٤: شُـعـور ساحِـر

663 106 5
                                    


_______

بَعد الغَداء الهادئ مَساء اليَوم الأَول لَم نَتَحَدَث كَثيراً، فِلورا قَضَت المَساء تَقرأ و تَستَمِع لِشَئ أَجهلُه بِسَبَب سَماعَه الأُذن السِلكيه اللَتى تَضَعَها، أَما أَنا فَقد إِتَصَلتُ بِأُمى و تَحَدَثنا لِوَقتٍ شِبه طَويل و مِن بَعد أُمى تَحدثتُ مَع تايهيونج.

كُنت أَعمَل على الحاسوب عِندَما نَهضَت فِلورا مِن مَكانِها فَجأة فَنَظرتُ إِلَيها بَينَما تَمسَح على شَعرَها و قالَت.

- هَل تُحِب أَن تَنضَم إِلَّى بَينَما أَمشى فى الغابَه؟

- هَل تُمارِسي رياضَه المَشى فى العادَه.

- يَعتَمِد هذا على العَديد مِن الأُمور ولَكِن غالِباً أَجل.

- هَل هو أَمِن؟

- نَعم.

- حَسناً.

- أَحضِر سُترَه مَعَك، الغابَه أَبرَد مِن المَدينَه.

بَعد أَن قالَت ذلِك إِتَجَهت نَحو الدَرَج الخَشَبى قَبل أَن تَختَفي فى الدور الثانى، عِندَما عادَت كانَت قَد إِرتَدت سُترَه بَسيطَه باللَون الأَسود، إِبتَسَمت بَينَما تَنظُر إِلى سُترَتى السَوداء أَيضاً.

- هَيا.

قالَت لى قَبل أَن تَسير فى الرواق قَليل الإِضائَه القَريب مِن المًطبَخ، تَبَعتُها نَحو الباب الخَشَبى فى نِهايه الرواق، و عِندَما فَتَحتُ الباب و أَشِعه رَقيقَه دَخَلَت تَنتَشِر فى المَكان على الحائِط، و على الأَرض، و على وَجهى و وَجه فِلورا، و الشَئ الأَخر الذى أَتى مِن الخارَج رائِحه هادئَه ذات الرائِحَه داخِل المَنزِل و لَكِن أَقوى و بِشَكلٍ ما أَعمَق.

بَعد أَن تَخَطَيتُ الباب كانَت الأَشجار شاهِقَه الإِرتِفاع هى أَول ما جَذَبت إِنتِباهى، و مِن ثُم الحَديقَة الصَغيره المَفصولَه عَن الغابَه، حَولَها سور خَشَبى ذو نِهايات غَريبَه و لَكِن بَعد النَظر أَدرَكتُ أَن هُناك بَعض الخُضراوات المَزروعَه.

- أَنتى تَزرَعى الخُضرَوات هُنا؟

سأَلتَها بَعد أَن تَفاجَئتُ، رَفَعَت يَدَيها إِلى شَعرَها و مَسَحَت علَيه ثُم قالَت.

- نَعم.

- لِما؟

- أَنا أَكُل الكَثير مِن الخُضرَوات عادَه لِذلِك قَررتُ زِراعَه البَعض كَى لا أُنفِق الكَثير مِن المال على الطَعام.

كانَت هُناك تَماثيل مُختَلِفه الأَحجام غَير كامِلَه تَتَوزَع فى الحَديقَه و هى مُختَلِفَه عَن بَعضِها أَيضاً.

تَرَكنا الحَديقَه خَلفَنا و سِرنا فى الغابَة، الهَواء مُنعِش جِداً و الأَشجار مُتأَلِقَه الأَرض لَيسَت موَّحَله و لَكِنَها رَطِبه.

أَشعُر أَنَنِى فى رِحلة تَخييم، أَصوات تَغريد الطيور و رَفرَفَتَها كُل ما أَسمَع، إِضافَه إِلى أَصوات خَطواتى و لَكِن لا أَثَر لِصَوت أَقدام فِلورا!

نَظَرتُ خلفى بِسُرعَه و رأَيتُ فِلورا تَقِف على
بُعد مَسافَه مِنى مُغمَضَة العَينان و وجنَتَها ضِد لِحاء الشَجَره البُنى المُتَشَقِق صامِتَه و ساكِنَه، تَبدوا مُنقَطِعَه و مَعزولَه عَن العالَم.

إِقتَربَتُ مِنها ناظِراً إِلَيها و عِندَما كُنتُ على بُعد خُطواتان مِنها لاحَظتُ الإِبتِسامَه المُتَعلِقَه على أَطراف شفَتَيها، فإبتَسَمت.

نَظَرتُ إِلى الطَريق مِن حَيث سِرنا و كان المَنزِل الخَشَبى قَد إِختَفَى و كُل ما يُمكِن رؤيَتُه هى الأَشجار.

إِبتَعَدَت فِلورا عَن الشَجَره فَتِحة عَيناها و إِبتَسَمتُ نَظراً إِلَيها.

- هذه شَجَرَتى المُفَضلَه.

قالَت و نَظرَت نَحوى.

- لِماذا؟

سأَلتَها أَنظر إِلى إِرتِفاع أَطراف شَفَتَيها.

- أَشعُر بِرابِط مَعها، و أَيضاً أُحِب عيناقَها.

- كَيف؟

- لا أَعرِف شَرحاً لِهذا أبداً، أَسِفَه.

- لا عَلَيكى.

- حَسناً، هل نُتابِع السَير إِذاً؟

- حَسناً.

التَجَول فى الغابَه يُعطى شُعوراً ساحِراً غامِضاً و مُريح و دافئ يَجعَل الأَعصاب تَستَرخي.

- إِلمِس النَباتات جُنجكوك، و لَكِن بِرِفق.

لَمَستُ أَوراق إِحدَى الشُجَيرات القَريبَه و كانَت ناعِمه و هَشه، العُروق الخَضراء على سَطحَها جَميله، كانَت مَوجودَة لِتَزينِها فَقط.

- بَديعَه أَلَيس كَذلِك؟

مِثلِك.

- جِداً.

إِبتَسَمَت فِلورا بِوِسع و كان هُناك خَيط ذِهبى فى عَينَيها بِسَبَب أَشِعَه الشَمس المُتَسَرِبه مِن بَين السَقف الأَخضَر فَوقَنا.

- هيا لِنُتابِع.

____________________________________

حُبٍ دَافِّئWhere stories live. Discover now