08

306 29 16
                                    

فتحتُ عينيَّ مرّاتٍ عديدةً و قمعتُ تخيّلاتي مرّاتٍ أكثر ، لا أعي كم مرَّ من وقتٍ على مكوثي في فراشي ، و لا أعلمُ إن كُنْتُ قَدْ نمتُ خلالَ هذا الوقتِ أو لم أفعل ، أذكرُ و حسبُ أنّني استغرقتُ في مخاطبةِ نفسي إلى حدِّ نسيتُ كلَّ شيء ، بدءاً بالوقتِ و ليسَ انتهاءً بحالي في خلاله ، حتّى موضوعُ المخاطبةِ نسيتُه.
نسيتُ كلَّ شيء ، إلّا حقيقةَ أنّي كُنْتُ أقاومُ ضدَّ تشكّلِ خيالِ هيسونغ في رأسي طوالَ الوقت ، أنثرُ أجزاءه و أفكّرُ في غيره فيعودُ و يحتلُّ المشهدَ بعدَ بضعةِ ثوانٍ ، كانَ هذا الخيالُ أقوى من أن أردعَه عن العودة ، أقوى من شعوري بالشّفقةِ على نفسي ، أقوى من خوفي عليها.
أبعدتُ الأغطيةَ عن جسدي ، فتسلّلَ إلى قلبي بردُ الأجواءِ مباشرةً ، وددتُ لو أعودُ إلى دفءِ السّرير ، إلّا أنَّني لم أستطع ، فشعورُ العطشِ في جوفي كانَ أكثرَ إلحاحاً من البرد.
توجّهتُ نحو المطبخِ شبهِ المُحترِقِ لأجلِ إرواءِ عطشي ، وجدتُه ما يزالُ على حالِه السّابقة ، حتّى المكواةُ ما تزالُ في مكانِها ، لم تقم فتاةٌ واحدةٌ بما قَدْ ينفعُ ها هنا ، و يبدو أنّهنّ سيتركن هذه الأعمالَ لشعوري بالمسؤوليّة ، هذه عادتهنّ.
شربتُ سريعاً و استدرتُ عائدةً إلى الغرفة ، و في لحظةِ وصلتُ بابَ المطبخ ، اعترضَتْ ماريّا طريقي ، أكثرُ الفتياتِ كرهاً لي ، و أكثرهنّ صمتاً في خضمِّ أيّةِ مشكلة

_"تركنا لكِ أعمالَ التّنظيفِ حتّى تُشفَى يدُكِ ، لن نحرمَكِ منها لا تخافي"

أطلقتُ زفرةً ساخرةً و هممتُ أتجاوزُها ، فاعترضَتْ طريقي للمرّةِ الثّانيةِ توالياً ، تحاولُ استفزازي بكلِّ ما لديها لتجعلَني المُخطئة ، و لكن هيهات ، فأنا لا أغضبُ إلّا في حالاتٍ متطرِّفةٍ في حالِ اتّفقَتْ مع تراكمِ ضغوطٍ نفسيّةٍ سابقة ، و هذا الموقفُ لا يطبّقُ أيّاً من الشّروطِ آنفةِ الذّكر

_"أين تذهبين؟"

_"ماذا تريدين الآن؟"

_"ألن تخبريني برأيكِ؟"

أشحتُ بوجهي بعيداً و أنا أصدرُ تنهيدةً أحاولُ عن طريقها إبداءَ قلّةِ صبري ، القلّةِ التّي تبقَّتْ مع خشيةِ فقدانِ الجامعة ، ثمَّ هممتُ بالعبورِ من الجهةِ الأخرى لفتحةِ الباب ، فأسرعَتِ احتجازَها و كادَتْ تدفعُني لأجلِ هذا الأمر.
أعترفُ الآن ، بدأتْ تصرُّفاتُها تثيرُ حنقي ، و قَدْ أضربُ رأسَها الفارغةَ بالمكواةِ بعدَ دقائق.
'لا لحظة ، أنا رقيقةٌ لطيفة ، لم أكن مجرمةً في يومٍ و لن أسمحَ لحشرةٍ مثلها بأن تجرّني إلى هكذا جرف'
خاطبتُ نفسي أبرّدُ شيئاً من لهيبِها ، و قَدْ نجحتُ في شيءٍ من رغبتي و مع أنّني كُنْتُ أنظرُ في وجهِ الوقحةِ تلك و أرى استهزاءها بي واضحاً في كلِّ ملامحها

نغماتٌ فتيّة~لي هيسونغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن