افسدت كل ما بنيته (2) | 22

9 3 0
                                    

وصل إلى احدى البقالات سيراً على أقدامه وجد علبةً من السجائر .. اشتراها ومن ثم اخرج سيجارةً منها واشعلها ، ادخلها الى فمه و ..

بكى .. نعم بكى .. لم تجد الدموع اي سبيلٍ آخر سوى للخروج من بين جفنيه والنزول كتدفق نهرٍ جارٍ .. آه كم من اليأس الذي يشعر به في هذه اللحظة كم من الحزن لهذا الأمر ، كان يعيش في كذبةٍ كررها خمسة اعوامٍ كامله متكامله في حياته .. يالهذا الخذلان الذي سببه لوالدته .. لم يستطع تقبل موت والده ببساطه فقام بإختلاق الف سبب وسبب حتى لا يقنع نفسه بخسارته

لم يرغب بفكرة فقدان ايٍ من عائلته فكذب على ذاته وعاش في اوهامه

..

آنذاك ظل متسمراً في مكانه ، يمحي جميع دموعه التي تناثرت منه بدون ادراكٍ منه ، زفر ورفع رأسهُ رامياً السيجاره التي بيده فلم يشعر بشيءٍ جيد من إستنشاقها وإنما زادت عليه فحسب ، حدق بتركيزٍ إلى السيارات التي كانت تخطف بصره بسرعتها الجنونية رغم كونه طريقاً يسيرُ فيه عامة الناس !

راودتهُ فكرة بسيطة [ماذا عن القفز والموت هنا ؟] إبتسم وإقترب بنية فعلها لكن إستوقفهُ شخصٌ ما وهو يمسك بكتفهِ ينطق "ماذا تفعل !، هل انت مجنونٌ برغبتك بالإنتحار هنا ؟!" كانت نبرته حادةً جداً وهو يتحدث إليه بينما يشدُ بيده على كتفه ، نظر إليه بشيءٍ من الأحراج والرغبة بالإختفاء في هذه اللحظة ..

لمح شعرهُ الأسود وقد كان رجلاً كبيراً ربما قد دخل عقده الرابع في العمر سلفاً ، مظهره قد جعله يبدو أصغر من عمره بعشر سنوات .. يرتدي بدلة عمل ، ربما يعملُ في إحدى الاستخبارات ؟ غريب .. أشاح عينيه ونظر إلى الشارع مجدداً ووجنتيه محمرة "آسف يا سيد .. لم أكن أمتلك عقلي للحظه .."

تنهد وأفلته ثم إبتسم وبعثر خصلاته الزيتيه "إنتبه جيداً ، لا تدع هذه الأفكار تسلب منك حياتك فلا تزالُ يافعاً جداً على التفكير بهذه الطريقه والرغبة بالإنتحار .. انا لا أعلم ما الذي جرى لك بالتفصيل لكني أشعرُ بإن لديك مستقبلاً باهراً فحاول الّا تجعل أفكارك هذه تستولي عليه وتنهيه ، بالمناسبة ما اسمك يا فتى ؟"

أردف بذلك منهياً جملته الآخيره بالنظر إلى عينيه لكن وجد بإنه كان على وشك البكاء مجدداً فقد إتسعت بشده ويصر على شفتيهِ ، علم برغبته بالنحيب فسحبهُ إليه وأحتضنه إلى ان اخذت دموعه جولتها الثانيه في ذرفها ، إبتسم وهو يخلخل أنامله بين خصلاته ناطقاً بإبتسامه تُبرز الدفء الذي يكبته في قلبه "انت بخير الآن .. لن أدع الحياة تُسلب منك بهذه البساطة فأبكِ كما شئت اني مستمعٌ لما جعلته الحياة مُحطماً فيك .. فكيف لعينيك التي تلمع كالنجوم ان تبكي هكذا ؟"

لم يسمع اي ردٍ منه وكل ما كان يسمعه هو نحيبه الذي دام لعدة ساعات مما جعلهما واقفين امام المحل وخلفهما الشارع الذي تمر فيه السيارات لفتره ، انتهى من نوبة الحزن الذي داهمته وأدرك مدى البلل الذي سببه لبدلة الرجل فإبتعد فوراً بنبرته الخجوله ناطقاً بكل توتر "آ .. آسف ! لقد دمرتها" مردفاً في الآن ذاته لنفسه [يالغرابتي .. ماثيو أعقل ! لماذا تبكي امام رجلٍ قابلته للتو ؟! ياللإحراج ..]

ليالي قرمزية | crimson nightsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن