07

271 26 14
                                    

تركَني هيسونغ أمامَ بابِ البيتِ و توجَّهَ إلى شقّتِه ، أخبرَني أنَّ صرخاتِنا أيقظَتْه من نومِه ، و الدُّخانُ المُتصاعِدُ من الشّقّةِ أثارَ ذعرَه ، قالَ أنَّني خطرتُ في باله قبلَما علمَ مصدرَ هذه الجلبة ، فنزلَ فوراً و دون أن يفكّرَ في الأمر ، خافَ عليَّ أنا.. خاف أن يصيبَني مكروه..
كلامُه عذبٌ رقيق ، أجملُ و أرقُّ كلامٍ سمعتُه في عمري ، و لكثرةِ ما كانَ غالياً على قلبي ، ما استطعتُ ردَّه بأكثرَ من ضحكةٍ خجول.
طرقتُ البابَ حالَما غابَ ظلُّه من على درجاتِ البناء ، و انتظرتُ أن فتحَتْ إحدى البناتِ لي ، ثمَّ توجَّهتُ نحو غرفةِ النّومِ دون أن أنظرَ في وجه أيِّهن ، لا أطيقُ رؤيتَهنّ ، لكنّني سأحتملُ الأمرَ ريثما أجدُ حلّاً مناسباً.
جلسْتُ على سريري و رُحْتُ أفكّر ، لن أستطيعَ اجتيازَ امتحانِ التّصميمِ الآتي بيدٍ محترقة ، هذا أمرٌ مفروغٌ منه ، و أتمنّى أن يتفهّمَه المسؤولون في الكليّة ، و إلّا سأرسبُ هذا الفصل ، و حتّى لو نجحتُ في بقيّةِ الامتحانات.
أودُّ لو يعطونني إذناً فأعودُ إلى قريتِنا ، بَيْدَ أنَّني لا أستطيعُ قبلما تُشفَى يدي ، فلو رأى أبي و أمّي هذا الحرقَ لن يتركاني حتّى أبوحَ لهما بكاملِ حيثيّاتِ ما حدث ، و من ثمَّ ، لن يسمحا لي بالعودةِ إلى هنا ، و سأفقدُ الجامعةَ التّي عانيتُ طويلاً لأجلِها ، كما سأفقدُ رفقةَ هيسونغ.. و ربّما رؤيةَ هانسل..

_"لونا ، مكالمةٌ لكِ"

نادَتْ عليّ إحدى البناتِ من خلفِ الباب ، فخرجتُ في إثرِ النّداءِ و توجَّهتُ نحو الصّالةِ حيث الهاتف.
وجدتُ فرانشيسكا هناك ، ناولَتْني سمّاعةَ الهاتفِ و خرجَتْ بصمت ، لم تنظر إلى وجهي مطلقاً ، لربّما استفاقَ ما تبقّى لديها من ضميرٍ مهترئ ، و أعلمَها بحقيقةِ الخطأ الذّي ترتكبُه في حقِّ غيرها

_"مرحباً.."

_"صباحُ الخيرِ يا حلوة! كيف حالُكِ عزيزتي؟"

استقبلَني صوتُ أختي كارولينا الدّافئ الحنون ، و أنعشَ قلبي برقّتِه و ظرافتِه ، كارولينا صديقةُ الكُلِّ و حبيبةُ والديّ ، و أجملُ واحدةٍ بيننا جميعاً من ناحيةِ الشّكلِ و المنطق ، هذا ما كانَتْ تقولُه عمّتي لها

_"كارولينا؟ يا إلهي! اشتقتُ إليكِ كثيراً!"

_"و أنا أيضاً يا عزيزتي ، اسمعي ، سأمرُّ أنا و سيباستيان على المدينةِ قبلَ عطلةِ نهايةِ العام ، و سنأتي لأخذِكِ ، سنجتمعُ هذه العطلةَ في القرية!"

سيباستيان هو زوجُ أختي كارولينا ، أكثرُ الرّجالِ الذّين أعرفُ اتّزاناً و لطفاً ، و لكنَّ وضعَه و شقيقتي الماديَّ _على العكسِ منهما_ غيرُ متّزنٍ على الإطلاق ، ينتقلُ طوالَ الوقتِ من عملٍ لآخر ، و أحياناً ينتقلُ بسكنهما من قريةٍ لمدينةٍ لقريةٍ أخرى ، و تغرقُهما الدّيون حتّى أعلى رأسيهما ، لكنَّهما و من زاويةِ نظرٍ ما ، سعيدان معاً ، سعيدان ببعضِهما البعض.
تنهّدتُ في سرّي حتّى أثارَ تأخُّري ريبةَ كارولينا ، كُنْتُ أفكّرُ في إصابةِ يدي ، أتراها ستتحسّنُ قبلَ عطلةِ نهايةِ العامِ هذه؟

نغماتٌ فتيّة~لي هيسونغحيث تعيش القصص. اكتشف الآن