إبتسم لمرتهِ الأولى | 5

27 6 1
                                    


حدقَ بِتلكَ العينين النيلية نحو السماء شديدةِ الزُرقةِ .. أخذ يفكر بعمقٍ بسببِ ما حدث البارحة [لماذا يُتعب نفسه إلى هذا الحد كي يلاحقني ؟ رغم أنه تولدت له تلك الفرصة سابقاً في تلك اللحظة .. كان يستطيعُ حقاً إمساكي .. لماذا لم يفعل شيئاً وتركني أفلت بفعلتي ثم عاود ملاحقتي من جديد ؟ ذلك المهووس]

إبتسمَ وقامَ ببعثرةِ خصلاتهِ ذاتُ لونِ الحليب المُقاربِ للشقار "أمتعني بما ستفعله .. يا أوليفر ~" وعاود ركوب السيارة مُتجهاً إلى المنزل بعد إنهاء مهمتهِ ..

أثناء هذا الوقت ، في جهةٍ آخرى مُعاكسةٍ له .. تواجد رجلٌ ما بين الاربعين والخمسين في العمر .. إمتلكَ شعراً لونهُ أشبهَ بميلانٍ من الاحمر وبعضٍ من البياض ، لم يمتلك لوناً محدداً ..

بمقلتيهِ الفضيةِ حدقَ إلى سماءِ ليلةِ أغسطس ، كانت ليلةً شديدةَ البرودة على غير العادة ، لم يكن لديه ما يفعله فإتجهَ إلى المقعدِ وجلس عليه ، رفعَ خصلتهُ الحمراء عن عينهِ اليُسرى مُظهرةً ندبةً بالكادِ قد يستطيعُ فتح عينه بسببها ..

أطلقَ تنهيدةً مُنادياً بإسم "نورث" إقتربت إحدى الفتيات وقد كانت نادلةً تعملُ لديه ، يبدو بإنها من أصولٍ أمريكية ، حدقَ لها ثم نادى على آخرى "آمال" وأتت هي بالمثل وكانت على غير المتوقع فتاة من أصول عربية

في آنٍ واحد تحدثن "ماذا تريد يا سيدي ؟" حدقَ إلى مرآةٍ كانت على الركن في بادئ الآمر وعاود التحديق لهم "أريد أن أسألكن ما إذا تعرفن مناطقاً جميلة أبدأ بها عُطلتي ؟ أعلم بأني لستُ بعمرٍ كبيرة حتى أجعلكن تقومان بكل شيء .." وأبعدَ بصرهُ إلى النافذة

أردفت آمال بنبرةٍ تبدو مُنزعجةً قليلاً "سيدي ، نحن نخدمك برضى من طرفنا .. لم يقل أحدٌ بأنك تتكئ علينا كثيراً !" أشارت على قلبها "إن لم ينطبق الأمر على الجميع ، فأنا أشعرُ بسعادةٍ كبيرة عندما تريد مني شيئاً .. ؛ لأنك من أنقذ عائلتي وعلي ردُّ هذا الدين .. ليس إجباراً هذا لأني أريد هذا أيضاً !"

تنهدَ مرةً آخرى "ألاحظتِ ؟ لم تكوني هنا كي تخدميني لو لم أنقذ عائلتك" إلتفت لها بالكاملِ "لستِ مُلزمةً بردهِ ، يمكنك الذهاب وعيشُ حياتكُ فلا زلتِ صغيرةً على أن تخدمي رجلاً عجوزاً مثلي" قطبت حاجبيها "لستَ برجلٍ عجوز ! لماذا تفكر بشأن تقدمك بالعمر إلى هذا الحد ؟"

حملقت بها "آمال ، لقد بلغتِ حدودكِ ، يكفيك تحدثاً هذا اليوم السيد لم يعد يحتاجكِ" عقدَ حاجبيهِ "نورث !" باغتتها رجفةٌ جراء علو النبرة "أنظري من بلغ حدوده الآن ؟ لم يكن في كلامي أي شيءٍ عن كوني لا أحتاجها"

شعرت بالذنبِ الخانقِ وأخفضت وجهها "انا آسفه .. يا سيدي ويا آمال .." إنحنت بأدبٍ وغادرت لحظتها مسرعةً كادت ان تلحقها ما إن أستوقفها "لا تذهبي" نظرت نحوه "لما !" إستنشقَ بعضاً من الهواء قبل أن يطلق تنهيدتهُ "آعتذر ، إذهبِ وناديها" تبسمت ورحلت

ليالي قرمزية | crimson nightsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن