ في قلبِي إحساساً ما.. إحساساً بخيرٍ قادم و لذا جئتُكِ ، مفعماً بمشاعر تغلغلَتْ في جذورِ نغماتِكِ ، و أنبتتْها نضرةً حلوة ، مثلكِ تماماً تقولُ هذا و كأنَّ صوتِي...